حوادث الشغل والأمراض المهنية

حوادث الشغل والأمراض المهنية

حوادث الشغل والأمراض المهنية

مقدمة

ينجم عن إنجاز الشغل العديد من المخاطر، ومن أهمها نجد حوادث الشغل بالإضافة إلى الأمراض المهنية، وذلك أنه ومع نهاية القرن 19 ارتفعت وثيرة حوادث الشغل والأمراض المهنية بسبب ما شهدته هذا الفترة من نهضة صناعية كبيرة، وبسبب دخول الآلة إلى جانب الإنسان في العمل، وبسبب معالجة المواد الخطيرة الأمر الذي استدعى إيجاد حماية قانونية لمواجهة هذه المخاطر.وبالنسبة للمغرب فإنه قبل الحماية لم يكن هناك أي نص خاص بهذه المخاطر أما في عهد الحماية فقد بدأت النصوص الحمائية الحديثة بالظهور على مراحل:

ففي البداية لم تكن توجد إلا مقتضيات الفصل 750 من ظ.ل.ع وما بعدها حيث كانت مسؤولية المشغل لا تقوم إلا إذا استطاع الأجير إثبات الخطأ.

صدور ظهير 25 يونيو 1927 بشأن التعويض عن حوادث الشغل الذي اعتبر المشغل مسؤول عن الضرر الناجم عن حادثة شغل دون حاجة لإثبات الخطأ من طرف الأجير؛

بعد الحصول على الاستقلال ثم تغيير ظهير 1927 بمقتضى 6 فبراير 1963.

أما الأمراض المهنية فينظمها ظهير 31 ماي 1943 بالإضافة إلى بعض النصوص المغيرة أو المتممة له، والذي يحيل من خلال فصله الأول على ظهير فبراير 1963.

ودراسة هذا الموضوع تكتسي أهمية بالغة، سواء على المستوى النظري من خلال التعرف على المقصود بحادثة شغل والتعرف على القانون المنظم لها، أو العملي من خلال معرفة مدى مسايرة التشريع الحالي للواقع العملي:

من هنا يطرح الإشكال التالي: إلى أي حد استطاع المشرع المغربي من خلال مقتضيات ظهير 6 فبراير 1963 توفير حماية كافية للأجير وما مدى كفاية الإيرادات المقررة للأجير المصاب أو لديه في جبر الضرر؟

وللإجابة على هذا الإشكال سنعمل على تقسيم هذا الموضوع حسب التصميم التالي:

الفصل الأول على المساطر المتبعة في ظهير 6 فبراير 1963 على أن نقف في الفصل الثاني على أحكام الإيراد عن حوادث الشغل والأمراض المهنية، لكن قبل ذلك لابد من تحديد مفهوم حادثة الشغل والأمراض المهنية الفصل تمهيدي.

الفصل التمهيدي

مسؤولية المشغل في إطار ظهير 1963

تعد أحكام المسؤولية عن حوادث الشغل والأمراض المهنية، كما هي منظمة حاليا في إطار ظهير 6 فبراير 1963، قواعد استثنائية تبنى في جوهرها على أسس غير معروفة في القانون المدني ولأنها تحتوي على قواعد استثنائية، فهي لا يقاس عليها ولا يتوسع في تفسيرها. فبالإضافة إلى أنها مسؤولية بدون خطأ، من حيث المبدأ – فإن المشرع قد حصر المستفيدين منها والملزمين بأحكامها، كما أنه لم يفته أن يحدد مختلف الوقائع التي تخضع لهذا الظهير والشروط المتطلبة فيها لكي تكون محل تعويض من طرف المشغل.

لذلك سنحاول من خلال هذا الفصل الوقوف عند مفهوم كل من حادثي الشغل والطريق (مبحث أول) على أن نتطرق لمفهوم المرض المهني ( مبحث ثاني)

المبحث الأول

مفهوم حادثي الشغل والطريق

إن الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى حادثة الشغل كظاهرة قانونية متنوعة وتتباين في طبيعتها لذلك لكي يمكن نسبتها إلى العمل وبالتالي وصفها أنها حادثة شغل ويجب أن يرتبط ظهورها بمزاولة نشاط مهني سواء كان هذا النشاط المهني مصدرا للواقعة التي أدت إليها أو ظرفا من ظروف تحققها. وإذا كان في مجال حادثة الشغل هناك علاقة تبعية بين العامل وصاحب العمل فإنه يصعب وجود مثل هذه العلاقة في حادثة الطريق، ففي أثناء الطريق يفقد صاحب العمل كل رقابة أو سلطة على العامل ولا يكون هناك أدنى خضوع أو تبعية.

لذلك سنتناول في هذا المبحث كل من مفهومي حادثة الشغل (المطلب الأول)، وحادثة الطريق (المطلب الثاني) وشروط كل منهما.

المطلب الأول: ماهية حادثة الشغل

ليست كل حادثة تحصل للأجير أثناء العمل أو بسببه حادثة شغل خاضعة للتشريع الخاص بحوادث الشغل والأمراض المهنية، يتحمل المشغل التعويض عنها، لذلك سنتناول تعريف حادثة الشغل الموجبة للتعويض في ظل ظهير 6 فبراير 1963 (الفقرة الأولى) ثم نعالج الشروط التي يجب أن تتوفر في الحادثة لاكتساب صفة حادثة الشغل (الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: تعريف حادثة الشغل

لم تضع التشريعات المقارنة ومنها التشريع المغربي، تعريفا مانعا جامعا لحادثة الشغل، واكتفت بوضع معايير عامة، الأمر الذي أدى إلى صعوبات عملية في التكيف القانوني لحادثة الشغل الموجب للضمان.

وهكذا يذهب المشرع الفرنسي إلى أن حادثة الشغل هي ” الإصابة التي تحدث بفعل أو بمناسبة العمل لكل أجير، ولكل من يعمل بأي صفة وفي أي مكان لدى واحد أو أكثر من المشغلين أو رؤساء المؤسسات” .

أما المشرع المغربي فقد ذهب في الفصل 3 من ظهير 6 فبراير 1963 على أنه ” تعتبر بمثابة حادثة للشغل الحادثة كيفما كان سببها التي تصيب من جراء الشغل، أو عند القيام به كل شخص سواء كان أجيرا أو يعمل بأي صفة كانت و في بأي محل كان إما لحساب مؤاجر واحد أو عدة مؤاجرين…”

تبين من خلال هذا الفصل أن المشرع المغربي اكتفى بتحديد نطاق حادثة الشغل وبيان بعض أسبابها وترك للاجتهاد القضائي تكييف كل فعل ضار بحدث أثناء الشغل.

وهكذا يشمل مفهوم حادثة الشغل كل الحوادث، المهنية والعوارض الصحية التي تصيب الأجير، أثناء قيامه بعمله أو بمناسبته حتى ولو كانت الحادثة ترجع إلى القوة القاهرة، إذا اعتبر المجلس الأعلى أن الجروح التي أصيب بها حارس الليل لفندق بأكادير لدى وقوع الهزة الأرضية في مكان العمل تشكل حادثة شغل رغم كونها ناتجة عن قوة قاهرة.

الفقرة الثانية: شروط حادثة الشغل

لاكتساب الحادثة التي تعرض لها الأجير صفة حادثة شغل لابد من توافر ثلاثة شروط:

  1. وجوب مساس الإصابة بجسم الأجير: لا تعتبر الإصابة التي يتعرض لها الأجير أثناء القيام بالعمل أو بسببه حادثة شغل إلا إذا نجم عنها ضرر بجسمه، سواء كان هذا الضرر ظاهريا أو خفيا، خارجيا أو داخليا، نافذا أو سطحيا، وذلك مثل الجروح وكسور العظام وفقد أو بثر الأعضاء أو الوفاة.

    وبناء على ما سبق لا تعد حوادث الشغل الأضرار التي تصيب الأجير دون أن تمس بجسمه (مثلا الاعتداء عليه بالسب أو المس بشرفه أو بسمعته)، كذلك لا يعتبر من قبيل إصابات الشغل الضرر الذي يصيب ممتلكات الأجير، بصفة عامة فإن أي ضرر يصيب الأجير دون أن يؤثر في صحته أو جسمه لا يعتبر إصابة شغل حتى ولو حصل له أثناء العمل أو بسببه.

  2. وقوع الإصابة بغثة أو فجأة: يشترط في الإصابة لكي تكيف أنها حادثة شغل أن تقع بكيفية مباغتة ومفاجئة، ويتعلق هذا الشرط بالفعل ذاته لا بأثره، حيث يشترط فيه أن يكون مباغتا بمعنى أن يبدأ وينتهي في فترة وجيزة من الزمن كالانفجار أو السقوط أو الحريق أو التصادم.
  3. أن يكون الحادث على علاقة بالعمل: أي أن يقع بسبب العمل أو أثناء العمل حتى تكون أمام حادثة شغل، لابد من وجود علاقة بين الحادثة والشغل، وتحديد هل العلاقة قائمة بين الحادثة والشغل هي من المسائل الواقعية التي تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع، وقد أجمع الاجتهاد القضائي المغربي على أن الحادثة التي يتعرض لها الأجير، وهو في وقت مكان العمل بمثابة حادثة يحميها قانون الشغل أما إذا انعدمت علاقة التبعية بين العامل والمؤاجر بسبب توقف عقد الشغل نتيجة إضراب مثلا فلا يكون أمام حادثة عمل. وقد يصعب أحيانا تحديد هذه العلاقة فمن المكلف بإثبات هذه العلاقة؟ هل الأجير أم المؤاجر؟

    يتحمل المؤاجر الأضرار التي تقع للأجير من جراء الحادثة التي تقع بسبب الشغل فكل ضرر يحصل للأجير مباشرة عن هذه الحادثة هو مرتبط بها، وعلى المؤاجر أن يثبت خلاف ذلك.

    المطلب الثاني: ماهية حادثة الطريق

    إضافة إلى الحماية المقررة للأجير على الإصابات التي قد تحصل له في زمان ومكان الشغل، فقد قامت معظم التشريعات بتمديد نطاق هذه الحماية إلى حوادث الطريق فما المقصود بحادثة طريق (الفقرة الأولى) وما هي شروطها (فقرة ثانية)

    الفقرة الأولى: تعريف حادثة الطريق

    نص المشرع المغربي في الفصل 6 من ظهير 1963 على ما يلي: تعتبر حادثة للشغل الحادثة الطارئة على أحد العملة في مسافة الذهاب والإياب وهذا:

  4. بين محل الشغل ومحل إقامته الأصلية أو محل إقامة ثانوية تكتسي صفة ذاتية أو أي محل آخر يتوجه إليه العامل بصفة اعتيادية لأسباب عائلية.
  5. بين محل الشغل والمحل الذي يتناول فيه العامل طعامه بصفة اعتيادية، سواء كان طعام الفطور أو طعام العشاء ولو كان يتناوله عادة عند أحد الأقارب أو الأفراد.
  6. بين المحل الذي يتناول فيه العامل اعتياديا طعامه ومحل إقامته ولا تعتبر هذه المماثلة إلا بقدر ما لم يكن المرور قد انقطع أو انحرف لسبب فرضته مصلحة العامل الشخصية والأجنبية عن الحاجيات الجوهرية للحياة العادية أو الخارجة عن العمل.
  7. ويلاحظ من خلال الفصل السادس أعلاه أن المشرع المغربي لم يعرف حادثة الطريق وإنما اقتصر فقط على إلحاقها بحادثة الشغل من حيث الأحكام والمسطرة والآثار ثم عمل كذلك على تحديد الأماكن التي يكون فيها الأجير خاضعا لحماية ظهير 6 فبراير 1963، وبالرجوع إلى بعض الفقه نجده يعرف حادثة الطريق بأنها” الإصابة بمعناها التقليدي المتمثل في المساس بجسم الأجير، نتيجة فعل مباغت خلال السير في الطريق الطبيعي للعمل كما حدده المشرع بدون انقطاع أو انحراف، اللهم إلا إذا كان ذلك الأسباب تقتضيها الحاجيات الجوهرية للحياة العادية أو تقتضيها ظروف الشغل فالإصابة في ظل هذه الشروط. وما ينجم عنها من عجز مؤقت أو عجز دائم أو وفاة تعتبر حادثة طريق مشمولة بمقتضيات ظهير 6 فبراير 1963 أيا كان سببها حتى لو كان نتيجة قوة قاهرة أو خطأ الغير أو خطأ الأجير نفسه.

    أما التشريع الفرنسي فقد اعتبر بدوره حادثة الطريق حادثة شغل لاعتبارات إنسانية أهمها حماية العامل ضد حوادث السير التي تزداد خطورتها يوما بعد يوم.

    الفقرة الثانية: شروط حادثة الطريق

    اشترط القانون الفرنسي معيارين، يتحددان بعنصري المكان والزمان، فمن ناحية المكان فإن طريق العمل يقع بين نقطتين، جهة العمل كنقطة أولى أما النقطة الثانية فهي إما مقر إقامة المصاب، أو أي مكان آخر يستقر فيه، وإما المطعم أو المكان الذي يتناول فيه طعامه، فالحادثة التي تحدث للعامل بين النقطتين تعتبر حادثة الطريق يتم التعويض عنها.

    أما بالنسبة لمعيار الزمان، فيتحدد بالطريق الذي يمر به العامل أثناء فترة الذهاب إلى العمل أو العودة منه، فوقوع الحادثة على نفس الطريق ولكن في أثناء الذهاب إلى زيارة شخصية، يجعل من الحادث عاديا.

    أما بالنسبة للمشرع المغربي فالفصل 6 من ظهير 1963 جاء مطابقا لنص المادة 1/415 من قانون التأمين الاجتماعي الفرنسي، إذ يتحدد طريق العمل بمعيار مكاني، يسمى بنقطة الانطلاق والوصول كشرط أول هذه النقط التي ينتقل منها وإليها العامل على سبيل الحصر وذلك أثناء التنقل ذهابا وإيابا بين هذه النقط جميعا وعلى العامل الذي تعرض للحادثة بين مسافة الذهاب والإياب من مقر عمله لمحل ثانوي أو عرضي أن يثبت صفة الاعتياد وهذه الصفة تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع، مما يفيد بأن القانون المغربي يأخذ مثله مثل القانون الفرنسي إضافة إلى المعيار المكاني بالمعيار الزماني، إذ لابد أن يقع الحادث خلال الفترة الزمنية المناسبة للذهاب إلى العمل أو العودة منه، بشرط عدم الانحراف في المرور ما لم يكن مضطر لذلك تحت ظل الظروف المحيطة به، وعموما يمكن القول إنه لتحقق حادثة الطريق في التشريع المغربي لابد من توافر الشروط التالية:

  • يجب أن تقع الحادثة في مكان من الأمكنة التي حددها المشرع على سبيل الحصر في الفصل 6.
  • يجب عدم انحراف الأجير من هذه الأمكنة لأسباب اقتضتها مصلحته الشخصية.
  • يجب أن تقع الحادثة في الوقت العادي للتنقل بين مختلف الأمكنة التي ورد تعدادها في الفصل 6.

    المبحث الثاني

    مفهوم المرض المهني

    إن ظهير 31 ماي 1943 بالإضافة إلى مختلف النصوص الأخرى المتممة أو المعدلة له، أو تلك التي تبين كيفية تطبيقه، هو الذي يحدد الوقائع التي تعد أمراضا مهنية، بنص في القانون، يستفيد المصاب بها من مختلف التعويضات التي يقررها ظهير 6 فبراير 1963، بالنسبة لحوادث الشغل عموما. لذلك سنحاول من خلال هذا المبحث التطرق لمفهوم المرض المهني (المطلب الأول) على أن نعالج شروط هذا المرض المهني (المطلب الثاني).

    المطلب الأول: ماهية المرض المهني

    لتناول هذا المطلب نتعرض أولا لتحديد تعريف لمفهوم المرض المهني الموجب للتعويض في إطار ظهير حوادث الشغل والأمراض المهنية (الفقرة الأولى) على أن نتطرق لمختلف أنواعه (الفقرة الثانية).

    الفقرة الأولى: تعريف المرض المهني

    يجمع الفقه على أنه من الصعوبة وضع تعريف دقيق جامع ومانع لمفهوم المرض المهني، باعتباره ظاهرة متعددة الأسباب ومتنوعة الأوجه والأعراض، لذلك نلاحظ أن المشرع المغربي لم يعرف المرض المهني وإنما أشار في الفصل الثاني من ظهير 31 ماي 1943 إلى ما يلي: تعتبر كأمراض مهنية حسب معنى ظهيرنا الشريف هذا كل العلل المؤلمة والأمراض المتسببة عن الجراثيم التعفنية.

    وكذا الأمراض المبينة في قرار وزير الشغل والشؤون الاجتماعية المتخذة بعد استشارة وزير الصحة العمومية.

    ويشمل هذا القرار على جداول تبين ما يلي:

  1. مظاهر أمراض التسمم الحادة أو المزمنة التي تتجلى في العملة، المعرضين عادة لعوامل مواد سامة بسبب إنجاز أشغال تتطلب ممارسة أو استخدام عناصر سامة قد أشير في القرار على سبيل الإشارة إلى أهم تلك العناصر.
  2. الأمراض المتسببة عن الجراثيم التعفنية التي تداهم من يشتغل عادة بالأعمال المبينة في الجدول المشار إليه أعلاه.
  3. الأمراض الناجمة عن الوسط الذي يوجد فيه العامل أو عن الوضعيات التي يلزمه اتخاذها لإنجاز شغل من الأشغال المبينة بنفس الجدول…

    وهكذا فالمشرع المغربي لم يعرف المرض المهني وإنما قام بتحديد بعض الأمراض التي أعطاها الصفة المهنية كما قام كذلك بتحديد الأعمال والمواد التي من شأنها أن تسبب هذه الأمراض.

    الفقرة الثانية: أنواع المرض المهني

    يتضح من خلال مقتضيات ظهير 31 ماي 1943 كما وقع تغييره وتتميمه، أن المشرع المغربي يقسم الأمراض المهنية إلى ثلاثة أنواع:

  4. أمراض التسمم الحادة أو المزمنة

    وهي أمراض التسمم الحادة أو المزمنة والتي تظهر لدى العمال الذين يستخدمون خلال نشاطهم المهني مواد سامة، ورد النص عليها على سبيل المثال لا الحصر بحيث يكفي أن يكون العامل المصاب الذي يطالب بالتعويض قد اشتغل في هذا النوع من المواد مدة المسؤولية، لكي يعتبر مرضه مرض مهني وإذا كانت المواد السامة التي تسبب الأمراض قد وردت على سبيل المثال فإن الأمراض المرتبطة بها قد وردت على سبيل الحصر.

  5. أمراض التعفن الناتجة عن بعض الجراثيم

    ومن ذلك الكزاز المهني والجمرة الخبيثة وكذلك الأمراض التي يسببها الستيرتيوميسين والبليسيلين ومشتقاتها والآفات التي تلحق بالعيون نتيجة الالتهابات الناتجة عن استخدام الفلوريد المضاعف للغلوسينيوم والصوديوم وغيرها من الأمراض.

  6. الأمراض المهنية الناجمة عن الوسط المهني

    وهي أمراض ناتجة عن المحيط الذي يشتغل فيه المصاب أو الوضعيات التي يتخذها أثناء اشتغاله لإنجاز عمل من الأعمال المشار إليها في القوائم المتعلقة بهذا القسم فمثلا فإن الأشغال في مكان يكثر فيه الضجيج يؤدي إلى ضعف في حاسة السمع والاشتغال في مكان شديد الرطوبة يؤدي للإصابة بالروماتيزم.

    المطلب الثاني: شروط المرض المهني وتميزه عن حادثة الشغل

    لكي يكيف المرض الذي قد يصاب به الأجير بسبب نشاطه المهني بأنه مرض مهني لابد وأن يستجمع الشروط التي تتطلبها المقتضيات القانونية (الفقرة الثانية) هذه الشروط التي تساعد على التميز بين المرض المهني وحادثة الشغل (الفقرة الأولى)

    الفقرة الأولى: تميز المرض المهني عن حادثة الشغل

    لتميز المرض المهني عن حادثة الشغل لابد من الإشارة إلى أن كليهما يخضعان لمقتضيات ظهير 6 فبراير 1963 ويعتبر كل منهما إصابة شغل خاضع للتعويض بدون إثبات خطأ في جانب المشغل ويشتركان في السبب، وهو النشاط المهني الممارس من طرف الأجير، كما يشتركان في أن كلا منهما يخول الأجير المصاب الحق في العلاج والرعاية الطبية وكذلك الحق في التعويض أو في الإيراد حسب طبيعة العجز الناجم عنهما، كما أن بينهما اختلافات جوهرية فحادث شغل يعتبر مباغتا ومفاجئا ويعرف وقت ومكان حدوثه والضرر الناجم عنه فور حصول الإصابة، وذلك على خلاف المرض المهني الذي تكون الإصابة فيه بطيئة وتتطور تدريجيا ولا تظهر إلا بعد حين هذا من جهة ومن جهة ثانية، فإن أي إصابة تلحق الأجير أثناء العمل أو بسببه تعتبر حادثة شغل كيفما كان سببها حتى ولو كانت ناتجة عن قوة قاهرة في حين أن إصابة الأجير بسبب نشاط مهني عرض ما، فإن هذا الأخير لا يوصف بالمرض المهني إلا إذا توفرت فيه الشروط المتطلبة قانونا.

    ومن هنا تأتي أهمية التميز بين الإصابتين فحادثة الشغل إلى حد ما يسهل على الأجير إثباتها حيث يكفيه إثبات إصابته في زمان ومكان الشغل ليتم إسناد الإصابة إلى العمل وتكييفها حادثة شغل أما بالنسبة للمرض المهني، فيجب على الأجير المصاب إثبات شروطه كما يحددها القانون للاستفادة من التعويض عنها.

    الفقرة الثانية: شروط المرض المهني

    لكي نكون أمام مرض مهني يلزم تحقق الشروط التالية:

  7. يجب على المصاب أن يثبت أنه مصاب بإحدى الأمراض الوارد تعدادها في اللوائح الملحقة بظهير 31 ماي 1943 وقد كان عدد القوائم التي تصنف الأمراض المهنية عند بداية العمل بهذا الظهير هو ثمانية عشر قائمة أدخلت عليها عدة تعديلات زادت في عدد الأمراض المهنية وحسب التعديل الأخير بواسطة القرار رقم 1999، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4788 بتاريخ 20 أبريل 2000 فإن عدد القوائم قد وصل إلى 86 قائمة.
  8. العمل بانتظام في المجال المسبب للمرض المهني وهذه مسألة تدخل في إطار السلطة التقديرية لقاضي الموضوع الذي تقع عليه مهمة تحديد ما إذا كان الأجير قد عمل فعلا بانتظام أو لا في المجال المسبب للمرض.
  9. مدة المسؤولية، هنا يقع على عاتق الأجير إثبات أن مسؤولية المشغل لم تنته بعد بمعنى أنه لم تنصرم المدة القانونية التي يكون فيها المشغل مسؤولا عن ظهور المرض المهني.

    الفصل الأول

    المساطر المتبعة في ظهير 1963

     

    يتميز ظهير 6 فبراير 1963 الخاص بحوادث الشغل والأمراض المهنية بهيمنة الطابع الإجرائي عليه ذلك أنه تسبق مرحلة التقاضي من أجل المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي تسبب حادثة شغل أو مرض مهني مرحلة إدارية تعرف بالمسطرة الإدارية (مبحث أول) وهي عبارة عن إجراءات ودية تهدف إلى تمكين الأجير أو ذويه في حالة وفاته من تعويض أو إيراد.

    وبعد الانتهاء من كافة الإجراءات المسطرية المتعلقة بالمرحلة الإدارية يبدأ مرحلة جديدة أكثر أهمية وتعقيدا من سابقتها وهي المرحلة القضائية (المبحث الثاني) حيث يتقرر فيها مدى استحقاق الأجير المصاب للتعويض.

     

    المبحث الأول

    المسطرة الإدارية

     

    يعتبر منطلق هذه المسطرة ذات الطابع الإداري هو التصريح وهو كما عرفه بعض الفقه بأنه تصرف قانوني إرادي عن طريقه يتم الإعلان عن إصابة العامل في واقعة تخضع لمقتضيات ظهير 6 فبراير 1963 والذي يختلف بين حادثة شغل والمرض المهني وفق كيفيات معينة وآجال محددة ( المطلب الأول) وإذا كان عدم التصريح إلى الجهات المخصصة داخل الآجال (المطلب الثاني) يرتب جزاء عن عدم القيام به جزء عن القيام به.

     

    المطلب الأول: التصريح بحادثي الشغل والمرض المهني وشكلياته

    لمعالجة التصريح بحادثي الشغل والمرض المهني وآجال هذا التصريح نقسم هذا المطلب إلى فقرتين تناول في (الفقرة الأولى) التصريح بحادثة الشغل والمرض المهني على أن نخصص (الفقرة الثانية) لآجال التصريح.

    الفقرة الأولى: التصريح بحادثي الشغل والمرض المهني

    سنحاول من خلال هذه الفقرة التطرق للتصريح بحادثة الشغل (أولا) ثم بعد ذلك إلى التصريح بالمرض المهني (ثانيا)

    أولا : التصريح بحادثة الشغل

    يعتبر التصريح بحادثة الشغل وحادثة الطريق أول إجراء يلتزم الأجير المصاب أو من ينوب عنه أو ذوو حقوقه في حالة وفاته، أو المشغل أو من ينوب عنه القيام به، والتصريح تصرف قانوني نظم المشرع أحكامه في الفصلين 14 و15 من ظهير 6 فبراير 1963. وبالرجوع إلى المقتضيات المضمنة بهذه الفصول نجدها تميز بين نوعين من التصريح

  10. تصريح الأجير المصاب أو نائبه أو ذوي حقوقه بالحادثة

    نص الفصل 14 من ظهير 6 فبراير 1963 على أنه يجب على المصاب بحادثة شغل أن يخبر بها المؤاجر أو أحد مأموريه أو أن يعمل على إخباره بها.

    ويستوي في ذلك أن يكون الإخبار شفويا أو برسالة مكتوبة وموقع عليها من طرف الأجير أو نائبه أو ذوو حقوقه، بعد وفاته كما يستوي كذلك أن يكون الإخبار للمشغل شخصيا أو لمن ينوب عنه في الإدارة والتسيير( كرئيس الورش أو المسؤول عن المكلف بالتسيير) مقابل وصل ويتم الإخبار في يوم وقوع الحادثة أو خلال 24 ساعة الموالية على أبعد تقدير ما لم تحل دون ذلك قوة قاهرة أو استحالة مطلقة ناتجة عن أسباب مشروعة للأجير، وحماية للأجير المصاب بالحادثة أو ذوي حقوقه من كل إنكار محتمل من طرف المشغل أو تلكؤ من الإقرار بوقوع الحادثة أو عدم التصريح بها لدى الجهة المختصة فقد أجاز المشرع بمقتضى الفصل 15 من ظهير 6 فبراير 1963 للأجير أو ممثله بتقديم تصريح مباشر إلى الجهة المختصة وذلك في غضون سنتين متواليتين لوقوع الحادثة.

  11. تصريح المؤاجر أو مأموره بالحادثة

    استنادا إلى مقتضيات الفصل 14 من ظهير 6 فبراير 1963 يكون المؤاجر أو مأموره ملزما بمجرد علمه بوقوع حادثة شغل لأحد الأجراء سواء داخل المقاولة أو خارجها (متى كان بصدد تنفيذ أوامره) أو حادثة طريق بالتصريح بها لدى الجهة المختصة وذلك في غضون 48 ساعة الموالية لتاريخ إعلامه بالحادثة أو اطلاعه عليها باستثناء حالة وقوع الحادثة في يوم الأحد أو أيام العطل الرسمية حين يتم تمديد هذا الأجل إلى حين انتهاء العطلة، إلا أن السؤال الذي يطرح في هذا الصدد هو في الحالة التي يتأخر فيها المؤاجر أو المأمور عن التصريح بالحادثة خلال 48 ساعة الموالية لوقوعها، فالفقه المغربي وضمانا لحق الأجير المصاب وذوي حقوقه بعد وفاته يرى بأن عدم إقدام المؤاجر أو مأموره على التصريح بالحادثة خلال الأجل بسبب عدم إطلاعه أو عدم إخباره لا يعفيه من تحمل المسؤولية عنها كما لا يرتب سقوط حق الأجير أو ذوي حقوقه بالمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم.

    ثانيا: التصريح بالمرض المهني

    باستقراء مقتضيات الفصل 6 من ظهير 31 ماي 1943 والفصل 7 من نفس الظهير، يتضح أن التصريح بالمرض المهني إما أن يقع من طرف الأجير المصاب وإما من طرف الطبيب المعالج.

  12. تصريح الأجير بالمرض المهني

    أوجب المشرع المغربي على الأجير المصاب بالمرض مهني، التصريح بهذا المرض خلال مدة 15 يوما الموالية لتاريخ توقفه عن الشغل، ويجب أن يكون هذا التصريح مدعما ومثبتا بشهادة طبية تبين نوع المرض القانوني، وفي هذا الإطار جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 21 شتنبر تحت عدد 456 ” إن الأمراض المهنية موضوع ظهير 31 ماي 1943 وقرار 20 ماي 1967 ليست مذكورة على سبيل الحصر بل على سبيل الإرشاد وإن على الطبيب المعالج أن يقدم تصريحا بالمرض المهني أو المطلوب أنه كذلك الذي عاينه على أحد العمال سواء أكان ذلك المرض مبنيا أو غير مبين في الجدول. ويعتبر التاريخ الوارد بالشهادة الطبية المرفقة بالتصريح بمثابة تاريخ بداية المرض حالة الوفاة بمرض مهني قبل التصريح بوجود هذا المرض فإن تاريخ الوفاة يعتبر بمثابة معاينة المرض.

  13. تصريح الطبيب بالمرض المهني

    بالنظر للطبيعة الآمرة لقواعد ومقتضيات ظهير حوادث الشغل والأمراض المهنية وضمانا لحقوق المصابين بها ألزم المشرع في الفصل التاسع الطبيب المزاول لمهنة الطب أن يقدم تصريحا بكل مرض مهني أو الذي يظنه مهنيا والذي عاينه في أحد الأجراء سواء أكان ذلك المرض مبينا في الجداول الملحقة بالفصل الثاني من الظهير أم لا.

    ويتعين عليه أن يحدد في تصريحه بدقة نوع المرض وأسبابه وطبيعة المواد المحدثة له ومهنة الأجير المصاب به.

    الفقرة الثانية: شكليات التصريح بحادثة الشغل والمرض المهني وآجاله

    تختلف شكليات التصريح بحسب ما إذا تعلق الأمر بحادثة الشغل وضمنها حادثة الطريق (أولا) وما إذا تعلق الأمر بالتصريح بالمرض المهني (ثانيا).

     

     

     

    أولا: شكليات التصريح بحادثة شغل وآجاله

    طبقا لمقتضيات الفصل 17 من ظهير 1963 يتعين على الأجير المصاب بحادثة شغل أو الطريق أو من ينوب عنه أو ذوو حقوقه في حالة وفاته أن يتقدم بتصريح بالحادثة وفق الكيفيات الواردة في قرار الوزير المنتدب في الشغل والشؤون الاجتماعية.

    ويضمن هذا التصريح في مطبوع معد لذلك وفق نموذج خاص ويسلم أو يرسل إلى الجهة المختصة بتلقي ذلك التصريح مقابل وصل وذلك في غضون السنتين المواليتين لتاريخ وقوع الحادثة تحت طائلة سقوط حق الأجير بسبب التقادم إعمالا لمقتضيات الفصل 15 من ظهير 6 فبراير 1963. أما بخصوص التصريح الذي يقوم به المؤاجر فإنه لا يختلف عن ذلك الذي يقوم به الأجير المصاب أو من ينوب عنه أو من طرف أحد مأموريه، إذ يجب أن يتضمن نفس البيانات المطلوبة في تصريح الأجير المثارة إليها، ويسلمه إلى الجهة المختصة بتلقي التصريح مقابل وصل وذلك في غضون 48 ساعة الموالية لتاريخ إعلامه بوقوع الحادثة.

    ثانيا: شكليات التصريح بالمرض المهني وآجاله

    نظرا لطبيعة المرض المهني وتمييزه عن حادثة الشغل أو الطريق فقد أفرد له المشرع المغربي أحكاما خاصة بشأن شكليات التصريح وآجاله بمقتضى ظهير 31 ماي 1943. بحيث يجب أن يتضمن هذا التصريح تحديد نوع المرض وطبيعته وما إذا كان مهنيا بنص القانون أم لا وأعراضه والمواد المسببة له، واسم المشغل المسؤول عن تعويضه أو مؤمنه، ومدى العجز إذا كان هناك عقد تأمين، ومدة العجز المحتملة وما إذا كان الأجير متوقفا عن أداء الشغل أو مزاولا له ويرفق هذا التصريح بشهادة طبية يحررها الطبيب المعالج وفق نموذج خاص ويسلم إلى الجهة المختصة بتلقي التصريح في غضون الخمسة عشر يوما الموالية لتاريخ التوقف عن أداء الشغل.

    وفي هذا الإطار نورد قرار لمجلس الأعلى جاء فيه” لكن حيث أنه إذا كانت نصوص حوادث الشغل والأمراض المهنية نصوص آمر لا يمكن مخالفتها، فإنه بالرجوع إلى الفصل 6 المشار إليه أعلاه، يلغى أنه ينص على أن التصريح يقدم داخل 15 يوما التالية للتوقف عن العمل، أي عندما يكون المرض المهني هو السبب في التوقف عن العمل، بخلاف حالة المطلوب في النقض، فإنه أحيل على التقاعد قبل اكتشاف مرضه المهني، ولذلك فإن أجل 15 يوما لا ينطبق عليه وهذا التحليل القانوني يقوم مقام العلة المنتقدة من طرف الطاعنة، وبذلك فالوسيلة لا ترتكز على أساس”.

    كما نص المشرع في الفصل التاسع من ظهير 31 ماي 1943 على أن التصريح الذي يقدمه الطبيب المعالج يجب أن يشير فيه إشارة دقيقة إلى نوع المرض ونوع المادة السامة التي سببته ومهنة المصاب به، وعليه أن يشير كذلك في تصريحه إلى مدى مطابقة هذا المرض لما هو منصوص عليه في الجداول الملحقة بالفصل الثاني من الظهير أم لا.

    المطلب الثاني: الجهة المختصة بتلقي التصريح وجزاء عدم تقديمه

    لقد أوجب المشرع المغربي من خلال ظهير 6/2/1963 أن يكون التصريح حادثة الشغل أو المرض المهني لدى جهات معينة حددها على سبيل الحصر (الفقرة الأولى) كما رتب على عدم القيام بالتصريح داخل الآجال أو على عدم توجيهه إلى الجهات المختصة بعض الجزاءات بالنسبة للمؤاجر ويبقى الأجير الذي قام بالتصريح بمنأى عن هذه الجزاءات لكون المسطرة الإدارية وضعت أساسا لحمايته (الفقرة الثانية).

     

    الفقرة الأولى: الجهة المختصة بتلقي التصريح

    لقد حددت الفصول 14 و15 من ظهير 6 فبراير 1963 و 6 من ظهير 31 ماي 1943 الشكليات التي وفقها يتم التصريح بحادثة شغل أو المرض المهني، حيث يجب تسليمه مباشرة أو إرساله عن طريق البريد المضمون إلى إحدى الجهات الإدارية المخول لها قانونا تلقي التصريح، ويمكن تحديدها في :

  14. السلطة البلدية؛
  15. السلطة المحلية؛
  16. رئيس الدرك؛
  17. رئيس مركز الشرطة بالمركز، الذي وقعت فيه الحادثة؛
  18. سلطة المراقبة المحلية للمكان الموجود فيه المؤسسة التي قام فيها المريض بأشغال من شأنها أن تكون قد سبب له حدوث المرض.

    وتقع على الجهة التي تلقت التصريح بالحادثة أو المرض مجموعة من الالتزامات أهمها:

  • وجوب القيام بتحرير محضر بالتصريح الذي تسلمته متضمنا لمختلف تفاصيل الحادثة، ثم بعد ذلك تقوم بإخبار العون المكلف بتفتيش الشغل في المؤسسة التي يشتغل فيها الأجير وأن تطلعه أيضا على العواقب النهائية الناجمة عن الحادثة خلال 24 ساعة من إيداع الشهادة الطبية لديها.
  • ويتعين على الجهة الإدارية التي تلقت التصريح بالمرض المهني أن توجه ذلك التصريح ونظير من الشهادة الطبية داخل أجل 48 ساعة إلى كل من المشغل الذي اشتغل الأجير لديه آخر مرة وإلى العون المكلف بتفتيش الشغل؛
  • تقوم هذه الجهات بتوجيه الملف كاملا التصريح والشهادة الطبية إلى المحكمة الابتدائية التي وقعت بدائرتها الحادثة خلال أجل أقصاه 15 يوما من التصريح.

    الفقرة الثانية: جزاء عدم تقديم التصريح

    إن الإخلال بالمسطرة الإدارية في حوادث الشغل والأمراض المهنية يرتب آثارا تختلف بالنسبة للأجير عن المشغل.

    أولا : بالنسبة للأجير

    الأصل أن المقتضيات المضمنة بظهير 6 فبراير 1963وضعت أساسا لحماية الأجير المصاب وذوي حقوقه ومن غير المستساغ أن تنقلب هذه الحماية في حالة عدم احترام بعض الإجراءات الشكلية (كالتصريح أو الأجل) على حرمان الأجير من الاستفادة من الحقوق والامتيازات المخولة له بنص القانون.

    لكن حيث إن من المبادئ العامة أن لكل حق أجل يسقط بانتهائه” ضمانا لاستقرار المعاملات، فإن الأجير المصاب بحادثة الشغل ملزم بالتصريح خلال أجل السنتين المواليتين لوقوع الحادثة تحت طائلة سقوط حقه في التعويض بالتقادم، إعمالا لمقتضيات الفصل 15 من ظهير 6 فبراير 1963.

    وحماية لمصالح الأجير غير المصرح بالحادثة أو ذوي حقوقه أوجب المشرع بمقتضى الفصل 177 من الظهير إدخال” صندوق الزيادة في إيرادات حوادث الشغل” قصد أداء منحة له تحل محل الإيراد غير الممنوح له بسبب التقادم. هذا فيما يخص بجزاء عدم التصريح بحادثة الشغل، أما جزاء عدم تصريح الأجير بالمرض المهني فإنه بالرجوع إلى الفصل الثالث من ظهير 31 ماي 1943 نجده يحدد أجل سنتين اثنتين كأجل للتقادم المسقط لحق المريض أو ذوو حقوقه في المطالبة بالأجور والتعويضات المقررة للأجير وقد ترفع هذه المدة مؤقتا إلى أربع سنوات.

    وعليه فإن الأجير المصاب بالمرض المهني أو ذوو حقوقه بعد وفاته من جراء ذلك المرض ملزمون بالتصريح بهذا المرض خلال الأجل المحدد في الفصل الثالث أعلاه تحت طائلة سقوط حقهم في التعويض بسبب التقادم.

    ثانيا: بالنسبة للمشغل

    إن إخلال المشغل أو من يمثله بإجراءات المسطرة الإدارية المنصوص عليها في الفصول 14 إلى غاية الفصل 28 من الظهير المؤرخ في 6/2/1963 المتمثلة في التصريح بالحادثة وإيداع الشهادة الطبية الخاصة بالأجير يجعله عرضة لعقوبة مالية تتمثل في الغرامة وذلك حسب ما نص عليه الفصل 352 من ظهير 6 فبراير 1963.

    ومما يلاحظ على هذه العقوبات أنها لم تعد تساير الحماية الاجتماعية التي تقررها الاتفاقيات الدولية وقانون الشغل الدولي للأجير، ورغم أن المشرع المغربي تدخل حديثا، بموجب قانون 01-18 الصادر بتاريخ 23/7/2002 المعدل والمتمم لظهير 6/2/1963 فإنه لم يقرر عقوبات أكثر شدة على المشغلين عند عدم احترامهم لهذه الإجراءات الإدارية بالنظر لمدى خطورة حوادث الشغل والأمراض المهنية على صحة الأجراء وحياتهم، وما تكتسبه تلك الإجراءات الإدارية من أهمية على مصالح وحقوق الأجراء.

    ومادام أنه يجب على المشغل أو مأموره التصريح بكل حادثة اطلع عليها،فإن عدم التصريح بالحادثة من طرفه في الأجل المحدد قانونا لا يؤدي إلى سقوط حق الأجير في المطالبة بحقوقه، مادام أن دعوى المطالبة لم يلحقها التقادم المنصوص عليه في الفصل 272 من ظهير 4/2/1963.

    وفي هذا الإطار جاء في قرار للغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) رقم 464 أنه ” لكن حيث أن عدم التصريح بالحادثة من طرف المشغل في الأجل المحدد في الفصل 14 من ظهير 6/2/1963 لا يؤدي إلى سقوط حق الأجير في المطالبة بحقوقه، مادام أن دعوى المطالبة لم يلحقها التقادم المنصوص عليه في الفصل 272 من نفس الظهير…”.

    المبحث الثاني

    المسطرة القضائية

    بعد استكمال إجراءات المسطرة الإدارية التي تنتهي بإحالة ملف الحادثة أو المرض المهني على المحكمة المختصة وفقا للشكليات المتطلبة قانونا تبدأ مرحلة التقاضي بتقديم مقال افتتاحي للمطالبة بالتعويض عن الضرر الناتج عن الشغل في مواجهة المشغل، وهذه الحقوق تتمثل في العلاج والرعاية الطبية وتعويض الأجراء والإيراد، فما هي الإجراءات المسطرية لمرحلة ما قبل الحكم (المطلب الأول) وما هي خصوصيات مرحلة الحكم (المطلب الثاني).

    المطلب الأول: الإجراءات المسطرية لمرحلة ما قبل الحكم

    سنتطرق في هذا المطلب للنقطة المتعلقة بالاختصاص القضائي في دعاوى التعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية وتقادم هذه الدعاوى (الفقرة الأولى) لنخصص (الفقرة الثانية) لإجراءات التحقيق التي خول المشرع للقاضي إمكانية القيام بها لجعل القضية جاهزة للبت فيها.

    الفقرة الأولى: المحكمة المختصة وتقادم دعوى التعويض

    أولا: المحكمة المختصة

    نص الفصل 269 من قانون المسطرة المدنية على أنه ” تختص المحكمة الابتدائية بالنظر في القضايا الاجتماعية طبقا لما أشير إليه في الفصلين 18 و20″ وبالرجوع إلى الفقرة الثانية من الفصل 20 من قانون المسطرة المدنية نجدها تنص على أنه” تختص المحاكم الابتدائية في القضايا الاجتماعية بالنظر في:

  1. التعويض عن الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية طبقا للتشريع الجاري به العمل”

    وعليه فإن المحكمة الابتدائية هي المختصة في البث دعاوى حوادث الشغل والأمراض المهنية دائما بصفة ابتدائية، باستثناء النزاعات الناشئة عن تطبيق الغرامات التمهيدية المقررة في التشريع الخاص بهذه الدعاوى التي تكون الأحكام الصادرة في إطارها انتهائية غير قابلة للاستئناف هذا من حيث الاختصاص النوعي، أما من حيث الاختصاص المكاني فإن المحكمة المختصة هي التي وقعت الحادثة في دائرة نفوذها الترابي أو تتواجد بها المؤسسة أو المستودع الذي ينتمي إليه الضحية، أو محكمة الدائرة التي وقعت فيها الحادثة، بطلب من المصاب أو ذوي حقوقه إذا وقعت الحادثة بالمغرب، وخارج الدائرة الموجودة بها المؤسسة أو المستودع الذي ينتمي إليه الضحية.

    ثانيا: تقادم دعوى التعويض

    تعرض المشرع المغربي لتقادم دعاوى التعويض الناتجة عن حادثة شغل أو حادثة طريق أو مرض مهني في ظهير 6/2/1963 ضمن القسم العاشر من الفصل 269 إلى غاية الفصل 275.

    والتقادم كما هو معلوم ليس من النظام العام تطبيقا لمقتضيات الفصل حيث ليس للمحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها بل لابد لمن له مصلحة فيه أن يثيره كما لا يمكن إثارته أمام محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) ولو مرة واحدة.

    والتقادم بالنسبة لظهير 1963 هو تقادم الحق المستحق بالنسبة لحادثة الشغل أو المرض المهني وسقوط الحق بالنسبة للإيراد التكميلي. وسنحاول من خلال الجدول التالي التطرق لآجال التقادم وحالاته والتي عيب على المشرع عدم توحيده لها وتعقيد إجراءاتها

    الفقرة الثانية: إجراءات التحقيق

    أولا: آجال البحث وأهدافه

    بالرجوع إلى مقتضيات نص الفصل 29 من ظهير 06/02/1963 نجده يلزم القاضي بالقيام بإجراءات البحث في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية على عكس ما يقع في القضايا العادية التي يكون فيها البحث اختياريا. وعليه، فإن المشرع ألزم القاضي بالقيام بالبحث في الحالتين التاليتين:

    الحالة الأولى: إذا توفي الأجير

    الحالة الثانية: إذا ظهر أن الجرح قد يؤدي إلى الوفاة أو العجز الدائم عن الشغل كليا أو جزئيا يعد الاطلاع على الشهادة الطبية المدلى بها فيها بعد إلى المحكمة من طرف المصاب أو ذوي حقوقه.

    ومع ذلك تبقى للقاضي السلطة التقديرية للقيام بالبحث في غير الحالات السابقة إذا رأى ضرورة تسليط الضوء على بعض العناصر التي من شأنها مساعدته أثناء البحث في جوهر النزاع المعروض عليه. أما بالنسبة لأجل البحث فإنه برجوعنا إلى مقتضيات الفصل 30 من ظهير 1963 فقد نص عليه المشرع في الفصل 30 من ظهير 1963 في ظرف الخمسة أيام الموالية لتاريخ استلام الملف ثم ثمانية أيام إذا تعلق الأمر بحادثة شغل في إحدى مؤسسات الاستغلال الغابوية والفلاحية يبتدئ من تاريخ توصلها بملف الحادثة.

    ثانيا : إنهاء البحث

    بعد انتهاء البحث القضائي يقوم القاضي بإشعار الأطراف المعنية بذلك ويضع رهن إشارتهم النسخة الأصلية للبحث ليتأتى لهم الاطلاع عليها، وطلب نسخة منها داخل أجل 05 أيام، وقد ذهب المشرع إلى أكثر من ذلك حينما ألزم القاضي بضرورة إنهاء البحث في أقرب وقت وذلك في العشرين يوما الموالية لتلقي التصريح بالحادثة أو المرض ولا يمكن تجاوز هذا الآجال إلا في الاستحالة المادية المثبتة قانونا في المحضر، أما في الحالة التي يتعلق فيها الأمر بحادثة شغل أو بالمرض المهني في الاستغلالات الفلاحية والغابوية فإنه على القاضي المكلف بالبحث في ظرف 25 يوما الموالية لتلقي التصريح بالحادثة أو المرض المهني.

    المطلب الثاني: مرحلتا الحكم والصلح

    بعد انتهاء البحث وقبل صدور الحكم الفاصل في جوهر النزاع أقر المشرع مرحلة توفيقية تهدف إلى إجراء محاولة الصلح أو التصالح بين الطرفين (الفقرة الأولى) وبعد انتهاء الإجراءات التمهيدية للدعوى تأتي مرحلة إصدار الحكم في القضية (الفقرة الثانية).

    الفقرة الأولى: مرحلة الصلح

    بعد الانتهاء من إجراءات البحث وإدراج الملف بجلسة الصلح واستدعاء الأطراف لحضورها يباشر القاضي المكلف محاولة الصلح بينهم وهذا إجراء ضروري يتم في بداية الجلسة ويترتب عن إغفاله بطلان الحكم الصادر في القضية وخلال جلسة الصلح قد يتقدم المشغل أو مؤمنه بعروض مالية يعرضها القاضي على الأجير المصاب أو ذوو حقوقه وفي حالة الموافقة عليها يتم إصدار أمر التصالح وقد جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى تحت عدد 353 بتاريخ 23/9/1980 في الملف 83-8667 ” يتعين على القاضي أن يحاول في بداية جلسة الصلح التصالح بين المصاب أو ذوي حقوقه وبين المشغل أو مؤمنه وإلا كان حكمه باطلا في حالة الإخلال بهذا الإجراء الذي يعتبر من النظام العام” وبمجرد صدور الأمر بالتصالح وتوقيعه من قبل الأطراف يتم وضع حد للنزاع وينفذ بقوة القانون ويصبح حجة قاطعة عليهم لا يجوز لهم الطعن فيه بأي وجه.

    وإذا لم يوفق الأطراف في الوصول إلى اتفاق فإن القاضي المكلف يحرر محضرا بعدم المصالحة ويأمر الأجير أو من ينوب عنهم بتقديم مقال متضمن لمطالبه خلال أجل شهر واحد من تاريخ فشل محاولة الصلح ويحيل القضية على جلسة الحكم إعمالا لمقتضيات الفصل 279 من قانون المسطرة المدنية.

    الفقرة الثانية: مرحلة الحكم

    يحال ملف القضية المتعلقة بالتعويض في حوادث الشغل والأمراض المهنية على جلسة الحكم بعد فشل محاولة الصلح بين الأطراف، وهي جلسة علنية تعقدها المحكمة للنطق بالحكم المتخذ في النازلة.

    وبالرجوع إلى كل من الفقرة الثانية والثالثة من الفصل 279 ق م م نجد أن المشرع رتب على تغييب الأطراف نتائج مختلفة، وذلك حسب صفة المتغيب فإذا كان من طرف المدعي عليه، فإن المحكمة تبت بمقتضى حكم غيابي حسب الأحوال أما إذا تخلف عن الحضور المدعى بدون عذر مقبول فإنه كجزاء على ذلك يتم التشطيب على قضيته.

    ويتضمن الحكم الصادر في دعوى التعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية بالإضافة إلى مقتضيات الفصل 50 من ق م م التنصيص على إجراء محاولة الصلح وإلا كان الحكم باطلا، وفي حالة إجراء المحكمة لبحث يتعين أن يتضمن الحكم تاريخ الحادثة وتاريخ بداية الشروع في الانتفاع بالتعويض أو الإيراد وجميع العناصر المستعملة لتقدير التعويض أو الإيراد.

    وانطلاقا من مقتضيات الفصل 285 من قانون المسطرة المدنية فإن الحكم الصادر في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية يكون مشمولا بالتنفيذ المعجل بقوة القانون، بمعنى أن يتم تنفيذ الحكم رغم كل تعرض أو استئناف، كما أنه يتقرر عمليا ولو لم يطلبه ذوو المصلحة أو لم تشر إليه المحكمة في حكمها.

    الفصل الثاني

    الإيراد عن حوادث الشغل والأمراض المهنية

    عندما يتأكد القاضي المكلف بالفصل في الحادثة المعروضة عليه أنها ذات طابع مهني، سواء تعلق الأمر بحادثة الشغل أو بحادثة طريق أو بمرض مهني وجب عليه أن يرتب مختلف الآثار القانونية التي تستتبع ذلك التكييف وهي آثار تحكمها قواعد قانونية جد متميزة تتمثل وجوبا في إعمال القواعد الخاصة بمختلف النفقات والإيرادات المنصوص عليها في ظهير 6 فبراير 1963، وحماية للطبقة العاملة من عجز أرباب العمل من تنفيذ ما قد يترتب في ذمتهم من حقوق مالية للعمال في هذا المجال، تدخل المشرع بواسطة الظهير الشريف رقم 1.08.79، فألزم كل المؤاجرين الخاضعين لمقتضيات الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.78.84 بأن يبرموا عقود للتأمين تضمن أول النفقات والتعويضات والإيرادات المنصوص عليها في الظهير الشريف المتعلق بحوادث الشغل والأمراض المهنية.

    لكن لقي هذا القانون معارضة شديدة من طرف شركات التأمين والمقاولات هذا ما دفع بالمشرع إلى إدخال تعديلات جوهرية على الفصلين 89 و 330 من قانون 18.01 وذلك بواسطة القانون رقم 06.03 حيث خفض نسبيا من نسبة العجز المعتمدة في حساب الإيراد كما تراجع عن إجبارية التأمين عن الأمراض المهنية، سنحاول الاقتصار في هذا الفصل على الإرادات ولذلك فإن تناول هذا الفصل يقتضي منا تقسيمه إلى مبحثين نتطرق في الأول إلى الإيراد في حالتي العجز الدائم والوفاة، أما المبحث الثاني سنتطرق فيه إلى الإيراد التكميلي.

    المبحث الأول

    الإيراد في حالتي العجز الدائم والوفاة

    إذا وصلت حالة العامل المصاب إلى حالة العجز الدائم أو الوفاة، فإنه يتم استبدال التعويض اليومي إلى تعويض آخر وهو الإيراد، وهو ما سنتناوله على شكل مطلبين نخصص المطلب الأول للإيراد في حالة العجز الدائم على أن نتطرق فيمطلب ثاني إلى الإيراد في حالة الوفاة.

    المطلب الأول: الإيراد في حالة العجز الدائم

    سنقتصر في هذا المطلب على التطرق لكيفية تحديد نسبة العجز الدائم (الفقرة الأولى) ثم نعالج كيفية حساب الإيراد السنوي (الفقرة الثانية).

    الفقرة الأولى: تحديد نسبة العجز الدائم

    ينص الفصل 83 من ظهير 6 فبراير 1963 الذي وضع تغييره للمرة الثانية بمقتضى القانون رقم 06.03 على ما يلي:

    يساوي الإيراد الممنوح للمصاب بعجز دائم عن العمل الأجرة السنوية كما حددتها مقتضيات القسم الثالث من الباب الثالث من الجزء الرابع من هذا الظهير الشريف مضروبة في مقادير العجز المحدد كما يلي:

  • نصف مقدار العجز الدائم عن العمل عندما لا يتعدى هذا العجز أو يساوي 30%؛
  • 15% زائد الجزء الذي يتعدى زائد الجزء الذي يتعدى 30% مضاف إليه نصف هذا الجزء بالنسبة للعجز الدائم عن العمل ما بين 30% و 50%؛
  • 45% زائد الجزء الذي يتعدى 5%بالنسبة للعجز الدائم عن العمل يتجاوز 50% ، وسنقتصر في هذه الفقرة على تحديد مقدار نسبة العجز الدائم الذي يختلف من الناحية العملية بحسب ما إذا كان الأمر يتعلق بعاهة واحدة أو بعاهات متعددة لكن قبل ذلك يجب أن نحدد أولا مفهوم العجز والجهة التي يعود إليها بالاختصاص بتقديره.
    أولا: مقدار العجز والجهة المختصة بتقديره

    يقصد بمقدار العجز الانخفاض الطارئ على القدرة المهنية للأجير المصاب على العمل الناتج عن الحادثة والمستمر بعد برء الجروح والتئامها واستقرار الحالة الصحية للضحية نسبيا والمحدد بالنسبة للقدرة التي كانت للعامل المصاب قبل وقوع الحادثة وهكذا فإن مقدار العجز يكون دوما نسبة مائوية من القدرة العادية للعامل على العمل قبل وقوع الحادثة.

    أما الجهة المختصة قانونا بتحديد درجة أو مقدار العجز فهي الطبيب المعين بواسطة حكم تمهيدي صادر عن المحكمة المختصة أو بناء على اتفاق بين الأجير المصاب والمؤاجر أو شركة التأمين التي تحل محله في أداء الإيراد.

    وتطبيقا لمقتضيات الفصل 84 من ظهير 6 فبراير 1963 يتعين على الطبيب أن يأخذ بعين الاعتبار عند تقدير نسبة العجز توع عاهة المصاب وحالته العامة وسنه وقدرته الجسدية والعقلية وكذا أهليته واختصاصه المهني وذلك اعتمادا على جدول يتضمن أنواع العاهات صادر عن وزير الشغل والشؤون الاجتماعية على سبيل المثال لا الحصر.

    ثانيا: تحديد نسبة العجز الدائم في حالة إصابة العامل بعاهة واحدة

    إذا لم تخلف حادثة الشغل أو حادثة الطريق أو المرض المهني سوى عاهة واحدة محددة، فإن الأمر لا يثير أي إشكال على مستوى تحديد نسبة العجز، حيث يتولى الطبيب الذي يعين لهذا الغرض من طرف المحكمة، أو يختار من قبل الطرفين في حالة توافقهما تحديد نسبة العجز البدني الدائم معتمدا على العناصر الشخصية والموضوعية الواردة في الفصل 84 من ظهير 6 فبراير 1963 كنوع العاهة وسن الأجير المصاب وقدرته الجسدية والعقلية واختصاصه المهني ونوع العمل الذي يقوم به، وهذا كله اعتمادا على الجدول الاسترشادي المحدد بمقتضى القرار المديري المؤرخ في 21 ماي 1943، الذي يتضمن النسبة المئوية عن العجز الدائم الذي قد يترتب عن كل عاهة في جسم الأجير المصاب مما يؤدي إلى اختلاف نسبة العجز الدائم عن العاهة الواحدة حسب أحوال المصابين وحسب العناصر الشخصية الموضوعية الخاصة بهم.

    وهكذا وعلى سبيل المثال إذا أخذنا بعض العاهات نجد الجدول المتضمن للمعلومات السالفة الذكر، يتضمن النسب المئوية الآتية:

  • الفقد الكلي لليد اليمنى 68 إلى 70 %؛
  • الفقد الكلي لليد اليسرى 58 إلى 60 %؛:
  • بتر الساعد الأيمن في ثلثه العلوي 70 إلى 75 %؛
  • فقد الطرفين العلويين مهما كان المستوى 100%؛
  • انحراف القدم إلى الداخل أو إلى الخارج 20 إلى 30 %؛
  • بتر الثلث العلوي للساق 65إلى 70%؛
  • بتر الثلث المتوسط أو الأسفل للساق 60 إلى 65 %؛
  • فقد العينين 100%؛
  • فقد عين واحدة 28 إلى 33 %.

    وهكذا يلاحظ أن القضاء يتمتع إلى حد ما بالحرية في تحديد نسبة العجز الدائم وهي حرية بتعيين عند ممارستها أن يأخذ بعين الاعتبار الثر العام للعاهدة مع أثرها الخاص في الأجير المصاب حسب ظروفه.

    ثالثا: تحديد نسبة العجز الدائم في حالة إصابة العامل بعاهات متعددة

    حينما تختلف الحادثة للمصاب عدة عاهات فلا تجتمع درجات ولكن تطبق القواعد التي تضمنها الملحق المضاف إلى قرار مدير المواصلات والإنتاج الصناعي والشغل المؤرخ في 21/05/1943 الذي تضمنته مقتضيات الفصل 84 من ظهير 6 فبراير 1963.

    وتعدد العاهات هو ما أشار إليه الفصل 86:”إذا كان الانخفاض، الكلي اللاحق بالقدرة المهنية الأولية يساوي على إثر حادثة واحدة أو عدة حوادث سابقة للشغل عشرة في المائة على الأقل فإن مجموع الإيراد الجديد والإيرادات الممنوحة برسم التعويض عن الحوادث السابقة لا يمكن أن يقل عن الإيراد المقدر على أساس مقدار الانخفاض الكلي والأجرة المئوية الدنيا المحددة في قرار الوزير المنتدب في الشغل والشؤون الاجتماعية المشار إليه في الفصل 117″.

    ولتطبيق هذه القواعد نورد المثال التالي:

    حالة أولى: أجير أصيب في حادثة شغل كان من نتائجها أن خلقت له عجزا درجته 30% وفي العين اليمنى 15% للرجل اليسرى 20 %للإبهام الأيمن.

    نسبة حجم العين اليمنى معروفة هي 30 %

    ونسبة عجز الرجل اليسرى= (100-30)×15 =10,5%
    100
    أما عجز الإبهام الأيمن فيساوي= 100-(30+10,5)×20-11,9
    100

    ومجموع نسب العجوزات هي 30+ 10.5 + 11.9 = 52.4% على هذه النسبة بحسب الإيراد.

    للمصاب إذا عجز دائم من العاهات الثلاث مجموعه %52.4

    وفي الحالة الثانية: تحديد نسبة العجز في حالة تحدد العاهات الناتجة عن حادثة شغل واحدة وتهم نفس الأعضاء أو أعضاء مختلفة لكنها تؤدي نفس الوظيفة كالعنين أو اليدين أو الرجلين أو الأذنين أو الفكين…في مثل هذه الحالات فإن تقدير نسبة العجز لا يتم بالطريقة المشار إليها سابقا بل يجب الرجوع إلى النسب المحددة في الجدول المرفق بالقرار المديري الصادر بتاريخ 21 ماي 1943.

    ونعطي مثال لبعض النسب المنصوص عليها في الجدول:

  1. بالنسبة للعينين عتمات مركزية حسب الامتداد
  • عينان (حسب درجة الرؤيا) 40 % إلى 100%؛
  • العمى التام أو المهني 100%؛
  • بالنسبة للفكين العلويين مع ضياع القوساء السنية؛
  • التحف الحنكي والهيكل العظمي للأنف 90% – 100 %؛
  • الأطراف السفلة؛
  • شلل مزدوج؛
  • مشي مستحيل 100%؛
  • مشي ممكن حسب درجة إصابة الأطراف السفلى 30% 90 .%

    وتجدر الإشارة إلى أنه في هذه الحالة تبقى للطبيب الخبير المختص، في حالة معينة، سلطة تقديرية في تحديد العجز تتراوح ما بين الحد الأدنى والحد الأعلى المنصوص عليه في الجدول.

    وقد حدد القرار المديري طريقة تحديد نسبة العجز في حالة وجود عدة عاهات ناتجة عن إصابات مختلفة ومتعاقبة، حيث ميز بين فرضيتين الفرضية الأولى: إذا كانت العاهات الناتجة عن الإصابات المتعاقبة تهم أعضاء مختلفة من الجسم، كأن تكون العاهة الأولى طبيعية أو ناتجة عن حادثة شغل أو مرض مهني أو عادي فإن نسبة العجز الإجمالي يتم حسب مقتضيات الفصل 90 من ظهير 6 1963.

    الفرضية الثانية: إذا كانت العاهات الناتجة عن الإصابات المتعاقبة تصيب نفس العضو من الجسم كما لو أصيب العامل بحادثة شغل أولى أو مرض مهني أو عادي ترتب عليه عجز دائم في رجله اليمنى حدد الطبيب الخبير المختص نسبته ب 15% ثم بعد أن استقرت حالته الصحية ودون زيادة أو نقصان في قدرته على العمل، تعرض إلى حادثة شغل ثانية أصيب على إثرها بكسر في رجله اليمنى أيضا حدد الطبيب الخبير مجموعة نسبتي العجز المترتبتين عن الحادثة الأولى والثانية ب 40%.

    الفقرة الثانية: كيفية احتساب الإيراد السنوي

    إن العامل المصاب بحادثة شغل أو مرض مهني يستحق إيرادا عمريا عن العجز بقدر بناء على عنصرين أساسيين هما:

  1. الأجر السنوي للمصاب أي المرتب الفعلي الذي تقاضاه الأجير خلال السنة من قبل الحادثة؛
  2. نسبة العجز الدائم الذي حدده الطبيب الخبير المختص.

    بعد حديثنا في الفقرة الأولى على كيفية تحديد نسبة العجز الدائم الذي قد يترتب عن حادثة الشغل أو عن المرض المهني نبحث الآن كيفية حساب الإيراد السنوي المستحق لهذا العامل المصاب.

    وتطبيقا لمقتضيات الفصلين 83 و 88 من ظهير 6 فبراير 1963. كما وقع تغييره وتتميمه بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.03.167 الآمر بتنفيذ القانون 06.03 فإن الإيراد السنوي المستحق للعامل المصاب بعجز دائم يساوي الأجرة السنوية، كما حددتها مقتضيات القسم الثالث من الباب الثالث من الجزء الرابع من هذا الظهير الشريف مضروبة في مقادير العجز المحدد كما يلي:

  • نصف مقدار العجز الدائم عن العمل عندما لا يتعدى هذا العجز أو يساوي 30%؛
  • 15% زائد الجزء الذي يتعدى 30% مضاف إليه نصف هذا الجزء بالنسبة للعجز الدائم من العمل ما بين 30% و 50%
  • 45% زائد الجزء الذي يتعدى 50% للعجز الدائم عن العمل الذي يتجاوز 50%

    ولقد تعرض المشرع إلى حالة وقوع حوادث للشغل متوالية حيث نص الفصل 88 على ما يلي: ” تطبيق مقتضيات الفصل 83 في حالة وقوع حوادث شغل متوالية بعد التخفيض من كل مقدار من مقادير العجز بما يتناسب مع القدرة على العمل التي بقيت للمصاب بعد كل حادثة وقعت له”.

    ومن البديهي أن الأجرة السنوية المعتمدة في حساب الإيراد هي الأجرة المصححة طبقا لمقتضيات قرار وزير التشغيل والتكوين المهني والتنمية الاجتماعية والتضامن الذي يقضي بتحديد الأجر السنوي المتخذ أساسا لاحتساب الإيرادات الممنوحة لضحايا حوادث الشغل والأمراض المهنية أو لذوي حقوقهم في حالة وفاتهم”.

    ولتوضيح كيفية حساب الإيراد السنوي جاء في أحد الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية بمراكش أن الضحية المصاب بعجز جزئي دائم حيث أن نسبة العجز الجزئي حددت في 52% وذلك طبقا للفصل 83 وما يليه من ظهير 6/2/1963 حيث يتعين تصحيح نسبة العجز لتجاوز 50% لتصبح 45+2= 47%

    وحيث يكون الإيراد العمري المستحق للضحية على أساس العناصر أعلاه كالآتي:

    40975,72 درهم×47 =19285,60درهم
    200

    حيث قضت المحكمة بحكم على المشغلة بأدائها للضحية إيرادا عمريا سنويا قدره 19285.60 درهما.

    وفي حكم آخر حيث جاء في حيثياته أن الضحية المطالب بتعويض يومي، وتعويض عن العجز الدائم.

    وما يهمنا هنا التعويض عن العجز الدائم الإيراد العمري، حيث أن نسبة العجز الجزئي الدائم حددت في 40% وطبقا للفصل 83 وما يليه من ظهير 6/2/1963 يكون مبلغ الإيراد العمري المستحق للضحية، بعد تصحيح نسبة العجز لتصبح:

    30 =15+10+5 =30%
    2
    2220درهم ×30 =6660,30درهم
    100

    وبالتالي فقد صدر حكم على المشغلة في شخص ممثلها القانوني بأداء إيرادا عمريا سنوي قدره 6660.30درهما.

    المطلب الثاني: الإيراد في حالة الوفاة

    إن حوادث الشغل أو الأمراض المهنية كما قد يترتب عنها عجز مؤقت أو دائم عن العمل قد ينجم عنها أيضا وفاة الأجير، وفي هذه الحالة يخول القانون إيرادا سنويا، يؤدي إلى ذوي حقوقه الذين حصرهم المشرع في الزوج المتوفى عنه، وفي اليتامى وفي أصول الأجير الهالك، فهؤلاء يستحقون يرادا سنويا ابتداء من يوم الوفاة، هذا فيما يخص إيراد ذوي الحقوق (فقرة أولى) على أن نبحث في نقطة ثانية الزيادة أو التخفيض النسبي للإيراد (فقرة ثانية)

    الفقرة الأولى : إيراد ذوي الحقوق

    أولا: إيراد الزوج الباقي على قيد الحياة

    تختلف أحكام إيراد الزوج الباقي على قيد الحياة بحسب ما إذا كان وحيدا أو متعددا ولكي يستفيد الزوج أو الزوجة من الإيراد لا بد من توفر الشروط الآتية:

  1. أن يتم عقد الزواج قبل وقوع الحادثة (الفصل 93)؛
  2. أن تكون العلاقة الزوجية قائمة أثناء وقوع الحادثة ما لم يكن المصاب مكلفا بالإنفاق بعد الطلاق أو الانفصال الجسماني؛
  3. أن يكون الزوج المتوفى عنه غير محكوم بإهمال الأسرة أو مجردا من السلطة الأبوية (الفصل 97).

    ولزوجة المتوفى عنها عدة حالات، فقد تكون واحدة وقد تكون أكثر وقد تكون وقت وقوع الحادثة بالغة من العمر 60 سنة أو أكثر أو أقل من ذلك. ونتعرض بإيجاز لكل حالة على حدة:

    الحالة الأولى:إذا ترك المصاب زوجة واحدة لها من العمر أقل من 60 سنة

    فإن مبلغ إيرادها هو 30% من أجر زوجها المتوفي (الفصل 94) مثلا الأجر السنوي المصاب هو 23000 درهم إيراد الأرملة هو

    23000 درهم ×30% =6900درهم
    100

    الحالة الثانية:إذا ترك المصاب زوجة واحدة لها من العمر 60 سنة أو أكثر

    فإن مبلغ إيرادها هو:

    23000 درهم ×50% =1500درهم
    100

    الحالة الثالثة:ترك المصاب زوجة واحدة لكنها تزوجت بعد وفاة زوجها

    فإما أن يكون لها أطفال أو لا يكون لها، فإن لم يكن لها أطفال وتزوجت فإنها تتقاضى إيرادا مبلغه 6900×3 سنوات = 34500درهم في الحالة الثانية 50% أما إذا كان لها أطفال فإنها رغم زواجها تستمر في الحصول على الإيراد الوارد في الفصل 98.

    الحالة الرابعة: تعدد الزوجات

    إذا ترك المصاب عدة زوجات، فإما أن يكون عمر كل واحدة أقل من 60 سنة وحينئذ يكون إيرادهن 30% من أجر المصاب يقتسمنه بالتساوي.

    مثلا: الأجر السنوي للمصاب هو 37000درهم وترك أربع زوجات إيراد الزوجات يساوي:

    37000 درهم×30% =11100درهم
    100

    ولكل واحدة 11100 درهم على 4=2775درهم

    أما إذا كان عمر كل واحدة 60 سنة فما فوق فلهن 50% من الأجر يقتسمنه مثلا 37000درهم ×50%=18500درهم.

    لكل واحدة 18500درهم على 4=4625درهم

    الحالة الخامسة: تعدد الزوجات مع اختلاف في السن

    هذه الحالة تقتضي افتراض ثلاث افتراضات:

  4. إذا ترك مصاب أرملتين عمر إحداهما أقل من 60 سنة، مثلا 53 وعمر الأخرى أكثر من ذلك مثلا 64 فما هو إيراد كل واحدة منهما، إيراد الأولى 30%على 2 = 15% وإيرادات الثانية 50% على 2=25% وعندما يصل عمر الأولى 60 سنة تقتسمان 50%. مثال، الأجر السنوي للمصاب هو: 44000 درهم إيراد الأرملة الأولى هو:
    44000×15 =6600 درهم
    100

    وإيراد الثانية هو :

    44000 × 25 = 11000
    100
  5. إذا ترك مصاب ثلاث أرامل عمر اثنين منهما أقل من 60 سنة أو أكثر مثلا 72 فما هو إيراد كل واحدة

    إيراد الأولى والثانية هو 30 % على 3 أو ثلاث زوجات كما في مثالنا هو 10% وعندما تبلغ إحداهما أو هما معا 60 سنة فتقسم 50% على 2 أو 3 حسب الحال أما إيراد الأرملة الثالثة فهو: 50% على 3 = 16.66 %

  6. إذا ترك مصاب ثلاث زوجات عمرهن مثلا بالتتابع هو 40، 61، 67 سنة فإن: إيراد الأولى هو 30% على 3=10 وإيراد الثانية والثالثة هو 50% على 3=16,66 وعندما تبلغ الأولى من العمر 60 سنة يرفع إيرادها على 16.66 مثلا أجر المصاب السنوي هو 67000 درهم إيراد الأرملة الأولى هو:
    67000درهم×10 =6700درهم
    100

    وإيراد كل واحدة من الأولى والثانية هو:

    67000 درهم×10 =11162,2درهم
    100

    الحالة السادسة: وجود مطلقة أو مطلقات أو مفصولات عن الفراش

    إذا ترك المصاب زوجة مطلقة أو مفصولة عن الفراش والحال أنه ملزم قضائيا بدفع نفقة لها فإن هاته زوجة تستحق تلك النفقة مادامت لا تتجاوز 20% من الأجر السنوي للمصاب وإلا خفضت إلى تلك النسبة.

    الحالة السابعة: وجود أرملة ومطلقة

    ترك مصاب مطلقة يسلمها أجرة حضانتها السنوية وتبلغ 6000 درهم من أجره السنوي الذي هو: 52000 عند وفاته ظهرت زوجة جديدة في هذه الحالة أما أن يكون لها أطفال أو ليس لها أطفال.

    فإنها تستحق إيرادا يساوي الفرق بين النفقة أو النفقات ومبلغ إيراد يعادل 30% من الأجرة السنوية الأساسية للمصاب دون أن تقل عن 15% منها وذلك إذا لم يكن لهذه الزوجة أولاد من المصاب أما إذا كان لها ولد أو أولاد فإنها تمنح إيراد يساوي 20% من نفس الأجرة.

    ثانيا: إيراد الفروع

    لقد نظم المشرع إيراد الفروع في الفصول من 102 إلى 112 من ظهير 6 فبراير 1963 ويتبين من خلال دراسة مقتضيات هذه الفصول أن هذه الإيرادات جماعية ومؤقتة، بسبب أنها تسقط بقوة القانون بمجرد زواج الفرع وبلوغه سن 16 سنة أو 17 سنة من عمره إذا كان المستفيد منها يتابع دروسا في التكوين المهني أو 21 سنة إذا كان اليتيم يتابع دراسته أو أو يتعذر عليه بصفة دائمة تقاضي عمل مأجور نتيجة إصابته بعاهة أو بمرض مهني عضال لا يرجى شفاؤه. هذه الإيرادات مقصورة على الأطفال الآتي ذكرهم دون غيرهم.

  7. الأبناء الشرعيون؛
  8. الأبناء المعترف بهم قانونيا؛
  9. البناء الطبيعيون المعترف بهم قبل وقوع الحادثة؛
  10. البناء المعترف ببنوتهم قضائيا ولو بعد الحادثة شريطة أن تكون أمهاتهم قد حملن بهم قبل وقوع حادثة؛
  11. الأبناء المتبنون بشرط أن يكون التبني قد تم قبل وقوع الحادثة.

    أما فيما يتعلق بتقديم نسب الفروع فإنها حسب مقتضيات 102 و103 نسبة إيراد الفروع تختلف بحسب عددهم ودرجة يتمهم

    نسبة الإيراد الممنوحة للطفل اليتيم من أحد الأبويين تكون على الشكل التالي:

  • طفل وحيد: 15 % من الأجرة السنوية لأصله المتوفى؛
  • طفلان إثنان: 30% من الأجرة السنوية لأصلها المتوفى ؛
  • ثلاث أطفال 40% من الأجرة السنوية لأصلهم المتوفى.

وإذا زاد عدد الأطفال على ثلاثة يزاد في مبلغ الإيراد بنسبة 10% عن كل واحد. مثلا 4 أطفال يستحقون50% من الأجرة السنوية لأصلهم المتوفى و5 أطفال يستحقون 60 % من نفس الأجرة.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه إيرادات لا تعتبر إرثا تنتقل حسب قواعد انتقال الإرث المنصوص عليها في مدونة الأسرة بل إنها إيرادات جماعية يخفض مجموعها إذا سقط حق أحد المستفيدين منها بزواجه أو ببلوغه سن 16 سنة أو بوفاته قبل بلوغ هذه السن ويوزع على الباقين بالتساوي.

وفي هذا الإطار جاء حكم قضائي عن المحكمة الابتدائية بمراكش” حيث أنه تطبيقا لمقتضيات الفصل 94 من ظهير 1963، أن أرملة الهالك المتوفى بسبب حادثة شغل، تستحق 30% من أجرة المصاب السنوية

22102×30 =6630,60 درهم
100

وحيث أنه تطبيقا لمقتضيات الفصل 102 من الظهير 1963 فإن ابن الهالك الذي لم يتجاوز سنه 16 سنة يستحق التعويض التالي:

22102×15 =3315,30 درهم
100

وحيث أن باقي أبناء الهالك قد تجاوزوا من 21 سنة ولم يثبت أن أحدهم يتابع دراسته وأنه مصاب بعاهة أو مرض مزمن يمنعه من ممارسة عمل بأجر مما يتعين معه رفض طلبهم.

فقد قضت المحكمة باعتبار الحادثة حادثة شغل وحكم على شركة صيكوفام في شخص ممثلها القانوني بأدائها لأرملة الهالك إيرادا عمريا سنويا قدره 6630.60 درهم ولها نيابة عن ابنها القاصر إيرادا عمريا سنويا قدره 3315.30 درهم…”

ومن الملاحظ في الأخير أن الفصل 112 من ظهير 6/2/1963 قد مدد الامتيازات المقررة للفروع في الفصول من 102 إلى 111 منه إلى الأخطاء (الأعقاب) مدى تحقق الشرطان المنصوص عليهما في هذا الفصل وهما:

  1. أن يفقد الأعقاب سندهم الطبيعي أي أن يفقد هؤلاء الأحفاد جدهم عن طريق الوفاة أو الهجر
  2. أن تصبح إعالتهم نتيجة فقدهم سندهم الطبيعي على عاتق جدهم المصاب عمليا لا حكما فقط.
    ثالثا: إيراد الأصول

    ويدخل في هذا الإطار، كل من الأبوين والجدين، وقد تعرضت الفصول 113 إلى 115 من ظهير 6/2/1963 إلى إيراد الأصول أنه لمي ينال الأصل إيرادا من أجل المصاب يجب أن يكون في حاجة إلى مساعدة الفرع وقت الحادثة وهذه مسألة يعود النظر فيها إلى محكمة الموضوع.

    والمصاب ينال أصله إيرادا من أجره إما أن يترك زوجا وفروعا وإما ألا يترك أحدا منهما.

    الحالة الأولى: كون المصاب ترك زوجا وفرعا

    نص على هذه الحالة الفقرة الأولى من الفصل 113 التي جاء فيها:”يمنح لكل واحد من الأصول يكون وقت الحادثة في كفالة الهالك إيرادا عمريا يساوي 10% من لأجرة المصاب السنوية ولو كان لهذا الأخير زوج أو عقب حسب مدلول الفصل 93 وما يليه إلى غاية الفصل 112.”

    يتبين بوضوح من خلال مقتضيات هذه الفقرة أن المشرع قد ربط استفادة الأصول من الإيراد بضرورة توافر شرطين أساسيين لا غنى لأحدهما عن الآخر:

  3. وجود الأصل تحت كفالة فرعه المتوفى؛
  4. وجود هذه الكفالة في تاريخ وقوع الحادثة.

    الحالة الثانية: كون المصاب لم يترك زوجا ولا فرعا

    نصت على هذه الحالة الفقرة الثانية من الفصل 113 من الظهير والتي جاء فيها:”…ويمنح نفس الإيراد لكل واحد من الأصول يثبت إمكانية حصوله على نفقة من الهالك إذا لم يكن لهذا الأخير زوج ولا عقب”.

  • مقدار إيراد الأصول:

إن ترك المصاب الأب فقط فله 10% من أجره وإن ترك الأب والأم فلهما 20% وإن ترك الأبوين والجد فلهم 30% أما إذا ترك الوالدين والجدين فيقتسمون بينهم 30%.

وإن مات أحد هؤلاء الأربعة فإن نصيبه يرجع إلى الثلاثة الباقين أي 30% على 9= 10%.

أما إذا كان عددهم ثلاثة أو اثنين ومات أحدهم فإن الإيراد يبقى هو 10% لكل واحد (الفصل 114).

وينتهي الحق في الإيراد بالنسبة للأصل في حالتين:

  1. بوفاة الأصل صاحب الحق في الإيراد؛
  2. يصيرونه قادرا على كسب عيشه.

    الفقرة الثانية: التخفيض والزيادة النسبية في الإيراد

    أولا: التخفيض النسبي من الإيراد

    نص الفصل 133 من ظهير 6/2/1963 على أنه:

    “لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتجاوز مجموع الإيراد الممنوح لمختلف ذوي حقوق المصاب 85% من مبلغ مجموع الأجرة السنوية الفعلية التي وضعت هاته الإيرادات على أساسها وفي حالة تجاوز هذه النسبة فإن الإيرادات الراجعة لكل صنف من أصناف ذوي الحقوق تكون موضوع تخفيض نسبي تطبيقا لمقتضيات الفصل المذكور فإن مجموع إيرادات ذوي الحقوق لا يمكن أن تتجاوز 85%.”

    لكن ما سبب خصم 15% مع أن حق المصاب هو 100%؟

    رأي بعض الفقهاء أن المصاب في حياته كان ينفق من أجره على نفسه بشرائه حاجاته وبحيث أقل ما يمكن أن يصرفه في ذلك هو 15% من أجره ولهذا السبب يتعين حصر المبلغ الذي يمنح لذوي الحقوق في 85% إذ بوفاته انتهى نصيبه.

    ثانيا: الزيادة النسبية في الإيراد

    إن الزيادة النسبية في الإيراد غير منصوص عليها في ظهير 6/2/1963 كما هو الشأن بالنسبة للتخفيض النسبي من الإيراد.

    ولكن الذي حدا بنا إلى إثارة هذا الموضوع هو ما يلي:

    فإن كان مجموع إيراد ذوي الحقوق لا يمكن أن يتجاوز 85% للأسباب التي وقعت الإشارة إليها فلماذا ألا يزاد في إيرادهم إذا كان مجمعها أقل من 85%؟

    وهذا من باب العدل والإنصاف والمؤاجر أو مؤمنه لا يؤدي مبلغا زائدا فلماذا يحتفظ بما ليس له؟

    أن ظهير 2/10/1984 المتعلق بتعويض المصابين في حوادث تسبب فيها عربة برية ذات محرك نص في المادة الثالثة عشر على الزيادة النسبية إذا لم يستغرق مجموع التعويضات الممنوحة لذوي المصاب مجموع رأس المال المعتمد.

    فلماذا لا تطبق قاعدة الزيادة النسبية في حوادث الشغل؟

    وكمثال على ذلك، ترك مصاب زوجة عمرها 50 سنة وثلاثة أبناء علما بأن أجره السنوي هو 33000دهم.

  • للزوجة 30%
  • للأبناء 40%
  • مجموع النسب 70%

فإذا اعتمدنا النسب دون زيادة فإن إيراد الزوجة هو 33000×30على100=9900درهم

وإيراد الأبناء هو:

33000×40 =13200 درهم
100

وإذا اعتمدنا الزيادة النسبية، فإن إيراد الزوجة هو:

33000×30 =14142,85 درهم
70

وإيراد الأبناء هو:

233000×40 =18857,14 درهم
70

ومما تجدر الإشارة إليه، أن ما ورد عليه النص في مقتضيات الفصلين 134 و135 لا علاقة له بالزيادة النسبية المتحدث عنها لأن ما ورد بهما يتعلق بالإيراد الذي قد ينقرض بالنسبة ليتيم أو عقب فيوزع على الباقي (الفصل 134) أو زيادة لذوي حق وضع تخفيض نسبي على إيراده بفقد أحد المنتفعين حقه في الإيراد (الفصل 135).

 

المبحث الثاني

الإيراد التكميلي

من المبادئ الثابتة أن كل متضرر يجب أن يعوض عن الضرر الحاصل له تعويضا كاملا مادامت مسؤولية من تسبب في الضرر ثابتة وكاملة.

ومن الثابت أيضا أن مقتضيات ظهير 6 فبراير 1963 من بين ما نصت عليه أن الأجير المصاب أو ذوي حقوقه يحتفظون بالحق في مطالبة مرتكبي الحادثة بالتعويض، بحيث أنه يكون مكملا للتعويض الجزئي حتى يحصل الأجير المصاب على التعويض الكامل للضرر بل ويحتفظون كذلك بحقهم في مطالبة المشغل بهذا التعويض الكامل.

فما هو شكل هذا الإيراد التكميلي وشروطه؟ (المطلب الأول) وكيف يتم احتسابه وما هي مدة تقادمه؟(المطلب الثاني)

المطلب الأول: شكل الإيراد التكميلي وشروطه

إن الغاية من التعويض التكميلي الذي يخول في إطار القواعد العامة للمسؤولية المدنية هي تمكين الأجير المصاب أو ذوي حقوقه في حالة الوفاة من الحصول على التغطية الكاملة والشاملة للضرر الذي حصل للمصاب والذي لم تغطيه كلية مقتضيات ظهير 6 فبراير 1963 وهذا طبعا متى توافرت شروط المطالبة بهذا التعويض التكميلي (الفقرة الأولى) مع التعرض للشكل الذي يكون عليه الإيراد التكميلي(الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: شروط دعوى الإيراد التكميلي

تتميز دعوى الإيراد التكميلي بشروط يمكن إجمالها فيما يلي:

  1. تقام في إطار القانون العام طبقا لقواعد المسؤولية عن الجنح وشبه الجنح كما أنها ترفع إلى الغرفة المدنية أو الغرفة الجنحية وذلك في حالة متابعة النيابة العامة للمتسبب في الحادثة؛
  2. من أجل الحفاظ على حقوق ومصالح الأشخاص الذين لهم الحق في إقامة الدعوى على الغير مرتكب الحادثة طبقا لمقتضيات (الباب الخامس من ج الرابع من ظهير 6 فبراير 1963) فإن الطرف الذي يرفع الدعوى عليه لكي يتم قبولها أن يدخل فيها الأشخاص الآتي بيانهم:

    فالأجير المصاب أو أي من ذوي حقوقه يجب عليه أن يدخل كلا من المشغل أو مؤمنه قصد إصدار حكم مشترك، فهذان الأخيران اللذان أقاما دعوى الرجوع على الغير للمطالبة بحقوقهما الخاصة. وفي حالة ما إذا أقام كل طرف دعوى مستقلة فيتم ضم الدعوتين حيث تكون المحكمة المختصة هي تلك التي أحيل عليها طلب الأجير المصاب أو ذوي حقوقه.

    كذلك يجب على الطرف الذي يقيم الدعوى على الغير المسؤول أن يدخل فيها حتى لا يرفض طلبه ممثل صندوق الزيادة في إيرادات حوادث الشغل وذلك إذا كان الأجير المصاب أو ذوي حقوقه يستفيدون من الزيادة في إيراد حوادث الشغل أو منحة تحل محل الإيراد.

    كذلك إدخال ممثل صندوق الزيادة في إيرادات حوادث الشغل ولو كان الأجير المصاب أو ذوي حقوقه لا يستفيدون من الزيادات السالفة الذكر إذا كانوا يتوفرون في تاريخ إقامة الدعوى ضد الغير المسؤول عن الحادثة على الشروط المتطلبة قانونا للاستفادة منها.

    فالدعاوى المتعلقة بالإيراد خاضعة لمقتضيات ظهير 6 فبراير 1963 كما وقع تغييره تتعلق بالنظام العام ومن ثم على المحكمة أن تبلغها للنيابة العامة.

    الفقرة الثانية: شكل الإيراد التكميلي

    إذا كان المشرع المغربي قد أقر أن مختلف الأداءات المستحقة للأجير المصاب أو لذوي حقوقه عن حوادث الشغل والأمراض المهنية تخول لهم وفق مقتضيات الظهير في شكل إيرادات سنوية، فإن ذات المسلك قد سلكه بخصوص مستحقات الأجير المصاب أو ذوي حقوقه فيما يتعلق بالإيراد التكميلي. فهذا الأخير بدوره يكون في شكل إيراد سنوي وهذا سواء كانت المسؤولية كاملة أو جزئية.

    وإذا كانت مقتضيات الفصل 178 من ظهير 6 فبراير 1963 توجب أن يكون التعويض المفروض على الغير المتسبب في الحادثة في شكل إيراد فإنه واستثناء من ذلك تسمح مقتضيات الفصل 181 من الظهير أن تمنح في شكل رأسمال نقدي: الصوائر الطبية والجراحية والصيدلية، وكذا المصاريف الخاصة بالتحليلات الطبية والأبحاث في المختبرات وأجور أطباء الأسنان وكذا المصاريف الخاصة بنقل الأجير المصاب إلى محل إقامته الاحتياطي أو إلى المستشفى القريب من وقوع الحادثة.

    وكذلك المصاريف الخاصة بنيل وإصلاح وتجديد أجهزة استبدال أو تقويم الأعضاء والتي تفرض الحادثة استعمالها، وكذلك المصاريف الناجمة عن الأضرار المادية كتلك التي تلحق بسيارة أو بدراجة الأجير المصاب وأخيرا وليس آخرا جل التعويضات اليومية التي تدفع الأجير المصاب طيلة مدة العجز المؤقت.

    المطلب الثاني: كيفية حساب الإيراد التكميلي وتقادمه

    سنحاول من خلال هذا المطلب التطرق لكيفية حساب الإيراد التكميلي (الفقرة الأولى) على أن نعرج لمدة تقادمه (الفقرة الثانية).

    الفقرة الأولى: كيفية حساب الإيراد التكميلي

    فبعد حصول المصاب أو ذوي حقوقه على الأمر بالصلح أو حكم المحكمة النهائي أو الابتدائي الذي بلغ ولم يقع فيه أي طعن، أو الحكم الاستئنافي يتقدم بمطالبه إلى المحكمة التي تنظر في الدعوى المقامة في نطاق الحق العام مرفقة بنسخة من الأمر أو الحكم.

    وعموما، فدعوى الإيراد التكميلي تحدد فيها المبالغ استنادا لقواعد وأحكام ظهير 2 أكتوبر 1984 المتعلق بالتعويض عن حوادث السير بالإضافة إلى المبالغ التي تؤدى على شكل رأسمال كالتعويض اليومي والصوائر الطبية والصيدلية…

    وللحصول على التعويض التكميلي، يمكن اتباع إحدى الطريقتين:

    أولا:قسمة رأس المال المعتمد على التعريفة المناسبة ليس المصاب أو أحد من ذويه والخارج يخصم منه الإيراد السنوي لحادثة الشغل وبذلك نحصل على إيراد سنوي عمري تكميلي.

    مثال: مصاب عمره 52 سنة ودخله السنوي 30000درهم وعجزه 16% فما هو إيراده التكميلي؟

    إيراده في حادثة الشغل هو:

    (30000×16%) على (100×2)= 2400درهم وهو المبلغ الذي يتقاضاه سنويا.

    رأس المال المعتمد استنادا إلى الدخل السنوي وسن المصاب هو: 202500درهم

    الإيراد التكميلي هو حاصل قسمة رأس المال المعتمد على التعريفة لسن المصاب وهي 12.128 ناقص الإيراد في حادثة الشغل.

    إذن (202500 على 12.128) ناقص 2400درهم=14296,86درهم وهو الإيراد التكميلي المتقاضى سنويا.

    ثانيا: تحويل الإيراد السنوي المستحق في إطار حادثة شغل إلى رأس المال وذلك بضربه (أي الإيراد الأساسي) في التعريفة المناسبة لسن المصاب والخارج يخصم من ناتج قسمة رأسمال المعتمد في إطار ظهير 2 أكتوبر 1984 على التعريفة المناسبة لسنه بعد طرح مبلغ الإيراد الأساسي السنوي وضرب الباقي في التعريفة المذكورة.

    مثلا: ونأخذ نفس المثال السابق

    الإيراد السنوي في حادثة الشغل هو 2400 درهم والتعريفة المناسبة لعمر المصاب هو 52 سنة هي 12.128

    إذن رأسمال هو 2400×12.128=29107,20درهم

    أما رأسمال الإيراد التكميلي هو: 14296,89درهم ×12.128=173392,79درهم

    والمبلغان معا يوضعان بصندوق الإيداع والتدبير.

    الفقرة الثانية: تقادم الإيراد التكميلي

    نص المشرع المغربي في الفصل 174 من ظهير 1963 على أنه:

    “يجب أن تقام دعوى المسؤولية عن الجنحة لكي تكون مقبولة في غضون الخمس سنوات الموالية لوقوع الحادثة”.

    كما أن الفصل 171 من نفس الظهير نص على ما يلي:”يحتفظ المصاب أو ذوي حقوقه بصرف النظر عن الدعوى المترتبة عن ظهيرنا الشريف هذا بالحق في مطالبة مرتكبي الحادثة طبقا لقواعد الحق العام بتعويض الضرر اللاحق”.

    فبمقتضى الفصل أعلاه، يجب أن تقام دعوى المسؤولية على الغير المتسبب في الحادثة لكي تكون مقبولة في غضون الخمس سنوات الموالية لوقوع الحادثة.

    إلا أن التساؤل الذي يثار هل مدة الخمس السنوات الواردة في الفصل 174 من ظهير فبراير 1963 مدة إسقاط أم أجل تقادم؟

    فإننا إذا قلنا أنها مدة إسقاط فيجب على ذي المصلحة أن يستعمل حقه في رفع دعوى المسؤولية على الغير المتسبب في الحادثة في المدة المحددة قانونا وإلا سقطت. وهذا بدون أن يطالها لا التوقف ولا الانقطاع. أما إذا قلنا إن مدة الخمس سنوات هي أجل تقادم فإن هذه المدة يمكن أن يطالها كل من الانقطاع والتوقف.

    وهذا ما أكده قرار صادر عن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) أن مدة الخمس سنوات المنصوص عليها بموجب الفصل 174 من ظهير 1963 أجل تقادم، يمكن أن يطاله كل من التوقف والانقطاع.

    وعلى خلاف هذا الموقف للمجلس الأعلى، فقد ذهب في قرارات لاحقة إلى أن مدة التقادم وفق مقتضيات الفصل 174 من ظهير 6 فبراير 1963 هي مدة إسقاط وليست أجل تقادم وبالتالي فإن هذه المدة لا يمكن أن يطالها التوقف ولا الانقطاع بل إنها مدة تسري في حق القاصرين وناقصي الأهلية.

    خاتمة

    يتضح لنا من خلال ما سبق، أن موضوع حوادث الشغل والأمراض المهنية ميدان يستحق الدراسة بتمعن حتى يتسنى الخروج ببعض الآليات أو الاستراتيجيات كوقاية من الوقوع في نتائج خطيرة تعود على كل من العامل والمؤسسة التي يعمل بها، وقد اختلف الباحثون في إعطائهم الأهمية لبعض العوامل التي يرون أنها تساهم بدرجة كبيرة في الإصابة بحادثة شغل أو مرض مهني، فهناك من يرى أن العامل قد يكون هو السبب في وقوع الحادث في المحيط الذي يعمل فيه، وهناك من يرى أن نقص الخبرة يلعب دورا في الوقوع في الحوادث، دون أن ننسى مسؤولية المشغل عن هذه الحوادث أو الأمراض المهنية.

    وعندما يتأكد القاضي أن الإصابة موضوع النزاع هي ذات طابع مهني سواء تعلق الأمر بحادثة شغل أو حادثة طريق أو بمرض مهني، وجب عليه أن يرتب مختلف الآثار القانونية التي ستتبع ذلك التكييف وهي آثار تحكمها قواعد متميزة هذه القواعد تتمثل في مختلف الصوائر والتعويضات أو الإيرادات كقاعدة عامة.

ملحوظة:

منقول عن موقع http://www.droitetentreprise.com والذي لم يذكر صاحب البحث الذي وإن عالجه في ظل ظهير 1963 فإنه لم يفقد قيمته في ظل القانون الجديد لحوادث الشغل الذي غير الكثير من القواعد ولكن أكثر ما في البحث المنشور لازال صالحا.

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *