الغرفة الأولى
الحكم المدني رقم 165
الصادر في 20 حجة 1387 موافق 20 مارس 1968
1 ـ إن طلب التحفيظ يعطي لصاحبه صفة المدعى عليه ولا يجب عليه الإدلاء بحجة حتى يدعم المتعرض تعرضه بحجة قوية.
2 ـ يكون على صواب الحكم الذي لا يعتبر أفعال التصرف التي لا يمكن أن يترتب عليها أي مفعول فيما يتعلق بالأراضي الجماعية التي لا تمكن حيازتها عملا بالفصل الرابع من ظهير26 رجب 1337 موافق 27 أبريل 1919 بشأن حجر الجماعات.
باسم جلالة الملك
بناء على طلب النقض المرفوع بتاريخ 19 مارس 1963 من طرف جماعة أولاد بن الشاوي بواسطة نائبهم الأستاذ فيلمان ضد حكم محكمة الاستئناف بالرباط الصادر في 22 دجنبر 1962.
وبناء على الظهير المؤسس للمجلس الأعلى المؤرخ بثاني ربيع الأول 1377 موافق 27 شتنبر 1957.
وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر في 22 يناير 1968.
وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة في 6 مارس 1968.
وبعد الاستماع بهذه الجلسة إلى المستشار السيد امحمد بن يخلف في تقريره وإلى ملاحظات وكيل الدولة العام السيد إبراهيم قدارة.
وبعد المداولة طبقا للقانون.
فيما يخص الوسيلة الأولى:
حيث يؤخذ من أوراق الملف ومن الحكم المطعون فيه ( محكمة الاستئناف بالرباط 22 دجنبر 1962 ) أن جماعة أولاد بن الشاوي من قبيلة أولاد عمور طلبوا تحفيظ أرض للرعي تحت رقم 5.296 د. ز فتعرض على هذا المطلب بعض المتعرضين من بينهم جماعة أولاد بن الشاوي من قبيلة أولاد بوعزيز وجماعة الغنادرة، فحكمت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء في 10 ماي 1941 بصحة تعرض جماعة الغنادرة فيما يخص جزء معينا من المدعى فيه وبصحة تعرض جماعة أولاد بن الشاوي من قبيلة
أولاد بوعزيز بقدر ما يجعل هذه الجماعة شريكة مع طالبة التحفيظ جماعة أولاد بن
الشاوي من قبيلة أولاد عمور في ملكية ما لم تختص به الجماعات الأخرى، وبتاريخ 22 يوليوز 1942 أيدت محكمة الاستئناف بالرباط الحكم الابتدائي وعلى إثر ذلك قدمت جماعة الغنادرة سنة 1943 طلبا تحت رقم 1886 ز يرمي إلى تحفيظ أرض جماعية تسمى “ساحل الغنادرة” كائنة بقبيلة أولاد بوعزيز تبلغ مساحتها 260 هكتارا فتعرضت على هذا المطلب جماعة أولاد بن الشاوي من قبيلة أولاد بوعزيز مطالبة بـ 102 هكتار من الأرض المتنازع في شأنها، وبتاريخ 26 مارس 1960 قضت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بعدم صحة التعرض مستندة إلى أنه بعد صدور الحكم الاستئنافي في شأن التعرضات على مطلب التحفيظ رقم 5.296 السالف الذكر قدمت جماعة أولاد بن الشاوي من قبيلة أولاد عمور مطلبا تصحيحيا للتحفيظ تعرضت ضده جماعة أولاد بن الشاوي من قبيلة أولاد بوعزيز ثم وقع اتفاق بين الفريق طالب التحفيظ والفريق المتعرض على مواصلة طلب التحفيظ في اسم جماعة أولاد بن الشاوي كلها، مما جعل أولاد بن الشاوي عندما تعرضوا على مطلب التحفيظ رقم 1886 المودع من طرف الغنادرة لم يراعوا قوة الشيء المحكوم به نهائيا بين الجماعتين، وبتاريخ 22 دجنبر 1962 حكمت محكمة الاستئناف بالرباط بتصحيح الحكم الابتدائي متبنية علله ومصرحة بأن المدعى فيه مكون من أراضي جماعية وأن ما ثبت لصالح أولاد بن الشاوي بأولاد بن بوعزيز من بعض أعمال التصرف الحديثة العهد لا يمكنها أن تعتبر حجة لإثبات حقوقهم وأنه من الثابت أن الأراضي المذكورة أخرجت من منطقة أولاد عمور وسلمت قصد الاستغلال
لأولاد بن الشاوي بأولاد بوعزيز وذلك بقرار من السلطة الإدارية التي بينت أن هذه الأراضي كانت تابعة لقبيلة أولاد عمور التي تشمل الغنادرة، فطلبت جماعة أولاد بن الشاوي من قبيلة أولاد بوعزيز نقض الحكم الاستئنافي المذكور وأجاب وزير الداخلية بوصفه وصيا على جماعة الغنادرة ملتمسا رفض الطلب مع التنصيص على أن أولاد بن الشاوي القاطنين بأولاد بوعزيز يكونون جزءا لا ينفصل من جماعة أولاد بن الشاوي المنتمين إلى أولاد عمور الغنادرة وأنهم يملكون نفس الحقوق التي يتمتع بها جميع أفراد الجماعة.
وحيث تقدح طالبة النقض في الحكم المطعون فيه بخرقه للقانون الداخلي وذلك بعدم تطبيقه قواعد الإثبات المنصوص عليها في الشرع الإسلامي.
وذلك عندما صرح بأن طالبة النقض تمارس حيازة (وصفها بحديثة العهد بدون أي بيان لذلك) بدون أن يبحث هل يوجد ما يعارضها من حيازة بيد الجماعة المنازعة لها في قطعة النزاع جاعلا بذلك طالبة النقض مدعية ومحملا لها عبء الإثبات بينما تعتبر قواعد الشرع الإسلامي الحائز مدعى عليه ولا تطالبه ببينة.
لكن حيث إن جماعة الغنادرة المطلوبة في النقض طلبت تحفيظ القطعة التي حكم بصحة تعرضها عليها بحكم صدر من محكمة الدار البيضاء بتاريخ 10 ماي 1941 وأيد من طرف محكمة الاستئناف بقرار مؤرخ في 22 يوليوز1942 وذلك بصدد تصفية النزاع الذي نشأ إثر مطلب التحفيظ رقم 5.296 وأن طلبها للتحفيظ يعطيها صفة المدعى عليه ولا يجب عليها الإدلاء بحجة حتى يدعم المتعرض تعرضه بحجة قوية.
وحيث إن جماعة الغنادرة زيادة على كونها طالبة التحفيظ فإنها اعتمدت في مطلبها على الحكم الصادر لفائدتها الذي هو حجة على ثبوت حقها حتى يأتي خصمها بما يعارضه.
وحيث إن قضاة الدرجة الأولى بعدما لاحظوا أن جماعة الغنادرة اعتمدت في تقديم مطلبها على الحكم الصادر لفائدتها بينوا ضعف حجة جماعة ابن الشاوي المتعرضة حيث إن نائبها اضطرب في تحديد ما يطلب استحقاقه وأن حيازتها لا تمتد إلا إلى بقع تافهة وأنها وقعت بعد صدور الأحكام المشار لها وهي ملاحظة منوطة بسلطتها التقديرية التي لا تخضع لرقابة المجلس الأعلى.
وحيث إن قضاة الاستئناف الذين تبنوا حيثيات قضاة الدرجة الأولى أضافوا إليها هذا السبب: “وحيث إن موضوع النزاع أرض جماعية فمظاهر الحيازة ـ التي هي من جهة أخرى حديثة ـ والتي ثبتت للجماعة المستأنفة لا يمكن أن يترتب عليها تملك الأرض بالحيازة ولا أن تكون أساسا للحق المطالب به”.
وحيث إن قضاة الاستئناف لم يزيدوا على أن طبقوا بدون أن يشيروا إليه صراحة الفصل الرابع من الظهير الصادر في 26 رجب 1337 موافق 27 أبريل 1919 بشأن حجر الجماعات الذي ينص على أن “الأرض الجماعية لا تملك بالحيازة ولا تفوت ولا تحجز” فكانوا على صواب عندما لم يعتبروا أفعال التصرف التي لا يمكن أن يترتب عليها أي مفعول فيما يتعلق بالأراضي الجماعية التي لا تمكن حيازتها عملا بالنص المشار له.
لذلك فإن الوجه الأول لا يرتكز على أساس.
وفيما يتعلق بالوجهين الثاني والثالث المستدل بهما :
حيث تطعن طالبة النقض في الحكم المطلوب نقضه بخرقه القانون الداخلي ومخالفة القواعد العامة للإثبات وذلك عندما اعتبر أن قطعة النزاع كانت أخرجت من منطقة جماعة أولاد بن عمور ودفعت بقصد الاستغلال إلى جماعة أولاد ابن الشاوي بأمر من السلطة الإدارية اعتمادا على ما صرح به ممثل تلك السلطة الذي صرح بأن تلك القطعة كانت تابعة تاريخيا لقبيلة أولاد عمور في حين أن ممثل السلطة هو الذي وضع مطلب التحفيظ رقم 1886 حرف الزاي الذي تعرضت عليه الجماعة طالبة النقض وفاه بذلك التصريح لتأييد دعواه كما تقدح في الحكم المطعون فيه بخرقه القانون الذي يحكم ويحدد قوة الأمر المقضي (الفصلان 37 و38 من الظهير العقاري) وذلك عندما تبنى حيثيات حكم قضاة الدرجة الأولى والتي اعتبرت أن الحكم الصادر بتاريخ 10 ماي 1941 المؤيد من طرف محكمة الاستئناف بتاريخ 22 يوليوز1942 حاز قوة الأمر المقضي في حين أن الحكم المذكور لم يفصل بين المتعرضين.
لكن حيث إن قضاة الدرجة الأولى وعلى إثرهم قضاة الاستئناف لما ساقوا من بين العلل التي بنوا عليها حكمهم كون الجماعة المتعرضة على مطلب التحفيظ التي لها وصف المدعية لم تأت بما ينفعها لتأييد تعرضها فقد عللوا حكمهم تعليلا كافيا فصار كل ما عدا هذه العلة زائدا لا تتوقف صحة الحكم عليه.
وفيما يتعلق بالوجه الرابع :
حيث تعيب طالبة النقض على القرار المطلوب نقضه عدم التعليل وانعدام الأساس القانوني وذلك عندما وصف القرار والحكم المؤيد من طرفه حيازة طالبة النقض بكونها حديثة العهد بدون أي جواب على الوسائل المستدل بها في الاستئناف الرامية إلى إثبات قدم الحيازة.
لكن حيث إن قضاة الاستئناف لم يعطوا أي اعتبار للحيازة لأن النزاع متعلق بأرض جماعية ولأن أفعال التصرف فيها لا يمكن أن تؤدى إلى تملك الأرض الجماعية بالحيازة ولو طالت نظرا لما قرر الفصل الرابع من ظهير 26 رجب 1337 ـ 27 أبريل 1919 الذي تقدمت الإشارة إليه وأن وصفهم حيازة طالبة النقض بكونها حديثة العهد إنما جاء على وجه المبالغة في الاستدلال لا على كونه علة أساسية لمنطوق الحكم فبتصريحهم بأن أعمال التصرف لا تجدي في اكتساب حق الملك في ارض جماعية أجابوا ضمنيا وبصفة حتمية على الوسائل المستدل بها في الاستئناف وأعطوا حكمهم أساسا قانونيا.
فالوجه الرابع أيضا لا يرتكز على أساس.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى برفض طلب النقض وعلى أصحابه بالصائر.
وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور حوله في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالمشور وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من معالي الرئيس الأول السيد أحمد أبا حنيني والمستشارين السادة : امحمد بن يخلف، إدريس بنونة، امحمد عمور، سالمون بنسباط، وبمحضر وكيل الدولة العام السيد إبراهيم قدارة وبمساعدة كاتب الضبط السيد المعروفي سعيد.