X

محكمة النقض – فحص مشروعية القرارات الإدارية الفردية – شروط

القاعدة:

1 – لا يختص المجلس الأعلى بفحص مشروعية المقررات الإدارية الفردية إلا بالنسبة للمنازعات التي يكون له فيها حق الفصل نهائيا عن طريق دعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة ولا يملك حق تفسير المعنى الغامض لهذه المقررات إلا في نطاق الدعوى المذكورة.

2 – إذا كانت مقتضيات مقرر فردي مبهمة يتعين الالتماس من السلطة الإدارية المصدرة له أن تدل على المعنى الحقيقي الذي أرادت أن تعطيه لهذا المقرر عند إصدارها له.

 

الحكم الإداري رقم 2

الصادر في 10 رمضان 1389-21 نونبر 1969

بين إيف ماس وبين معالي الوزير الأول

 

باسم جلالة الملك

بناء على الطلب المرفوع بتاريخ 20 دجنبر 1966 من طرف إيف ماس بواسطة نائبه الأستاذ شارل برينوالمتعلق بتفسير والبث في مشروعية المقرر الصادر في 3 مايو1959 عن رئيس الحكومة إذ ذاك.

وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 8  يونيو1968 تحت إمضاء معالي الوزير الأول.

وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 7 أبريل 1967 تحت إمضاء الأستاذ محمد بوستة.

وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف.

وبناء على الظهير المؤسس للمجلس الأعلى المؤرخ بثاني ربيع الأول عام 1377 موافق 27 شتنبر1957.

وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر في 3 أكتوبر 1969.

وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة في 31 أكتوبر 1969.

وبعد الاستماع بهذه الجلسة إلى المستشار السيد محمد بن يخلف في تقريره وإلى ملاحظات المحامي العام السيد مولاي عبد الواحد العلوي.

وبعد المداولة طبقا للقانون.

بناء على مقتضيات الفصل الأول من الظهير المؤسس للمجلس الأعلى المحدد لاختصاصات المجلس المذكور على سبيل الحصر.

وحيث إن مسائل الاختصاص النوعي للمحاكم تعد من النظام العام وأن رغبات المتقاضين أودوافع تسهيل سبل التقاضي لهم ليس من شأنها التأثير على اعتبارات المصلحة العامة التي ترتكز عليها قواعد هذا الاختصاص كما حددها المشرع وأنه لا يمكن لأية محكمة كانت أن تنكر اختصاصها سواء ببتها في دعوى لا تملك حق النظر فيها أوبرفضها البث في مسألة داخلة في اختصاصاتها.

وحيث يؤخذ من أوراق الملف أنه بتاريخ 3 أكتوبر 1969 رفعت النقابة الوطنية للصحافة المغربية دعوى إلى المحكمة الإقليمية بالدار البيضاء بطريق استدعاء مباشر سلمته – بصفتها مطالبة بالحق المدني – إلى إيف ماص مدير الجريدة الأجنبية “لوبوتي ماروكان” مطالبة بإدانته طبقا لمقتضيات قانون الصحافة والحكم عليه جنحيا بما يستحقه من عقوبة ،   ومدنيا بأدائه تعويضا قدره درهم واحد لفائدة النقابة المذكورة وذلك لكون إيف ماص يصدر بالدار البيضاء جريدة يومية أجنبية باللغة الفرنسية دون الحصول على رخصة بمرسوم طبقا للفصل 28 من ظهير 15 نونبر 1958 المتعلق بالصحافة.

وبتاريخ 9 مارس 1964 أصدرت المحكمة الإقليمية بالدار البيضاء حكمها ابتدائيا بعدم مؤاخذة المتهم وببراءته مما اتهم به ، مرتكزة على رسالة مؤرخة في 3 مايو1959 ممضاة من طرف رئيس الحكومة إذ ذاك مضمنها أنه يرخص لإيف ماص إصدار جريدته مؤقتا ، ريثما يقع البث في طلبه الذي ما زال تحت الدرس.

وبعد الاستئناف من طرف النقابة الوطنية وحدها ، قضت محكمة الاستئناف بالرباط في 17 يونيو1964 بإلغاء الحكم الابتدائي وبأداء إيف ماس للنقابة الوطنية تعويضا رمزيا قدره درهم واحد لمخالفته الفصل 28 المشار له مصرحة: “بأن الرسالة الواردة من رئاسة الحكومة ليست بمرسوم إذ أنها لم ترد في الشكل وطبق الإجراءات التي تتوفر عليها المراسيم عادة  وإن السلطة التي صدر عنها ذلك الجواب قد خالفت مقتضيات الظهير الصادر بشأن الصحافة عندما أذنت لإيف ماس بإصدار جريدته مؤقتا “.

وبتاريخ 9 دجنبر 1966 قضى المجلس الأعلى بنقض الحكم الاستئنافي سالف الذكر بناء على أنه “ليس لقاضي الزجر أن يتولى تقدير مشروعية مراسيم وقرارات اتخذت بشأن مواد خارجة عن نطاق المخالفات ولا تدخل في مشمولات الفصل 609 في بنده 11 من القانون الجنائي وإن الوثيقة التي تقدم بها إيف ماص إلى المحكمة مقرر إداري يتضمن تدبيرا فرديا لا يدخل ضمن المراسيم والقرارات التي نص عليها الفصل المشار إليه فإن قضاة الاستئناف بتوليهم تقدير مشروعيته قد تجاوزوا حدود سلطتهم وعرضوا بذلك حكمهم للنقض ،” وتبعا لذلك أمر المجلس الأعلى بإحالة القضية على نفس المحكمة وهي متركبة من هيئة أخرى للبث فيها من جديد طبقا للقانون.

وبتاريخ 22 شتنبر 1966 ارتأت محكمة الإحالة “إن البث في القضية يتطلب أولا الفصل في نقطة نزاعية عارضة وهي معرفة ما إذا كانت الرسالة المدلى بها من طرف المتهم توازي من الناحية القانونية مرسوما أم لا ، وأنه لا يتأتى لمحكمة الاستئناف البث في مشروعية هذه الوثيقة الإدارية ، مما يتعين معه رفع القضية إلى من له النظر “، ولهذه الأسباب قررت محكمة الاستئناف إرجاء البث في القضية ومنح المتهم إيف ماس أجلا قدره ثلاثة أشهر يبتدئ من تاريخ التبليغ ” للترافع أمام المحكمة ذات النظر قصد البث في مشروعية الوثيقة الإدارية المتنازع فيها والقول هل هي من الوجهة القانونية توازي مرسوما فرديا أم لا ” وعلى إثر صدور هذا الحكم قدم إيف ماس عريضتين للمجلس الأعلى ، الأولى للغرفة الجنائية طالبا نقض الحكم الاستئنافي المذكور( ولم تبت الغرفة الجنائية بعد في هذا الطلب ) والعريضة الثانية للمجلس الأعلى وهويبت في القضايا الإدارية معنونا طلبه ” بمقال قصد تأويل عمل إداري” وذاكرا أنه لم يقم بهذه الدعوى إلا تحت التحفيظ فيما سينتج عن طلب النقض المقدم ضد حكم 22 شتنبر 1966 ، واحتياطا في حالة قبول الطلب التمس من المجلس القول بأن رسالة رئيس الحكومة سالفة الذكر لم تعد الآن قابلة لا للطعن ولا للسحب لانصرام الأجل القانوني ، والقول بأن هذه الرسالة هي المرسوم المنصوص عليه في ظهير 15 نونبر 1958.

وحيث يؤخذ من العريضة ومن الحكم الاستئنافي الصادر في 2 شتنبر 1966 أن إيف ماس يلتمس من المجلس الأعلى البث في مشروعية مقرر إداري وتفسير مدلوله بناء على طلب من المحكمة الزجرية.

وحيث إن المجلس الأعلى لا يختص بفحص مشروعية المقررات الإدارية الفردية إلا بالنسبة للمنازعات التي يكون له فيها حق الفصل نهائيا عن طريق دعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة ولا يملك حق تفسير المعنى الغامض لهذه المقررات إلا في نطاق الدعوى المذكورة.

ومن جهة أخرى حيث إنه إذا كان المقرر الفردي واضح الدلالة لا يكتسيه أي غموض أوالتباس فمن البديهي أنه لا حاجة إلى تفسيره مطلقا بل يجب على جميع المحاكم أن تطبقه حسب مدلوله الواضح ، أما إذا كانت مقتضيات المقرر الفردي مبهمة ، فيتعين على المحكمة المختصة بتطبيقه أن ترجئ البث في النزاع وتلتمس من السلطة الإدارية المصدرة للمقرر المذكور أن تدلها على المعنى الحقيقي الذي أرادت أن تعطيه لهذا المقرر عند إصدارها له ، وأن سلوك هذه المسطرة غير القضائية يقتضيه حاليا عدم وجود دعوى التفسير.

لهذه الأسباب

قضى المجلس الأعلى بعدم اختصاصه بالنظر في الطلب المقدم من إيف ماس وعليه بالصائر.

وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالمشور وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من معالي الرئيس الأول السيد احمد أبا حنيني ورئيس الغرفة الأستاذ مكسيم أزولاي والمستشارين السادة: محمد بن يخلف – مقرر – وإدريس بنونة وسالمون بنسباط وبمحضر المحامي العام مولاي عبد الواحد العلوي وبمساعدة كاتب الضبط السيد مولاي احمد العلوي.

رجل قانون:
مواضيع متعلقة