القاعدة:
المشتري الذي تقام عليه الدعوى في شأن استحقاق المبيع يتعين عليه إشعار البائع بها ليواجهها بما يراه حتى يتحمل هذا البائع الضمان الواجب عليه بمقتضى القانون.
إذا أقيمت الدعوى على المشتري و لم يشعر بها البائع له و اختار مواجهتها بنفسه سقط حقه في الرجوع على البائع له و تحمل هو نتيجة ما يقضى به في هذه الدعوى طبقا لمقتضى الفصل 537 من قانون الالتزامات و العقود.
القرار رقم 1223
الصادر بتاريخ 10 ماي 1993
ملف مدني رقم 3200 89
باسم جلالة الملك
و بعد المداولة طبقا للقانون
فيما يخص الوسيلة الأولى:
حيث يؤخذ من أوراق الملف و من القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بمكناس في تاريخ 18 أبريل 1989 تحت رقم 1432/89 ملف 2917/88/1 أن تشول محمد قدم مقالا إلى المحكمة الابتدائية بهذه المدينة يعرض فيه أنه بمقتضى عقد مؤرخ في 12 نونبر1979 اشترى من المدعى عليه بلعباس مولاي عبدالرحمان بن المامون العلوي قطعة أرضية مساحتها مائة متر مربع(ذكر حدودها و موقعها بالمقال) بثمن إجمالي قدره خمسة عشر ألف درهم تسلمه منه البائع و أبراه منه، و أنه شيد بالقطعة المذكورة دارا تتكون من ثلاث غرف و مطبخ و ساحة مجهزة بالأبواب و الشبابك الحديدية، و أنه فوجئ بإقامة دعوى ضده من طرف فتيحة بنت عمر و من معها يطالبونه فيها بإفراغه من القطعة المشار إليها باعتبار أنها في ملكهم الخاص بهم حسبما يثبته الرسم العقاري عدد 20256 ك و قد حكم عليه فعلا ابتدائيا بالإفراغ و أيد استئنافيا حسب القرار عدد 2537/10/84 و لذلك فهو يطلب الحكم بفسخ عقد البيع الواقع بينه و بين المدعى عليه في شأن القطعة السابقة الذكر لكون هذا الأخير باعها مرتين، و الحكم عليه بإرجاعه إليه ثمن الشراء الذي تسلمه منه و قدره 15.000 درهم و بأدائه له قيمة المواد التي صرفها في بناء تلك القطعة و قدرها 20.970 درهم و مبلغ الفرق بين القيمة القديمة للقطعة وقت البيع و قيمتها الحالية و قدره 33.000 درهم و مجموع ما ذكره 68.970 درهم. و بعدما أجاب المدعى عليه معترفا بما ورد في المقال و دفع بأن المدعى لم يعلمه بدعوى الاستحقاق التي أقيمت عليه بشأن القطعة المبيعة ليقول كلمته فيها و يدلي بحججه في شأنها و لذلك فقد حقه في الرجوع عليه بالضمان أو مطالبته بأي حق في الشيء المبيع، عملا بالفصل 537 من قانون الالتزامات و العقود الذي لم يحترمه، تبين للمحكمة حينئذ من اطلاعها على الحكم الذي استند عليه المدعى في مقاله و الصادر عليه بالإفراغ من القطعة المبيعة، أنه ليس فيه ما يفيد كونه أعلم البائع بالدعوى المقامة عليه باستحقاق القطعة المذكورة، و اعتبرت لذلك أنه بعدم قيامه بهذا الإجراء يكون قد فرط في حقه و عرضه للضياع، تطبيقا لما ينص عليه الفصل 537 من قانون الالتزامات و العقود، و حكمت لما ذكر برفض طلبه، فاستأنفه هذا الأخير لدى محكمة الاستئناف التي أيدته فيما قضى به.
و حيث يعيب الطالب القرار المطعون فيه، بخرقه الفصول 332 و 329 و 359 من قانون المسطرة المدنية، إذ أنه كما هو واضح من هذا القرار أن المطلوب قدم بواسطة محاميه مذكرة جوابية عن مقال الاستئناف، في حين أن هذه المذكرة لم يقع تبليغها إلى محامي الطالب ليعقب عليها، و لا يوجد في القرار المذكور ما يفيد أنه وقع تبليغها، بينما أن الفصل 332 ينص على أن مذكرات الدفاع و الردود يقع تبليغها طبقا للفصل 329، و لذلك فإن عدم تبليغها إليه فيه حرمان له من بيان أوجه دفاعه في شأنها و خرق لمقتضيات الفصلين المشار إليهما.
لكن حيث إنه فضلا عن كون المذكرة الجوابية للمطلوب، كما هو واضح من القرار المطعون فيه، جاءت تؤكد نفس ما سبق لهذا الأخير أن دفع به ابتدائيا و لم تأت بأي شيء جديد في المرحلة الاستئنافية، فإن القرار المذكور لم يعتمد عليها، و إنما صدر مؤيدا للحكم الابتدائي الذي ارتكز في قضائه – على الحكم الذي أدلى به الطالب نفسه و الذي تبين للمحكمة منه أن هذا الأخير لم يقم بإعلام المطلوب بدعوى الاستحقاق التي أقيمت عليه في شأن القطعة المبيعة، تطبيقا لما يقتضيه الفصل 537 من قانون الالتزامات و العقود، و لذلك فإن عدم تبليغ تلك المذكرة المحتج بها في الوسيلة، لم يلحق بالطالب أي ضرر، و بالتالي فإن هذه الأخيرة بدون اعتبار.
و فيما يتعلق بالوسيلـة الثانيـة
حيث يطعن الطالب في القرار، بعدم الارتكاز على أساس قانوني و خرق مقتضيات الفصول 534 و 538 و 540 من قانون الالتزامات و العقود، ذلك أن الفصل 534 ينص على أن البائع يلتزم بقوة القانون بأن يضمن للمشتري الاستحقاق الذي يقع ضده بمقتضى حق كان موجودا عند البيع حسب الحالات المنصوص عليها في نفس الفصل، و بالفعل فإن الطالب بعدما اشترى من المطلوب القطعة الأرضية موضوع النزاع و شيد فيها دارا للسكنى، وجهت ضده دعوى الاستحقاق من طرف أشخاص توجد تلك القطعة محفظة في اسمهم و فعلا صدر عليه حكم بإفراغه هذه القطعة، مما يكون معه إذن البائع المطلوب طبقا للفصل المذكور ملزما بضمان الاستحقاق الذي وقع ضد الطالب، كما أن الفصل 538 يقضي بأنه إذا استحق المبيع كله من يد المشتري كان له أن يطلب استرداد الثمن الذي دفعه و مصروفات العقد و الخسائر المترتبة مباشرة عن الاستحقاق، و كما أن الفصل 540 ينص على أن البائع السيئ النية ملزم بأن يدفع للمشتري حسن النية كل المصروفات التي أنفقها حتى مصروفات الزينة و الترف، و هكذا يتجلى أن دعوى الطالب المقدمة للمحكمة مرتكزة على أساس قانوني، و مؤيدة بالفصول القانونية المذكورة، في حين أن القرار المطعون فيه رفض طلبه رغم كونه مؤسسا، مما يكون معه قد خرق مقتضيات الفصول المشار إليها.
لكن حيث إنه لئن كانت الفصول المحتج بها في الوسيلة تقضي بأن البائع يضمن للمشتري الاستحقاق الذي يقع ضده في شأن المبيع و بأن يرد له الثمن الذي دفعه له و المصروفات التي أنفقها بسبب الشيء المبيع، فإن الفصل 537 من نفس قانون الالتزامات و العقود يوجب على المشتري لكي يضمن حقه في الرجوع بالضمان على البائع، أن يقوم بإعلام هذا الأخير بدعوى الاستحقاق التي أقيمت عليه في شأن الشيء المبيع، و فيما إذا لم يقم بهذا الإعلام و فضل الدفاع مباشرة في الدعوى باسمه الشخصي كما هو الشأن في النازلة، فإنه حينئذ يفقد كل حق في الرجوع بالضمان على البائع، و لذلك فإن القرار المطعون فيه عندما تأكد له من الحكم الصادر في دعوى الاستحقاق و الذي أدلى به الطالب نفسه، أن هذا الأخير لم يقم بإعلام البائع المطلوب بالدعوى المذكورة مما جعله يفقد حقه في الرجوع بالضمان عليه تطبيقا للفصل 537 السابق الذكر و قضى بالتالي برفض طلبه المتعلق بهذا الرجوع، يكون إذن موافقا للصواب فيما قضى به و ليس فيه أي خرق للفصول المحتج بها مما تكون معه الوسيلة غير مرتكزة على أساس.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى برفض الطلب و على صاحبه بالصائر.
و به صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور حوله بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط
و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من:
رئيس الغرفة السيد: محمد بنعزو و المستشارين السادة: محمد الجيدي مقررا – المدني الزكيري – نور الدين لوباريس – ناجي أحمد بوعطية و بمحضر المحامي العام السيد محمد عزمي و بمساعدة كاتبة الضبط السيدة مليكة بن شقرون.