القرار بغرفتين عدد 970-2
المؤرخ في 26-12-2017
ملف مدني عدد 223-4-2-2017
القاعدة:
العبرة في النصوص بغاياتها ومقاصدها، وللوسائل حكم المقاصد، فيجوز قياس وسيلة على أخرى تماثلها إذا كان لهما نفس المقصد، وهذا يقتضي شمول النص للحالات المذكورة فيه وما يقايسها إذا اتحدت الغاية وانتفى الدليل على الحصر
عزل القاضي من سلك القضاء بسبب ” اتخاذ موقف يكتسي صبغة سياسية والإخلال بواجب التحفظ” وإن كان الفعل الذي بسببه تم العزل يتنافى مع سلك القضاء فإنه ليس كذلك بالنسبة لمهنة المحاماة، ولا يدخل فيما ينافي الشرف والمروءة أو حسن السلوك للانخراط فيها المنصوص عليهما في المادة 5 من قانون المحاماة.
الحالتين المنصوص عليهما في المادة 18 من قانون المحاماة لم تردا على سبيل الحصر وإنما هو تنبيه بالأدنى على الأعلى ، وبالتالي يدخل في حكم المادة كذلك العزل وكافة الحالات التي يغادر فيها القاضي من الدرجة الثانية سلك القضاء بغير إدانة قضائية أو تأديبية
النصوص القانونية التي لها علاقة بالقرار
المادة 5 من قانون المحاماة
يشترط في المترشح لمهنة المحاماة:
1- أن يكون مغربيا أو من مواطني دولة تربطها بالمملكة المغربية اتفاقية تسمح لمواطني كل من الدولتين بممارسة مهنة المحاماة في الدولة الأخرى، مع مراعاة مبدأ التعامل بالمثل مع هذه الدول؛
2 – أن يكون بالغا من العمر واحدا وعشرين سنة ومتمتعا بحقوقه الوطنية والمدنية؛
3- أن يكون حاصلا على شهادة الإجازة في العلوم القانونية من إحدى كليات الحقوق المغربية أو شهادة من كلية للحقوق معترف بمعادلتها لها؛
4 – أن يكون حاصلا على شهادة الأهلية لممارسة مهنة المحاماة؛
5 – أن لا يكون مدانا قضائيا أو تأديبيا بسبب ارتكابه أفعالا منافية للشرف والمروءة أو حسن السلوك ولو رد اعتباره؛
6 – أن لا يكون مصرحا بسقوط أهليته التجارية ولو رد اعتباره؛
7 – أن لا يكون في حالة إخلال بالتزام صحيح يربطه بإدارة أو مؤسسة عمومية لمدة معينة؛
8 – أن يكون متمتعا بالقدرة الفعلية على ممارسة المهنة بكامل أعبائها؛
9 -أن لا يتجاوز من العمر خمسة وأربعين سنة لغير المعفيين من التمرين، عند تقديم الطلب إلى الهيئة.
المادة 18 من نفس القانون
يعفى من الحصول على شهادة الأهلية لممارسة مهنة المحاماة ومن التمرين:
1 – قدماء القضاة الذين قضوا ثماني سنوات على الأقل في ممارسة القضاء، بعد حصولهم على الإجازة في الحقوق، وقبول استقالتهم، أو إحالتهم على التقاعد ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي؛
2 – قدماء القضاة من الدرجة الثانية أو من درجة تفوقها، بعد قبول استقالتهم، أو إحالتهم على التقاعد ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي؛
3- قدماء المحامين الذين سبق تسجيلهم مدة خمس سنوات على الأقل، بدون انقطاع في جدول هيئة أو عدة هيئات للمحامين بالمغرب، أو هيئة أو عدة هيئات للمحامين بإحدى الدول الأجنبية التي أبرمت مع المغرب اتفاقية دولية تسمح لمواطني كل من الدولتين المتعاقدتين بممارسة مهنة المحاماة في الدولة الأخرى ثم انقطعوا عن الممارسة، شريطة ألا يزيد هذا الانقطاع على عشر سنوات؛
4 – المحامون المنتمون لإحدى الدول الأجنبية التي أبرمت مع المغرب اتفاقية دولية تسمح لمواطني كل من الدولتين المتعاقدتين بممارسة مهنة المحاماة في الدولة الأخرى وذلك بعد إثبات استقالتهم من الهيئة التي كانوا يمارسون بها.
ويتعين على المحامين المنتمين لهذه الدول، إذا لم يكونوا حاصلين على شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة المنصوص عليها في المادة 5 أعلاه، اجتياز امتحان لتقييم معرفتهم باللغة العربية وبالقانون المغربي قبل البت في طلباتهم، تنظم شروطه بمقتضى نص تنظيمي.
5 – أساتذة التعليم العالي، في مادة القانون، الذين زاولوا، بعد ترسيمهم، مهنة التدريس مدة ثماني سنوات بإحدى كليات الحقوق بالمغرب، وذلك بعد قبول استقالتهم أو إحالتهم على التقاعد ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي.
غير أنه لا يمكن لأستاذ التعليم العالي فتح مكتب خاص به إلا بعد قضاء مدة ستة أشهر بمكتب محامي يعينه النقيب.
نص القرار
بناء على المقال المودع بتاريخ 06-12-2016 من طرف الطالب بواسطة نوابه عبد الرحمان بنعمرو المحامي بهيئة الرباط وعبد الرحيم الجامعي المحامي بهيئة القنيطرة و الحبيب حاجي المحامي بهيئة تطوان، المقبولون للترافع أمام محكمة النقض، الرامي إلى نقض القرار رقم 133 الصادر بتاريخ 23-11-2016 في الملف رقم 52-1124-2016 الصادر عن محكمة الاستئناف بتطوان؛
وبناء على قرار السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض الصادر بتاريخ 25-10-2017 تحت عدد 48-2017 بإحالة الملف على هيئة قضائية مكونة من غرفتين، على أن تضاف الغرفة المدنية ” القسم الرابع” إلى الغرفة الإدارية القسم الثاني المعروضة عليها القضية؛
وبناء على مستندات الملف؛
وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28 شتنبر 1974؛
وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر بتاريخ 21-11-2016؛
وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 26-12-2017؛
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم؛
وبعد تلاوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد محمد بوغالب والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد حسن تايب الرامية إلى رفض الطلب.
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يؤخذ من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه أن الطاعن تقدم أمام نقيب هيئة المحامين بتطوان بطلب عرض فيه أنه كان قاضيا يزاول وظيفته بصفته نائبا للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة إلى أن تم عزله بتاريخ 18-02-2016 بسبب اتخاذ موقف يكتسي صبغة سياسية والإخلال بواجب التحفظ، والتمس تسجيله بجدول هيئة المحامين بتطوان باعتباره قاضيا سابقا من الدرجة الثانية، وأرفق الطلب بقرار عزله وبشهادة إجازته في الحقوق وبشواهد تفيد تدريسه بالجامعة وبقرار المجلس الدستوري الصادر بتاريخ 15-03-2016، فأصدر النقيب قرارا بتاريخ 12-10-2016 تحت عدد 398-2 بقبول طلب السيد محمد الهيني وإدراج اسمه بجدول هيئة المحامين بتطوان، والأمر بتبليغ هذا القرار إلى السيد الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتطوان قصد تحديد جلسة أداء اليمين، فطعن فيه السيد الوكيل العام المذكور على أساس أنه طبقا للمادة 5 من القانون المنظم لمهنة المحاماة فإن المرشح لهذه المهنة يجب ألا يكون محكوما بعقوبة قضائية أو تأديبية بسبب ارتكابه أفعالا منافية للشرف أو المروءة أو حسن السلوك، وأنه بصدور قرار العزل في حق السيد محمد الهيني فقد انتفى هذا الشرط وصارت العقوبة مغنية وحدها عن أي بحث بخصوص سلوكه وأخلاقه، وأن المادة 18 من نفس القانون لا تتعلق بالقضاة الذين صدر في حقهم قرار بالعزل، وأن المطعون ضده قضى في مهنة القضاء 17 سنة فقط ويجب أن يجتاز مباراة الالتحاق بسلك المحاماة، وبعد استنفاذ أوجه الدفع والدفاع، أصدرت محكمة الاستئناف قرارا بإلغاء قرار النقيب المذكور وتصديا الحكم برفض الطلب، وهو القرار المطعون فيه بالنقض بمقال تضمن وسيلتين ولم يجب المطلوب.
في الوسيلة الأولى
حيث يعيب الطاعن القرار بخرق القانون، ذلك أنه اعتبر أن القضاة المعزولين لا يدخلون في حكم المادة 18 من قانون المحاماة، لأنها جاءت على سبيل الحصر بتحديدها القضاة المعنيين بحكمها في المستقيلين والمحالين على التقاعد، وهو تفسير لا أساس له، لأن المادة 5 من نفس القانون حددت الشروط الواجب توفرها في المرشح للمهنة، ومن بينها أن يكون حاصلا على إجازة في العلوم القانونية أو ما يعادلها، ويرتفع هذا الشرط وفق المادة 18 كلما تعلق الأمر بقدماء القضاة الذين قضوا ثمان سنوات على الأقل في سلك القضاء بعد حصولهم على الإجازة في الحقوق وقبول استقالتهم أو إحالتهم على التقاعد، ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي، ونفس الحكم لقضاة الدرجة الثانية أو ما يفوقها، ولم يرد في هذه المادة ما يحمل على حصر حكمها في القضاة المستقيلين والمتقاعدين وحدهم، لأن هناك حالات عديدة لانتهاء مهام القاضي غير مذكورة ويستحيل القول بعدم اندراجها في حكمها لأنها مناط إعفاء قدماء القضاة من الحصول على شهادة الأهلية لممارسة مهنة المحاماة ومن التمرين وهو ما حصلوه من تجربة قضائية افترض المشرع معها أنهم صاروا مؤهلين لممارسة تلك المهنة، وهي تجربة لا تتأثر بإنهائهم لمهامهم القضائية، شريطة اكتمال السنوات الثمانية المفترضة لقيام عنصر التجربة، فيتعين إلحاق جميع حالات إنهاء مهنة القضاء في الحالتين المذكورتين في المادة 18 لأنهما مجتمعتين على علة واحدة هي التجربة القضائية، والتقييد الوحيد الذي وضعه المشرع لمختلف حالات إنهاء وظيفة القضاء هو ألا يكون بتأديب عائد لأفعال تخدش الشرف والمروءة وحسن السلوك على ما ورد بالمادة 5 من نفس القانون ووفق ما سار عليه الاجتهاد القضائي، لذلك لا يجب تحميل عبارة المشرع في المادة 18 : ” من غير سبب تأديبي” أكثر مما تحتمل لأن الطاعن لم يعزل من أجل فساد مالي أو أخلاقي وإنما عزل بسبب إبداء آراء ذات صبغة سياسية لا تدخل في دائرة الأفعال المنافية للشرف والمروءة وحسن السلوك، بل تدخل في حرية التعبير التي أكدها المجلس الدستوري بقراره عدد 16-992 الصادر بتاريخ 15-03-2016 في الملف رقم 16-1474 عندما اعتبر أن الإدلاء بتصريح يكتسي صبغة سياسية ليس موجبا لتوقيف القاضي حالا عن مزاولة مهامه لأن هذا التوقيف غير مطابق للدستور، والقرار المطعون فيه تجاهل كل ذلك مما يوجب نقضه.
حيث صح ما عابه الطاعن على القرار، ذلك أن العبرة في النصوص بغاياتها ومقاصدها، وللوسائل حكم المقاصد، فيجوز قياس وسيلة على أخرى تماثلها إذا كان لهما نفس المقصد، وهذا يقتضي شمول النص للحالات المذكورة فيه وما يقايسها إذا اتحدت الغاية وانتفى الدليل على الحصر، ولما كان مقصد المادة 18 من القانون المنظم لمهنة المحاماة هو أن تستفيد هذه المهنة من التجربة المهنية لقدماء القضاة، لأنها نصت على أن يعفى من الحصول على شهادة الأهلية لممارسة المحاماة ومن التمرين قدماء القضاة الذين قضوا ثماني سنوات على الأقل في ممارسة القضاء وقدماء القضاة من الدرجة الثانية أو من درجة تفوقها بعد قبول استقالتهم أو إحالتهم على التقاعد ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي، فإن الحالتين المنصوص عليهما في المادة المذكورة لم تردا على سبيل الحصر وإنما هو تنبيه بالأدنى على الأعلى ، وبالتالي يدخل في حكم المادة كذلك العزل وكافة الحالات التي يغادر فيها القاضي من الدرجة الثانية سلك القضاء بغير إدانة قضائية أو تأديبية تدخل في حكم المادة 5 من نفس القانون التي اشترطت في المرشح لمهنة المحاماة ألا يكون مدانا قضائيا أو تأديبيا بسبب ارتكابه أفعالا منافية للشرف والمروءة أو حسن السلوك؛ ولما كان ذلك، وكان الطاعن قاضيا من الدرجة الثانية أمضى ما يفوق ثماني سنوات في السلك القضائي وعزل منه بسبب ” اتخاذ موقف يكتسي صبغة سياسية والإخلال بواجب التحفظ” وهما فعلان وإن كانا يتنافيان مع سلك القضاء فإنهما ليسا كذلك بالنسبة لمهنة المحاماة ولا يدخلان فيما ينافي الشرف والمروءة أو حسن السلوك للانخراط فيها، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما ألغت قرار تسجيله بجدول هيئة المحامين وحصرت مناط تسجيل قدماء القضاة بهذا الجدول في الحالتين المنصوص عليهما في المادة 18 دون سواهما، واعتبرت كل سبب تأديبي مانعا من الانخراط في مهنة المحاماة، وقضت وفق ما جرى به منطوق قرارها تكون قد خرقت القانون وفق المبين قبله وعرضت قرارها للنقض.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه وبإحالة القضية على نفس المحكمة لتبت فيها وفقا للقانون وعلى الخزينة العامة المصاريف.
كما قررت إثبات قرارها هذا في بسجلات المحكمة المصدرة له إثر الحكم المطعون فيه أو بطرته.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض. و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة المدنية القسم الرابع السيد حسن منصف رئيسا ورئيس الغرفة الإدارية القسم الثاني السيد سعد غزيول برادة، والمستشارين السادة: محمد بوغالب مقررا وعبد الواحد جمالي الإدريسي ونادية الكاعم ومصطفى نعيم وعبد السلام بنزروع وسعاد المديني وسلوى الفاسي الفهري وأحمد البوزيدي أعضاء، وبمحضر المحامي العام السيد حسن تايب. وبمساعدة كاتب الضبط السيد رشيد الزهري.
قراءة التعليقات (1)
قرار يمثل قمة الإبداع القضائي.
وكيف لا وقد صدر من فطاحل قضاة محكمة النقض.
إنما ألاحظ عليه انعدام التعليل في الشق المتعلق بإحالة القضية على نفس المحكمة مع أن الأصل هو وجوب إحالتها على محكمة أخرى،
والقانون نص على انه إذا أرادت محكمة النقض مع ذلك أن تحيل على نفس المحكمة فعليها ألا تفعل ذلك إلا بصفة استثنائية، وهو ما معناه وجوب تعليل محكمة النقض للحالة الاستثنائية التي توفرت لديها من أجل إحالة الدعوى على نفس المحكمة، وهو ما لم يتم في القرار الذي تبقى له مع ذلك أهميته وروعته.
الفصل 369 من قانون المسطرة المدنية
إذا قضت محكمة النقض بنقض حكم أحالت الدعوى إلى محكمة أخرى من درجة المحكمة التي نقض حكمها أو بصفة استثنائية على نفس المحكمة التي صدر عنها الحكم المنقوض ويتعين إذ ذاك أن تتكون هذه المحكمة من قضاة لم يشاركوا بوجه من الوجوه أو بحكم وظيف ما في الحكم الذي هو موضوع النقض.
إذا بتت محكمة النقض في قرارها في نقطة قانونية تعين على المحكمة التي أحيل عليها الملف أن تتقيد بقرار محكمة النقض في هذه النقطة.
إذا رأت محكمة النقض بعد نقض الحكم المحال عليها أنه لم يبق هناك شيء يستوجب الحكم قررت النقض بدون إحالة