صعوبات التنفيذ – بين رئيس المحكمة والرئيس الأول كقاضيين للمستعجلات ورئيس المحكمة كقاضي التنفيذ
القرار عدد 107-8
الصادر بتاريخ 20-02-2018
في الملف رقم 7108-1-8-2016
القاعدة
مناط اختصاص الرئيس الأول للبت في الصعوبة هو وجود النزاع معروضا على محكمته ولا فرق بين أن يكون التنفيذ قد شرع فيه أم لا، وأن الاختصاص المخول لرئيس المحكمة الابتدائية بموجب الفصل 436 من قانون المسطرة المدنية إنما يتعلق بالحالة التي لا يكون فيها تنفيذ الحكم محل نزاع معروض على محكمة الاستئناف، إذ في هذه الحالة الأخيرة يسترد الرئيس الأول اختصاصه للبت في الصعوبات المتعلقة بالتنفيذ بموجب الفصل 149 من القانون المذكور.
نص القرار
حيث يستفاد من وثائق الملف أنه بتاريخ 30-05-2006 تقدمت كل من شركة الأملاك التجارية في شخص ممثلها القانوني وأحمد منير، بمقال إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالجديدة في مواجهة بلومان احمد ورئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية بالجديدة وبحضور المحافظ على الأملاك العقارية بالجديدة، عرضا فيه أنه صدر عن محكمة الاستئناف بالجديدة قرار تحت عدد 131 بتاريخ 13-10-2006 في الملف 3-45-2004 قضى ببيع العقار المسمى ”بلاد الرحموني” موضوع الرسم العقاري 101088-08 والذي تملك فيه المدعية الأولى نسبة 3/15، وأنه بتاريخ 04-11-2015 تقدم ممثلها أحمد منير خلال الجلسة العلنية بقاعة البيوعات وسلم لعون التنفيذ بطاقته الوطنية طالبا منه تسجيله ضمن لائحة المتزايدين، وهو ما تم رفضه من طرف هذا الأخير، ثم سلمه إياها، بحضور قاضي التنفيذ، إلا أن طلبه رفض كذلك، مما حال دون تقديمه أي عرض، وأن عملية البيع تواصلت إلى أن رسا المزاد العلني على المدعى عليه بمبلغ 5.500.000،00 درهما في غيبتهما؛ وأمام هذه الوضعية، وعلى الفور سجل المدعي أحمد منير تعرضه على البيع أمام رئيس المحكمة الابتدائية بمقتضى مقال، فأصدر رئيس هذا الأخير أمرا ولائيا قضى بإعادة السمسرة تبعا للتعرض ولتعرض آخر قدم من المسمى جرمومي إسماعيل، ولعدم كفاية العروض، وأن المدعى عليه الذي رسا عليه المزاد تقدم على إثر الأمر المذكور بمقال إلى المحكمة الابتدائية بالجديدة في مواجهة رئيس كتابة الضبط للحكم بصحة البيع وتمكينه من العقار، فانتهت الدعوى برفض الطلب حسب الحكم الصادر بتاريخ 03-03-2016 في الملف رقم 05-335-2015 و الذي استأنفه المدعى عليه، فأصدرت محكمة الاستئناف قرارها بإلغاء الحكم الابتدائي و الحكم تصديا بصحة البيع المذكور وبتمكين المستأنف من المبيع مع ما يترتب على ذلك قانونا، وأنهما أي المدعيان أعلاه، تقدما بالطعن في القرار المذكور عن طريق التعرض تعرض الغير الخارج عن الخصومة، بعلة أنه عدم استدعائهما رغم أنهما كانا من ضمن المتزايدين ومالكين لحصة 3-15 في الرسم العقاري المبيع، ولأن القرار المتعرض عليه صدر في مواجهة رئيس كتابة الضبط الذي لا يعتبر طرفا في الدعوى أصلا، وأن مأمور التنفيذ و قاضي التنفيذ لم يشيرا إليهما أصلا لا في المرحلة الابتدائية ولا الاستئنافية، ولم تبلغ الدعوى إلى النيابة العامة، ولأن القرار زكى ثمن إرساء المزاد العلني الذي مس بحقوقهما كمالكين و متزايدين، وحصره في مبلغ 8.500.000،00 درهما بعلة أنه يشكل أضعافا مضاعفة للثمن الافتتاحي المحدد في 778.000.00 درهما دون بيان الأسس المعتمدة، وحكم بصحة البيع دون الاستعانة بخبرة و دون تمكين أطراف الدعوى والمتزايدين من إبداء أوجه دفاعهم والإدلاء بعروضهم، و أنهما قد أدليا إلى جانب باقي المتزايدين بعروض مهمة تفوق بكثير ما توصل إليه القرار المتعرض عليه وما عرضه المشتري أحمد منير بحيث قدمت شركة الأملاك التجارية عرضا بقيمة 8.200.000،00 درهما، وأن هذا الثمن المعروض كان قابلا للزيادة والارتفاع انطلاقا من هذه العروض، وأن الأمر الولائي الذي أصدره رئيس المحكمة بإعادة سمسرة بيع العقار بني على أسباب خطيرة تكمن في الانتقاص من قيمة العقار وحجب الحق على المتزايدين في تقديم عروضهم، وأن المادة 478 من قانون المسطرة المدنية تنص على أنه لا يمكن تغيير تاريخ السمسرة إلا بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع التنفيذ بدائرتها تبعا لمقال الأطراف أو لعون التنفيذ ولا يكون ذلك إلا لأسباب خطيرة و مبررة بصفة كافية، وخاصة إذا لم تكن هناك عروض، أو كانت العروض غير كافية، وأن القرار الإستئنافي قد سار مسارا مخالفا لروح هذا النص، وسحب الاختصاص من رئيس المحكمة و أسنده إلى محكمة الاستئناف، كما أن الفصل 479 من نفس القانون أعطى الإمكانية لكل شخص داخل أجل 10 أيام من تاريخ السمسرة بتقديم عرضا بالزيادة عما رسا عليه المزاد على أن يفوق بمقدار السدس ثمن البيع الأصلي والمصاريف، وأن رئيس المحكمة قرر إعادة السمسرة وبذلك لم تتم عملية إرساء المزاد إطلاقا بحكم هذه الإعادة، إذ لو تمت الموافقة على الثمن لفتح الباب للمتزايدين الراغبين في شراء العقار وتمكينهم من زيادة السدس داخل 10 أيام، وأن بقضائه بصحة البيع لم يقف على عدم مشروعيته، ولم يبين الأسس القانونية التي استند عليها في حكمه إذ أن الثمن المحدد بمحضر إعلان بيع عقار المنجز بتاريخ 04-11-2015 يشير إلى إرساء المزاد بمبلغ 5.500.000 درهما ثابت بمقتضى شيك، مع أن هذا الشيك كان على بياض وخال من جميع البيانات، كما أنه لم يقف على محضر جلسة البيع الذي أثبت فيه مأمور التنفيذ أن المزاد رسا على المدعى عليه الذي أدى ضمانة على ذلك، شيكا مسحوبا عن القرض الفلاحي تحت عدد 3776520ج ب ب، وأن تسلم الشيك على سبيل الضمان يعتبر جنحة معاقبا عليها قانونا سواء بالنسبة لساحب الشيك أو لقابله، وأن تنفيذ هذا القرار من شأنه الإضرار بحقوقهما طالبين إيقاف تنفيذ القرار المذكور مع ما يترتب على ذلك قانونا. وبعد جواب المدعى عليه بأن الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بصفته قاضيا للمستعجلات إذا كان يختص في دعاوى صعوبات التنفيذ كلما توفر عنصر الاستعجال قبل الشروع في إجراءات التنفيذ، وكلما كان النزاع معروضا على محكمته، فهو لا يختص للبت في صعوبات التنفيذ الوقتية بعد مباشرة إجراءات التنفيذ في إطار الفصل 436 من نفس القانون، وأن تعرض الغير الخارج عن الخصومة لا يشكل إشكالا للتصريح بوجود صعوبة جدية، وكذا القول بكون الطالب تضررت حقوقه، وأن جهاز كتابة الضبط ليس بمؤسسة عمومية حتى يتم تبليغ الملف إلى النيابة العامة، وأن القول بعدم استدعاء رئيس كتابة الضبط يناقض ما تمسك به الطالب من كون المذكور ليس طرفا في النزاع، وأن المحكمة عللت قرارها بأن العروض كانت كافية وأن محضر المزايدة تضمن أن جلسة البيع انطلقت من الثمن الافتتاحي المحدد في 778.000.00 درهما وبلغ عدد المتزايدين ثلاثة لحين ارتفاع مبلغ المبيع إلى 5.500.000 درهما الذي قدمه العارض و أشعلت 3 شمعات ورسا المزاد العلني عليه بعد أن وضع شيكا على بياض صادر عن القرض الفلاحي موقع عليه، وأنه بمراجعة ملف التنفيذ يتبين أن شروط تغيير تاريخ السمسرة غير متوفرة إذ لم يتقدم أي طرف من أطراف التنفيذ بطلب التأجيل، كما أن الملف خال من أي أمر صادر عن رئيس المحكمة بصفة نظامية، وأن البيوع العقارية الجبرية المأمور بها في إطار قسمة التصفية لا تقبل الزيادة بالسدس، وأن القرار لم يقف على إخلال بقبول شيك على بياض ولا يشكل صعوبة جدية طالبا أساسا التصريح بعدم الاختصاص واحتياطيا برفض الطلب. بعد كل ما ذكر، أصدر الرئيس الأول أمره المطعون فيه بالنقض أعلاه من المدعى عليه بوسيلتين.
في شان الوسيلة الأولى:
حيث يعيب الطاعن الأمر فيها بانعدام التعليل وعدم الارتكاز على أساس قانوني، ذلك أنه دفع بعدم الاختصاص، لكون المشرع تناول دعوى استشكالات التنفيذ الوقتية تارة بموجب الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية و تارة في الفصل 436 من نفس القانون، وأن المتفق عليه هو أن رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات يختص، طبقا للفصل 149 الذي ورد في نطاق القسم الرابع المتعلق بالمساطر الخاصة بالاستعجال بالبت في دعاوى صعوبات التنفيذ، كلما توفر عنصر الاستعجال، وأثيرت الصعوبة قبل الشروع في التنفيذ، ويشاركه في هذه الصلاحية الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف كلما كان النزاع معروضا على محكمته، غير أن رئيس المحكمة الابتدائية، بعد مباشرة إجراءات التنفيذ، يختص في البت في صعوبات التنفيذ الوقتية بصفته تلك أو بصفته قاضيا للتنفيذ، عملا بقواعد وأحكام التنفيذ الجبري بموجب الفصل 436 من قانون المسطرة المدنية، وفي هذه الحالة لا يشاركه في هذه الصلاحية الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف حتى ولو كانت القضية المراد تنفيذ الحكم الصادر فيها معروضة أمام محكمته، وأنه تبعا لذلك فالدعوى مرفوعة إلى جهة قضائية غير مختصة.
لكن؛ ردا على الوسيلة أعلاه، فإنه بموجب الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية ” يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده للبت بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم، وإذا كان النزاع معروضا على محكمة الاستئناف مارس هذه المهام رئيسها الأول” وتبعا لذلك فإن مناط اختصاص الرئيس الأول للبت في الصعوبة هو وجود النزاع معروضا على محكمته ولا فرق بين أن يكون التنفيذ قد شرع فيه أم لا، وأن الاختصاص المخول لرئيس المحكمة الابتدائية بموجب الفصل 436 من قانون المسطرة المدنية إنما يتعلق بالحالة التي لا يكون فيها تنفيذ الحكم محل نزاع معروض على محكمة الاستئناف، إذ في هذه الحالة الأخيرة يسترد الرئيس الأول اختصاصه للبت في الصعوبات المتعلقة بالتنفيذ بموجب الفصل 149 من القانون المذكور، الأمر الذي تكون معه الوسيلة غير جديرة بالاعتبار.
وفي شان الوسيلة الثانية:
حيث يعيب الطاعن الأمر فيها بعدم الارتكاز على أساس قانوني، ذلك أن القرار الاستئنافي موضوع التنفيذ صادف الصواب في تعليله، وأن شروط تغيير تاريخ السمسرة غير متوفرة إذ لم يتقدم أي طرف بطلب التأجيل، وأن الملف خال من أي أمر من رئيس المحكمة بصفة نظامية، والفصل 478 المحتج به لم تطله أي خروقات ويبقى البيع القضائي صحيحا ومنتجا لآثاره.
لكن ردا على الوسيلة أعلاه، فإن ما أثير فيها إنما يتعلق بالأسباب المعتمدة في المقال الرامي إلى إيقاف التنفيذ، من جهة، ويزكي تعليلات القرار الاستئنافي القاضي بصحة البيع، من جهة أخرى، ولم ينصب النعي فيها على تعليلات الأمر المطعون فيه، الأمر الذي تكون معه الوسيلة غير جديرة بالاعتبار أيضا.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطاعن المصاريف.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. والمستشارين: العربي حميدوش ـ مقررا. وأحمد دحمان وجمال السنوسي والمعطي الجبوجي أعضاء. وبمحضر المحامية العامة السيدة لبنى الوزاني وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة أسماء القوش.