الحكم الصادر بتاريخ 2008/06/17
في الملف رقم 6/2007/8739
القاعدة:
تعرض الغير الخارج عن الخصومة هو طعن استثنائي يقدم أمام المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه وهي وحدها المختصة بالبت فيه.
إذا كان المتعرض يؤكد جواز التعرض على الحكم رغم صدور قرار استئنافي بتأييده، بعلة أن الإجتهاد القضائي للمجلس الأعلى الذي اعتمده المتعرض ضده لا يمنع هذا الطريق وإنما يمنح رخصة التعرض حتى أمام محكمة الإستئناف، فإن المحكمة باستقصائها لمجموعة من القرارات القضائية الأخرى الصادرة عن المجلس الأعلى، تأكد لها أن اتجاه المجلس يكرس قاعدة عدم جواز التعرض إلا أمام المحكمة التي أصدرت الحكم ، فإن كان الحكم ابتدائيا فأمام المحكمة الإبتدائية وإن كان استئنافيا فأمام محكمة الإستئناف.
الأثر الناقل والناشر للإستئناف ينقل النزاع برمته من المحكمة الإبتدائية وينشره من جديد أمام محكمة الإستئناف، وبالتالي لا يستقيم أن تعيد المحكمة الإبتدائية النظر في النزاع، ولو عن طريق الطعن في حكمها بطريق التعرض من الخارج، والحال أن النزاع وملف القضية برمته موجود أمام محكمة الإستئناف.
تحديد المشرع في الفصل 305 من ق م م لقدر المبالغ المالية الواجب إيداعها وتمييزها بين محكمة أول درجة والإستئناف ثم المجلس الأعلى، دليل آخر على نية المشرع حصر التعرض على آخر جهة قضائية أصدرت الحكم الذي أضر بالغير دون سواها
باسم جلالة الملك
بتاريخ 17/6/2008 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.
وهي مؤلفة من السادة:
جمال السنوسي رئيسا ومقررا.
خديجة وراق عضوا.
عبد السلام خمال عضوا.
بمساعدة هشام مبروك كاتب الضبط.
في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:
بين: الوكيل القضائي للملكة بصفته هذه ونائبا عن الدولة المغربية في شخص الوزير الأول ووزير المالية والخوصصة والسيد مدير الخزينة والمالية الخارجية بوزارة المالية والخوصصة بالرباط بمكاتبه بهذه الوزارة والجاعل محل المخابرة معه بمكاتب محصل الضرائب بقباضة مرس السلطان بالدارالبيضاء.
من جهة.
وبين: الزرقطوني عبد الرزاق التاجر تحت لافتة 3 كونتيكي بلاج3 شارع لاكورنيش عين الذئاب الدارالبيضاء.
القرض العقاري والسياحي ش م في شخص ممثله القانوني بمقره الكائن ب 187 محج الحسن الثاني الدارالبيضاء.
ينوب عن الأول الأستاذ أحمد الزرقطوني وعن الثاني الأستاذ عز الدين الكتاني المحاميان بهيئة الدارالبيضاء.
من جهة أخرى.
الوقائــع:
بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 28/8/2007 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية يعرض فيـه المدعي أنه يتعرض ضد الحكمين التمهيديين الأول الصادر عن هذه المحكمة بتاريخ 18/12/2002 تحت عدد 1125/2002 في الملف عدد 8339/2001 والقاضي بإجراء خبرة حسابية والثاني صادر بتاريخ 17/2/2003 والقاضي بإرجاع المهمة للسيد الخبير قصد مراجعة الحسابين المفتوحين لدى القرض العقاري والسياحي وكذا ضد الحكم الإبتدائي الصادر بتاريخ 23/2/2005 والقاضي بالإشهاد بكون القرض العقاري والسياحي قام بتخفيض مساهمته في تمويل مشروع المدعي فرعيا والحكم بإلزامه من تمكين الأخير من قسط السلف المتفق عليه تحت غرامة تهديدية قدرها 1000 درهم يوميا وتعويض عن الضرر قدره مليون درهم ورد باقي الطلبات. وبما أن هذا الحكم قد أضر بالمال العام، وأن المشرع أوجب إدخال الوكيل القضائي وكذا الدولة المغربية في جميع الدعاوى التي تهدف إلى المساس به، طبقا لمقتضيات الفصلين 514 و 515 من ق م م، فإنه بالتالي يتعرض على الحكمين المذكورين. فمن جهة، فإن العارض لم يستدع في الدعوى وكذا الأطراف التي ينوب عنها مع أن الحكم المتعرض عليه قد مس بحقوقهم، وأن هذا الطلب يجد سنده في الفصل 303 من ق م م المحال عليه بالفقرة الثانية من المادة 19 من قانون إحداث المحاكم التجارية. كما أنه أدى الوديعة القضائية المنصوص عليها في الفصل 305 من ق م م، وأن موضوع الدعوى الحالية يتعلق بالطلب الذي تقدم به القرض العقاري والسياحي إلى المحكمة من أجل تحقيق الرهن على الأصل التجاري المملوك للمتعرض ضده بسبب عدم أداء الأخير لأقساط الدين المتفق عليها في عقدي القرض. وأن بعض العقود المبرمة بين الطرفين تتعلق بأموال تابعة للدولة المغربية قدمت له على شكل قروض في إطار ما يطلق عليه قانون الإستثمار بتسبيقات الدولة. وللمزيد من التوضيح فإن جزءا من القروض موضوع النزاع قد خصصت من طرف وزارة المالية والخوصصة ( مديرية الخزينة والمالية الخارجية) في إطار إعادة تنظيم قطاع السياحة وعهد إلى القرض العقاري والسياح بتسييرها باعتبارها أموالا عامة وبالتالي فإن أي حكم بشأنها يمس بحقوق الدولة المغربية والعارض، ومن ثم يبقى من حق هاتين الجهتين أن تتخذا كافة الإجراءات المسطرية لحماية المال العام. وأن صفة الوكيل القضائي للمملكة ثابتة لتقديم هذا التعرض استنادا لمقتضيات الفصل 514 من ق م م والفقرة الأخيرة من ظهير 2/3/1953 بشأن إعادة تنظيم وظيفة الوكيل القضائي. وأن الحكم المتعرض عليه صدر في إطار منازعة تتعلق بديون دفعت من خزينة الدولة، والفصل أعلاه ينص على أنه كلما كانت الطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية أو مكتب أو مؤسسة عمومية للدولة في قضية لا علاقة لها بالضرائب والأملاك المخزنية وجب إدخال العون القضائي في الدعوى وإلا كانت غير مقبولة. كما أن الفصل الأول من ظهير 2/3/1953 بشأن إعادة تنظيم وظيفة العون القضائي يؤكد نفس المقتضيات المذكورة في الفصل 514 من ق م م. وقد كرس القضاء هذه الصفة وجعل القاعدة المذكورة من النظام العام. كما أن صفة الدولة المغربية في شخص الوزير الأول ووزير المالية والخوصصة ثابتة في إقامة هذه المسطرة طبقا للفصل 515 من ق م م وطبقا لما كرسه اجتهاد المجلس الأعلى في قراره عدد 227 الصادر بتاريخ 27/4/2005 في الملف الإداري. مستعرضا وقائع النزاع ومذكرا باهتمام الدولة بالقطاع السياحي والقانون رقم 82-20 المتعلق اتخاذ تدابير لتشجيع الإستثمارات السياحية والإعفاءات والتشجيعات الممنوحة للمقاولات في هذا الإطار، وأنه تنفيذا لذلك تم إبرام اتفاق بين الدولة المغربية ممثلة بوزارة المالية والقرض العقاري والسياحي في 14/1/1985 تولى بموجبه الأخير منح هذه السلفات أو التسبيقات نيابة عن الدولة إلى المقاولات السياحية وتسيير هذه السلفات، وأن هذه الأمور تقوم بها المؤسسة في إطار الإتفاقية المذكورة. أما مسطرة الإستفادة من هذه السلفات أو التسبيقات فمنصوص عليها في مرسوم 13/6/1983 المتعلق بتطبيق القانون 82-20 علما أنها لا علاقة لها بالسلفات الممنوحة من طرف البنك. ففي هذا الإطار أبرم المتعرض ضده عقدين للقرض استفاد بموجبهما من تسبيق الدولة ( بناء) بمبلغ 7.446.750درهم ومنح مقابل ذلك كضمانة رهن الأصل التجاري بتاريخ 19/12/1995، وتسبيق الدولة ( تجهيز) بمبلغ 926.700 درهم بتاريخ 20/5/1998 بضمان رهن الأصل التجاري، أي ما مجموعه 8.373.000 درهم. بالإضافة إلى مجموعة من القروض منحت له من طرف القرض العقاري والسياحي. وهكذا فقد أبرم المتعرض ضده نوعين من القروض الأولى مع القرض العقاري والسياحي وهي قروض عقارية خاصة، والثاني عبارة عن تسبيقات الدولة كما تمت الإشارة إليها اعلاه. وقد عرض القرض العقاري والسياحي في دعواه بأنه دائن للمدعي بمبلغ 23.720.450,97 درهم، بما فيها تسبيقات الدولة، وقدم طلبا لتحقيق الرهن على الأصل التجاري، وبعد تبادل الردود، أصدرت المحكمة حكما تمهيديا قضى بإجراء خبرة، وانتهت الإجراءات بصدور الحكم المتعرض عليه. وبالنسبة لأسباب التعرض فإن الحكم المتعرض عليه خرق نصوصا قانونية آمرة، فهو لم يحترم الفصل الأول من ظهير 2/3/1953 والفصل 514 من ق م م بعدم إدخال العون القضائي، وثانيا لم يقع تبليغ الملف إلى النيابة العامة، خرقا لأحكام الفصل 9 من ق م م ، وعدم ارتكاز الحكم على أساس، وانعدام التعليل، إذ اعتبرت المحكمة أن البنك لم يقم بالإفراج عن القرض كاملا، ومعتمدة مقتضيات الفصل 235 من ق ل ع. وفي الطلب الإضافي والمضاد، اعتبرت أن أساس التزام البنك هو الموافقة على دفتر التحملات الذي حظي بموافقة وزارة السياحة ووزارة المالية، وأن البنك أفرج عن مبلغ 8.000.000 درهم وعن جزء من م تسبيقات الدولة واحتفظ بأكثر من 1.278.174,10 درهم، مما يجعله مخلا بالتزامه ورتبت مسؤوليته. في حين أن المحكمة استندت إلى معطيات غير قانونية وغير واقعية. فبخصوص إقرار المطلوب في التعرض بتوصله بتسبيقات الدولة، وحق القرض العقاري والسياحي في مباشرة تحقيق الرهن، والتناقض بين أجزاء الحكم، فإن المحكمة رغم استفادة المتعرض ضده من تسبيقات الدولة كان عليها أن تعطي الحق في تحقيق الرهن لعدم قيام المقترض بإرجاعها حسب الإتفاق، علما أن هذه التسبيقات مستقلة عن القرض الذي قدمه البنك، وما دام لم يدل بما يفيد الأداء فإنه لم يكن محقا في المجادلة في طلب القرض العقاري والسياحي، لأن هذه التسبيقات مضمونة برهن على الأصل التجاري، وأن رفض الحكم تحقيق الرهن ضرب بعرض الحائط الضمانات التي يخولها الرهن على الشيء المرهون، ويفقد الثقة في المعاملات التجارية، وبالتالي فقد شاب الحكم المتعرض عليه تناقض واضح بين تعليله ومنطوقه. وبخصوص الخبرة، فهي باطلة لأن الخبير لم يرفق تقريره بمحضر أقوال الأطراف وتوقيعاتهم وفقا للفصل 63 من ق م م، كما أن الخبير تجاوز حدود اختصاصاته ولم يتقيد بمنطوق الحكم التمهيدي، ولم يطلع على جميع العقود الرابطة بين الطرفين، ولم يبين الأسباب التي أدت إلى إخلال المدعي بالتزاماته، كما تقمص شخصية القاضي لما قضى بأن البنك هو المسؤول عن عدم إتمام المشروع، وهذا يشكل خرقا للقانون وتطاولا على اختصاصات القضاء ومخالفة صريحة للفصل 59 من ق م م . كما أن الحكم حرف الوقائع لما اعتبر أن القرض العقاري والسياحي التزم بالتمويل في حدود 18 مليون درهم، لأنه لا وجود لدفتر التحملات التي استند إليه الحكم لاستخلاص هذه النتيجة، وما يوجد هو برنامج استثمار، وهو منظم أساسا بمقتضى القانون رقم 82-20 ومرسومه التطبيقي. وعلى فرض أن برنامج الإستثمار الذي قدمه المتعرض ضده يتضمن ما يفيد إمكانية مساهمة القرض العقاري بتمويل المشروع، فإن ذلك لا يلزم من حيث المبدإ المؤسسة، لأن التمويل المقدم يتم وفق النظم القانونية المنظمة لها. كما أن ما سمي بدفتر التحملات لا يتضمن أي توقيع، لا من طرف القرض العقاري، ولا من طرف الدولة، ولا يرقى في مضمونه إلى الإلتزام. وفي المجال البنكي فإن العقد الرابط بين الطرفين وصل إلى مبلغ 12.532.000 درهم وهو مبلغ يقر المتعرض ضده بتوصله به، كما أبرم عقدين آخرين في إطار تسبيقات الدولة بواسطة القرض العقاري والسياحي بمبلغ 9.179.167,00 درهم، وقد توصل به المعني بالأمر كاملا. أما المحكمة فقد استبعدت العقود المكتوبة والموقعة وراحت تبحث عن التزامات أخرى في وثيقة برنامج الإستثمار التي لا ترقى إلى مستوى العقد. ومن جهة أخرى فقد حرفت المحكمة الرسالة الصادرة عن وزارة السياحة والمؤرخة في 1/4/2003، فهي رسالة أصدرتها الوزارة بناء على طلب المتعرض ضده، وتضمنت ما جاء في برنامج الإستثمار، ومنحت له من باب تسهيل المساطر الإدارية أمامه مادامت ذيلتها بعبارة ” مطابق” ،وهذه الوزارة ليست وصية على القرض العقاري والسياحي، ولا يمكنها إنشاء التزامات في حقه، وعندما قامت بالتطرق لمكونات المبلغ الإجمالي للمشروع، قامت بتوضيح مصدر كل مكون ما عدا مصدر مبلغ القرض، وعيا منها أن برنامج الإستثمار لا يلزم البنوك. كما أن الحكم حرف الوقائع عندما اعتبر أن القرض العقاري والسياحي أقر بتخفيض مساهمته في المشروع، وهو أمر استخلصه من تقرير الخبرة، ويؤكد بوضوح أن الخبير قام بتحوير الوقائع، خاصة تصريحات ممثلي البنك، في حين أن واقع للملف خلاف ذلك. وبناء على ما سبق يظهر ألا علاقة بين تقديم ضمانة الدولة للإستفادة من قرض استثماري لا يخضع لقانون الإستثمار السياحي، والإستفادة من تسبيقات الدولة الممنوحة في إطار القانون 82-20، مما يؤكد أن المحكمة وقع لها خلط بين النظامين، بحيث اعتبرت الدولة قدمت الضمانة اللازمة لما منحت التسبيقات أو المنافع المنصوص عليها في هذا القانون، وهو أمر غير صحيح. ويظهر أيضا أن القرض العقاري والسياحي وفى بجميع التزاماته التعاقدية، ولأن المقصود بالتخفيض الوارد في محرراته هو تحويل القرض الإستثماري الذي بلغ 8,5 مليون درهم إلى قرض قابل للتجديد بمبلغ 6 مليون درهم وبعد إعادة جدولة هذه القروض بسبب عدم الأداء، وفي إطار التسهيلات التي قدمها البنك للمعني بالأمر وصل مبلغ القرض إلى 12.530.000 درهم. وقد اختلط الأمر على الخبير وعلى الحكم المتعرض عليه حين استنتجا من توصل المطلوب في التعرض بتسبيقات الدولة تقديم هذه الأخيرة ضمانة له، لأن هذه التسبيقات قدمت كقرض مستقل. وقد اعتبرها الحكم كذلك، ومع ذلك ربط فيما بينها وبين القرض المقدم من طرف البنك. ومهما يكن من أمر فإن البنك لم يلتزم بتقديم قرض بمبلغ 18 مليون درهم، وأن ما خفضه هو مبلغ القرض من 8,5 مليون درهم إلى 6 مليون درهم، مما يجعل الحكم المتعرض عليه غير مرتكز على أساس. ملتمسا الحكم بإلغائه وبعدم قبول الطلب المضاد مع ترتيب جميع الآثار القانونية عن ذلك. وأرفق مقاله بنسخة من الحكم المتعرض عليه وصورة للجريدة الرسمية وعقود القرض واتفاقية الدولة مع القرض العقاري ونسخة من السجل التجاري ورسالة وزارة السياحة.
وبناء على جواب المتعرض ضده أن منطوق الحكم المتعرض عله مؤسس على كون البنك قام بالإفراج عن مبلغ 8.000.000 درهم واحتفظ بأكثر من 1.278.174,10 درهم كما جاء في تقرر الخبير مما جعله مخلا بالتزامه، وأن الخبير المعين من طرف المحكمة أشار في الفقرة 5 من الخبرة بأن عدم إفراج القرض العقاري والسياحي عن حصته كاملة من القرض أدت إلى عدم إتمام المشروع وبالتالي انتهائه وعدم تحقيق أهدافه. وأن اطلب التعرض هذا مردود لعدة أسباب منها، أنه لما طعن القرض العقاري والسياحي في الحكم المتعرض عليه صدر قرار استئنافي بتاريخ 13/2/2007 بتأييد الحكم، وبالتالي فإن تقديم التعرض أمام المحكمة الإبتدائية غير مؤسس لأنه يجب أن يقدم أمام المحكمة مصدرة الحكم المتعرض عليه وهي وحدها المختصة للبت فيه. وتأسيسا على ذلك أصدر المجلس الأعلى قرارا بتاريخ 25/11/1987 تحت عدد 2510 أكد فيه قاعدة مفادها أن تعرض الغير الخارج عن الخصومة يوجه ضد المقرر القضائي الذي مس بحقوق المتعرض، وأنه بالرغم من أن القرار الإستئنافي اقتصر على تأييد الحكم الإبتدائي الذي بت في النزاع فإنه يعتبر أيضا باتا في الجوهر، وهو الذي مس في النهاية بحقوق المتعرض، وبالتالي فإن لهذا الأخير كامل الحق في توجيه التعرض ضده. كما تبين أن المتعرض سبق له أن تقدم بنفس الطلب أمام محكمة الإستئناف التجارية في الملف الإستئنافي رقم 4290/2007 المستشارة المقررة الأستاذة نجاة مساعد، وبالتالي فإن الطلب الحالي مآله عدم القبول. كما أن المتعرض يلتمس الحكم بعدم قبول الطلب المضاد المقدم من طرف العارض، والحال أن تعرض الغير الخارج عن الخصومة يعاد فيه النظر في حدود الأضرار التي ألحقها بحقوق الغير المتعرض لا إلغاء الحكم كما تمسك بذلك الطرف المتعرض، مما يعد مسلكه غير قانوني ومخالف للفصل 303 من ق م م. وتبعا لذلك تكون مذكرة القرض العقاري والسياحي الرامية إلى الحكم وفق مقال المتعرض مخالفة للقانون ولما استقر عله العمل القضائي من أن التعرض يجب ألا يقع على الحكم الإبتدائي بل على القرار الإستئنافي الصادر بالتعديل أو الإلغاء. كما أن الحكم المتعرض عليه ألزم القرض العقاري والسياحي بتمكين العارض من قسط السلف المتفق عليه، ولم يلزم المتعرض بأي شيء حتى يتسنى له تقديم طلبه الذي لا تتوفر له شروط الفصل 303 من ق م م . بل كان على المتعرض لما اطلع على تعليل الحكم، أن يتخذ موقفا صارما من البنك ويلزمه بتنفيذ التزامه، لا أن يتدخل في مواجهة العارض للمطالبة بإلغاء الحكم المتعرض عليه. ملتمسا عدم قبول التعرض شكلا ورفضه موضوعا.
وبناء على تعقيب القرض العقاري والسياحي التمس فيه الحكم وفق مقال التعرض.
وبناء على تعقيب المتعرض أن القرار المستدل به لا يقوم حجة على زعم المتعرض ضده، لأن المجلس الأعلى أعطى الحق لكل من تضرر من قرار استئنافي قضى بتأييد حكم ابتدائي للتعرض عليه دون أن يمنعه من التعرض على الحكم الإبتدائي، وبالتالي لا يمكن الإستدلال بهذا القرار للقول بعدم القبول. بالإضافة إلى ذلك فإن التعرض على القرار الذي قضى بالتأييد قد يؤدي إلى إلغاء القرار الإستئنافي وحده دون الحكم الإبتدائي ورد بالتالي الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل إصدار القرار المتعرض عليه، بمعنى أنهم سيجدون أنفسهم أمام الحكم الإبتدائي المؤيد، وهي الحالة التي في مضمونها وجوهرها تضر بحقوق المتعرض لأنه سيجد نفسه أمام حكم ابتدائي يمس بحقوقه، وسيكون مضطرا كذلك للتعرض عليه من الخارج حماية لحقوقه. وتطبيقا لذلك قضى المجلس الأعلى في قرار له صادر عن الغرفة الإدارية بتاريخ 21/4/2004 تحت عدد 462 في الملف رقم 675/4/1/2002، بضرورة التعرض من الخارج ضد الحكم الإبتدائي في حال وجود قرار استئنافي قضى بالتأيد. وقد جاء في القرار: “إن قرار المجلس الأعلى موضوع طلب التعرض اقتصر على تأييد الحكم المستأنف دون أن يعدله لا بالزيادة ولا بالنقصان وأن الحكم الذي يجوز التعرض عليه تعرض الخارج عن الخصومة هو الحكم الإبتدائي المدعى أنه مس بمصالح المتعرضين حسب ظروف النازلة المعروضة.” ومهما يكن من أمر فإنه ليس هناك ما يمنع من التعرض على الحكمين معا ما دامت شروطهما متوفرة. وبخصوص وجوب اقتصار التعرض على المطالبة بإلغاء الحكم المتعرض عليه في حدود النطاق الذي مس بحقوق المتعرض، فإن للعارض حقوقا مشاعة مع القرض العقار والسياحي ومصلحة مشتركة، كما أن الحكم المتعرض عليه أضر بحقوق الدولة باعتبارها قدمت قروضا للمتعرض ضده عبر القرض العقار والسياحي، ويصعب بالتالي الفصل بين تسبيقات الدولة والقرض الممنوح من البنك، خاصة فيما تعلق بالضمانات الممنوحة لرد تسبيقات الدولة والقروض الخاصة. وفضلا عن المصلحة المشتركة فرأسمال البنك يتكون من المال العام الذي تساهم فيه الدولة بنسبة هامة، وبالتالي فإن الوكيل القضائي مخول له الدفاع عن هذا المال العام، ويجعل صفته في الدفاع، بالإضافة إلى الدولة، عن القرض العقاري والسياحي قائمة أيضا. وبخصوص طلب العارض عدم قبول الطلب المضاد، فإن العارض يعتبر أن المتعرض ضده، لما تقدم بطلبه المضاد ضد البنك، لم يحترم المقتضيات المنصوص عليها، والتي تعتبر من النظام العام، لأن جزءا من القروض المتنازع عليها هي بطبيعتها أموال عامة تعود للدولة المغربية، والمنازعة فيها تقتضي إدخال الوكيل القضائي، ولما لم يحترم المتعرض ضده ذلك فإن طلبه يكون معيبا شكلا، والمحكمة قبلت طلبه رغم ما شابه من عيب، وبالتالي فإن الغاية من الطعن هي إلغاء الحكم برمته.
وبناء على تعقيب المتعرض ضده أن المتعرض لم يستطع إثبات أن الحكم المتعرض عليه قد أضر بحقوقه، لأن الحكم لم يلزمه هو بأي شيء. كما أن الإدعاء بأنه لم يستدع هو ومن معه لجلسات الحكم ادعاء حق أريد به باطل، لأن القرض العقاري والسياحي، استنادا لكونه، حسب ما تمسك به في مقال استعجالي، يتقاضى بصفته ممثلا للدولة المغربية بمقتضى الإتفاقية المبرمة معه في 11/1/1974، وأن العارض لما تقدم في نفس المسطرة بطلب رفع الحجز المضروب من طرف البنك نيابة عن الدولة، صدر أمر بتاريخ 12/12/2007 برفض طلب البنك وبرفع الحجز. وبالتالي فإن الوكيل القضائي لا صفة له في إقامة الدعوى الحالية، ومرد ذلك أن تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة القانونية عنها، وهي نيابة يتحدد مداها وحدودها بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون، والأصل أن القرض العقاري والسياحي هو الذي تقاضى بصفته ممثلا لها، وعلى هذا الأساس لم يمنح الوكيل القضائي حق تمثيل الدولة، وبالتالي فإن شرط عدم الحضور أو التمثيل غير متوفر في التعرض. وأرفق مذكرته بصورة مقال وأمر استعجالي.
وبناء على تعقيب المتعرض أن المتعرض ضده يناقض نفسه بخصوص الضرر، إذ في مذكرته السابقة اعتبر من حق العارض أن يتعرض في حدود الأضرار التي أصابته وليس على الحكم كله، وهو إقرار صريح بتوفر العارض على المصلحة والصفة في الطعن الحالي، فضلا عن أن هذه الحقيقة لا تحتاج إلى إقرار ما دامت مقررة قانونا ومؤكدة من طرف المجلس الأعلى في قرارات متواترة، منها القرار الصادر بتاريخ 14/6/2006 تحت عدد 627 رقم 710/3/1/2005 في ملف تعلق بتسبيقات الدولة قدمها القرض العقاري والسياحي، وتضرر الدولة ثابت من خلال رفض الحكم لطلب البنك تحقيق الرهن رغم امتناع المتعرض ضده من إرجاع الديون المستحقة عليه ومن بينها تسبيقات الدولة، كما ألزم البنك بتمكين المطلوب في التعرض من قسط السلف المزعوم، مؤكدا أن التسبيقات هي أموال عمومية طبقا للمادة 19 من القانون التنظيمي لقانون المالية رقم 98-7 الصادر بتنفيذه ظهير 26/11/1998 الذي اعتبر أن الحسابات الخصوصية للخزينة تشتمل على عدة أصناف من بينها حسابات التسبيقات التي تبين فيها المبالغ المدفوعة في شكل تسبيقات قابلة للإرجاع تنجزها الدولة من موارد الخزينة، وتمنح لأجل المصلحة العامة وتستحق عنها فوائد تساوي مدتها سنتين أو تقل عنهما، وتطبيقا أيضا للفقرة 4 من الفصل 32 من قانون 82-20 المتعلق باتخاذ تدابير لتشجيع الإستثمارات السياحية الصادر بتنفيذه ظهير 3/6/1983. وأن الحكم الذي رفض بيع الأصل التجاري بغية استرجاع ليس فقط ديون البنك، وإنما أيضا تسبيقات الدولة، يكون قد مس بحقوق هذه الأخيرة، مما يبرر أحقيتها في تقديم التعرض. وبما أن العارض تعرض بصفته وكيلا قضائيا وبصفته نائبا عن الدولة، وهما صفتان مستقلتان عن بعضهما البعض، فإن طلبه يكون مقبولا ما دام مقدما أيضا من الدولة المتضررة من الحكم. أما ضرر العارض فتجلى من خلال عدم إدخاله في الدعوى أثناء تقديم المقال المضاد. وهو ما حرمه من الإدلاء بموقفه حول موضوع الدعوى الذي كان يستهدف المال العام، وعدم استدعائه، وكذا الدولة، في الدعوى التي صدر الحكم فيها، والمتعرض ضده لم يفرق بين النيابة والتمثيل، ذلك أن الدولة المغربية يمثلها كقاعدة عامة الوزير الأول وليس القرض العقاري والسياحي طبقا للفصل 515 من ق م م، إلا ما نص عليه القانون من استثناءات محددة حصريا، أما النيابة عن الدولة فقد خولت للوكيل القضائي، وعند الإقتضاء يتم تعيين أحد المحامين للنيابة عنها أو تتكلف الإدارة المعنية نفسها بالدفاع عن مصالحها أمام القضاء من طرف أحد موظفيها. وبالرجوع إلى مختلف مذكرات ووثائق الملف يتبين أنه لم تتم الإشارة إلى الوكيل القضائي ولا إلى الدولة المغربية، كما لم يستدعيا، وبالتالي فإن شروط الفصل 303 من ق م م تعتبر قائمة، كما أن مقال البنك لم يتضمن ما يفيد أنه ينوب عن الوكيل القضائي.
وبناء على مذكرة المتعرض ضده أكد فها دفعه السابق المتعلق بكون الطعن بالإستئناف وصدور قرار مؤيد للحكم المتعرض عليه يجعل رفع التعرض أمام محكمة الدرجة الأولى غير قانوني، تأسيسا على أن تعرض الغير الخارج عن الخصومة هو طعن استثنائي يقدم أمام المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه، وهي وحدها المختصة للبت فيه، مذكرا بالقرار المستشهد به في مذكرته السابقة، ومضيفا أن الفقه في شخص الأستاذ ادريس العلوي العبدلاوي في مؤلفه طرق الطعن نقلا عن الفقيه دالوز أكد أن تقديم مقال التعرض يكون أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، وأنه من المتفق عليه فقها واجتهادا أن الحكم الذي ألحق ضررا بالغير، إذا ما طعن فيه استئنافا فإن التعرض يجب ألا يقع على الحكم الإبتدائي بل على الحكم الصادر استئنافا، سواء كان الحكم المذكور قد فسخ الحكم الإبتدائي أم قضى بتصديقه.
وبناء على ملتمس النيابة العامة لاحظت فيه أن الوكيل القضائي تقدم بنفس الطلب أمام محكمة الإستئناف التجارية في الملف عدد 4290/2007 والمدرج بجلسة 24/6/2008، وأنه يتعين أخذ هذا المعطى بالإعتبار تلافيا لصدور أحكام متناقضة مع البت في الملف وفق ما يقتضيه القانون.
وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 27/5/2008 فحضر نائبا المدعى عليهما وتخلف المدعي فتقرر حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 17/6/2008.
التعليـــل
بعد الاطلاع على جميع وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.
حيث إن الطلب يهدف إلـى الحكم بما هو مسطر أعلاه.
وحيث أجاب المدعى عليه الأول بالدفوع المشار إليها صدره.
وحيث ثبت من وثائق الملف من جهة، أن الحكم المتعرض عليه من السيد الوكيل القضائي للمملكة، بصفته غيرا خارج الخصومة، قد تم استئنافه وأيد الحكم استئنافيا، ومن جهة أخرى فإن ذات الطلب – أي التعرض – معروض على أنظار محكمة الإستئناف في الملف رقم 4290/2007 ومدرج بجلسة 24/6/2008.
وحيث إنه إذا كان دفاع المتعرض يتجه نحو القول بجواز التعرض على الحكم رغم صدور قرار استئنافي بتأييده، وذلك بعلة أن الإجتهاد القضائي للمجلس الأعلى الذي اعتمده المتعرض ضده لا يمنع هذا الطريق وإنما يمنح رخصة التعرض حتى أمام محكمة الإستئناف، فإن المحكمة باستقصائها لمجموعة من القرارات القضائية الأخرى الصادرة عن المجلس الأعلى، تأكد لها أن اتجاه المجلس يكرس قاعدة عدم جواز التعرض إلا أمام المحكمة التي أصدرت الحكم ، فإن كان الحكم ابتدائيا فأمام المحكمة الإبتدائية وإن كان استئنافيا فأمام محكمة الإستئناف، وعلى سبيل المثال القرار الصادر بتاريخ 21/4/2004 تحت عدد 486 في الملف عدد 316/04 والمنشور بالتقرير السنوي للمجلس الأعلى لسنة 2004 الصفحة 90 والذي اعتبر أن تعرض الغير الخارج عن الخصومة هو طعن استثنائي يقدم أمام المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه وهي وحدها المختصة بالبت فيه.
وحيث إن مما يؤيد هذا الإتجاه ويعضده الأثر الناقل والناشر للإستئناف، ومؤداهما أن الطعن في الحكم بهذا الطريق ينقل النزاع برمته من المحكمة الإبتدائية وينشره من جديد أمام محكمة الإستئناف، وبالتالي لا يستقيم أن تعيد المحكمة الإبتدائية النظر في النزاع، ولو عن طريق الطعن في حكمها بطريق التعرض من الخارج، والحال أن النزاع وملف القضية برمته موجود أمام محكمة الإستئناف.
وحيث إنه من جهة أخرى، فتحديد المشرع في الفصل 305 من ق م م لقدر المبالغ المالية الواجب إيداعها وتمييزها بين محكمة أول درجة والإستئناف ثم المجلس الأعلى، دليل آخر على نية المشرع حصر التعرض على آخر جهة قضائية أصدرت الحكم الذي أضر بالغير دون سواها.
وحيث إنه أخيرا، فإن فقهاء قانون المسطرة المدنية يؤكدون هذا الإتجاه من خلال الإستشهاد الذي ورد بمذكرة المتعرض ضده والمتعلق برأي الأستاذ ادريس العلوي العبدلاوي في مؤلفه طرق الطعن.
وحيث تعين تبعا لما تم بسطه أعلاه الحكم بعدم قبول التعرض وإبقاء الصائر على رافعه.
وتطبيقا للفصول 1-3-31-32-49-124-147 و 303 إلى 305 من قانون المسطرة المدنية و 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية.
لهذه الأسبـــــاب
حكمت المحكمة علنيا ـ ابتدائيا وحضوريا بعدم قبول التعرض مع إبقاء الصائر على رافعه.
وبهـــذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.