قرار غرفة الجنايات الاستئنافية بطنجة رقم 232 الصادر بتاريخ
09/04/2019 في الملف الجنائي رقم 203/20192612
الهيئة الحاكمة:
ميلود حميدوش رئيسا
الحسين احجوت مستشارا
ادريس شوراد مستشارا
عمر الأزرق مستشارا
محمد المساوي مستشارا
المختار العيادي ممثلا للنيابة العامة
بمساعدة فؤاد الحراق السريفي كاتبا للضبط
القاعدة:
الاغتصاب الزوجي هو إقدام الزوج على معاشرة زوجته بدون رضاها وباستخدام الإكراه، ولا يقصد بالإكراه هنا الإكراه المادي فقط، والمتمثل في استخدام القوة الجسدية من أجل إجبار الزوجة على المعاشرة الجنسية، بل أيضا الإكراه المعنوي المتمثل في الابتزاز والتهديد، وكذا ممارسة الجنس بطرق وأساليب من شأنها أن تهين المرأة وتحط من كرامتها.
المشرع المغربي في تعريفه للاغتصاب بأنه مواقعة رجل لأمرأة بدون رضاها دون أن يحدد المقصود بالمرأة، وعبارة امرأة تطلق على أي أمرأة، والمشرع لم يستثن المرأة المتزوجة، وعليه تفهم من ذلك أن المرأة المتزوجة بدورها يسري عليها تطبيق هذا النص
يستفاد من البحث التمهيدي المنجز من طرف الضابطة القضائية فرقة الشرطة القضائية بالعرائش بموجب المسطرة عدد 623/ج ج ش ق بتاريخ 30-06-2018 والتي ورد فيها أنه تم نقل المشتكية (س) على متن سيارة الاسعاف الى المستشفى المحلي بالعرائش وهي تنزف دما من فرجها حيث صرحت بأن المسمى ع ى المتهم أعلاه هو زوجها بعد أن عقد عليها من حوالى سنة، وأنهما كانا على خلاف دائم فأخبرته بأنها ترغب في فسخ الارتباط بينهما لكونها تحس بأنها شخص غير مرغوب فيها من طرف عائلته. وبتاريخ 29-06-2018 جاء لزيارتها بمنزل والديها فأخبرته بذلك فثارت ثائرته وشرع في الصراخ واقترب منها وهددها بكونه سيقتلها ويقتل نفسه إن فكت الارتباط به، وعندها اقترب منها رویدا عندما كانا بمفردهما بمنزل والديها حتى تمكن من إسقاطها أرضا وقام بمواقعتها رغما عنها وأدخل ذكره بقوة في فرجها رغم توسلها إليه للكف عن ذلك وتمكن من افتضاض بكارتها وتركها تنزف دما حيث تم نقلها إلى المستشفي. وأدلت بشواهد طبية تفيد تعرضها لعنف جنسي.
وعند الاستماع تمهيديا إلى المشتكى به المتهم أعلاه حول الموضوع صرح بأن المشتكية هي زوجته منذ تاريخ 29-08-2017 وأنه نظرا لمروره بضائقة مالية فقد تأخر في إقامة حفل الزفاف على أساس إقامته خلال شهر مارس من السنة المقبلة، وأنه كان يتردد على منزل والديها وكان يختلي بها ويمارس معها الجنس بطريقة سطحية، وأنهما دخلا مؤخرا في خلافات فأخبرته بأنها لا ترغب في العيش مع والدته وأخته في منزل واحد فاقترح عليها كراء منزل مستقل، وأنه يوم الحادث قدم الى منزلها حيث خلد للنوم وبعد أن استيقظ تناول الفطور وبدأ يتحدث مع زوجته وهما بمفردهما وتطور الأمر إلى أن شرعا في ممارسة الجنس سطحيا إلا أنه وفي لحظة لم يضبط نفسه فقام بإدخال ذكره في فرجها وافتض بكارتها وواصل ممارسة الجنس عليها دون أن ينتبه إلى خروج الدم منها ثم غادر المنزل بناء على طلبها.
وعند استنطاق المتهم من طرف السيد قاضي التحقيق أكد تصريحاته أمام الضابطة القضائية وعند الإستماع إلى الضحية المشتكية من طرف قاضي التحقيق أكدت تصريحاتها التمهيدية مؤكدة كون المتهم أمسك بها بالعنف والقوة ومارس عليها الجنس بدون رضاها وبكل وحشية مما تسبب في افتضاض بكارتها بشكل غير طبيعي وحدوث نزيف وتم نقلها للمستعجلات.
وأحيلت القضية على غرفة الجنايات الابتدائية فأدرجت بآخر جلسة بتاريخ 02-10-2018 أحضر لها المتهم في حالة اعتقال مؤازرا بدفاعيه وحضرت الى جانبه المطالبة بالحق المدني ودفاعها وعن المنسوب اليه أجاب بكونه مارس الجنس على المشتكية برضاها وقام بذلك عدة مرات وكان يبيت معها بمنزل والديها. وتم الاستماع للمشتكية فأكدت شكايتها وما صرحت به تمهيديا وأمام قاضي التحقيق، وبعد أن رافع دفاع الطرف المدني والتمس الحكم لموكلته بتعويض قدره 200 ألف درهم التمس السيد الوكيل العام الإدانة مع تشديد العقاب، ورافع دفاع المتهم فأكد بأن مقتضيات الفصلين 186 و488 من القانون الجنائي لا تنطبق على نازلة الحال لوجود رابطة زوجية والتمس التصريح ببراءة المتهم واحتياطيا منحه ظروف التخفيف. وبنفس الجلسة صدر الحكم بمؤاخذة المتهم من أجل الإيذاء العمدي في حق الزوجة طبقا للفصل 404 من القانون الجنائي بعد إعادة التكييف وتغيير الوصف القانوني للجريمة المتابع بها والحكم عليه تبعا لذلك بسنتين اثنتين حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها ألف درهم مع تحميله الصائر مجبرا في الأدنى.
فاستانفة الطرف المدني بواسطة دفاعه والسيد الوكيل العام والمتهم ودفاعه داخل أجل الاستئناف.
وحيث أحيلت القضية على أنظار هذه المحكمة للنظر في الطعن المذكور أعلاه، فتم إدراج الملف بعدة جلسات كان آخرها جلسة 09/04/2019 حيث أحضر المتهم في حالة اعتقال وتنصب عنه ذ/ أديب محامي بهيئة مكناس.
وبعد التأكد من هوية المتهم فتبين للمحكمة أنها مطابقة لمحضر الضابطة القضائية، لا سوابق قضائية له بذكره ثم اعتبرت المحكمة القضية جاهزة للمناقشة فأشعر المتهم بحضور دفاعه بالتهم المنسوبة إليه فاعترف بكونه افتض بكارة المشتكية وأنها قبلت ممارسة الجنس معه برضاها وكان قد عقد قرانه عليها، وعن سؤال من المحكمة أجاب المتهم أنه مارس الجنس معها في منزل والديها، وكان ذلك برضاها، وعن سؤال آخر من المحكمة حول تصريحات الضحية كونه مارس عليها الجنس باستعمال العنف فاجاب المتهم بالنفي، وأضاف أنه تمت مواجهته معها خلال المرحلة الابتدائية، وعن سؤال آخر من المحكمة حول تقديم شكاية المشتكية ضده أجاب المتهم بأن المشتكية هي زوجته، ونودي على المشتكية داخل قاعة الجلسة فحضرت وأعطيت لها الكلمة فصرحت أنه قبل الحادث كان هناك نزاع بينها وبين عائلته وأنها قررت الانفصال عنه إلا أنه تشبث بها، وفي يوم الحادث أرغمها على ممارسة الجنس معه ومارس عليها كذلك العنف وافتض بكارتها، وعن سؤال آخر من المحكمة أجابت المشتكية أنها مازلت زوجة له، وعن سؤال آخر من السيد الوكيل العام أجابت المشتكية بكون المتهم مارس الجنس عليها بمنزل والديها، وعن سؤال آخر من المحكمة أجابت المشتكية أنها متزوجة بالمتهم وقد تنازلت عن شكايتها، وأعطيت الكلمة للسيد الوكيل العام وأشار في البداية بكون النازلة تتعلق باغتصاب زوجي وأن المتهم افتض بكارة المشتكية بمنزل والديها وأكد كذلك أن عنصر الرضى لم يكن وقت المواقعة وأنه تمت ممارسة الجنس بدون رضى المشتكية وأكد في الأخير التقرير الاستئنافي وطلب إصدار العقوبة الملائمة للفعل المرتكب لتحقيق الردع العام والخاص، ثم أعطيت الكلمة لدفاع المتهم ذ/ أديب محامي بهيئة مكناس وأشار في البداية لأسباب الاستئناف المصرح به، وأضاف بأن بين المتهم والمشتكية علاقة زواج، وأنه تمت بينهما علاقة جنسية رضائية بمنزل والدي المشتكية، وأضاف كذلك أنه في تاريخ الواقعة اختلى المشتکی به بالمشتكية في منزل والديها عندما ذهب الجميع إلى الشاطئ وتمت الممارسة الجنسية بين الطرفين، وأن عنصر العنف مستبعد في حالة المتهم، وبعد ما عدد الدفاع الأركان التامة لعنصر العنف في القانون الجنائي، وما أشار إليه السيد الوكيل العام من مواد القانون 13 – 103 خلص الدفاع في الأخير بأن العناصر التكوينية للفصول المتابع بها المتهم غير قائمة في حالته واستبعد كذلك جرم الاغتصاب الزوجي، وأضاف كذلك بكون القرار الجنائي الابتدائي لم يصادف الصواب فيما قضى به وأن العقوبة التي حكم بها ابتدائيا هي جد قاسية وأن عنصر الرضائية حاصل في النازلة وأن الشكاية تفقد عناصر الإثبات إضافة إلى ذلك أن المشتكية تنازلت عن شکایتها، وأن الأصل هو البراءة ولا وجود كذلك لوسائل الإثبات في التهم المنسوبة للمتهم والتمس الدفاع في الأخير إلغاء القرار الجنائي الإبتدائي وتصديا التصريح ببراءة المتهم لفائدة اليقين واحتياطيا البراءة لفائدة الشك، وتدخل السيد الوكيل العام في إطار التوضيح وأشار بكون عقد الزواج هو عقد رضائي ولا يجبر الزوج زوجته بالاختلاء بها وممارسة الجنس عليها بالعنف وبدون رضاها، وأشار كذلك للفصل المجرم لجناية الاغتصاب والتعريف الواضح لتهمة الاغتصاب وخلص بكون المتهم لا يمكن أن يجبر الضحية على سلوك لا ترضى به، وهو ما يعني قدوم المشتكية على تقديم شكايتها في مواجهته لانعدام الأمان، وأضاف كذلك أن الأعراف والتقاليد المغربية تحتم الدخول بالزوجة بعد إقامة الحفل والوليمة وأكد في الأخير الرجوع للتقرير الاستئنافي مع رفع العقوبة المحكوم بها على المتهم. وتدخل أيضا دفاع المتهم ذا أديب محامي بهينة مكناس وأكد أن المتهم مثله مثل الشباب المغربي يعاني من ظروف اقتصادية، هو عائق على إعمال طقوس الزفاف ويتعذر إقامة حفل الزفاف على أتم وجه والتمس الدفاع في الأخير التصريح ببراءة المتهم لفائدة اليقين وبعدم الاختصاص في المطالب المدنية وتدخل مرة أخرى السيد الوكيل العام، وأشار لمقتضيات القانون 13-103 وتفسيره الواضح للعنف وجريمة الاغتصاب الزوجي وأيضا هتك عرض قاصر، وأكد بكون عنصر الرضى غير متوفر في حالة المتهم، وبعد الكلمة الأخيرة للمتهم ولم يضف أي جديد، حجزت القضية للمداولة للنطق بالقرار لآخر الجلسة من نفس الهيئة التي ناقشت القضية.
وبعد المداولة طبقا للقانون
أولا: في الشكل : حيث أن الاستئناف المقدم من طرف متهم كان داخل الأجل القانوني ووفق المتطلبات الشكلية مما يتعين قبوله شكل
ثانيا : في الموضوع : 1- في الدعوى العمومية :
يعتبر الاغتصاب الزوجي هو إقدام الزوج على معاشرة زوجته بدون رضاها وباستخدام الإكراه، ولا يقصد بالإكراه هنا الإكراه المادي فقط، والمتمثل في استخدام القوة الجسدية من أجل إجبار الزوجة على المعاشرة الجنسية، بل أيضا الإكراه المعنوي المتمثل في الابتزاز والتهديد، وكذا ممارسة الجنس بطرق وأساليب من شأنها أن تهين المرأة وتحط من كرامتها.
وحيث إن المشرع المغربي في تعريفه للاغتصاب بأنه مواقعة رجل لأمرأة بدون رضاها دون أن يحدد المقصود بالمرأة، وعبارة امرأة تطلق على أي أمرأة، والمشرع لم يستثن المرأة المتزوجة، وعليه تفهم من ذلك أن المرأة المتزوجة بدورها يسري عليها تطبيق هذا النص وهو ماسار عليه حتى القانون الفرنسي باعتباره المصدر التاريخي للتشريع المغربي حيث أن محكمة النقض الفرنسية أصدرت بتاريخ 5 شتنبر 1990 قرارا جاء فيه أن القانون الجنائي الفرنسي يهدف إلى حماية الحرية الجنسية لكل فرد، وبالتالي فإنه لا يستثني من الاغتصاب المعاشرة بالإكراه التي تقع بين شخصين تجمعهما علاقة زوجية.
وحيث إنه إذا كانت الزوجة بحكم رابطة الزوجية مدعوة لتمكين زوجها من نفسها، فإن الزوج مدعو بدوره لحماية شريكة حياته من الأفعال الفاحشة الماسة بعورتها التي لا يجوز العبث بحرمتها، لا أن يمارس عليها الفاحشة بدون رضاها، فالرابطة الزوجية يجب أن توفر الحماية للزوجة، ولا ينبغي أن تستعمل كذريعة من طرف الزوج لارتكاب الفاحشة في حقها بطريقة هي غير راضية عنها.
وحيث إنه من هذا المنطلق، وأمام اعتراف المتهم في سائر المراحل ومن خلال تصريحات المشتكية ومن خلال الشهادة الطبية بالملف ومعاينة الضابطة القضائية على الضحية الزوجة كون ملابسها ملطخة بالدم مما يجعل المحكمة تقتنع بكون جناية الاغتصاب الناتج عنه افتضاض قائمة في حقه طبقا للفصلين 486 و488 من القانون الجنائي ويتعين مؤاخذته من أجل ذلك، والقرار المستأنف لما أعاد تكييف الأفعال المدان بها المتهم على أنها تشكل الأيذاء العمدي في حق الزوجة طبقا للفصل 404 ق ج لم يصادف في ذلك الصواب مما ينبغي إلغاؤه والتصريح من جديد بمؤاخذته من أجل الاغتصاب الناتج عنه افتضاض طبقا للفصلين 486 و488 من القانون الجناني.
وحيث أنه بعد الادانة تداولت المحكمة في منح المتهم ظروف التخفيف فتبت له كونه يستحق تمتيعه بذلك طبقا للفصلين 146 147 من القانون الجنائي تبعا لدرجة إجرامه ولتنازل الزوجة عن شكايتها استمرارا منها لرابطة الزوجية مع جعل العقوبة المحكوم بها موقوفة التنفيذ في حقه لعدم سوابقه.
في المطالب المدنية :
حيث إن الضحية تنازلت عن شكايتها ومطالبها المدنية مما ينبغي معه والحالة هذه إلغاء القرار المستأنف فيما قضى به من تعويض للمطالبة بالحق المدني والتصريح من جديد بالإشهاد على تنازلها عن المطالب المدنية.
لهذه الأسباب
حكمت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بطنجة حضوريا علنيا نهائيا
في الشكل: بقبول الاستئناف
قي الموضوع: 1- في الدعوى العمومية
إلغاء القرار المستأنف فيما قضى به من إعادة التكييف والتصريح من جديد بمؤاخذة المتهم بالمنسوب إليه وبتأييده في الباقي مع جعل العقوبة المحكوم بها على المتهم موقوفة التنفيذ في حقه وتحميله الصائر والإجبار في الأدنى.
وأشعر المتهم بأن له عشرة أيام للطعن بالنقض.
2- في المطالب المدنية : بإلغاء القرار المستأنف فيما قضى به من تعويض للمطالبة بالحق المدني والتصريح من جديد بالإشهاد على تنازلها عن المطالب المدنية.
قراءة التعليقات (1)
إني أستغرب هذا الحكم في تكييفه الواقعة على أنها مواقعة عمدية مما ينطبق عليها الأحكام العامة لجريمة المواقعة بالإكراه. نعم الزوجة مرأة، ولكن كونها زوجة أمرٌ يستوجب استحضار الإباحة التي توجبها رابطة الزوجية. فنحن في الواقع أمام قاعدة قانونية مفرطة البداهة وهي أن الخاص يقيد العام.
لا أعني بهذا الإباحة المطلقة للسلوك. ولكن تكييفه مواقعة يبدو لي خطأ كبيراً. قد تصلح الواقعة لتكوّن أركان جريمة الإيذاء.
وإني لأتأسف جداً أن أرى محكمة دولة إسلامية تستشهد في تفسير نص، محكوم بشكل متين بثقافة المجتمع ودينه، برأي محكمة فرنسية. محكمة يرأسها قضاة التمايز الديني والثقافي بيننا وبينهم شديد. ولا يشفع في هذا كون القانون الفرنسي هو المصدر التاريخي للقانون المغربي. أيعقل أن نحجر على عقولنا إلى هذا الحد، حد نغلق فيه السبيل أمام استعمال القاضي لأساسيات عمله القضائي وهو الاجتهاد في تفسير النصوص وفق القواعد المعروفة للتفسير، فيصير مجرد مردد لما يقوله "العارفون"؟!
"حيث أن محكمة النقض الفرنسية أصدرت بتاريخ 5 شتنبر 1990 قرارا جاء فيه أن القانون الجنائي الفرنسي يهدف إلى حماية الحرية الجنسية لكل فرد." أتساءل عما إذا كان القانون المغربي أيضاً يحمي هذه الرذيلة الجنسية أيضاً.