جريمة الرشوة – أركانها – تكييف

جريمة الرشوة – أركانها – تكييف

رشوة

القاعدة:

تقتضي جريمة الرشوة وجود صاحب مصلحة يدفع الرشوة ووجود موظف يتلقاها لا يكفي للإدانة من أجل إعطاء الرشوة التأكيد على أن المتهم دفع مبلغا من المال لعم له قصد الحصول على جواز سفر.

يجب إثبات أن تسليم الجواز المطعون في صحته تم من طرف الموظف الموقع عليه مقابل هبة أووعد بها أوعرضها وأن هذا الإثبات يجب أن يقع في الوقت الذي تكون فيه المحكمة بصدد البت في الدعوى العمومية.

إذا كانت عدم مشروعية تسليم الجواز غير كافية لتبرير جريمة الرشوة فإن وقائع النازلة الواردة في حيثيات القرار المطعون فيه تشكل في الحقيقة عناصر الجريمة المنصوص عليها في الفصل 361 من القانون الجنائي لأن المتهم قام باستعمال وسائل التدليس وأدلى ببيانات مزيفة قصد الحصول على الجواز.

إن العقوبة المقررة لجريمة الرشوة تختلف عن العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها في الفصل 361 ولهذا فإن الخطأ في وصف الأفعال المرتكبة من طرف المتهم يؤدي حتما إلى نقض القرار عملا بالفصل 589 من قانون المسطرة الجنائية

القرار رقم 1072

الصادر بتاريخ 11 أبريل 1974

في الملف الجنحي رقم 38262

باسم جلالة الملك

بناء على طلب النقض المرفوع من الطالب السالف الذكر بمقتضى تصريح أفضى به بتاريخ سابع عشر نونبر 1971 بواسطة الأستاذ برينولدى كتابة الضبط بغرفة الاستئناف بالرباط والرامي إلى نقض الحكم الصادر عن نفس المحكمة بتاريخ عاشر نونبر 1971 والقاضي بإلغاء الحكم الابتدائي (إقليمية الرباط) الذي كان يقضي ببراءته والحكم من جديد بإدانته بجريمة الارتشاء وبمعاقبته من أجل ذلك بسنة ونصف حبسا وبغرامة ألف درهم وبمصادرة جواز السفر رقم 737.

إن المجلس:

بعد أن تلا السيد المستشار الحسن الحجوي التقرير المكلف به في القضية .

وبعد الإنصات إلى السيد الفاطمي الإدريسي المحامي العام في مستنتجاته.

وبعد المداولة طبقا للقانون :

نظرا للمذكرة المدلى بها من لدن طالب النقض :

في شأن وسيلة النقض الأولى المتخذة من انعدام التعليل ذلك أن المحكمة الابتدائية ركزت قضاءها على أن جريمة الرشوة تقوم على أركان ثلاثة وهي وجود شخص صاحب مصلحة يدفع الرشوة – الراشي – ووجود موظف يتلقى الرشوة ويقبضها – المرتشي – ووجود منفعة.

وأن الدفاع ركز دفوعاته على هذه النقطة بالذات وأن غرفة الاستئناف أهملت هذه النقطة في قرارها وتغاضت عنها ولم تناقشها في حيثياتها وأن القانون يلزمها بأن ترد على دفوع الخصوم وتعليلها.

والقرار المطعون فيه أهدر تعليلات المحكمة الابتدائية دون سبب أوتعليل وأنه لم يذكر الوقائع المادية والقانونية المكونة لهذه الجريمة وأن اجتهاد المجلس الأعلى قار على نقض الأحكام الغير المعللة من الناحيتين الواقعية والقانونية.

حيث إنه يتجلى من تنصيصات القرار المطعون فيه ومن عناصر المسطرة أن المفضل بن عبد السلام قد ألقي عليه القبض وهو حامل لجواز السفر رقم 737 أسس من طرف عمالة الرباط بتاريخ 18 يناير 1971 في إسمه وعليه صورته الفوتغرافية غير أن عنوان السكنى كان وهميا – 22 زنقة أكدير بالرباط – وأن هذا الجواز قد سلم بكيفية غير تنظيمية على أساس الإدلاء بنسخة من صك الازدياد تفيد بأن الظنين يسكن في دائرة الشاون من إقليم تطوان ولا ينتمي إلى إقليم الرباط.

وحيث إن البحث المتولى في النازلة من طرف الشرطة قد كشف بأن الجواز ممضى عليه بإمضاء غير – صحيح – وأنه استنادا إلى تصريحات الظنين فإن الجواز المذكور كان سلم له من طرف عم له بعدما دفع له ألف درهم لهذه الغاية – وأن العم لم يقع العثور عليه.

وحيث إن الظنين قد توبع في حالة التلبس أمام المحكمة الإقليمية بالرباط من أجل جنحة الرشوة المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 251 من مجموعة القانون الجنائي فقضت المحكمة بحكمها الصادر بتاريخ بإلغاء الحكم الابتدائي والحكم من جديد بإدانة الظنين من أجل نفس التهمة.

وعلى إثر الاستئناف المرفوع ضد الحكم المذكور من طرف ممثلي النيابة العامة قضت محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ عاشر نونبر 1971 تحت عدد 4027 في القضية رقم 18129/71 ببراءة وقضت عليه بعام ونصف حبسا وألف درهم غرامة وبمصادرة الجواز.

وحيث كان القرار المطعون فيه أورد بما فيه الكفاية الظروف التي عثر فيها على الظنين وهوحامل لجواز السفر المزور والبيانات التي أعطاها عن ذلك مما تكون معه الوسيلة الأولى غير مقبولة.

لكن فيما يتعلق بالوسيلة الثانية المتخذة من خرق القانون ذلك أن محكمة الدرجة الثانية أخطأت في تطبيق الفصل 251 من القانون الجنائي وأنها تغاضت عما يشترط في جريمة الرشوة من قيام أركان ثلاثة سبقت الإشارة إليها إذ أنه لم يكن في النازلة المعروضة شخص واحد يزعم دفع مبلغ ألف درهم لعم له بقصد الحصول على جواز سفر ورغم ذلك فإن المحكمة قد أدانته من غير أن تكون الجريمة متوفرة على جميع أركانها مما يكون معه الحكم قد بنى على غير أساس قانوني ويتعين نقضه.

حيث إنه إذا كان الفعل الذي ارتكبه المتهم يشكل في الواقع أحد العناصر المكونة لجريمة الرشوة المنصوص عليها بالفصل 251 الآنف الذكر فإنه يتعين الإدلاء بالحجة التي تثبت أن تسليم الجواز المطعون في صحته تم من طرف الموظف الموقع له بناء على وعد أوهبة أوعرض كما أن هذه الحجة يجب قيامها في الوقت الذي تكون المحكمة فيه بصدد البت في الدعوى العمومية.

وحيث إنه من الثابت أن هوية كل من الموظف الموقع للجواز ومن الوسيط المزعوم ظلت مجهولة كما أن المتهم نفسه يجهل مصير المبلغ الذي زعم بدله ، مما يكون معه القضاة قد استوحوا دليل ارتشاء من مجرد افتراضات وتخمينات وركزوا قضاءهم بالإدانة على أساس غير صحيح من الواقع والقانون فيكون إذن الوجه المستدل به على النقض جديرا بالاعتبار ويتعين قبوله.

ومن جهة أخرى حيث إنه إذا كانت عدم مشروعية تسليم الجواز غير كافية لتبرير فعل الرشوة ، فإن وقائع النازلة الواردة في حيثيات القرار المطعون فيه تشكل في الحقيقة عناصر الجريمة المنصوص عليها في الفصل 361 من القانون الجنائي ذلك أن المتهم قام باستعمال وسائل التدليس وإدلاء بيانات مزيفة قصد الحصول على الجواز بينما المفروض فيه أنه لا يجهل بأن التنظيم الإداري يمنع عليه طلب تأسيس جواز سفر عن عمالة الرباط في حين أنه يقطن بإقليم تطوان.

وحيث إن هذا الخطأ في وصف الأفعال المرتكبة من لدن الظنين يؤدي إلى الإلغاء تطبيقا لمقتضيات الفصل 589 من قانون المسطرة الجنائية سيما وأن العقوبة المنصوص عليها في الفصل 251 من القانون الجنائي تختلف عن العقوبة المقررة في الفصل 361 من نفس القانون.

من أجله

قضى بنقض وإبطال الحكم المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ عاشر نونبر 1971 في القضية عدد 882/71 وبإحالة القضية على نفس المحكمة لتبت فيها من جديد طبق القانون وهي متركبة من هيئة أخرى وبأنه لا داعي لاستخلاص الصائر.

كما قرر إثبات حكمه هذا في سجلات محكمة الاستئناف بالرباط إثر الحكم المطعون فيه أوبطرته.

وبه صدر الحكم وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالمشور بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من نفس الأعضاء الذين كانت متركبة منهم خلال المرافعات بالجلسة العمومية بتاريخ 29 نونبر 1973 وهم السادة: رئيس الجلسة عبد السلام الدبي رئيس الغرفة بالمجلس والمستشارون عبد السلام الحاجي، وامحمد المعروفي، وأحمد السراج، والحسن الحجوي بمحضر المحامي العام السيد الفاطمي الادريسي الذي كان يمثل النيابة العامة وبمساعدة كاتب الضبط السيد محمد المريني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *