قرار محكمة النقض عدد 537
الصادر بتاريخ 01 نونبر 2012
في الملف الإداري عدد 774-4-2-2011
القاعدة:
الغرامة التهديدة هي تهديد مالي لا يقاس بالضرر، وهي وسيلة لإجبار المنفذ عليه على تنفيذ التزامه تؤول حين تصفيتها إلى تعويض يحكم به لفائدة المستفيد من التنفيذ.
التعويض الذي يجب أن يحكم به لا يجب أن يشمل فقط الضرر الناتج عن عدم التنفيذ أو التأخر في ذلك بل يجب أن يؤخذ فيه بعين الاعتبار مبلغ الغرامة المحدد في الحكم الآمر بها وتعسف المنفذ عليه وتعنته في التنفيذ.
يجب ألا تكون تصفية الغرامة التهديدية بضرب قيمتها في عدد أيام الامتناع تحاشيا لإثراء المنفذ له على حساب المنفذ عليه وإنما يجب أن يكون هناك تناسب بين المبلغ المحكوم به والحقوق محل التنفيذ والضرر الحاصل عن عدم التنفيذ،
المحكمة لما لم تبرز العناصر المعتمدة من طرفها في تأييدها الحكم المستأنف وفق ما ذكر يكون قرارها ناقص التعليل الموازي لانعدامه وعرضة للنقض.
نص القرار
حيث يستفاد من وثائق الملف، ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش بتاريخ 05-05-2011 في الملف 123-6-2011، أن المطلوب محمد بوزيان تقدم بمقال إلى إدارية مراكش عرض فيها أنه استصدر أمرا استعجاليا بإيقاف الأشغال التي تباشرها الطالبة (الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء) على ملكه دون وجه حق إلا إنها امتنعت من تنفيذه، مما حدا به إلى استصدار أمر آخر يقضي بمواصلة إجراءات التنفيذ تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 25000 درهم عن كل يوم تأخير، أيد استئنافيا بتاريخ 15-01-2007 إلا أن الطالبة ظلت ممتنعة من 11-07-2007 إلى 13-02-2008 وحتى تقديم مقال الدعوى، ملتمسا تصفية الغرامة التهديدية والحكم على المدعى عليها بأدائها له مبلغ 5.400.000 درهم تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 2000 درهم عن كل يوم تأخير، فأصدرت المحكمة الابتدائية حكما قضى بالاستجابة للطلب. استأنفته الوكالة فعدلته محكمة الاستئناف الإدارية بخفض التعويض المحكوم به إلى450.000 درهم، فطعن فيه المدعي بالنقض فأصدر المجلس الأعلى قراره عدد 87 بتاريخ 03-02-2011 في الملف 721-4-1-2010 القاضي بالنقض والإحالة بعلة : “إن الغرامة التهديدية أداة لإجبار المحكوم عليه على تنفيذ التزامه… وإنها تهديد مالي لا يقاس بالضرر.. وأن القرار المطلوب نقضه لما اعتبر خلافا لما ذكر الغرامة التهديدية مجرد تعويض من جهة وأنها لا تصفى بما تجمد منها من تاريخ الامتناع.. يكون خارقا للقانون ومعللا تعليلا فاسدا ينزل منزلة انعدامه..” وبعد الإحالة قضت محكمة الاستئناف الإدارية بتأييد القرار المستأنف بمقتضى قرارها المطعون فيه.
في شأن الوسيلة الثانية: حيث تنعى الطاعنة على القرار المطعون فيه نقصان التعليل الموازي لانعدامه، ذلك أنه علل تأييده للحكم المستأنف فيما قضى به من الحكم عليها بأدائها للمطلوب مبلغ 5.400.000,00 درهم بكون الامتناع عن التنفيذ ثابت بمقتضى ثلاثة محاضر منجزة من طرف مفوضين قضائيين دون تبيان الأساس الواقعي والقانوني للضرر الناتج عن الامتناع المذكور، باعتبار أن تصفية الغرامة التهديدية يشكل تعويضا عن الضرر الحاصل فعلا، وإلا فان الدائن سيحصل على تعويضين الأول ناتج عن الغرامة التهديدية والآخر عن عدم التنفيذ مما يجعل القرار عرضة للنقض.
حيث استندت المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه فيما ذهبت إليه من تأييد الحكم المستأنف القاضي بتصفية الغرامة التهديدية المحكوم بها على الطالبة وبأدائها للمطلوب5.400.000,00 درهم إلى ما جاءت به من أن: “قرار الإحالة الصادر عن المجلس الأعلى حسم بشان ما أثير بشان التنفيذ والتعويض.. وأن الحكم المستأنف لما لاحظ ثبوت الامتناع عن التنفيذ ورتب عليه عن صواب تصفية الغرامة التهديدية عن المدة المطلوبة يكون حريا بالتأييد”، في حين أن الغرامة التهديدية هي وسيلة لإجبار المنفذ عليه على تنفيذ التزامه تؤول حين تصفيتها إلى تعويض يحكم به لفائدة المستفيد من التنفيذ، وأن التعويض المذكور لا يشمل فقط الضرر الناتج عن عدم التنفيذ أو التأخر في ذلك والذي يمكن المطالبة به في إطار القواعد العامة للمسؤولية دون حاجة إلى المرور عبر مسطرة تحديد الغرامة التهديدية، بل كذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار مبلغ الغرامة المحدد في الحكم الآمر بها وتعسف المنفذ عليه وتعنته في التنفيذ شريطة ألا يكون من شأن تصفية الغرامة التهديدية بشكل كامل أي بضرب قيمتها في عدد أيام الامتناع إثراء من المنفذ له على حساب المنفذ عليه بحيث لا يكون هناك تناسب بين التعويض المحكوم به والحقوق محل التنفيذ والضرر الحاصل عن عدم التنفيذ، والمحكمة لما لم تبرز العناصر المعتمدة من طرفها في تأييدها الحكم المستأنف وفق ما ذكر يكون قرارها ناقص التعليل الموازي لانعدامه عرضة للنقض.
لهــــــذه الأسبـــــــاب
قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه.
الرئيس : السيدة عائشة بن الراضي – المقرر : السيد عبد السلام الوهابي
المحامي العام : السيد حسن تايب.