التنازل عن الحق في الطعن – مفهومه

التنازل عن الحق في الطعن – مفهومه

يمين المحامي

القاعدة

1 – إن التنازل عن الحق يجب أن يكون له مفهوم ضيق ولا يكون له   إلا المدى الذي يظهر بوضوح من الألفاظ المستعملة ممن أجراه كما ينص على ذلك الفصل 467 من قانون الالتزامات والعقود أي أنه يجب أن يكون التنازل صريحا.

2 – نظرا لعدم توضيح المشرع في الفصل 190 من قانون المحاماة فيما يرجع للدورة الأولى والثانية لانتخاب النقيب هل تحسب الأغلبية المطلقة بالنسبة لعدد الحاضرين أم بعدد المسجلين فإنه يتعين اعتبار هذه الأغلبية بالنسبة للأصوات  المعبر عنها من طرف الحاضرين.

3 – إن الفصل 109 من قانون المحاماة الذي ينص في فقرته الثالثة على أنه لا يعاد انتخاب النقيب بهذه الصفة بعد انتهاء فترة انتخابه   إلا بعد مرور ثلاث سنوات يطبق بأثر فوري أي حتى على النقباء الذين تم انتخابهم في ظل القانون السابق.

 

الـقرار رقم 95

الصادر بتاريخ 21 جمادى الأولى 1401 ( 27 مارس 1981 )

في الملف المدنـي رقـم 83286

الغرفـة الإدارية:

 

 

باسم جلالـة الملك

بناء على العريضة المرفوعة بتاريخ 3 أبريل 1980 من طرف الطالب المذكور حوله بواسطة نائبه والرامية إلى نقض قرار محكمة الاستئناف بفاس الصادر بتاريخ 10 مارس 1980 في الملف عدد : 14905.

وبناء على مذكرتي الجواب المدلى بهما بتاريخ 21 مايو1980 و21 مارس 1981 من طرف المدعى عليهما السيد الوكيل العام للملك والسيد عبدالهادي بنجلون بواسطة نائبه والراميتين إلى رفض الطلب.

وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف.

وبناء على قانون المسطرة المدنية وبالأخص فصوله 353 وما بعده والفقرة الأخيرة  من فصله 362.

وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر بتاريخ 5 غشت 1980.

وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 20 مارس 1981.

وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.

وبعد الاستماع بهذه الجلسة إلى المستشار المقرر السيد محمد زين العابدين بنبراهيم في تقريره وإلى ملاحظات الأستاذ موسى عبود نيابة عن الطالب وملاحظات المحامي العام السيد أحمد بنيوسف.

وبعد المداولة طبقا للقانون:

فيما يخص الوسائل المستدل بها:

حيث يؤخذ من أوراق الملف ومحتوى القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بفاس بتاريخ 10/3/1980 تحت عدد 565/80 أن الأستاذ عبدالهادي بنجلون أندلسي قدم مقالا بتاريخ 25/1/1980 أمام نفس المحكمة يطعن فيه في نتائج انتخاب نقيب هيأة المحامين بفاس الذي أجري يوم 18 يناير 1980 والذي أعلن فيه فوز منافسه الأستاذ الحسن الجاي طالب النقض نقيبا للهيئة وذلك لكون منافسه المذكور لا حق له في الترشيح لمنصب النقيب إذ أنه لم تمض على فقرة انتخابه بتلك الصفة إلا نحوثلاثة أشهر في حين أن الفصل 109 من القانون المنظم لنقابات المحامين ومزاولة مهنة المحاماة الصادر الأمر بتنفيذه بمقتضى ظهير 8 نونبر 1979 ينص على أنه : ((لا يعاد انتخاب النقيب بنفس الصفة بعد انتهاء فترة انتخابه إلا بعد مضي ثلاث سنوات)) كما أنه من جهة أخرى فقد أعلن عن فوزه في الاقتراع الثاني الذي لم يحصل فيه إلا على 42 صوتا مع أن الأغلبية المطلقة في الاقتراع الثاني تعتبر بالنسبة لجميع أعضاء الجمعية العامة الذين يبلغ عددهم 89 وليس للأعضاء الحاضرين فقط والذي لم يتعد يوم الاقتراع 62 محاميا وذلك تطبيقا لمقتضيات الفصل 109 من نفس القانون الذي ينص على أنه: ((ينتخب النقيب لمدة ثلاث سنوات من طرف الجمعية العامة بالأغلبية المطلقة في الاقتراعين الأول والثاني وبالأغلبية النسبية للأعضاء الحاضرين في الاقتراع الثالث)) وبعد جواب المدعى عليه وتعقيب المدعى ووضع النيابة العامة مستنتجاتها في الموضوع قضت المحكمة بقرارها المطعون فيه بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بأن الطعن غير مؤسس في وسيلته الأولى المتعلقة بالترشيح ومؤسس في وسيلته الثانية المتعلقة بالاقتراع وتبعا لذلك تحكم بإلغاء انتخاب الأستاذ الحسن الجاي نقيبا الذي أعلن عنه بتاريخ 18 يناير 1980.

وحيث يعيب الطاعن الأستاذ الحسن الجاي على القرار المطعون فيه خرق القانون وخرق القواعد العامة للمسطرة وعدم الجواب على مستنتجات الأطراف وعدم التعليل ذلك أن القرار المطعون فيه لم يجب عن الدفوع الشكلية التي أثارها في مذكرة جوابه واكتفى في جوابه بالإحالة على ما ورد في مذكرة تعقيب المدعى في حين أن القانون يتطلب من المحكمة الجواب الصريح لأن الاعتماد فيما يخص تأويل القانون يكون على التفسير والاستنتاج الصادر عن القضاء لا على أقوال الخصوم وفيما يخص تنازل المطلوب عن حقه في الطعن فإن مقتضيات قانون المحاماة كيفما كانت آمرة أولا فإن العضوية في مجلس النقابة بأية صفة كانت هي حق فردي يمكن التنازل عنه ولوضمنيا لهذا يمكن قبول الطعن من أي فرد من المحامين التابعين للهيئة لأن القانون احتفظ بحقهم ولكن المطلوب ضده النقض الذي رشح نفسه لمنصب النقيب ولم ينجح وبعد هذا رشح نفسه للعضوية ونجح وسجل اسمه في المحضر من دون أدنى تحفظ يكون قد تنازل عن حقه في كل طعن في العملية التي سبقت انتخابه في حين كان عليه على الأقل أن يقدم استقالته من العضوية قبل أن يتقدم بطعنه ضد انتخاب النقيب.

لكن من جهة حيث إن المحكمة تكون قد أجابت على ما قدمه الطاعن من دفوع شكلية بإحالتها على ما ورد في مذكرة التعقيب التي قدمها المطلوب وهذا الجواب فيه كفاية لأن المحكمة أوردت في حيثيات قرارها ملخصا لما تضمنته مذكرة النقيب المشار إليها.

ومن جهة ثانية وفيما يخص تنازل المطلوب عن حقه في تقديم الطعن فإن ترشيح نفسه لعضوية الهيأة ونجاحه فيها وعدم إبدائه أي تحفظ كل هذا لا يفهم منه تنازله عن الحق في الطعن الذي خول له القانون كبقية زملائه لكون التنازل عن الحق يجب أن يكون له مفهوم ضيق ولا يكون له إلا المدى الذي يظهر بوضوح من الألفاظ المستعملة ممن أجراه كما ينص على ذلك الفصل 467 من قانون العقود والالتزامات أي أنه يجب أن يكون التنازل صريحا.

وفيما يخص الوسيلة الثانية المتخذة من خرق القرار المطلوب نقضه للقانون وعدم تمعنه وتحريف معنى العبارتين الأغلبية المطلقة والأغلبية النسبية والتعليل الفاسد والاستنتاج الخاطئ وعدم الارتكاز على أساس قانوني ذلك أن المحكمة حرفت معنى العبارتين الأغلبية المطلقة والأغلبية النسبية الواردتين في الفصل 109 من القانون المنظم لمهنة المحاماة أولتهما تأويلا خاطئا وذاك باحتسابها الأغلبية المطلقة بالنسبة للمسجلين في الجدول (89 محاميا) في حين أن عبارتي الأغلبية المطلقة والأغلبية النسبية اصطلاحات قانونية عرفهما القاموس وعرفتهما الكتب الفقهية فالأغلبية المطلقة هي التي تشمل نصف الأصوات المعبر عنها والأغلبية النسبية هي التي تشمل عددا من الأصوات يفوق العدد الذي حصل عليه كل واحد من المنافسين وفي حين فإن المشرع لم يقيد انعقاد الجمعية العامة (الجمع العام) بحضور المحامين المسجلين في الجدول وأن نتيجة الاقتراع هي التي تحدد نوع الأغلبية المطلوبة فتكون مطلقة في الاقتراعين الأول والثاني ونسبية في الاقتراع الثالث وإن أخذ هذه الأغلبية من مجموع المسجلين أوالحاضرين لا يغير من صفة الأغلبية مادامت العبرة بعدد المصوتين وإن اعتماد المحكمة على تفسيرها الخاطئ للقانون يجعل القرار المطعون فيه غير مرتكز على أساس ومستوجبا للنقض.

حيث إنه نظرا لعدم توضيح المشرع في الفصل 109 فيما يرجع للدورة الأولى والثانية هل تحسب الأغلبية المطلقة بالنسبة لعدد الحاضرين أولعدد المسجلين فإنه يتعين اعتبار هذه الأغلبية بالنسبة للأصوات المعبر عنها من طرف الحاضرين ولهذا فإن محكمة الاستئناف قد أخطأت عندما اعتبرت الأغلبية المطلقة بالنسبة لجميع أعضاء الجمعية العامة في حين كان يجب عليها أن تعتبر عدد الأصوات المعبر عنها نظرا لكون الأمر يتعلق بالدورة الثانية.

لكن حيث إن الفصل 109 من قانون المحاماة المشار إليه أعلاه ينص في فقرته الثالثة على أنه لا يعاد انتخاب النقيب بهذه الصفة بعد انتهاء فترة انتخابه   إلا بعد مرور ثلاث سنوات.

وحيث إن القانون الجديد يطبق بأثر فوري أي من تاريخ نشره حتى على النقباء الذين تم انتخابهم في ظل القانون السابق للمحاماة ما دام الظهير المؤرخ في 8 نونبر 1979 لم يحدد موعدا آخر لدخوله في حيز التطبيق.

وحيث ثبت لدى قضاة الموضوع أن الطاعن لم تمض على انتخابه نقيبا الفترة الزمنية المنصوص عليها في الفصل 109 المشار إليه أعلاه إذ أن مدة انتخابه نقيبا انتهت في شهر شتنبر 1979 لهذا فإن ترشيحه وانتخابه لمنصب نقيب جاء خرقا للمقتضيات المشار إليها أعلاه فبهذه العلة القانونية المحضة المبنية على الوقائع الثابتة لدى قضاء الموضوع التي يعوض بها المجلس الأعلى العلل الخاطئة المبني عليها القرار المطعون فيه يصبح هذا الأخير مبررا تبريرا قانونيا تكون الوسائل المستدل بها بدون أثر.

لأجـل ما ذكـر

قضى المجلس الأعلى برفض الطلب وعلى صاحبه بالصائر.

وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة رئيس الغرفة الإدارية مكسيم أزولاي والمستشارين عبداللطيف التازي وعمر التازي ومحمد زين العابدين بنبراهيم وعبدالكريم الحياني ختات وبمحضر المحامي العام السيد أحمد بنيوسف وبمساعدة كاتب الضبط السيد محمد كصوان.

رئيس الغرفة          المستشار المقرر            كاتب الضبط

 

2 Replies to “التنازل عن الحق في الطعن – مفهومه”

  1. لقد فصل هذا القرار في ثلاث نقط تهم نشاط مجالس نقابة المحامين وكلها نقط عادية لا تستحق أي تعليق.
    فقد أكـد القـرار:
    1) إن التنازل عن أي حق لا يمكنه أن يستنتج من إجراءات أومواقف غير مباشرة ، بل يجب أن يعبر عنه بصفة صريحة.
    2) إن انتخاب نقيب الهيئة يقع بالأغلبية المطلقة وأن هذه الأغلبية تحسب باعتبار الأصوات المعبر عنها ، لا باعتبار عدد الأصوات التي تتلف منها الهيئة الناخبة.
    3) وإنه لا يمكن إعادة انتخاب نقيب إلا إذا مر على انتخابه الأول مدة ثلاث سنوات.
    وهذه كلها قواعد عادية لا تستحق التحليل ولا تدعوإلى التأويل أوالتفسيـر…
    لكن القرار أعلاه يثير الانتباه حول نقطة مسطرية تكتسي أهمية خاصة ذلك أنه ، بعد ما اعترف بصلاحية وجهين من أوجه الطعن المثارة ، لم يذهب إلى النتيجة الحتمية أي إلى نقض القرار المطعون فيه ، بل قرر رفض طلب النقض مستندا في ذلك على وسيلة ثالثة أثارها تلقائيا واعتبر أنها كافية لتبرير منطوق القرار المحال عليه.
    وقد يمكن أن يثير هذا الموقف استغراب البعض ، لكون المبدأ القار هوأن الاعتراف بجدوى وسيلة من وسائل الطعن في القرار يفرض نقض هذا القرار.
    ومما يشجع على تطبيق هذا المبدأ هوأن قانون المسطرة المدنية الجديد أعطى للمجلس الأعلى حق التصدي.
    وهذا ما جعل البعض يزعم أنه كان بإمكان المجلس الأعلى أن ينقض الحكم المطعون فيه، ثم يتصدى للنازلة ويحكم من جديد بنفس ما حكمت به محكمة الاستئناف في الموضوع.
    وبالفعل كان بإمكان المجلس الأعلى أن يلجأ إلى هذه الإجراءات.
    لكن المجلس فضل استعمال وسيلة أخرى معروفة منذ زمن بعيد تمتاز بكونها صالحة سواء كان المجلس يتوفر على حق التصدي أم لا يتوفر عليه: تلك الوسيلة هي استبدال وسيلة فاسدة بوسيلة أخرى صالحة.
    وقد يعرف المجلس في هذا الباب عدة حالات تساعده على الوصول إلى الحل المفيد، دون ما حاجة إلى النقض العقيم الذي يؤدي إلى تكاثر الملفات من غير فائدة
    فمن هذه الحـالات:
    – رفضه للنقض من أجل سبب فاسد إذا كان السبب زائدا، أي أن القرار المطعون فيه معلل بعلل أخرى كافية تجعله في غنى عن السبب الفاسد.
    – ومنها رفضه لنقض قرار أوحكم أعطى للوقائع وصفا قانونيا خاطئا إذ كان الوصف القانوني الصحيح سيؤدي إلى نفس النتيجة التي وصل إليها القرار المطعون فيه ويلتجئ المجلس الأعلى إلى هذا الحل خصوصا في المادة الجنائية حيث يطبق ما يسميه بمبدأ العقوبة المبررة ، لا سيما وأن المجلس لا يتوفر على حق التصدي في المادة الجنائية.
    – ومنها رفض نقض قرار بسبب بطلان إجراء مسطري وقع لدى محكمة الموضوع ولم يثر لدى محكمة الاستئناف.
    وفي الحقيقة فإن الحالتين الأخيرتين إنما تشكلان تطبيق مقتضيات الفصلين 587، 589 من قانون المسطرة الجنائية.
    أما إذا ما رجعنا إلى ما نحن بصدده ، نجد أن المجلس قد صادف الصواب لكون تمسكه بالعلة الصحيحة التي أثارها يفرض حتما الحكم بما سبق لمحكمة الاستئناف أن قررته.
    وإننا نعتقد أن الحل الذي آثره المجلس يمتاز بفاعلية أفيد وبموضوعية أجدى، لكونه يغني المجلس عن استعمال التصدي الذي يجعل منه درجة ثالثة في التقاضي، والذي يجب أن لا يلجأ إليه المجلس الأعلى إلا في حالات نادرة واستثنائية، ويستحيل فيها اللجوء إلى وسيلة دونه.
    بقيت نقطة يظهر من المفيد معالجتها
    فقد قرر المجلس أن الفصل 109 من قانون المحاماة الذي ينص على أنه لا يعاد انتخاب النقيب بهذه الصفة، بعد انتهاء فترة انتخابه، إلا بعد مرور ثلاث سنوات ، يطبق بأثر فوري، أي أنه يطبق حتى على النقباء الذين انتهت فترة انتخابهم قبل صدور القانون الجديد.
    وإننا لنستحسن هذا الموقف، عملا بما استقر عليه الاجتهاد في هذا البـاب.
    فمبدأ عدم رجعية القوانين يقصد به أن القانون لا يطبق على الأفعال المرتكبة قبل وقوعه. إلا أن الحالات المعروضة على المحاكم ليست دائما سهلة الفهم والإدراك. ومن أجل هذا، ذهب اجتهاد المحاكم إلى الحلول الآتية :
    – إذا توفرت جميع شروط حالة قانونية ، قبل صدور القانون الجديد، فإن هذا الأخير لا يمكن أن تطبق مقتضياته على نفس الحالة فمثلا : إذا حدد قانون مدة تقادم عمل ما في 5 سنوات وانتهت مدة التقادم. وجاء بعد ذلك قانون جديد رفع مدة التقادم إلى 8 سنوات ، فإن هذا القانون لا أثر له على ما سبق تقادمه بصفة نهائية.
    أما إذا كانت الشروط القانونية لم تتوفر بعد ، وجاء قانون جديد، بقواعد أخرى. فإن قواعد القانون الجديد هي التي تطبق : مثلا : إذا كانت مدة التقادم 5 سنوات ومرت منها أربع سنوات، وجاء قانون جديد رفع مدة التقادم إلى 8 سنوات، فإن الفعل المرتكب لا يتقادم لمدة 5 سنوات ، ولكن لمدة 8 سنوات.
    – ومن جهة أخرى، إذا حدث حادث، خاضع لقانون معين، ولم يستنفد مفعوله ، بكيفية نهائية، ثم جاء قانون جديد أعطاه مفعولا آخر فإن القانون الجديد يطبق على عواقب الحادث ولا أثر له على الحادث نفسه فمثلا : قانون الأحوال الشخصية يحدد قواعد الزواج وآثاره ، فيما يهم علاقات الزوجين، وأسباب التطليق، ومبدأ التطليق نفسه، والحضانة الخ … لكن إذا عدل قانون الأحوال الشخصية، فإنه يطبق فورا على آثار الزواج الذي تم في ظل القانون القديم ولا يطبق على الزواج نفسه.
    وهذه الحالة هي بالضبط الحالة التي عرضت على المجلس الأعلى فالقانون الجديد ينص في فصله 109 على أنه لا يعاد انتخاب نقيب قديم إلا بعد مرور ثلاث سنوات على انتهاء مدة انتخابه الأول، وتشكل هذه القاعدة مجرد نتيجة للعمل الأصلي وهوانتخاب النقيب. وما دامت لم تمر مدة الثلاث سنوات على انتهاء انتخاب النقيب القديم ، فإن القاعدة الجديدة تطبق عليه، ولا يمكن انتخابه من جديد إلا بعد انصرام الأجل المضروب لذلك ، أي ثلاث سنوات.
    الأستاذ أحمد مجيد بنجلون

  2. لقد فصل هذا القرار في ثلاث نقط تهم نشاط مجالس نقابة المحامين وكلها نقط عادية لا تستحق أي تعليق.
    فقد أكـد القـرار:
    1) إن التنازل عن أي حق لا يمكنه أن يستنتج من إجراءات أومواقف غير مباشرة ، بل يجب أن يعبر عنه بصفة صريحة.
    2) إن انتخاب نقيب الهيئة يقع بالأغلبية المطلقة وأن هذه الأغلبية تحسب باعتبار الأصوات المعبر عنها ، لا باعتبار عدد الأصوات التي تتلف منها الهيئة الناخبة.
    3) وإنه لا يمكن إعادة انتخاب نقيب إلا إذا مر على انتخابه الأول مدة ثلاث سنوات.
    وهذه كلها قواعد عادية لا تستحق التحليل ولا تدعوإلى التأويل أوالتفسيـر…
    لكن القرار أعلاه يثير الانتباه حول نقطة مسطرية تكتسي أهمية خاصة ذلك أنه ، بعد ما اعترف بصلاحية وجهين من أوجه الطعن المثارة ، لم يذهب إلى النتيجة الحتمية أي إلى نقض القرار المطعون فيه ، بل قرر رفض طلب النقض مستندا في ذلك على وسيلة ثالثة أثارها تلقائيا واعتبر أنها كافية لتبرير منطوق القرار المحال عليه.
    وقد يمكن أن يثير هذا الموقف استغراب البعض ، لكون المبدأ القار هوأن الاعتراف بجدوى وسيلة من وسائل الطعن في القرار يفرض نقض هذا القرار.
    ومما يشجع على تطبيق هذا المبدأ هوأن قانون المسطرة المدنية الجديد أعطى للمجلس الأعلى حق التصدي.
    وهذا ما جعل البعض يزعم أنه كان بإمكان المجلس الأعلى أن ينقض الحكم المطعون فيه، ثم يتصدى للنازلة ويحكم من جديد بنفس ما حكمت به محكمة الاستئناف في الموضوع.
    وبالفعل كان بإمكان المجلس الأعلى أن يلجأ إلى هذه الإجراءات.
    لكن المجلس فضل استعمال وسيلة أخرى معروفة منذ زمن بعيد تمتاز بكونها صالحة سواء كان المجلس يتوفر على حق التصدي أم لا يتوفر عليه: تلك الوسيلة هي استبدال وسيلة فاسدة بوسيلة أخرى صالحة.
    وقد يعرف المجلس في هذا الباب عدة حالات تساعده على الوصول إلى الحل المفيد، دون ما حاجة إلى النقض العقيم الذي يؤدي إلى تكاثر الملفات من غير فائدة
    فمن هذه الحـالات:
    – رفضه للنقض من أجل سبب فاسد إذا كان السبب زائدا، أي أن القرار المطعون فيه معلل بعلل أخرى كافية تجعله في غنى عن السبب الفاسد.
    – ومنها رفضه لنقض قرار أوحكم أعطى للوقائع وصفا قانونيا خاطئا إذ كان الوصف القانوني الصحيح سيؤدي إلى نفس النتيجة التي وصل إليها القرار المطعون فيه ويلتجئ المجلس الأعلى إلى هذا الحل خصوصا في المادة الجنائية حيث يطبق ما يسميه بمبدأ العقوبة المبررة ، لا سيما وأن المجلس لا يتوفر على حق التصدي في المادة الجنائية.
    – ومنها رفض نقض قرار بسبب بطلان إجراء مسطري وقع لدى محكمة الموضوع ولم يثر لدى محكمة الاستئناف.
    وفي الحقيقة فإن الحالتين الأخيرتين إنما تشكلان تطبيق مقتضيات الفصلين 587، 589 من قانون المسطرة الجنائية.
    أما إذا ما رجعنا إلى ما نحن بصدده ، نجد أن المجلس قد صادف الصواب لكون تمسكه بالعلة الصحيحة التي أثارها يفرض حتما الحكم بما سبق لمحكمة الاستئناف أن قررته.
    وإننا نعتقد أن الحل الذي آثره المجلس يمتاز بفاعلية أفيد وبموضوعية أجدى، لكونه يغني المجلس عن استعمال التصدي الذي يجعل منه درجة ثالثة في التقاضي، والذي يجب أن لا يلجأ إليه المجلس الأعلى إلا في حالات نادرة واستثنائية، ويستحيل فيها اللجوء إلى وسيلة دونه.
    بقيت نقطة يظهر من المفيد معالجتها
    فقد قرر المجلس أن الفصل 109 من قانون المحاماة الذي ينص على أنه لا يعاد انتخاب النقيب بهذه الصفة، بعد انتهاء فترة انتخابه، إلا بعد مرور ثلاث سنوات ، يطبق بأثر فوري، أي أنه يطبق حتى على النقباء الذين انتهت فترة انتخابهم قبل صدور القانون الجديد.
    وإننا لنستحسن هذا الموقف، عملا بما استقر عليه الاجتهاد في هذا البـاب.
    فمبدأ عدم رجعية القوانين يقصد به أن القانون لا يطبق على الأفعال المرتكبة قبل وقوعه. إلا أن الحالات المعروضة على المحاكم ليست دائما سهلة الفهم والإدراك. ومن أجل هذا، ذهب اجتهاد المحاكم إلى الحلول الآتية :
    – إذا توفرت جميع شروط حالة قانونية ، قبل صدور القانون الجديد، فإن هذا الأخير لا يمكن أن تطبق مقتضياته على نفس الحالة فمثلا : إذا حدد قانون مدة تقادم عمل ما في 5 سنوات وانتهت مدة التقادم. وجاء بعد ذلك قانون جديد رفع مدة التقادم إلى 8 سنوات ، فإن هذا القانون لا أثر له على ما سبق تقادمه بصفة نهائية.
    أما إذا كانت الشروط القانونية لم تتوفر بعد ، وجاء قانون جديد، بقواعد أخرى. فإن قواعد القانون الجديد هي التي تطبق : مثلا : إذا كانت مدة التقادم 5 سنوات ومرت منها أربع سنوات، وجاء قانون جديد رفع مدة التقادم إلى 8 سنوات، فإن الفعل المرتكب لا يتقادم لمدة 5 سنوات ، ولكن لمدة 8 سنوات.
    – ومن جهة أخرى، إذا حدث حادث، خاضع لقانون معين، ولم يستنفد مفعوله ، بكيفية نهائية، ثم جاء قانون جديد أعطاه مفعولا آخر فإن القانون الجديد يطبق على عواقب الحادث ولا أثر له على الحادث نفسه فمثلا : قانون الأحوال الشخصية يحدد قواعد الزواج وآثاره ، فيما يهم علاقات الزوجين، وأسباب التطليق، ومبدأ التطليق نفسه، والحضانة الخ … لكن إذا عدل قانون الأحوال الشخصية، فإنه يطبق فورا على آثار الزواج الذي تم في ظل القانون القديم ولا يطبق على الزواج نفسه.
    وهذه الحالة هي بالضبط الحالة التي عرضت على المجلس الأعلى فالقانون الجديد ينص في فصله 109 على أنه لا يعاد انتخاب نقيب قديم إلا بعد مرور ثلاث سنوات على انتهاء مدة انتخابه الأول، وتشكل هذه القاعدة مجرد نتيجة للعمل الأصلي وهوانتخاب النقيب. وما دامت لم تمر مدة الثلاث سنوات على انتهاء انتخاب النقيب القديم ، فإن القاعدة الجديدة تطبق عليه، ولا يمكن انتخابه من جديد إلا بعد انصرام الأجل المضروب لذلك ، أي ثلاث سنوات.
    الأستاذ أحمد مجيد بنجلون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *