محامي أعمى – رفض تقييد بالجدول – لا – متابعة الإجراءات شخصيا – لا – السر المهني – احتمال الإخلال به

محامي أعمى – رفض تقييد بالجدول – لا – متابعة الإجراءات شخصيا – لا – السر المهني – احتمال الإخلال به

المحامي

القاعدة

– ليس هناك أي نص قانوني يفرض على المحامي الاطلاع شخصيا على وثائق الملف أويمنع عليه الالتجاء إلى غيره ليساعده في الجلسات.

– الإخلال بسر المهنة لا يعاقب عليه القانون إلا إذا ثبت ارتكابه فلا يكفي مجرد احتمال هذا الإخلال لحرمان الشخص من ممارسة مهنة هومؤهل لها قانونا.

 

القرار رقم 29

الصادر بتاريخ فاتح ربيع الثاني 1401 ( 6 فبراير 1981)

في الملف المدني رقم: 58688 الغرفة الإدارية.

 

باسم جـلالـة الملـك

بناء على العريضة المرفوعة بتاريخ 14 دجنبر 76 من طرف الطالبة المذكورة حوله بواسطة نائبها والرامية إلى نقض قرار محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء الصادر بتاريخ 17 يناير 1975 في الملف عدد 3121.

وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 1 مارس 77 من طرف المدعى عليها والرامية إلى رفض الطلب.

وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف

وبناء على قانون المسطرة المدنية وبالأخص فصوله 353 وما بعده والفقرة الأخيرة من فصله 362.

وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر بتاريخ 22 مارس 1980.

وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 23 يناير 1981.

وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.

وبعد الاستماع بهذه الجلسة إلى المستشار المقرر السيد عمر التازي في تقريره وإلى ملاحظات المحامي العام السيد محمد الرطل.

وبعد المداولة طبقا للقانون.

فيما يخص الوسيلة الوحيدة المستدل بها

بناء على الفصلين 6 و20 من المرسوم الملكي المؤرخ في 28 رمضان 1388 (19 دجنبر 1968) المتعلق بتنظيم ممارسة مهنة المحاماة.

حيث يؤخذ من أوراق الملف ومن محتوى القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء بتاريخ 17 يناير 1977 أنه سبق لعائشة الزهرة أن تقدمت إلى مجلس نقابة المحامين بالرباط بطلب يهدف إلى تسجيلها في لائحة المحامين المتمرنين غير أن المجلس المذكور أصدر مقررا برفض طلبها لعلة أن المعنية بالأمر فاقدة البصر وذلك، ما يحول دون ممارستها لمهنتها حسب ما قرره الفصل السادس من المرسوم المنظم لمهنة المحاماة وأنه بعد استئناف الحكم المذكور من طرف الطاعنة قررت محكمة الاستئناف إلغاءه والحكم من جديد بقبول تسجيلها في لائحة المحامين المتمرنين بالرباط غير أن هذا القرار الذي وقع فيه الطعن أمام المجلس الأعلى من طرف مجلس الهيئة قد نقض ثم بعد إحالة ملف النازلة على محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء صدر القرار المطعون فيه حاليا القاضي بقبول الاستئناف شكلا وبرده موضوعا وبتأييد القرار المطعون فيه حاليا الصادر عن نقابة المحامين بالرباط بتاريخ 31 يوليوز 1970 وذلك بناء على أن واجبات المحامي تقتضي أن يقوم بالاطلاع شخصيا على الوثائق والمستندات التي يضمها الملف على أن عمله يفرض عليه الاطلاع على الوثائق والمستندات التي يضمها الملف على أن عمله يفرض عليه الاطلاع على الحجج المدلى بها في الجلسات وتحضير الجواب عنها في الحال دون توقفه في ذلك على غيره ليساعده وعلى أن المحامي الضرير عندما يساعده الغير على معرفة محتوى المستندات يكون مخلا بما يلزم به من المحافظة على السر المهني.

لكن حيث إنه ليس هناك أي نص قانوني يفرض على المحامي الاطلاع شخصيا على وثائق الملف أويمنع عليه الالتجاء إلى غيره ليساعده في الجلسات وأن الإخلال بسر المهنة لا يعاقب عليه القانون   إلا بعد ثبوت ارتكابه.

وحيث إن محكمة الاستئناف عندما اعتمدت على واجبات وموانع لم ينص عليها القانون      وبالأخص الفصلان المشار إليهما طليعته تكون قد خرقت مقتضياتها.

لهذه الأسبـاب

قضى المجلس الأعلى بنقض القرار المطعون فيه وبإحالة القضية على نفس محكمة الاستئناف وهي متركبة من هيئة أخرى لتبت فيها من جديد طبقا للقانون وعلى المطلوب ضدها النقض بالصائر.

كما قرر إثبات حكمه هذا في سجلات المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه أوبطرته.

وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة رئيس الغرفة الإدارية مكسيم ازولاي والمستشارين عمر التازي ومحمد زين العابدين بنبراهيم وعبدالرحمان بالفضيل وعبدالكريم الحمياني ختات وبمحضر المحامي العام السيد محمد بناني الرطل وبمساعدة كاتب الضبط السيد محمد كصوان.

رئيس الغرفة         المستشار المقرر          كاتب الضبط

2 Replies to “محامي أعمى – رفض تقييد بالجدول – لا – متابعة الإجراءات شخصيا – لا – السر المهني – احتمال الإخلال به”

  1. يثير هذا القرار عدة نقط قانونية يظهر من المفيد التصدي إليها قصد تعميم الفائدة.
    ويتعلق الأمر بالسماح لضرير بأن يمارس مهنة المحاماة ، وذلك بعد أن حصل على جميع الشهادات التي يفرض القانون التوفر عليها لمزاولة هذه المهنة.
    وقد رفضت محكمة الاستئناف قبول تسجيل السيدة عائشة الزهراء في لائحة المحامين بالرباط، مستندة في قرارها على مقتضيات الفصل السادس من المرسوم المنظم لمهنة المحاماة ، ومؤكدة بذلك الموقف الذي اتخذته هيئة المحامين بالرباط.
    وعللت المحكمة موقفها هذا بكون المحامي الضرير لا يمكنه أن يمارس مهنته بكيفية مرضية لأنه لا يمكن أن يطلع بنفسه على الملفات ووثائقها ومذكراتها ، وأن القانون الذي يفرض عليه الحفاظ على سر المهنة لا يسمح له بأن يستعين بغيره لتفادى هذا العجز.
    لكن المجلس الأعلى اعتبر هذا التعليل غير سليم ، مؤكدا:
    1) إنه لا يوجد أي نص قانوني يمنع على المحامي أن يستعين بغيره ليساعده على دراسة الملفات وعلى تتبع ما يروج في الجلسات.
    2) وإنه مادام الإخلال بسر المهنة لا يعاقب عليه القانون إلا إذا ثبت ارتكابه ، فإنه لا يجوز معاقبة مخالفة قبل وقوعها ، أي أنه لا يمكن افتراض سوء النية ، لأن الأصل في هذا الباب هوافتراض حسن النية.
    ومن الطبيعي أن نعتبر أن المجلس ، عندما قرر عدم صلاحية التعليل الذي لجأت إليه محكمة الاستئناف ، أعطى لنفسه حق مراقبة تأويل محكمة الاستئناف لمقتضيات الفصل السادس من المرسوم المنظم لمهنة المحاماة :
    وهذه نقطة ثالثة تستحق بعض التحليل.

    1) صلاحية كل من محاكم الموضوع والمجلس الأعلى في التأويـل:
    من المعلوم أنه يجب على المجلس الأعلى أن يبتعد عن كل تدخل في الوقائع، وأن يترك التأكد من وجودها أوعدمه لمحاكم الموضوع لأنه لا يشكل درجة ثالثة للتقاضي ولهذا فإن محاكم الموضوع تتوفر على الصلاحية التامة للتثبت من حقيقة عناصر النوازل المعروضة عليها والظروف المادية التي تحيط بها ، وكذا التأكد في وجودها أوعدمه، وحتى استنتاج نوايا الأطراف إلا أنه في غالب الأحيان، يصعب الاهتداء إلى الحد الفاصل بين سلطة المجلس الأعلى وبين اختصاص محاكم الموضوع : فكثيرا ما تحرف محاكم الموضوع المدلول الحقيقي للمستندات وتعطيها أبعادا لا علاقة لها بالواقع، بذريعة أنها تستعمل حقها في تأويل ما يعرض عليها. وهذا ما حدا بالمجلس الأعلى إلى فرض مراقبته على هذا التأويل وبذلك يفرض مبدأ حقه في مراقبة ما سماه بتحريف الوثائق ومستندات الملف.
    ودون أن ندخل في دراسة دقيقة للموضوع، تتعدى نطاق هذا التعليق يظهر من المفيد أن نشير إلى أن هذا الموقف وجد ميدانا فسيحا لتطبيقه فيما يتعلق بتأويل العقود المبرمة بين الأطراف.
    وقد أدى الاجتهاد إلى التمييز بين العقود الغامضة وبين العقود الواضحة الصريحة : فبينما تأويل الأولى لا يخضع لمراقبة المجلس الأعلى ويبقى راجعا إلى اختصاص محكمة الموضوع ، فإن تأويل الثانية يفرض مراقبة المجلس الأعلى.
    ومن الممكن أن نلخص المبادئ التي يجب احترامها ، استنادا إلى الملاحظة الآتية : كل نازلة تفرض على القاضي قطع ثلاث مراحل : إثبات الأحداث ، ثم إعطائها الوصف القانوني اللازم، وأخيرا استنتاج الحل القانوني أي تطبيق القانون الذي يجب تطبيقه على الوصف القانوني المستنتج.
    1) – فقاضي الموضوع يتوفر على الصلاحية التامة لإثبات الوقائع ولا دخل للمجلس الأعلى في ذلك إلا أنه يجب على قاضي الموضوع أن يحترم المقتضيات القانونية المتعلقة بالحجة.
    – وأن يتجنب كل تناقض فيما يهم الوقائع التي يستند عليها.
    2) – للمجلس الأعلى الصلاحية المطلقة في مراقبة صحة الوصف القانوني الذي تعطيه محكمة الموضوع للوقائع المعروضة عليها والتي تؤكد وجودها.
    3) – أما فيما يتعلق بتطبيق القانون علة الوقائع فيجب التمييز بين ثلاث حالات
    – هناك وقائع مادية يفرض تأكيد وجودها عواقب قانونية لا يمكن للمجلس الأعلى أن يتصرف فيها.
    – وهناك وقائع لا وجود لها قانونا إلا بتوفرها على صفات يحددها القانون. إلا أن وجود هذه الصفات تارة يتطلب تأويلا من طرف القاضي وتارة لا يحتاج إلى تأويل. ومن أجل هذا فإن المجلس الأعلى يفرض مراقبة على جميع الصفات التي يتطلب التأكد من وجودها تأويل قاضي الموضوع.
    – وهناك أخيرا الحالات التي يجب فيها الرجوع إلى القانون للتأكد من وجود العناصر المكونة للأفعال المعروضة على المحكمة، قصد إعطائها الوصف القانوني اللازم. في هذه الحالة كذلك يفرض المجلس الأعلى مراقبته.
    وإذا ما نحن رجعنا إلى قضية السيدة عائشة الزهراء ، نجد أن المحكمة استندت على الفصل السادس من المرسوم الذي ينظم مهنة المحاماة والذي يؤكد أنه يجب على المحامي أن يكون في حالة يمكن معها أن يمارس مهنته بكيفية مرضية وإيجابية. وهذه الحالة هي بالضبط الحالة الأخيرة التي أشرنا إليها في التحليل الموجز السالف. فكان من حق المجلس أن يمارس رقابته حولها
    2) هل من حق المحامي أن يستعين بغيره، أثناء ممارسته لمهنته ؟
    اعتقد أن الجواب عن هذا السؤال ناتج عن طبيعة مهنة المحاماة وعن الإجراءات التي تفرض اتخاذها والوسائل التي يحتاج إليها المحامي للقيام بمأموريته. ففي زمن التقنية، يحتاج المحامي إلى ضاربات على الآلة الكاتبة ، وفي زمن تكاثر القضايا يحتاج المحامي إلى من يقوم بالأعمال الإدارية داخل المكتب، وإلى من يقوم بالتدخلات الضرورية لدى كتابة الضبط ولدى صندوق المحكمة وقد يحتاج المحامي كذلك إلى من يقومون بدراسات قانونية ، حول مواضيع معينة ، ولو تعلق الأمر بأشخاص قانونيين غير مؤهلين لممارسة المهنة.
    وكل هؤلاء الأشخاص يطلعون طبعا على الملفات ومحتوياتها، والمقالات وعناصرها ، وأجوبة الخصوم وحيثياتها.
    فهم المساعدون الضروريون للمحامي الذي لا يمكنه أن يستغني عنهم.
    وإذا أكد المجلس الأعلى إنه لا يوجد نص قانوني يحرم اللجوء إلى هؤلاء المساعدين ، فقد أعرب عن حقيقة مادية لا مناص من تأكيدها. وذلك حفاظا على الإمكانيات التي يجب أن يتوفر عليها المحامي ، واعتبارا بحقيقة مهنة المحاماة ، ودفاعا على حقوق المتقاضين في نفس الوقت.
    ومهما يكن من أمر ، فإنه كان من الممكن أن لا يكتفي المجلس بتأكيد عدم وجود أي نص قانوني يحرم هذه المساعدة ، وأن يؤكد حق المحامي في الاستعانة بكل من يمكنه أن يسهل مأموريته.
    3)هل يتنافى هذا الحق وما يفرضه مبدأ سر المهمة ؟
    لقد ذهب المجلس الأعلى في هذا القرار إلى النتيجة النهائية حيث أكد أن الإخلال بسر المهنة لا يعاقب عليه القانون إلا إذا ثبت ارتكابه.
    ولم يكن في نية المجلس الأعلى من خلال العبارة التي استعملها أن يكتفي بالتعبير عن مجرد موقف بل أراد بالعبارة التي اختارها أن يشير إلى شيء مهم: وهو أن الإخلال بسر المهنة لا يعاقب مرتكبه إلا إذا ثبتت العناصر المكونة له.
    ودون أن ندخل في دراسة إضافية ، يظهر من المفيد أن نشير إلى عنصر هام، وهو أن إفشاء سر المهنة لا يعرض مقترفه للعقاب إلا إذا كان المقصود منه مساعدة الخصم أو الأضرار بمصالح الزبون، خصوصا وأنه توجد حالات متعددة يكون فيها الشخص ملزما بإفشاء سر مهنته، لاسيما في المادة الجنائية كما ينص على ذلك الفصل 446 من القانون الجنائي والفصل 40 من قانون المسطرة الجنائية. وسنخصص لهذا الموضوع دراسة خاصة.
    الأستاذ أحمد مجيد بنجلون

  2. يثير هذا القرار عدة نقط قانونية يظهر من المفيد التصدي إليها قصد تعميم الفائدة.
    ويتعلق الأمر بالسماح لضرير بأن يمارس مهنة المحاماة ، وذلك بعد أن حصل على جميع الشهادات التي يفرض القانون التوفر عليها لمزاولة هذه المهنة.
    وقد رفضت محكمة الاستئناف قبول تسجيل السيدة عائشة الزهراء في لائحة المحامين بالرباط، مستندة في قرارها على مقتضيات الفصل السادس من المرسوم المنظم لمهنة المحاماة ، ومؤكدة بذلك الموقف الذي اتخذته هيئة المحامين بالرباط.
    وعللت المحكمة موقفها هذا بكون المحامي الضرير لا يمكنه أن يمارس مهنته بكيفية مرضية لأنه لا يمكن أن يطلع بنفسه على الملفات ووثائقها ومذكراتها ، وأن القانون الذي يفرض عليه الحفاظ على سر المهنة لا يسمح له بأن يستعين بغيره لتفادى هذا العجز.
    لكن المجلس الأعلى اعتبر هذا التعليل غير سليم ، مؤكدا:
    1) إنه لا يوجد أي نص قانوني يمنع على المحامي أن يستعين بغيره ليساعده على دراسة الملفات وعلى تتبع ما يروج في الجلسات.
    2) وإنه مادام الإخلال بسر المهنة لا يعاقب عليه القانون إلا إذا ثبت ارتكابه ، فإنه لا يجوز معاقبة مخالفة قبل وقوعها ، أي أنه لا يمكن افتراض سوء النية ، لأن الأصل في هذا الباب هوافتراض حسن النية.
    ومن الطبيعي أن نعتبر أن المجلس ، عندما قرر عدم صلاحية التعليل الذي لجأت إليه محكمة الاستئناف ، أعطى لنفسه حق مراقبة تأويل محكمة الاستئناف لمقتضيات الفصل السادس من المرسوم المنظم لمهنة المحاماة :
    وهذه نقطة ثالثة تستحق بعض التحليل.

    1) صلاحية كل من محاكم الموضوع والمجلس الأعلى في التأويـل:
    من المعلوم أنه يجب على المجلس الأعلى أن يبتعد عن كل تدخل في الوقائع، وأن يترك التأكد من وجودها أوعدمه لمحاكم الموضوع لأنه لا يشكل درجة ثالثة للتقاضي ولهذا فإن محاكم الموضوع تتوفر على الصلاحية التامة للتثبت من حقيقة عناصر النوازل المعروضة عليها والظروف المادية التي تحيط بها ، وكذا التأكد في وجودها أوعدمه، وحتى استنتاج نوايا الأطراف إلا أنه في غالب الأحيان، يصعب الاهتداء إلى الحد الفاصل بين سلطة المجلس الأعلى وبين اختصاص محاكم الموضوع : فكثيرا ما تحرف محاكم الموضوع المدلول الحقيقي للمستندات وتعطيها أبعادا لا علاقة لها بالواقع، بذريعة أنها تستعمل حقها في تأويل ما يعرض عليها. وهذا ما حدا بالمجلس الأعلى إلى فرض مراقبته على هذا التأويل وبذلك يفرض مبدأ حقه في مراقبة ما سماه بتحريف الوثائق ومستندات الملف.
    ودون أن ندخل في دراسة دقيقة للموضوع، تتعدى نطاق هذا التعليق يظهر من المفيد أن نشير إلى أن هذا الموقف وجد ميدانا فسيحا لتطبيقه فيما يتعلق بتأويل العقود المبرمة بين الأطراف.
    وقد أدى الاجتهاد إلى التمييز بين العقود الغامضة وبين العقود الواضحة الصريحة : فبينما تأويل الأولى لا يخضع لمراقبة المجلس الأعلى ويبقى راجعا إلى اختصاص محكمة الموضوع ، فإن تأويل الثانية يفرض مراقبة المجلس الأعلى.
    ومن الممكن أن نلخص المبادئ التي يجب احترامها ، استنادا إلى الملاحظة الآتية : كل نازلة تفرض على القاضي قطع ثلاث مراحل : إثبات الأحداث ، ثم إعطائها الوصف القانوني اللازم، وأخيرا استنتاج الحل القانوني أي تطبيق القانون الذي يجب تطبيقه على الوصف القانوني المستنتج.
    1) – فقاضي الموضوع يتوفر على الصلاحية التامة لإثبات الوقائع ولا دخل للمجلس الأعلى في ذلك إلا أنه يجب على قاضي الموضوع أن يحترم المقتضيات القانونية المتعلقة بالحجة.
    – وأن يتجنب كل تناقض فيما يهم الوقائع التي يستند عليها.
    2) – للمجلس الأعلى الصلاحية المطلقة في مراقبة صحة الوصف القانوني الذي تعطيه محكمة الموضوع للوقائع المعروضة عليها والتي تؤكد وجودها.
    3) – أما فيما يتعلق بتطبيق القانون علة الوقائع فيجب التمييز بين ثلاث حالات
    – هناك وقائع مادية يفرض تأكيد وجودها عواقب قانونية لا يمكن للمجلس الأعلى أن يتصرف فيها.
    – وهناك وقائع لا وجود لها قانونا إلا بتوفرها على صفات يحددها القانون. إلا أن وجود هذه الصفات تارة يتطلب تأويلا من طرف القاضي وتارة لا يحتاج إلى تأويل. ومن أجل هذا فإن المجلس الأعلى يفرض مراقبة على جميع الصفات التي يتطلب التأكد من وجودها تأويل قاضي الموضوع.
    – وهناك أخيرا الحالات التي يجب فيها الرجوع إلى القانون للتأكد من وجود العناصر المكونة للأفعال المعروضة على المحكمة، قصد إعطائها الوصف القانوني اللازم. في هذه الحالة كذلك يفرض المجلس الأعلى مراقبته.
    وإذا ما نحن رجعنا إلى قضية السيدة عائشة الزهراء ، نجد أن المحكمة استندت على الفصل السادس من المرسوم الذي ينظم مهنة المحاماة والذي يؤكد أنه يجب على المحامي أن يكون في حالة يمكن معها أن يمارس مهنته بكيفية مرضية وإيجابية. وهذه الحالة هي بالضبط الحالة الأخيرة التي أشرنا إليها في التحليل الموجز السالف. فكان من حق المجلس أن يمارس رقابته حولها
    2) هل من حق المحامي أن يستعين بغيره، أثناء ممارسته لمهنته ؟
    اعتقد أن الجواب عن هذا السؤال ناتج عن طبيعة مهنة المحاماة وعن الإجراءات التي تفرض اتخاذها والوسائل التي يحتاج إليها المحامي للقيام بمأموريته. ففي زمن التقنية، يحتاج المحامي إلى ضاربات على الآلة الكاتبة ، وفي زمن تكاثر القضايا يحتاج المحامي إلى من يقوم بالأعمال الإدارية داخل المكتب، وإلى من يقوم بالتدخلات الضرورية لدى كتابة الضبط ولدى صندوق المحكمة وقد يحتاج المحامي كذلك إلى من يقومون بدراسات قانونية ، حول مواضيع معينة ، ولو تعلق الأمر بأشخاص قانونيين غير مؤهلين لممارسة المهنة.
    وكل هؤلاء الأشخاص يطلعون طبعا على الملفات ومحتوياتها، والمقالات وعناصرها ، وأجوبة الخصوم وحيثياتها.
    فهم المساعدون الضروريون للمحامي الذي لا يمكنه أن يستغني عنهم.
    وإذا أكد المجلس الأعلى إنه لا يوجد نص قانوني يحرم اللجوء إلى هؤلاء المساعدين ، فقد أعرب عن حقيقة مادية لا مناص من تأكيدها. وذلك حفاظا على الإمكانيات التي يجب أن يتوفر عليها المحامي ، واعتبارا بحقيقة مهنة المحاماة ، ودفاعا على حقوق المتقاضين في نفس الوقت.
    ومهما يكن من أمر ، فإنه كان من الممكن أن لا يكتفي المجلس بتأكيد عدم وجود أي نص قانوني يحرم هذه المساعدة ، وأن يؤكد حق المحامي في الاستعانة بكل من يمكنه أن يسهل مأموريته.
    3)هل يتنافى هذا الحق وما يفرضه مبدأ سر المهمة ؟
    لقد ذهب المجلس الأعلى في هذا القرار إلى النتيجة النهائية حيث أكد أن الإخلال بسر المهنة لا يعاقب عليه القانون إلا إذا ثبت ارتكابه.
    ولم يكن في نية المجلس الأعلى من خلال العبارة التي استعملها أن يكتفي بالتعبير عن مجرد موقف بل أراد بالعبارة التي اختارها أن يشير إلى شيء مهم: وهو أن الإخلال بسر المهنة لا يعاقب مرتكبه إلا إذا ثبتت العناصر المكونة له.
    ودون أن ندخل في دراسة إضافية ، يظهر من المفيد أن نشير إلى عنصر هام، وهو أن إفشاء سر المهنة لا يعرض مقترفه للعقاب إلا إذا كان المقصود منه مساعدة الخصم أو الأضرار بمصالح الزبون، خصوصا وأنه توجد حالات متعددة يكون فيها الشخص ملزما بإفشاء سر مهنته، لاسيما في المادة الجنائية كما ينص على ذلك الفصل 446 من القانون الجنائي والفصل 40 من قانون المسطرة الجنائية. وسنخصص لهذا الموضوع دراسة خاصة.
    الأستاذ أحمد مجيد بنجلون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *