القرار عدد 29-8
الصادر بتاريخ 16-01-2018
في الملف رقم 6450-1-8-2016
القاعدة:
تصحيح الإمضاء ليس من شروط قيام عقد البيع وإنما هو فقط لإثبات التاريخ،
المادة 126 من المدونة العامة للضرائب لا تشترط أن تكون العقود العرفية مصححة الإمضاء حتى يمكن تقديمها للتسجيل الذي يضفي على العقود ثبوت التاريخ، وأن الفصل 14 من ظهير التحفيظ العقاري لا ينص هو الآخر إلا على تقديم العقود رفقة المطلب ولا يشترط أن تكون مصححة الإمضاء، وأن ذلك مطلوب، طبقا للفصل 73 من القانون المذكور، في تقييد العقود الواقعة على عقارات محفظة ليس إلا.
نص القرار
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من مستنـدات الملف، أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بالمحافظة العقارية بإنزگان بتـاريخ 26-10-2009 تحت عدد 14169-60، طلب عبد الله مولخنيف بن واكريم تحفيظ الملك المسمى ”الخير”، الكائن بدوار بن الشيخ الجماعة القروية التمسية عمالة إنزگان آيت ملول، المحددة مساحته في 12 آرا و58 سنتيارا، لتملكه له بالشراء العرفي المصادق على صحة إمضائه بتاريخ 12-04-2008 من البائع له مصطفى أوماست بن حسن والذي كان يتملكه بالشراء العرفي من البائع له عمر ألمو بن محمد المصادق على صحة إمضائهما بتاريخ 23-01-2008، والذي كان يتملكه بالشراء العرفي من البائعة له العالية أمزال.
وبتاريخ 09-03-2011 كناش 08 عدد 1681 تعرض على المطلب المذكور عمر ألمـو، البائع لسلف طالب التحفيظ، مطالبا بكافة الملك لتملكه له بعقد شرائه العرفي المذكور أعلاه، وبالحكم الجنحي عـدد 3979 الصـادر بتـاريخ 13-10-2010 في الملف رقم 186-08 القاضي ببراءته من جنحة النصب وعـدم تنفيذ عقد بناء على شكايـة البائع لطـالب التحفيظ، وبشكاية هذا الأخير ضد سلف طالب التحفيظ محـررة فـي 26-02-2008.
وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية بإنزگان، وإجرائها بحثا صرح خلاله المتعرض أنه وقع عقد البيع مع البائع لطالب التحفيظ إلا أنه لم يصحح إمضاءه بسبب عدم توصله بالثمن، وطعن بالزور الفرعي مدليا بإشهاد من مصلحة تصحيح الإمضاء يفيد أنه لم يتم وضع توقيعه بتاريخ 23-01-2008؛ بعد كل ما ذكر، أصدرت المحكمة بتاريخ 02-04-2014 حكمها عدد 55 في الملف رقم 181-2011 بعدم صحة التعرض المذكور، فاستأنفه المتعرض، وأيدته محكمة الاستئناف بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض أعلاه من المستأنف عليه بوسيلتين.
حيث يعيب الطاعن القرار في الوسيلة الأولى بعدم الارتكاز على أساس قانوني في ثلاثة أوجه؛ ففي الوجه الأول، فإن القرار علل بأن ”هذه المحكمة غير ملزمة بإجراء أي بحث مع الطرفين حول صحة مصادقة الطاعن على توقيعه بعقد البيع المذكور والمبرم مع البائع لطالب التحفيظ لإنكاره المصادقة على توقيعه أمام مصلحة تصحيح الإمضاءات لأن الإشهاد الصادر عن نائب رئيس الجماعة الحضرية بأگادير بتاريخ 28-08-2013 لا يفيد بأن الطاعن لم يحضر ولم يصحح إمضاءه بمصالح هذه الجماعة وإنما ينص على أنه لم يتم وضع توقيعه بتاريخ 23-01-2008، وأن إيداع التوقيع ليس هو تصحيحه والمصادقة عليه وبذلك فالإشهاد لا يدعم موقفه” غير أن هذا التعليل بعيد عن الواقع لأن المسطرة عند تصحيح الإمضاء على الوثائق تقتضي وضع توقيعه بسجل البلدية الذي يشار فيه إلى موضوع الوثيقة التي صودق على التوقيع المضمن بها، وأن القيام بذلك يوضح أنه تمت المصادقة عليه بطرق تدليسية بدون حضور الطاعن وهو ما غاب على المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه مما يكون معه تعليلها فاسدا وفاقدا للأساس القانوني. وفي الوجه الثاني، فقد ورد في تعليل القـرار أن ”التصديق على التوقيع لا يضيف شيئا إلى العقد ونفاذه” معتمدا قرارا تحت عدد 760 مؤرخ في 21-02-2001 صدر عن محكمة النقض، غير أنه بالرجوع إلى القرار المذكور، فإن الأمر فيه يتعلق بإثبات حق شخصي والمدين لم يثر صحة التوقيع وإنما أثارته المحكمة تلقائيا، بينما الحال في الدعوى موضوع النزاع أن الأمر يتعلق بحق عيني، وأن نفاذ العقد متوقف على صحة التوقيع، لأن الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية لا تقبل إلا العقود ثابتة التاريخ والمصحح التوقيع عليها إذا كانت عرفية، ونفس الشيء يقال بالنسبة لإدارة التسجيل، وبالتالي فلا قياس مع وجود الفارق؛ وفي الوجه الثاني، فإن القرار أورد في تعليله أن الدفع بالزور الفرعي مردود شكلا وموضوعا لعدم تقديمه وفق شكليات الدعوى ولا يستند على أساس ولا جدوى من بحثه موضوعا بحضور الطرفين والمشتري أوماست مصطفى، غير أن هذا التعليل يناقض تعليل القرار في الصفحة 4 منه الذي جاء فيه أنه ” وإن صح القول بأن طلب الزور الفرعي المقدم في صورة دعوى أصلية أو عارضة هو الذي يؤدى عنه وليس ادعاء الزور الوارد في شكل دفع، وتمسك الطاعن تبعا لذلك بأن الزور الفرعي المثار مجرد دفع لا دعوى على خلاف تعليل الحكم المستأنف …” فإن القرار المطعون فيه لئن أكد بأن من حق الطاعن إثارة الطعن بالزور عاد ليؤكد في الأخير عدم صحة الطعن إلا إذا قدم في شكل دعوى وهكذا يتضح تضارب وتناقض تعليل القرار؛ وفي الوجه الثالث، فإن المحكمة بعد أن أوردت في تعليلها السابق أن تصحيح التوقيع ليس شرطا لنفاذ العقد، عادت في الصفحة الأخيرة من القرار لتؤكد بأن العقد المطعون فيه هو عقد منتج لأنه مصحح التوقيع بقولها ” إن العقد ثابت التاريخ ومسجل بإدارة التسجيل وموقع من طرف البائع ومصادق على توقيع طرفيه بنفس التاريخ” إذ بصدد ردها على دفع الطاعن وإثارته لمقتضيات الفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود بأن العقد غير ثابت التاريخ لمنازعة الطاعن في الذهاب إلى المصالح المختصة بالمصادقة، اعتبرت المحكمة أن العقد المذكور مصحح التوقيع دون أن تبحث في المسألة المثارة بشأن إنكاره هذه المصادقة مما يدل على اضطراب المحكمة وتناقضها.
ويعيبه في الوسيلة الثانية بخرق القانون، في وجهين؛ ففي الوجه الأول، فإن القرار خرق مقتضيات الفصل 229 من قانون الالتزامات والعقود، إذ ورد في تعليله بأن ” الدفوع المتعلقة بسلف المطلوب لا تسري في مواجهته لكونه غريبا عن الملف، وبالتالي فإن التزام المشتري بدفع الثمن وعدم المصادقة على العقد إلا بعد أداء الثمن فعليا، لا يسري عليه كمشتري منه وخلف له”، غير أن الفصل 229 المذكور صريح في أن الالتزامات تنتج أثرها لا بين المتعاقدين فحسب ولكن أيضا بين ورثتهما وخلفائهما؛ وفي الوجه الثاني، فإن القرار خرق مقتضيات الفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود، ذلك أن الطاعن أوضح في مقاله الاستئنافي بأنه أبرم مع المشتري منه عقدا موقوفا على شرط استخلاص الثمن، حتى يذهب الطرفان إلى مصلحة تصحيح الإمضاء لإضفاء النهائية على العقد بعد أداء الثمن، ولما رجعت الكمبيالتان التي أدى بهما المشتري الثمن رفض الطاعن تصحيح التوقيع لإضفاء ثبوت التاريخ، لكن المحكمة حورت موضوع الدعوى بالقول بأنه حق شخصي في مواجهة المشتري، وأن الطاعن أثبت عدم ثبوت التاريخ لعدم المصادقة على العقد، والمشتري زور صحة التوقيع لدى البلدية بطرق تدليسية لعدم حضور الطاعن أمامها، وأنه لا يطالب في الدعوى بأداء الثمن وإنما يطالب بعدم نفاذ العقد لعدم اكتمال الشروط المتفق عليها ولعدم تصحيح التعاقد المتوقف على أداء الثمن، وبالتالي فإن القرار خالف الصواب في رده على كل ذلك.
لكن؛ ردا على الوسيلتين أعلاه مجتمعتين لتداخلهما، فإنه لا مجال للتمسك في النازلة لا بمقتضيات الفصل 229 من قانون الالتزامات والعقود، ولا بمقتضيات الفصل 489 منه، ما دام لا يستفاد من عقد البيع المبرم بين الطرفين أنه كان مبرما على شرط واقف وهو أداء الثمن، بل تمت الإشارة فيه إلى أن البيع المذكور تم صحيحا نهائيا قاطعا ومنجزا دون رد ولا إقالة، وأن الطاعن اعترف فيه بأنه توصل بالثمن دفعة واحدة من يد المشتري وأبرأه الإبراء الكلي التام، وبالتالي، فإن ما بقي عالقا بين طرفي العقد المذكور من منازعات حول الأداء، وغير معروفة إلا منهما، لا يمكن التمسك بها في مواجهة خلف المشتري لعدم إثبات علمه بها، وأن تصحيح الإمضاء ليس من شروط قيام عقد البيع وإنما هو فقط لإثبات التاريخ، وأن المحكمة كانت على صواب لما لم تعتبر الطعن بزورية المصادقة على الإمضاء، لأن صحة العقد ونفاذه تجاه الطاعن لم تكن متوقفة عليها، وأن المادة 126 من المدونة العامة للضرائب لا تشترط أن تكون العقود العرفية مصححة الإمضاء حتى يمكن تقديمها للتسجيل الذي يضفي على العقود ثبوت التاريخ، وأن الفصل 14 من ظهير التحفيظ العقاري لا ينص هو الآخر إلا على تقديم العقود رفقة المطلب ولا يشترط أن تكون مصححة الإمضاء، وأن ذلك مطلوب، طبقا للفصل 73 من القانون المذكور، في تقييد العقود الواقعة على عقارات محفظة ليس إلا، وأنه لا وجود لأي تناقض في تعليل القرار بخصوص دعوى الزور، إذ أنه صحح المنحى الذي اتخذه الحكم الابتدائي لما اعتبر أن الطعن، بمعنى الدعوى، غير مؤدى عنه الرسوم القضائية، مع أنه مجرد دفع بالزور حسب توضيح الطاعن لذلك في مقاله الاستئنافي بالصفحة 3 منه، واعتبر القرار، وعن صواب، أن الزور الذي تؤدى عنه الرسوم القضائية هو الذي يقدم في شكل طلب عارض أو دعوى أصلية، وليس الذي يقدم في شكل دفع لا يلزم المحكمة بتطبيق مقتضيات الفصل 92 وما يليه من قانون المسطرة المدنية، وأن ما أشارت إليه المحكمة في تعليلها من أن العقد مصحح الإمضاء رغم طعن العارض في ذلك إنما هو تعليل زائد لا يتوقف عليه القرار، ولذلك ولما للمحكمة من سلطة في تقييم الأدلة واستخلاص قضائها منها فإنها حين عللت قضاءها بأنه ”لئن صح القول بأن طلب الزور الفرعي المقدم في صورة دعوى أصلية أو عارضة هو الذي يؤدى عنه وليس ادعاء الزور الوارد في شكل دفع، وتمسك الطاعن تبعا لذلك بأن الزور الفرعي المثار مجرد دفع لا دعوى، على خلاف تعليل الحكم المستأنف، فإن الاجتهاد القضائي مستقر على أن مجرد ادعاء الزور لا يستدعي من المحكمة القيام بأي إجراء تحقيقي لأنه ليس دفعا وإنما طعنا يجب تقديمه في شكل دعوى مؤدى عنه، تكون هي المنطلق للقيام بإجراءات الفصل 92 وما يليه من قانون المسطرة المدنية، كما أن هذه المحكمة غير ملزمة بإجراء أي بحث مع الطرفين حول صحة مصادقة الطاعن على توقيعه بعقد البيع، وأنه وفي جميع الأحوال فإنكار الحضور أمام مصلحة تصحيح الإمضاءات والمصادقة على توقيعه لا يكفي لاستبعاد عقد البيع لتخلف هذه الشكلية أو مناقشتها في إطار البحث من طرف هذه المحكمة، طالما أن المحكمة الابتدائية أجرت بحثا بين الطرفين وأقر خلاله الطاعن بأنه وقع العقد، وعليه فإن عقد البيع العرفي موضوع النزاع يكتسب قوته الإثباتية بمجرد التوقيع عليه بيد الملتزم ولو كان محررا بخط غيره، وهو ما يستفاد من الفصل 426 من قانون الالتزامات والعقود، ولا تتوقف صحة نفاذه على تصحيح الإمضاء، لأن التصديق لا يضيف شيئا لصحة العقد ما دام يستمد قوته من توقيع الطاعن، البائع، والذي يقر بصدوره عنه، فيكون بذلك الدفع بالزور الفرعي مردود شكلا وموضوعا لعدم تقديمه وفق شكليات الدعوى ولا يستند على أساس ولا جدوى من بحثه موضوعا بحضور الطرفين والمشتري أوماست مصطفى، وأنه لا محل أيضا للاستعانة بالفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود وللدفع بعدم التوصل بالثمن لأنه بالرجوع إلى عقد البيع العرفي يتضح أن الطرفين تراضيا على ثمن العقار في مبلغ 170.000 درهم وأشهد الطاعن على نفسه بأنه توصل من يدي المشتري مصطفى أوماست بجميع المبلغ المذكور دفعة واحدة وأبرأه منه كليا وأباح له الحلول محله في المبيع وحازه ابتداء من تاريخ العقد، وأن العقد ثابت التاريخ ومسجل بإدارة التسجيل وموقع من طرف البائع، وبذلك فهو اتفاق صحيح وبيع تام ما دام يتوفر على جميع أركان عقد البيع وشروطه الأساسية وبالتالي يعتبر سندا في ميدان الاستدلال لتملك المبيع ونقله بشراء ثان، ولا يؤثر في شراء طالب التحفيظ اختلاف سلفه مصطفى أوماست والطاعن البائع له حول تحقق القبض الفعلي للثمن ما دام العقد يفيد التوصل بالثمن، وأن محكمة التحفيظ تعتبر محكمة استثناء لا تبت إلا في المطالب العينية العقارية وفي نطاق مقتضيات الفصول 24 و37 و45 من ظهير التحفيظ العقاري ولا تمتد صلاحيتها إلى البت في الحقوق الشخصية المدعاة من المتعرض ضد البائع لطالب التحفيظ” فإنه نتيجة لكل ما ذكر يكون القرار غير خارق للمقتضيات المحتج بها ومعللا تعليلا سليما، وباقي تعليله المنتقد يعتبر زائدا يستقيم القرار بدونه والوسيلتان بجميع أوجههما بالتالي غير جديرتين بالاعتبار.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض برفض الطلب وبتحميل الطاعن المصاريف.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. والمستشارين: جمال السنوسي ـ مقررا. وأحمد دحمان والمعطي الجبوجي والعربي حميدوش أعضاء. وبمحضر المحامية العامة السيدة لبنى الوزاني وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة سهام الحنضولي.