القرار رقم 861
المؤرخ في99/2/24
الملف المدني رقم 98/365
القاعدة
-الحكم بالإفراغ هو نتيجة لاستحقاق الشفعة، ولا يحتاج إلى إجراءات أخرى.
– الإيداع السابق على تسجيل الشراء على الرسم العقاري لا يبطل دعوى الشفعة.
باسم جلالة الملك
إن المجلس الأعلى
وبعد المداولة طبقا للقانون.
– في شأن وسيلة النقض الأولى :
حيث يستفاد من القرار المطعون فيه، ومن بقية وثائق الملف، أن زمراني محمد بن عمر، تقدم أمام المحكمة الابتدائية بمراكش بمقال يعرض فيه أنه يملك على الشياع مع آخرين في الملك المسمى “درب النخل” ذي الرسم العقاري رقم /9299م المذكور موقعه ومشتملاته بالمقال، وأنه قد علم أخيرا أن الزمرانيأحمد بن عمر واخواته : عبد الأحد، وغيثة ونادية، ورشيدة، وأمينة، والسعدية، ومليكة وزهرة، وزهرة بنت الفقيه محمد المالكين معه على الشياع في العقار المذكور قد باعوا واجباتهم المشاعة للمدعى عليه المنصوري عبد الحي بمبلغ 70 000 درهم وأنه أعلن عن رغبته في استشفاع المبيع وقام بالعرض والإيداع، ملتمسا الحكم باستحقاقه شفعة المبيع وإحلاله محل المشتري في الصك العقاري أعلاه، ومدليا بشهادة من المحافظة على الأملاك العقارية، بصورة لعقد الشراء ووصل الإيداع ومحضر العرض العيني.
وبعدما أدلى المدعى عليه بمذكرة جوابية مع مقال مضاد يعرض فيه أنه أدى مبلغ 600 درهم من أجل تحرير العقد ومبلغ 521150,00 درهم من أجل إصلاحات المحل الضرورية ملتمسا الحكم له باسترداد المبالغ المذكورة إضافة إلى مبلغ الشراء وواجبات التسجيل، أصدرت المحكمة حكما قضت فيه بعدم قبول الطلبين الأصلي والمضاد، فاستأنفه المدعي بانيا استئنافه على أن المستأنف عليه تقاعس عن تسجيل عقد البيع بالصك العقاري لمدة عشر سنوات إضرارا به، ولم يبادر إلى تسجيله بالصك المذكور إلا بعد قيامه بالعرض العيني، وأن تسجيله لدعوى الشفعة أقوى تعبير عن الرغبة فيها ملتمسا إلغاء الحكم المستأنف والحكم وفق مقاله.
وبعدما أجاب المستأنف عليه بأن العرض العيني قدم قبل تسجيل عقد الشراء بالرسم العقاري ملتمسا تأييد الحكم المستأنف، أصدرت محكمة الاستئناف بمراكش بتاريخ 97/9/30 قرارا تحت رقم 827 في القضية العقارية ذات الرقم 95/1886 قضت فيه بإلغاء الحكم الابتدائي والحكم من جديد بقبول طلب الشفعة وباستحقاق المستأنف لها مقابل أداء 75802 درهما وبتخلي المشفوع منه عن المبيع لفائدة الشفيع، بعلة أن الملكية بالنسبة للمتعاقدين تنتقل بالعقد والتراضي إثره إلى حين التسجيل، وأن أية مبادرة لدفاع الشفيع عن حقوقه القانونية المهددة باحتمال سقوطها في مواجهة مصدر التهديد تعتبر مقبولة قانونا، وأن مبادرة المشفوع منه إلى تسجيل عقد البيع بتاريخ 94/11/25وضع حدا للجدل حول وقت طلب الشفعة، وأنه لا شيء يمنع من المطالبة بالشفعة ولو قبل تسجيل الشراء في الرسم العقاري لأن الملكية تعتبر منقولة من تاريخ العقد لا من تاريخ التسجيل، وأنه ثبت للمحكمة أن المصاريف هي ثمن المبيع 70 000 درهم ورسوم التسجيل 202 درهما وأن الشفيع قد عرضها وأن ما جاء في مذكرة المستأنف عليه بشأن أجرة التحرير يكذبه الوصل المدلى به من طرف دفاعه، خصوصا وأن عقد البيع لا يتضمن مصدر الوصل المذكور والمحرر له، وأن التحسينات قضت المحكمة الابتدائية بعدم قبولها، ولم تطرح أمام محكمة الاستئناف بصفة قانونية الأمر الذي ينبغي معه إبطال الحكم الابتدائي فيما قضى به من عدم قبول طلب الشفعة والحكم من جديد وفق الطلب المذكو وهو القرار المطلوب نقضه.
وحيث يعيب الطاعن القرار المذكور بكونه قضى للمطلوب بأكثر مما طلب ذلك أنه قضى بتخلي الطالب عن الحصص المبيعة لفائدة المطلوب، رغم أنه لم يطلب ذلك في مقاله الافتتاحي، مما يعرضه للنقض.
لكن، حيث إن ما قضى به القرار المطعون فيه من تخلي الطالب عن الحصص المبيعة لفائدة المطلوب يعتبر نتيجة حتمية لطلب استحقاق الشفعة، فالوسيلة لذلك غير جديرة بالاعتبار.
– وفي شأن الوسيلة الثانية المتخذة من إغفال البت في الطلب المقابل، ذلك أن الطالب تقدم أمام المحكمة الابتدائية بطلب يرمي إلى أداء الإصلاحات والتحسينات التي أدخلها على المحل موضوع طلب الشفعة غير أن محكمة الاستئناف أغفلت البت في الطلب المذكور خارقة بذلك، الأثر الناقل للاستئناف طبقا للفصل 146 من قانون المسطرة المدنية، ورغم ما قضى به المجلس الأعلى في قراره رقم 617 الصادر بتاريخ 78/9/13 الذي جاء فيه : ” إذا قضت المحكمة الابتدائية بإلغاء الدعوى على الحالة، فإن محكمة الاستئناف لا يمكنها بناء على استئناف المدعي إلا أن تؤيد الحكم المستأنف لنفس العلل التي وردت فيه أو تلغيه وترد الملف إلى المحكمة الأولى للبت في جوهر النزاع”.
لكن، حيث إنه، وخلافا لما جاء في الوسيلة، فإن الثابت من القرار المطعون فيه أنه تعرض إلى الطلب المقابل إذ جاء فيه “… وحيث إن مصروفات التحسينات التي سبق للمحكمة الابتدائية أن حكمت بعدم قبولها ولم يتم طرحها على محكمة الاستئناف بصفة قانونية من طرف المستأنف عليه، فإنه لا مجال لمناقشتها سلبا أو ايجابا.. ” فالوسيلة مخالفة للواقع.
– وفي شأن الوسيلة الثالثة المتخذة من خرق الفصل 25 من القانون العقاري، ذلك أن المطلوب لم يودع أجرة تحرير العقد ومصروفات تسجيل عقد الشراء، غير أن القرار المطعون فيه قضى له بالشفعة رغم ذلك.
لكن، حيث يتجلى من القرار المطعون فيه أنه اعتبر ما أودع من طرف الشفيع وهو الثابت لديه كثمن للبيع ومصروفات العقد، إذ جاء فيه : “… وحيث ثبت للمحكمة أن المصروفات القانونية التي أداها المشفوع منه هي ثمن المبيع وقدره 70 000 درهم ورسوم التسجيل وهي 5202 درهما … ” وبذلك يكون قد استبعد ما ذكر في الوسيلة لعدم الإثبات فهي بذلك غير جديرة بالاعتبار.
وفي شأن الوسيلة الرابعة المتخذة من خرق القانون، ذلك أن المطلوب تقدم بالعرض العيني لثمن المبيع قبل تسجيل عقد البيع بالرسم العقاري. ومع ذلك فإن القرار المطعون فيه قضى له بالشفعة مما يعرضه للنقض.
لكن، حيث ان الايداع السابق لا يبطل دعوى الشفعة، فالوسيلة غير ذات أساس.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى برفض الطلب وعلى الطالب بصائره.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد رئيس الغرفة أبو مسلم الحطاب والمستشارين السادة : محمد اعمرشا مقررا، ومحمد النوينو، وحمادي اعلام، وعبد السلام البركي، وبمحضر المحامي العام السيد العربي مريد وبمساعدة كاتب الضبط السيد عبيدي حمان.
قراءة التعليقات (1)
يثير هذا القرار نقطتين مهمتين :
أولهما : الحكم بالافراغ هو نتيجة للحكم بالشفعة.
ثانيهما : مسألة الإيداع السابق على تسجيل الشراء على الرسم العقاري.
بالنسبة للنقطة الأولى :
أ - سار اجتهاد محاكم الموضوع على هدي ما قرره المجلس الأعلى في حكمه رقم 530 الصادر بتاريخ 66/9/22 المنشور بكتاب أحكام الشفعة والصفقة لمؤلفه الأستاذ سليمان الحمزاوي، والقاضي بأن الحكم بالشفعة في العقار المحفظ يكتفي بتقرير الحق العيني، وعلى المحكوم له تقديم مقال استعجالي لطرد المحكوم عليه الذي أصبح محتلا للعقار بدون سند، ويؤخذ على هذا الرأي ما يلي :
- ما الحكم في حالة ما إذا كان المحكوم عليه شريكا على الشياع وتركت له حصة في الشقص المبيع، هل يعتبر محتلا بدون سند ؟
- وما الحكم في حالة ما إذا اكتسب المحكوم عليه حقا عينيا بعد صدور الحكم بالشفعة وقبل التنفيذ ؟
ب - اتجهت محاكم الموضوع اتجاها آخر في العقار الغير المحفظ بأن اعتبرت الحكم بإفراغ المحكوم عليه المشفوع منه هو نتيجة مباشرة للحكم بالشفعة، وذلك اعتمادا على التعريف الوارد في الفقه المالكي للشفعة الذي ينص على كلمة " الأخذ" التي تستلزم خروج حيازة المشفوع من يد المشفوع منه وتسليمها للشفيع المحكوم له، وهذا الرأي مطابق لمقتضيات الفصل 25 من ظهير 1915/6/2 المطبق على العقارات المحفظة الذي ينص على أن " الشفعة هي الحق الثابت لكل من يملك مع آخرين على الشياع عقارات أو حقوقا عينية عقارية في أن يأخذ الحصة المبيعة بدلا من مشتريها"، ولذلك فإن المجلس الأعلى قد أحسن صنعا عندما وحد القواعد المطبقة على العقارات سواء منها المحفظة أو الغير المحفظة، بالنسبة للحكم بالإفراغ، وقرر تيسيرا على الشفيع أن الحكم بالإفراغ هو نتيجة حتمية لاستحقاق الشفيع للشفعة.
وبالنسبة للنقطة الثانية :
فإذا كانت قرارات المجلس الأعلى متواثرة على ضرورة العرض العيني والايداع لممارسة دعوى الشفعة، ولم يحد عن ذلك، حسب علمي، إلا القرار الصادر بتاريخ 89/12/20 في الملف المدني رقم 84/3724 المنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى رقم47، والمعلق عليه من طرف الأستاذ محمد بوزيان، رئيس غرفة سابقا بالمجلس الأعلى، وبصرف النظر عما يتعلق بمسألة ممارسة الشفعة قبل تسجيل الشراء على الرسم العقاري، التي لم تكن محل مناقشة في القرار المعلق عليه، فإن الايداع السابق على تسجيل الشراء على الرسم العقاري يثير تساؤلا حول ما إذا كانت مسطرة الايداع قد مورست قبل أن يصبح للشفيع الحق في تقديم دعوى الشفعة، حسبما اتجه إليه المجلس الأعلى في بعض قراراته منها القرار رقم 5452 الصادر بتاريخ 95/10/25 في الملف رقم 94/954، المنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى رقم 47، الذي قرر احتكاما لمقتضيات الفصل 67 من القانون العقاري أن دعوى الشفعة لا تقبل قبل تسجيل رسم الشراء بالرسم العقاري.
على أن القرار المعلق عليه، واعتمادا على أن شكليات الدعوى ليست من النظام العام، حتى تمكن إثارة ما يتعلق بها من طرف المجلس الأعلى قرر أن الإيداع السابق على دعوى الشفعة لا يبطلها، وهو في ذلك قد ساير روح التشريع العقاري الذي لم يشترط، حسب الاتجاه القضائي الغالب، الإيداع إلا لضرورة التأكد من كون الشفيع مليا، وأن ملاءة الذمة إذا كانت سابقة فهي أضمن.
عبد النبي قديم
مستشار بالمجلس الأعلى