X

الصدقة – إشهاد العدول بالحيازة – إثبات العكس باللفيف – لا

القرار رقم 949

الصادر بتاريخ 13 يونيه 1989

ملف شرعي رقم 4438/84

القاعدة:

أن رسم الصدقة الذي شهد فيه العدلان بحيازة المتصدق عليه للمتصدق به معاينة وتطوفا لا يمكن أن يناهض باللفيف لنفي هذه الحيازة لعدم تكافئها ولكون المثبت مقدم على النافي لأنه علم ما لم يعلمه الآخر.

وادعاء الرجوع في الصدقة لا يثبت إلا بعقد ثابت يناهض عقد الصدقة كما أن الحيازة الثابتة لا يبطلها إلا الناقل المحقق كما يفيده قول خليل: وإن شهد بإقرار استصحب، والاستصحاب أصل من الأصول المقررة شرعا.

 

 

باسم جلالة الملك

إن المجلس

وبعد المداولة طبقا للقانون.

حيث يؤخذ من وثائق الملف ومن نسخة القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بسطات رقم 9 وتاريخ 24/1/84 في القضية عدد 110/83/3 ان المجلس الأعلى نقض القرار الصادر عن نفس المحكمة تحت عدد 403 وتاريخ 26/5/83 في الملف 164/7 بعلة كون المحكمة اعتبرت الدعوى حيازية وأن عناصرها لم تتوفر للمدعية فإنها تكون كيفت الدعوى من الاستحقاق إلى الحيازة مع أن المقال الافتتاحي للدعوى والوسائل التابعة له تجعل الدعوى مقدمة في إطار دعاوى الاستحقاق خلافا لما ذهبت إليه المحكمة أن طلب التخلي ما دام لم يقدم في إطار الفصل 166 من ق.م.م فإنه يرمي في واقع الأمر في تصفية النزاع في الاستحقاق الشيء الذي يجعل المحكمة بعملها هذا قد صرفت الدعوى عن مجراها الحقيقي وعرضت قرارها للنقض حسب قرار المجلس عدد 256 وتاريخ مارس 1983 ملف 95137 وبعد الإحالة وإدلاء المستأنف عليها بمستنتجاتها ولم يدل المستأنفون بشيء رغم إشعارهم وتوصلهم بالإشعار صدر القرار المطعون فيه.

وحيث تقدمت المستأنفة عليها بمقال لابتدائية سطات بأنها تملك أرض الحصبة بمزارع أولاد عفيف تشتمل على أربعة هكتارات بمقتضى رسم صدقة من محمد بن المعطي حسب الرسم عدد 275 طالبة التخلي عنها من طرف المستأنفين لتراميهم عليها وأجاب المدعى عليهم بأن المدعية لم تحز البقعة ولم تتصرف فيها ولم تكن زوجة للهالك محمد بن المعطي بل هي مطلقته أثناء حياته وأنه رجع في الصدقة أثناء حياته وحكمت المحكمة بصحة دعوى المدعية وصحة رسم الصدقة عدد 275 وعلى المدعى عليهم المعطي بن محمد والبشير بن محمد والد حمان بن محمد بأن يتخلوا للمدعية نجمة بن الحاج بلحاج على بقعة النزاع المسماة الحصبة التي تملكها بوجه الصدقة من زوجها الهالك محمد بن المعطي حسب رسم الصدقة المشار إليه وبعد استئنافه أولا ونقض المجلس له وإحالته على نفس المحكمة حكمت هذه الأخيرة بتأييده وإبقاء الصائر على رافعيه معللة بأن سبب الاستئناف هوأن المقال وجه في إطار استرجاع الحيازة وفقا لفصل 166 من ق.م. مع العلم أن المدعية لم تتصرف قط في الأرض المذكورة وأدلوا بلفيف عدد 549 يشهد  شهوده بأن الهالك محمد بن المعطي قام بالصدقة تحت الضغط والإكراه من طرف زوجته نجمة وموجب عدد 61 يثبت حيازتهم للعقار وأن الحكم بني على رسم الصدقة بالحيازة بالرسم المذكور وليس بالحيازة بالرسم المذكور وليس بالحيازة المادية ما يجعل عناصر استرجاع الحيازة غير متوفرة في الدعوى وأنهم ظلوا يتصرفون في العقار منذ وفاة والدهم وأنه يستفاد من وثائق الملف وقرار المجلس الأعلى أن الطلب يرمي إلى استحقاق المدعية لأرض النزاع وأن ملكيتها لها مستندة على رسم الصدقة عدد 275 وأن إدلاء المستأنفين باللفيفية عدد 61 على عدم حيازة المستأنف عليها للأرض المذكورة لا يمكن أن يناهض حجة الصدقة خصوصا وأن محرريها شهدا بحيازتها لها وعايناها كما بالرسم المذكور الشيء الذي يجعله جاء وفق لما في ابن عاصم وللمعنيين بالحوز تصح لأن الحوز في التبرعات يعتبر شرطا أساسيا لصحتها وأن بالإضافة إلى ما ذكر ما بأنه ان فالمثبت مقدم على النافي لأنه علم ما لم يعلمه الآخر الشيء الذي ينبغي معه استبعاد الموجب المذكور لما ذكر وتأييد الحكم الابتدائي فرفعه المدعى عليهم للمجلس الأعلى بواسطة الأستاذ الطيب البواب بمذكرة مؤدى عنها الواجب في 6/3/1984 وتوصلت بها المطلوبة.

وحيث يعيب الطاعنون على الحكم المطعون فيه بثلاثة أسباب.

الأول: خرق قواعد المسطرة المدنية المس بحقوق الدفاع وعدم الارتكاز على أساس وفيه فرعان.

الأول :ذلك أن المحكمة صرحت بأن العارضين لم يدلوا بأي شيء رغم الإشعار بذلك حسب شواهد التسليم بالملف في حين أن تاريخ بالجلسة حسب ظاهر ورقة الاستدعاء صحبته هو30/1/84 وفي هذا التاريخ كان القرار المطعون فيه صدر من قبل بتاريخ 24/1/84 بعد أن عرض الملف في جلسة 10/1/84 وجعل في المداولة كما تشهد بذلك أوراق الإجراءات بالملف.

الثاني: حيث أن المحكمة كان يتعين عليها والحال أن العارضين لم يحضروا في جلسة 10/1/84 حتى لوكانوا توصلوا بصفة صحيحة أن تبلغ إليهم نسخة من مذكرة نجمة المؤرخة في 1/1/84 المشار إليها في قرارها إبداء نظرهم فيها.

السبب الثاني: عدم التعليل المس بحقوق الدفاع وعدم الارتكاز على أساس ذلك أن المحكمة أشارت إلى إدلاء العارضين بموجب لفيفي عدد 549 يتضمن أن والدهم كان تصدق على زوجة نجمة تحت الضغط والإكراه غير أنها لم ترد عليه والحال أنه يطعن في الصدقة مما مس بحقوقهم الدفاعية.

السبب الثالث: خرق النصوص الفقهية وعدم الارتكاز على أساس ذلك أن المحكمة لكي ترد على ما تمسك به العارضون في ان العقار الذي تصدق به والدهم على زوجته قبل تطليقه إياها لم يخرج من حيازته إلى وفاته حسب الموجب عدد 61 صرحت بأنه لا يناهض رسم الصدقة لأنه مشهود فيه بالحيازة معاينة ولأن المثبت مقدم على النافي ولذا يكفي الإشهاد بالمعاينة بل يجب أن تستمر مدة سنة على الأقل بيد المتصدقة عليه وأنه في حالة تعارض بنتين إحداهما تشهد بحيازة الصدقة ولومعاينة والأخرى بأن المتصدق كان هوالحائز والمتصرف حتى وفاته يتعين إعمال بينة عدم الحيازة مادامت الحجة غير قائمة على استمرار الحيازة المشهود بها حين الصدقة السنة على الأقل فقد نص التسولي لدا قول المتحف والحوز شرط صحة التحبيس قبل حدوث موت أوتفليس أنه إذا شهدت بينة بالحيازة قبل الموت وشهدت الأخرى برؤيته يخدمه قدمت بينة عدم الحوز إذا لم تتعرض الأخرى لاستمراره ثم قال بعد نصوص أخرى وظاهرة هذه النصوص أنه لا فرق بين أن يقولوا أنه رجع لوقفه قبل السنة وأبهموا ذلك كما ترى وأنه يحمل أمره عند الإبهام على أنه رجع قبل السنة ونقل عن سيدي عبدالقادر الفاسي أيضا أن الأمل في هذا الحوز الذي شهدت به البينة الأولى الاستصحاب لكن ذلك حيث لم يعارض وهاهنا قد عارضته اللفيفة بأن الواهب فارقه قط ولا رفع يده عنه مدة من سنة ونحوها قال وهومحمول عند جهل  التاريخ أنه رجع قبلها قاله الونشريشي ثم قال أن ما تقدم هوالمعتمد في الفقه والقضاء وما جرت عليه الأحكام ولا يلتفت إلى ما يخالفه.

فيما يتعلق بما استدل به الطاعنون في السبب الأول بفرعيه:

لكن حيث إنه بعد الاطلاع على ورقة استدعاء الطاعنين المؤرخة في 21/11/83 الفى انهم استدعوا للحضور في الجلسة العلنية التي ستعقدها المحكمة يوم 10/1/84 والأعداد فيها واضحة لا إشكال في بيانها ولم يثبت الطاعنون عكس ذلك ولم يقع نفيهم للاستدعاء لتلك الجلسة حتى يتخذ المجلس ما يراه قانونا في النازلة مما يجعل السبب بفرعيه لا ينبني على أساس.

وفيما يتعلق بالسببين الثاني والثالث:

لكن حيث إن محكمة الموضوع أجابت عما أدلى به الطاعنون جوابا سليما حيث قالت أن إدلاء المستأنفين باللفيفية عدد 61 على عدم حيازة المستأنف عليها للأرض المذكورة لا يمكن أن يناقض حجة الصدقة خصوصا وأن محرريها شهدا بحيازتها لها كما بالرسم المذكور أي رسم الصدقة الشيء الذي يجعله جاء وفقا لما في ابن عاصم وللمعنيين بالحوز تصح لان الحوز في التبرعات يعتبر شرطا أساسيا لصحتها وأنه بالإضافة إلى ما ذكر فإن من الثابت فقها أن المثبت مقدم على النافي لأنه علم ما لم يعلمه الآخر الشيء الذي ينبغي معه استبعاد الرسم المذكور لما ذكر، فاتضح من ذلك أنه لا تعارض بين العدلية الشاهدة بالحوز معاينة وتطوفا وبين اللفيفية الشاهدة بنفيه لعدم تكافئها وبذلك يتعين الأخذ بالشهادة المثبتة للحوز لأن الأصل فيها الاستصحاب الذي هوفي الشرع أصل من الأصول المتبعة وإنما يبطله ما يطرأ عليه من إحداث ناقلة عنه ثابت الحدوث مستحق الوقوع كما قال الشيخ خليل وينقل على مستصحبة ولا ناقل هنا أصلا لا سيما والطاعنون يدعون في جوابهم عن مقال الادعاء رجوع موروثهم عن الصدقة في حياته فأين هوهذا الرجوع وهل يتصور الرجوع بدون عقد ثابت يناهض عقد الصدقة والحيازة الثابتة بموجب الثبوت الذي لا يبطله إلا الناقل المحقق كما يفيده قول الشيخ خليل وإن شهد قرار بإقرار استصحب لأن مدعى الرجوع عن هذه الصدقة المحوزة بالبينة مقر بما شهدت به العدلية من الحوز فاستصحابه لا يرفعه ولا ينسخه إلا ثبوت وقوع مبطله كما قال الزرقاني موجها لقوله استصحب ما نصه لما أقر لخصمه أثبت له ذلك فلا يصح لذلك المقر دعوى الملك فيه إلا بإثبات انتقاله إليه ثانيا وفي الجزء الثامن من المعيار الجديد للوزاني ما نصه ونزلن نازلة وهي أن رجلا وهب على واحد من أبنائه أصلا من أصوله وعلى اثنين منهم أصلان آخر وحيزا لأصلان على الوجه الأكمل بشهادة عدلين مبرزين فلما توفي الواهب قام الباقون من ورثته مدعين أن موروثهم لم يزل معتمرا للأصلين المذكورين ولم يرفع تصرفه واعتماره إلى أن توفي وأقاموا شهادة لفيف بمضمون دعواهم فهذه هي صورة الواقعة وهي صورة لا يسع بشرا أن ينازع في كون البينتين تعارضتا فيها، بينة العدلين ثبت الحوز وبينة اللفيف نفته فرفعت لقوم متعددين من المتصدين للإفتاء فتمالؤا على إبطال تلك الهبتين وحوزهما وتقديم شهادة أولئك اللفيف على شهادة العدلين مستندين على ما ذكره التسولي في عدة مواضع من شرحه للتحفة وأطال النفس في الرد على الرهوني إذ ذهب إلى الانتصار بتقديم البينة المثبتة للحوز على البينة الشاهدة بعدمه وانتفائه ثم رفعت النسخة من فتاويهم إلى هذا العبد الضعيف فأجاب بعد مقدمة طويلة بما نص عليه ابن الفخار من أن شهادة من شهد بالحيازة أولى بالقبول والجواز إذا كانت عدلية وإن كانت الأخرى اعدل لأن شهادة الحيازة تثمر حكما وتوجب حقا والذين لم يشهدوا بالحيازة ينفون ذلك في شهادتهم ومن أثبت شيئا أولى ممن نفاه هذا الذي تقرر عليه مذهب مالك وأصحابه وقال به حذاقهم وبه أقول هذا مع وجود التعارض والنازلة لا تعارض فيها كما سبق بيانه أعلاه.

وحيث نصت وثيقة الصدقة العدلية على أن المتصدق عليها حازت الصدقة بالتطواف على جميع حدودها صحبة عدلي الإشهاد والمتصدق ولم تكتف بمعاينة الحوز هادفة بذلك إلى دفع كل ما يمكن أن يتطرق إليه مما يوهنه من الاحتمال أوالإبهام فقد نص ابن العطار على التطوف مع الشهود وتخلي المحبس عن الحبس إلى المحبس عليهم بمحضرهم حيازة تامة وإن لم يعاين الشهود عمله في الحبس قال غيره وإن لم يحرث ذلك ويعمره حتى مات المحبس فلا يضره ذلك والصدقة كذلك انتهى من كتاب العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام وبمقتضى جواب المدعى عليهم والنصوص المجاب بها عن طعونهم يجعل وجودا لصدقة بيد ورثة المتصدق اعتداء على حيازة المتصدق عليها بدون مبرر وما ساقه الطاعنون من النصوص فهوفي غير ما أجاب به المدعى عليهم وما تمت الحيازة فيه بأخص أنواعها وهوالطواف عليه.

لهذه  الأسبـاب

قضى برفض الطلب.

 

الرئيس                 السيد الصقلي

المستشار المقرر       السيد بنخضراء

المحامي العام          السيد بناس

الدفاع                  ذ. البواب ذ.البوجذراوس

رجل قانون:
مواضيع متعلقة