التحكيم – معناه – تداول الأنصبة بين الشركاء – شروط النفاذ تجاه الشركة

التحكيم – معناه – تداول الأنصبة بين الشركاء – شروط النفاذ تجاه الشركة

téléchargement (69)

القاعدة:

الدفع المتعلق بسلوك مسطرة التحكيم وإن قدم تحت دفع بعدم الإختصاص فهو في حقيقته دفع بعدم القبول تطبيقا للفصل 327 من ق م م الذي يعتبر الدفوع المتعلقة بوجوب اللجوء إلى مسطرة التحكيم هي دفوع بعدم القبول وليس بعدم الإختصاص.

لا مجال للتمسك بشرط التحكيم ما دام أن الفصل 16  المرتبط بهذا الدفع  والذي ورد ضمن نصوص القانون الداخلي للمصحة الذي ينظم علاقة العمل بين الأطباء فيها، لم يقصد المعنى الذي أثاره المدعى عليهم – أي التحكيم – وإنما قصد معنى آخر هو الصلح، بدليل تسمية الشخصين المكلفين بذلك “بالمصالحين”، وأن مهمتهما هي الوصول إلى اتفاق ودي، في حين أن التحكيم هو احتكام إلى شخص أو أشخاص لإصدار حكم ملزم وليس إبرام صلح بين الطرفين.

الأصل في انتقال الأنصبة في إطار هذه الشركات أنه يتم بكل حرية بين الشركاء و الإسثتناء سمح به المشرع في حالة ورود نص في النظام الأساسي للشركة يحد من قابلية الأنصبة للتفويت، وفي هذه الحالة نص المشرع على تطبيق المادة 58 من نفس القانون.

المادة 58 لم تنظم نفس الموضوع، وإنما نظمت تفويت الأنصبة للأغيار، ولا يعتبر الشريك غيرا في مفهوم المادة 58، وبالتالي فإن المسطرة الواردة فيها والمتعلقة بوجوب تبليغ مشروع التفويت إلى كل من الشركة والشركاء غير لازمة لصحة التفويت بالنسبة لفئة الأشخاص المنصوص عليهم في المادة 60.

خلو الملف مما يفيد قيام المفوت أو المفوت له بمسطرة التبليغ أو الإيداع فإن هذا لا يمكن أن يترتب عليه إلا عدم نفاذ التصرف في مواجهة الشركة وليس بطلان التفويت من أص

الحكم عدد 9298 بتاريخ 2008/07/29 في الملف رقم 2007/6/12306

باسم جلالة الملك

بتاريخ 29/07/2008 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.

وهي مؤلفة من السادة:

جمال السنوسي رئيسا ومقررا.

خديجة وراق عضوا.

عبد السلام خمال عضوا.

بمساعدة  هشام مبروك كاتب الضبط.

في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:

بين: الدكاترة محمد علي ديوري – آلان علي جورج لخلوفي – عبد العزيز لقباقبي – فاطمة الزهراء العلمي المتقاضون من أجل مصلحة مشتركة الكائنين 70 زنقة القاضي إياس الدارالبيضاء.

نائبتهم الأستاذة حرية التازي صادق الرمال المحامية بهيئة الدارالبيضاء.

من جهة.

وبين: الدكتور علال لبيض الكائن 158 شارع انفا الدارالبيضاء.

والمتدخلين إراديا في الدعوى: شركة مصحة المغرب – الدكتور جمال عرفاوي – الدكتور مجد بناني – الدكتور عفيفي عدنان – الدكتور نور الدين لطيف ادريسي.

نائبهم الأستاذ عبد الحق الناصري بناني المحامي بهيئة الدارالبيضاء.

بحضور: الدكتور سعد غماد –  مصلحة السجل التجاري بالمحكمة التجارة بالدارالبيضاء.

                                                            من جهة أخرى.



الوقائــع:

بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 28/11/2007 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية يعرض فيه المدعون أنهم شركاء مساهمون في شركة مصحة المغرب بنسبة 47% وأن المدعى عليه بصفته مساهما أقدم مؤخرا على تفويت أسهمه بالشركة والبالغة 1000 حصة بشكل مخالف للقانون وللقانون التأسيسي. وأنهم بمجرد علمهم بالتفويت وجهوا له إنذارا يشعرونه برغبتهم في ممارسة حق الأولوية في شراء الحصص المبيعة. إلا أنه رغم التوصل به لم يتراجع عن التفويت. وأن عملية التفويت هذه التي أقدم عليها لفائدة الدكاترة عفيفي وعرفاوي وبناني الإدريسي تمت بشكل مخالف للقانون التأسيسي في مادته 10 وكذا المادتين 56 و 58 من قانون الشركات التي تستوجب تبليغ الشركة وكذا باقي الشركاء مع موافقتهم على التفويت وفقا للأغلبية الممثلة لثلاثة أرباع الأنصبة كما ينص على ذلك أيضا الفصل 19 من القانون التأسيسي. وأن العارضين وكذا الشركة لا علم لهم بالتفويت ولم يسبق تبليغهم به، كما أن الأغلبية المشترطة لإنجازه غير متحققة وأنهم بصفتهم مالكين 47% من الأنصبة غير راضين على التفويت ويرفضونه. كما أن عقد التفويت أشار في مادتيه 3 و 4 على أن عملية التفويت معفاة من وجوب التبليغ للشركة وأشار إلى توزيع جديد للحصص مع العلم أن مثل هذه القرارات لا يمكن أن تتخذ إلا في إطار جمع عام. ولأن عقد التفويت تظل آثاره نسبية ولا يمكن لتمتد إلى إلغاء أو تعديل القانون التأسيسي للشركة، ولأنهم ليسوا أطرافا في العقد، لأجله فهم يلتمسون الحكم بإلغاء تفويت الحصص المنجز من المدعى عليه وبطلان عقد التفويت والتشطيب عليه من السجل التجاري واستحقاقهم للحصص المفوتة وفق الثمن المبيع وبأحقية الشركة في استرداد الحصص المبيعة وفق ثمن البيع مع إعادة توزيعها على الشركاء بحسب نسبة كل واحد منهم في الرأسمال مع النفاذ والصائر. وأرفقوا مذكرتهم بصورة من القانون التأسيسي وأخرى من عقد التفويت ونسخة إنذار.

وبناء على جواب المدعى عليه مع مقال تدخل اختياري مؤدى عنه بتاريخ 29/1/2008 أنه كان يتعين على المدعين عرض طلبهم الحالي إن كان له ما يبرره أمام هيئة التحكيم والمصالحة كما هو متفق عليه في القانون الداخلي للمصحة. كما أن ضرورة اللجوء إلى التحكيم تجد سندها في القانون المنظم لمهنة الطب والمرسوم التطبيقي له الذي يلزم بأن تعرض النزاعات التي تنشأ بين الأطباء في إطار المصحات على الأجهزة الإدارية الوصية قبل عرضها على المحاكم المختصة. وفعلا فقد اختار الأطراف اللجوء إلى التحكيم من أجل فض النزاعات الكثيرة الناشئة بينهم والتي تعتبر المسطرة الحالية جزءا منها، وهو ما يتبين من المراسلات العديدة المتبادلة بين أجهزة تسيير المصحة وباقي الشركاء والمجلس الوطني والمجلس الجهوي لهيئة الأطباء. وقد شرع المجلس الوطني في مسطرة التحكيم وعقد أول جلسة له بتاريخ 19/11/2007، كما أن لجنة مكونة من المجلس الوطني ووزارة الصحة والأمانة العامة للحكومة عقدت جلسة بمقر المصحة بحضور الأطراف وأن لجنة التحكيم تتداول حاليا في شأن إصدار قرارها في الموضوع. ومن جهة ثانية فإن المدعين لا صفة لهم في رفع الدعوى إذ يتعلق الأمر بأطراف لا تتوفر حتى على صفة شريك أما البعض الآخر فإنه تنازل عن جميع الدعاوى التي قدمت باسمه.  فبالنسبة للفريق الأول هناك الدكتورة فاطمة الزوهرة علمي التي ليست لها صفة شريك لأن وجه مدخلها المزعوم كشريكة محل طعن أمام قضاء الموضوع ولا زالت رائجة مسطرته  ولم يتم الحسم فيها، وهذا الطعن مؤسس على كون عملية التفويت لها مخالفة لقانون الشركات والقانون الداخلي. وبالنسبة للفريق الثاني هناك الدكتور علي لخلوفي الذي تنازل عن جميع المساطر القضائية والكتابات المقدمة باسمه إلى أن تبت الهيئات المهنية في النزاعات القائمة. ومن جهة ثالثة هناك خرق للفصل 32 من ق م م لأن مقال الدعوى لم يرفق بالوثائق التي تبين الإطار الواقعي والقانوني للطلب خاصة ما يفيد كون المدعين شركاء بالمصحة. وموضوعا فإن النصوص القانونية التي يحتج بها المدعون لا تنطبق على النازلة على اعتبار أن المفوت لهم ليسوا من الأغيار إذ أنهم شركاء بالشركة وأن تفويت الحصص بين الشركاء في الشركة لا يخضع لأية شكلية كانت كما تنص على ذلك مقتضيات المادة 60 من قانون الشركات. كما أن النظام الأساسي للشركة ينص صراحة على أن تفويت الحصص بين الشركاء لا يخضع لأية شكلية بما فيها تبليغ التفويت للشركة والشركاء. فالبند 10 من القانون التأسيسي ينص على حرية تفويت الحصص بين الشركاء. وأن الدكتور لبيض بحسن نية وبالرغم من عدم وجود أي إلزام قانوني عمل على تبليغ الشركة بالتفويت كما تم نشره بجريدة مخول لها نشر الإعلانات القانونية بتاريخ 26/7/2007. ومن جهة ثانية فإن مقتضيات المادتين 56 و 58 من قانون الشركات لا تنطبق على النازلة الحالية بالنظر إلى أن التفويت موضوع المسطر الحالية لم يتم لفائدة الغير وإنما بالنسبة لشركاء في الشركة. وبالتالي فإن التفويت الحالي لا علاقة له بالمادة 56. كما أن المادة 58 تتكلم عن التفويت المنجز لفائدة الغير وهي التي تلزم توفر موافقة ثلاثة أرباع الأنصبة لتمامه. وبالتالي تبقى المادة 60 هي الإطار الصحيح للتفويت الذي تم، وهو ما تؤكده الفقرة 17 من النظام الأساسي. وبخصوص التدخل الإرادي فإن التفويت تم لفائدة المتدخلين في الدعوى وبالتالي فهم يتدخلون في هذه الدعوى لأنهم المعنيين بهذه العملية ويؤكدون قانونية التفويت وجميع ملتمسات المدعى عليه. ملتمسين الحكم أساسا بعدم الإختصاص واحتياطا عدم قبول الدعوى واحتياطا جدا رفض الطلب. وبخصوص التدخل قبوله شكلا والحكم وفق مطالب المدعى عليه. وأرفقوا مذكرتهم بصور للنظام الداخلي للمؤسسة ومراسلات ومقال وتنازل والقانون التأسيسي ورسالة التبليغ والإعلان بالجريدة.

وبناء على تعقيب المدعين أن صفة الدكتورة فاطمة الزهراء العلمي قائمة باعتبارها شريكة في الشركة حسب الثابت من عقد التفويت المبرم مع زوجها الدكتور عبد العزيز لقباقبي والمسجل بالسجل التجاري. وأن العقود بمجرد تسجيلها بالسجل التجاري تكتسب حجية وقوة ثبوتية في مواجهة الغير. وقد تسلمت الدكتورة شهادة إيداع التفويت من طرف المسير كما أن جميع المدعى عليهم بلغوا بالعملية رغم عدم لزوم هذا الإجراء وفقا للمادة 10 من القانون الأساسي. كما أن الدكتور جمال عرفاوي سبق أن صرح للمفوض القضائي أن السبب في عدم استدعاء الدكتورة فاطمة الزهراء لحضور الجمع العام يرجع إلى أنه لم يكن يعلم أنها شريكة بالمصحة إلا بعد أن قام بتوجيه الدعوة لحضور الجمع. كما أن صفتها أصبحت ثابتة بعد صدور أمرين استعجاليين أكدا على صفتها كشريكة، كما أن محكمة الإستئناف أصدرت قرارا بتاريخ 29/1/2008 تحت رقم 4397/2007 أيد القرار الإستئنافي. وبخصوص الدفع بعدم الإدلاء بالوثائق فإن المدعى عليهم يقرون بصفة العارضين كشركاء وتعزيزا لدعواهم يدلون بمحضر الجمع العام المنعقد يوم 21/6/2006 ونسخة من القانون الداخلي المحدد لأسماء الشركاء بالمصحة. وبالتالي فصفتهم ثابتة. وموضوعا فإن الدكتورين جمال عرفاوي ومجد بناني ليست لهما الصفة القانونية لتسيير المصحة، وقد طعن في محضر الجمع العام الذي عينهما للتسيير كما أن عقد تفويت الحصص جاء مباشرة بعد تولي الدكتورين عرفاوي وبناني لمهمة التسيير، وبالتالي فليست لهما الصفة في تمثيل المصحة أو التصرف باسمها بالنظر لكون عملية التفويت باطلة، كما أن التبليغ الواقع للشركة بتاريخ 20/7/2007 يبقى عديم الأساس بالنظر إلى الأشخاص الذين أجازو واستفادوا من التفويت وهم الذين وقعوا بالتوصل بالتبليغ باسم شركة مصحة المغرب. وبالتالي من غير الممكن اعتبار التبليغ الواقع للشركة بمثابة تبليغ قانوني بالنظر إلى أن العارضين لم يتم تبليغهم أصلا بعملية التفويت، وبالنظر إلى أن المستفيدين منها هم الذين توصلوا باسم المصحة دون أن تكون لهم الصفة القانونية في تمثيلها والتصرف نيابة عن باقي الشركاء. مؤكدين دفوعهم السابقة. وأرفقوا مذكرتهم بصور لعقد التفويت وعقد نكاح وشهادة إيداع عقد التفويت ورسائل إعلام بالتفويت ومحضرين وأمرين استعجالين ومحضر جمع عام ونسخة من القانون الداخلي ونسخة مقال.

وبناء على تعقيب المدعى عليه والمتدخلين أكدوا فيه عدم قبول الطلب لعدم عرض النزاع على التحكيم طبقا للبندين 16 و 17 من النظام الداخلي للشركة الموقع عليه من جميع الشركاء بمن فيهم المدعين غير المطعون في صفتهم كشركاء، مما يجعلهم خاضعين لما التزموا به ووقعوا عليه. كما أن الدكتورة فاطمة الزهراء العلمي ليست شركة وغير مسجلة بسجلات الشركة إلى الآن. كما أن الدكتور لقباقبي الذي فوت لها 400 حصة لا يجهل مقتضيات النظام الداخلي للشركة المؤرخ في 18/2/2004 والتي تنص على أن عملية التفويت لأي شخص آخر يجب أن تحصل على موافقة 75% من مالكي حصص الشركة، فقد كان على المفوت الدكتور لقباقبي إشعار جميع الشركاء بمشروع التفويت وبعد موافقة النسبة المذكورة من الشركاء يؤشر على مشروع التفويت من طرف المجلس الوطني قبل تقديمه للأمانة العامة للحكومة من أجل القرار النهائي، وهو شرط أساسي قبل أن يتم إبرام العقد النهائي، وبالأحرى تسجيله بسجلات الشركة. وقد عبر العارضون الذين يملكون 53% من أنصبة الشركة برفض التفويت ورغبتهم في اقتناء الحصص المفوتة من خلال الرسالة الموجهة للمفوت. مستعرضين لنصوص القانون التأسيسي التي تبين كيفية إجراء التفويت والإجراءات الواجب اتباعها من المفوت قبل الإقدام عليه. مضيفين أن حرية التفويت بين الأزواج والأصهار المنصوص عليها في قانون الشركات ليست حقا مطلقا بل يمكن الإتفاق على خلافه. وفعلا فقد جعل القانون الأساسي من الضروري إخبار الشركة والشركاء وتمكينهم من مشروع التفويت والحصول على موافقة 75% من رأسمال الشركة قبل إبرام التفويت بصفة نهائية، وهو ما أكده النظام الداخلي الذي نص على ذلك في ديباجته وفي المادة 2 منه. كما أن المجلس الأعلى قد أكد في قراره الصادر بتاريخ 3/11/2004 تحت عدد 1201 صحة اشتراط حصول الموافقة بالنسبة للتفويت للغير غير الشريك. وبعدم احترام هذه الشروط فلا صفة للدكتورة العلمي في الدعوى. وبخصوص الطعن في قانونية تعيين الدكتورين عرفاوي وبناني فإن تعيينهما لا يستلزم أغلبية 75% من رأسمال الشركة وإنما الأغلبية المطلقة لأن شروط تعيين المسيرين أثناء حياة الشركة ليست هي نفس الشروط المطلوبة في التعيين عند التأسيس الأولي للشركة أو الأغلبية المتطلبة في الجموع العامة الإستثنائية المعدلة للنظام التأسيسي. وذلك ما أكده الفقه كما جاء في كتاب الشركات في التشريع المغربي والمقارن بالصفحة 167 للدكتور بنستي وفي كتاب الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الإقتصادي للدكتور محمد شكري السباعي في الصفحتين 282 و 285. وهو نفس الإتجاه الذي تبناه الفقه الفرنسي كما في كتاب قانون الأعمال للأستاذ ايف كيون نشرة ايكونوميكا الطبعة العاشرة ص 519. مؤكدين قانونية التفويت الذي أنجزه الدكتور علال لبيض لباقي العارضين وبعدم تعلق الأمرين الإستعجاليين بموضوع الدعوى وبطبيعتهما الوقتية وعدم تأثيرهما على قضاء الموضوع. وأرفقوا مذكرتهم بصور مراسلات واجتهادات قضائية.

وبناء على تعقيب المدعين أنه بخصوص مسطرة التحكيم فإن محاولة الصلح التي قامت بها الأطراف باءت بالفشل ولم تسفر على نتيجة بسبب اختلاف وجهات نظر الشركاء بالمصحة وأن الأمانة العامة للحكومة بعد الفشل قررت مطالبة المصحة بتصحيح وضعيتها وإزالة كافة الإخلالات تحت طائلة اتخاذ الإجراءات اللازمة. وبالتالي فإن الدفع بالتحكيم غير منتج. كما ان التحكيم المنصوص عليه في القانون الداخلي للمصحة يرمي إلى حل الخلافات والمنازعات التي تعترض الأطباء أثناء مزاولتهم لمهامهم بالمصحة وليس من شأنه أن يحد من حرية الأطراف في ممارسة حقهم في التقاضي. كما أن موضوع الدعوى الحالية ليس له صلة بالمنازعات الشخصية الحاصلة بين الشركاء بل يتعلق بحالات ووقائع قانونية رتب عليها المشرع حق المطالبة بتحويل الشركة وحلها. وأن الدعوى هي الوسيلة المثلى لحماية الحق، وأن ممارسة أحد الشركاء لحقه في التقاضي حق مطلق لا يتوقف اللجوء إليه على ضرورة سلوك مسطرة التحكيم لأنه يخرج عن نطاق المنازعات التي تعرض على التحكيم. مؤكدين صفة الدكتورة العلمي مضيفين أنه تم استدعاؤها لحضور الجمع العام المنعقد بتاريخ 28/5/2008 باعتبارها شركة بمصحة المغرب مما يشكل قرينة على صفتها، وأن محكمة الإستئناف في قراريها عدد 844 و 845 قضت بتعليق جميع القرارات المتخذة خلال الجمع المنعقد بتاريخ 29/6/2007 بما في ذلك قرار تعيين الدكتورين عرفاوي  وبناني كمسيرين وأسندت مهمة التسيير للدكتور محمد علي الديوري، وبالتالي فإن الدكتورين المذكورين اللذين أجازا التفويت لم تكن لهما صفة تمثيل المصحة أو التصرف باسمها، ومادام عقد التفويت أنجز مباشرة بعد تولي الدكتورين عرفاوي وبناني صلاحية التسيير مع العلم أن هذا التعيين تم إلغاؤه فبالتالي تكون جميع القرارات المتخذة من طرفهما أثناء توليهما التسيير باطلة ولاغية. ملتمسين الحكم وفق مقالهم. وأرفقوا مذكرتهم بصورة لقرارين استئنافيين.

وبناء على تعقيب المدعى عليه والمتدخلين أن المدعين لم يدلوا بما يفيد مطالبة أي جهة بفض النزاع بشكل ودي قبل تقديم الدعوى، وأن المجلس الوطني عقد أول جلسة من أجل ذلك بتاريخ 19/11/2007. كما أن استدعاء الدكتورة العلمي للجمع العام المنعقد بتاريخ 28/5/2008 ليس من شأنه إقرار صفتها كشريكة بل فقط لتفادي إيقاف عقد الجمع بعد إنذار الأمانة العامة للحكومة للشركة بضرورة ملاءمة الشكل القانوني للشركة تحت طائلة إغلاق المصحة. وأن موقف العارضين منها معروض على قضاء الموضوع وهو الوحيد الذي سيقول كلمته الأخيرة والحاسمة بشأنه. كما أن قانونية الجمع العام المنعقد بتاريخ 29/6/2007 معروض على القضاء الذي يملك وحده القول بصحته من عدمه. كما أن السيد مجد بناني توصل شخصيا من الأمانة العامة للحكومة بتاريخ 2/5/2008 باعتباره مسيرا للمصحة برسالة تطالبه بالدعوة لعقد جمع عام لملاءمة الشكل القانوني للشركة الشيء الذي يؤكد صفته كمسير. كما أن التفويت موضوع الدعوى بلغ للشركة قبل صدور القرارين الإستعجالين المدلى بهما رغم عدم لزومه. كما أن القضاء الإستعجالي ليس من اختصاصه إلغاء مقررات محضر جمع عام، كما أن منطوق القرارين يشير فقط إلى الإذن الإستثنائي المؤقت بالتسيير بناء على وقائع مغلوطة تم تقديمه من طرف المدعين. كما أن التبليغ للشركة كان الهدف منه هو إخبار المصالح الإدارية للشركة قصد تسجيل هذه العملية بسجلات الشركة الخاصة بالشركاء وليس شيئا آخر. مؤكدين دفاعهم السابق. وأرفقوا مذكرتهم بصور مراسلة وأمر استعجالي.

وبناء على تعقيب المدعين أكدوا فيه ما سبق إيراده بمذكراتهم المشار إليها أعلاه مضيفين أن تفويت الحصص من طرف الدكتور علال لبيض تم بشكل تدليسي  أثناء فترة تولي الدكتورين جمال عرفاوي ومجد بناني لمهام التسيير مباشرة بعد الجمع العام المنعقد بتاريخ 29/6/2007 والذي هو محل طعن بالبطلان في الملف رقم 7998/2007، بعد أن قضت محكمة الإستئناف بتعليق القرارات المتخذة فيه وأسندت مهمة التسيير للدكتور محمد علي الديوري والتي أصبح يتولاها إلى جانبه أحد المدعى عليهم. ملتمسين الحكم وفق مقالهم.

وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 8/7/2008 فحضر نائبا الطرفين وأكدا ما سبق فتقرر حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 22/7/2008 مددت لجلسة 29/7/2008.

التعليـــل

بعد الاطلاع على جميع  وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.

في الطلب الأصلي:

في الشكل:

حيث إن المدعي ألان علي جورج لخلوفي تنازل عن هذه المسطرة مما يتعين تسجيل تنازله عنها.

حيث إن المقال مستوف للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية ومقدم ممن له الصفة.

وحيث إن الدفع المتعلق بسلوك مسطرة التحكيم وإن قدم تحت دفع بعدم الإختصاص فهو في حقيقته دفع بعدم القبول تطبيقا للفصل 327 من ق م م الذي يعتبر الدفوع المتعلقة بوجوب اللجوء إلى مسطرة التحكيم هي دفوع بعدم القبول وليس بعدم الإختصاص.

وحيث إنه بالنسبة للدفع المذكور، فقد تبين للمحكمة أن الفصل 16 المرتبط بهذا الدفع ورد ضمن نصوص القانون الداخلي للمصحة الذي ينظم علاقة العمل بين الأطباء فيها، وإن أشار إلى علاقتهم كشركاء في شركة ذات مسؤولية محدودة، فإنه لم يقصد المعنى الذي أثاره المدعى عليهم – أي التحكيم – وإنما قصد معنى آخر هو الصلح، بدليل تسمية الشخصين المكلفين بذلك “بالمصالحين”، وأن مهمتهما هي الوصول إلى اتفاق ودي، في حين أن التحكيم هو احتكام إلى شخص أو أشخاص لإصدار حكم ملزم وليس إبرام صلح بين الطرفين.

وحيث تعين تبعا لذلك رد الدفع والحكم بقبول الدعوى شكلا.

في الموضوع:                                    

حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.

وحيث أجاب المدعى عليه بالدفوع المشار إليها صدره.

حقا، حيث إن المحكمة بعد مراجعتها للنصوص القانونية المنظمة لتفويت الأنصبة في الشركات ذات المسؤولية المحدودة خاصة المادة 60 من القانون 5.96  تبين لها أن الأصل في انتقال الأنصبة في إطار هذه الشركات أنه يتم بكل حرية بين الشركاء.

وحيث إن الإسثتناء سمح به المشرع في حالة ورود نص في النظام الأساسي للشركة يحد من قابلية الأنصبة للتفويت، وفي هذه الحالة نص المشرع على تطبيق المادة 58 من نفس القانون.

وحيث إن المادة 58 لم تنظم نفس الموضوع، وإنما نظمت تفويت الأنصبة للأغيار، ولا يعتبر الشريك غيرا في مفهوم المادة 58، وبالتالي فإن المسطرة الواردة فيها والمتعلقة بوجوب تبليغ مشروع التفويت إلى كل من الشركة والشركاء غير لازمة لصحة التفويت بالنسبة لفئة الأشخاص المنصوص عليهم في المادة 60.

وحيث إن القانون الأساسي للشركة – مصحة المغرب – في مادته العاشرة فقرة 17 أكد المقتضى المنصوص عليه بالمادة 60 من قانون الشركات، ولم يعلق صحة التفويت على قبول الشركة والشركاء، بل إن كل ما اشترطه هو التبليغ والشهر طبقا للقانون.

وحيث إن المادة 10 من القانون الأساسي للشركة اشترطت أن يتم التفويت بواسطة عقد توثيقي أو عرفي ثابت التاريخ، وليصبح نافذا في مواجهة الشركة اشترطت أيضا تبليغه إليها بواسطة رسالة مضمونة، وأن يقبل منها إذا كان ذلك مشترطا، وأضافت أن التبليغ يمكن أن يحل محله إيداع نسخة مطابقة من العقد بالمقر الإجتماعي مقابل إشهاد بذلك من طرف المسير.

وحيث إنه وإن كان الملف خلو مما يفيد قيام المفوت أو المفوت له بمسطرة التبليغ أو الإيداع فإن هذا لا يمكن أن يترتب عليه إلا عدم نفاذ التصرف في مواجهة الشركة وليس بطلان التفويت من أصله كما طلب المدعون.

وحيث إن الإشارة في عقد التفويت إلى تعديل القانون الأساسي فيما يخص إعادة توزع الأنصبة، إجراء وبيان زائد غير مؤثر على القانون الأساسي الذي لا يمكن تغييره إلا في إطار المسطرة المنصوص عليها في المادة 75 من قانون الشركات، وبالتالي فإن تضمين عقد التفويت مقتضى مماثلا ليس مبررا لإبطاله.

وحيث إنه بانهيار الوسائل المعتمدة للطعن في التفويت، تكون الدعوى الرامية إلى إبطاله وإبطال تسجيله بالسجل التجاري غير مؤسسة ويتعين الحكم برفضها.

وحيث إن الخاسر يتحمل الصائر.

في طلب التدخل الإختياري:

حيث إن المتدخلين أسسوا تدخلهم على كونهم معنيين بالتفويت المطلوب إبطاله بحكم أنهم من استفادوا منه.

وحيث إن طلبهم قدم مستوفيا للشروط المتطلبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعن التصريح بقبوله شكلا.

في الموضوع:

حيث إن طلبات المتدخلين في الدعوى ودفوعهم هي ذاتها التي تقدم بها المدعى عليه.

وحيث إن المحكمة سبقت الجواب عن ذات الدفوع والوسائل المعتمدة من المدعى عليه، وبالتالي فإن نفس الجواب والتعليل ينسحب على دفوع المتدخلين، وترتيبا على ذلك فلا حاجة لإعادته ويحال المتدخلون على ما سبق بيانه.

وتطبيقا للفصول 1-3-31-32-49-124 من قانون المسطرة المدنية و 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية.

لهذه الأسبـــــاب

حكمت المحكمة  علنيا ـ ابتدائيا وحضوريا.

في الشكل :

بقبـول الدعــــوى الأصلية وقبول طلب التدخل الإختياري.

في الموضوع:                               

برفض الطلب وإبقاء الصائر على رافعيه.

وبهـــذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم  والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *