X

الخبير – سلطاته – الحضورية – معناها

الحكم عدد 1438 بتاريخ 2010/02/16

في الملف رقم 207/6/13608

القاعدة:

ما دام أن الخبير أرفق تقريره بما يفيد توصل طرفي الدعوى ودفاعهما فإن عدم حضور هذين الأخيرين لإجراءاتها لا يعيب الحضورية في شيء.

طريقة إنجاز الخبير لمهمته لا يمكن المحكمة  أن تتدخل فيها وفي الكيفية التقنية التي توصل بها إلى استنتاجه ما دام لا يوجد بالملف ما يدحض النتيجة التي توصل إليها  إذ أنه  ما دام معتمدا في جدول الخبراء فيفترض فيه انه يتوفر على الكفاءة العلمية التي تسمح له بتقديم مشورته العلمية في النازلة.

باسم جلالة الملك

بتاريخ 16/02/2010 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.

وهي مؤلفة من السادة:

جمال السنوسي رئيسا ومقررا.

نادية زهيري عضوا.

عبد السلام خمال عضوا.

بمساعدة  هشام مبروك كاتب الضبط.

في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:

بين: الحاج الميلودي بن ربيعة بن الحاج احمد الساكن بزنقة علال بن عبد الله برشيد.

نائبه الأستاذ مصطفى شنان المحامي بهيئة سطات.

من جهة.

وبين: عامر عمر الكائن بنفس العنوان أعلاه

نائبه الأستاذ عبد الواحد عفيف المحامي بهيئة سطات.

                                                            من جهة أخرى.



الوقائــع:

بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 26/12/2007 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية يعرض فيه المدعي  بواسطة نائبه أنه يملك في الرسم العقاري 74952/س مع شقيقه الحاج محمد بن ربعة حقوقا مشاعة، وأن الرسم المذكور توجد فيه بنايات قديمة جدا ودكاكين متلاشية، وقد فوجئ بالمدعى عليه يتواجد بالرسم المذكور ابعد أن صرح للمفوض القضائي أن أباه يكتري من أب العارض المحلين الكائنين بالعنوان أعلاه ويستغلهما في تجارة الحبوب والقطاني والأعرف دون أن يتوفر على وثيقة تثبت أوجه استغلاله مما يجعله محتلا بدون سند. لأجله فهو يلتمس الحكم  بطرده من المحلين المذكورين هو ومن يقوم مقامه أو بإذنه تحت غرامة تهديدية قدرها 50 درهما عن كل يوم تأخير. من تاريخ الإمتناع. وأرفق مقاله بمحضر معاينة وإثبات حال وطلب إثبات حال وشهادة عقارية.

وبناء على جواب المدعى عليه أنه أكد في محضر المعاينة بأن تواجده بالعقار يجد سنده في العلاقة الكرائية بين والده وموروث المدعي، وأنه يدلي  بتواصيل الكراء التي تفيد قيام هذه العلاقة منذ 1972. وأن العقار آل للمدعي وشقيقه عن طريق الإرث بناء على مخارجة سنة 1983، وبالتالي يعتبر خلفا عاما وتكون رابطة الكراء ملزمة له. ملتمسا الحكم برفض الطلب. وأرفق مذكرته بوصل كراء وصورتين مطابقتين لوصلين آخرين وصورة إصلاح رسم مخارجة وعقد ازدياد وإشعار بالضريبة التجارية.

وبناء على تعقيب المدعي أن والده لم يكن يقرأ ولا يكتب كما أكد أن الحانوتين لم يكونا مشغولين منذ وفاة والده بل قبل ذلك، وأن المدعي لم يثبت لحد الساعة صفته فيما يدعيه، ذلك أن آخر توصيل أو ما سماه كذلك يعود تاريخه لأكثر من 28 سنة وبالتالي لم يدل بما يفيد استمرار العلاقة الكرائية بأي وسيلة إذا تمت مسايرته فيما صرح به. وأنه يؤكد أن الوصولات لم تصدر عن والده ولا توجد أي علاقة كرائية. ملتمسا الحكم وفق المقال واحتاطيا إجراء خبرة خطية على التوقيع المنسوب لوالد العارض مقارنة مع التوقيع الموجود برخصة السياقة رفقته. وأرفق مذكرته بصورة لرخصة سياقة.

وبناء على تعقيب المدعى عليه أن المدعي بدفعه بعدم ثبوت استمرار العلاقة الكرائية يكون قد أقر بثبوتها، وأن الإدعاء بعدم الإستمرارية يجعل عبء إثباته عليه، باعتبار أن عبء الإثبات يقع على مدعي خلاف الأصل أو الثابت. وأنه يدلي إضافة لما أدلى به بمجموعة أخرى من الوصولات الكرائية والتي تحمل توقيعا واحدا للخلف العام للمدعي وخاتمه يدعم استغلال والد العارض للمحلين عن طريق الكراء عقودا من الزمن بمرأى ومسمع من المدعي، ملتمسا الحكم برفض الطلب. وأرفق مذكرته بصور شمسية لوصولات كرائية.

وبناء على تعقيب المدعي أنه لم يقر بالعلاقة الكرائية ولا توجد أي علاقة لا بين الخلف ولا بين السلف مؤكدا ملتمسه السابق.

وبناء على الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 14/10/2008 تحت رقم 1357 والقاضي بإجراء بحث بحضور الطرفين.

وبناء على جلسة البحث المنعقدة بتاريخ 25/11/2008 حيث حضر المدعي والمدعى عليه شخصيا وحضر دفاعهما وصرح المدعي أن المحل آل إليه عن طريق الإرث من والده الذي توفي منذ 26 سنة وأن واقعة الاحتلال وقعت منذ ستة أشهر وأن المحل موضوع الدعوى إضافة إلى محلات أخرى ضمن العقار احتله المدعى عليه ويستغله كمخزن يودع فيه أكياس لا يعرف محتواها. فعقب المدعى عليه أن سند تواجده بالمحل هو كونه موضوع عقد كراء ربط بين والده الذي لازال على قيد الحياة، وأن بيده تواصيل تفيد الأداء، وبعد وفاة المكري تعذر عليه الاسترسال في أداء الكراء لعدم معرفة الشخص الذي له الصلاحية في قبضه، وأن والده كان يتصل بالمكري ويسلمه الكراء مقابل وصولات تحمل توقيع وطابع المكري. وعرضت الوصولات على المدعي فنفى صدورها عن والده الذي كان أميا ولا يتوفر على طابع مضيفا أنه يتوفر على مستندات تحمل توقيع والده قصد القيام بمقارنة التوقيعات. فعقب المدعى عليه أن هناك كثيرون آخرون  يتوفرون على تواصيل تحمل توقيعات المكري وطابعه، فعقب المدعي أن هناك مكتري واحد يوجد تواطؤ بينه وبين المدعى عليه إذ أنجز له نفس الوصولات المدلى بها في الملف الحالي، فعقب المدعى عليه أن هناك عدة مكترين مستعدون للإدلاء بشهادتهم وكذا بالوصولات التي تفيد وحدة مصدر العلاقة الكرائية. وعن سؤال أجاب المدعي أن تصريحه السابق بكون المحلات الأخرى فارغة قصد به مجموع المحلات التي آلت له ولأخيه بالإرث أما تلك التي استقل بها بعد المخارجة فهي ثلاث محلات استولى المدعى عليه على اثنين منها والثالث فارغ، أما المكتري الذي جاء على لسان المدعى عليه فيشغل المحل الذي يملكه أخوه، وعن سؤال حول توفر الملف على محضر معاينة أنجز من طرف المدعي لإثبات الاحتلال ويرجع تاريخه إلى سنة 2006 في حين صرح أن الاحتلال يرجع إلى ستة أشهر فقط، أوضح أنه لم يسبق له أن أجرى أي معاينة. والتمس نائب المدعي حفظ حقه في الإدلاء بالوثائق لإجراء المقارنة فتقرر ختم البحث.

وبناء على مستنتجات المدعي بعد البحث أن الدعي لم يستطع إثبات استمرار العلاقة الكرائية، وأن المحلات عبارة عن حوانيت صغيرة ومتلاشية نوعا ما مما جعل المدعي يحتل اثنين منها وأن ادعاءه بعدم معرفة المكلف بقبض الكراء لا يستقيم ويخفي الرغبة في الاستيلاء والاحتلال إذ لو كان مكتريا فعلا لأدى الكراء للورثة أو وضعه باسمهم بالمحكمة لا أن يدعي علاقة كرائية انقطعت منذ أكثر من 28 سنة. ملتمسا الحكم وفق مقاله.

وبناء على تعقيب المدعى عليه استعرض فيه أجوبة المدعي خلال البحث وتناقضها مضيفا أن المحل آل للمدعي على إثر مخارجة تمت سنة 2002 ومن سوء حظه أن المحل موضوع النزاع آل إليه على اعتبار أن باقي المحلات كانت من نصيب ورثة آخرين لم تتم مقاضاتهم على هذا النحو، وأنه لحسم الخلاف فهو يدلي بإشهادات تفيد التواجد الذي نفاه المدعي وتفيد سند هذا التواجد الذي يتمثل في الكراء، ملتمسا الحكم وفق ملتمساته. وأرفق مذكرته بصور شمسية خاصة بأكرية الغير وإشهادين.

وبناء على تعقيب المدعي مع مقال الطعن بالزور الفرعي مؤدى عنه الرسم القضائي بتاريخ 6/1/2009 أكد فيه أن المحلين كانا مغلقين منذ وفاة والده ولم يسبق له أن علم بتواجد المدعى عليه فيهما إلا بعد إجراء المخارجة مع أخيه الحاج محمد بحيث أصبحا من نصيبه وعندما قام المدعى عليه باحتلالهما. أما الإشهادان المدلى بهما فإن صاحبيهما من الأشخاص المتواجدين بنفس العقار وأن هناك نزاعا في شأن رفع السومة الكرائية ولا يمكن الاعتداد بإشهاد الأول ولا الثاني المسمى محمد معروف لأنه يوجد في حانوت مجاور للمحل موضوع النزاع ويتحدث في تصريحه عن حانوت واحد وليس عن حانوتين  مما يفسر انحيازه للمدعى عليه كما لا يوجد أي شخص يؤكد استمرار العلاقة الكرائية وأن قدم المحلات وهجرهما دفع المدعى عليه إلى احتلال حدها وهدم الحائط الفاصل بين الحانوت المحتل وحانوت مجاور واستولى عليهما معا دون سند قانوني، وأنه يطعن صراحة في التواصيل المدلى بها والتي يعود تاريخها إلى 1980 ويلتمس تطبيق مسطرة الزور وحفظ حقه في تقديم مستنتجاته. وأرفق مذكرته برخصة سياقة والده وثلاث صور شمسية لعقود بيع وتوكيل خاص بالطعن بالزور.

وبناء على مستنتجات النيابة العامة الرامية إلى تطبيق القانون.

وبناء على الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 10/2/2009 تحت عدد 236 والقاضي بالتأشير على المستندات المطعون فيها بالزور.

وبناء على الأمر التمهيد الصادر بتاريخ 27/4/2009 تحت رقم702 والقاضي بإجراء خبرة خطية أسندت مهمة القيام بها للخبير السيد محمد بوخير.

وبناء على التقرير المنجز من قبل هذا الأخير بتاريخ 8/10/2009 والذي انتهى فيه إلى القول أن التوقيعات الواردة في الوصولات موضوع الخبرة صحيحة وصادرة عن الموروث السيد أحمد بن اربيعة.

وبناء على مستنتجات المدعى عليه بعد الخبرة الرامية إلى الحكم برفض الطلب.

وبناء على مستنتجات المدعي بعد الخبرة عاب فيه على الخبرة عدم احترامها مقتضيات الفصل 63 من ق م م ذلك أنه استدعى الأطراف لجلسة الخبرة المنعقدة بتاريخ 26/5/2009 ثم قام لسبب من الأسباب بتغيير تاريخ إنجازها إلى يوم 10/6/2009 دون استدعاء خاصة وأن التقرير خال من كل ما من شأنه أن يبين أ يدل على استدعاء العارض وبالتالي فإن الخبرة جاءت مخالفة للمقتضيات المذكورة، كما أنه لم يقم بمهمته وفق ما حدد الحكم التمهيدي الذي حدد الوثائق لمطعون فيها بالزور ووثائق المقارنة التي يجب اعتمادها وهي وثائق سبق  للعارض أن أدلى بها للمحكمة وعمد إلى المقارنة بوثائق لا وجود لها بملف المحكمة ولا علم لها بها وادعى أنها مسلمة إليه من طرف العارض نفسه، كما أنه لم يحدد الوثيقة أو الوثائق التي اعتمدها في توقيع المقارنة خصوصا وأن التقرير يتضمن أربع توقيعات للمقارنة وهي كلها مختلفة بعضها عن الأخرى، كما أنه لم يقم بأي إجراء من إجراءات الخبرة واعتمد فقط على العين المجردة ومكبرة عادية دون أن يستعمل أية أجهزة علمية أو تقنية دقيقة تمكن من الوصول إلى الحقيقة، مضيفا أن التوقيعات المطعون فيها كلها مختلفة عن توقيعات المقارنة خاصة وأن الفقرة المتعلقة بنوع التوقيع  تفيد أن التوقيع المطعون فيه عبارة عن توقيع هجائي متداخل ومع ذلك خلص الخبير إلى أن التوقيعات متطابقة رغم الاختلاف الشاسع، ملتمسا الحكم ببطلان إجراءات الخبرة والأمر بخبرة جديدة بواسطة خبير مختص.

وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 26/1/2010 فحضر نائب المدعى عليه فتقرر حجز القضية للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 16/2/2010.

التعليـــل

بعد الاطلاع على جميع  وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.

في الشكل:

حيث إن المقال مستوف للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعين التصريح بقبوله شكلا.

في الموضوع:

حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.

وحيث أجاب المدعى عليه بالدفوع المشار إليها صدره.

وحيث إن الفيصل في هذه الدعوى للقول بوجود احتلال من عدمه كان هو التأكد من صدور الوصولات الكرائية المطعون فيها بالزور الفرعي عن موروث المدعي.

وحيث إن المحكمة استعانت في هذا الصدد بخبرة فنية في تحقيق الخطوط أسندت مهمة القيام بها للخبير السيد محمد بوخير الذي أنجز تقريرا في الموضوع أودعه ملف القضية.

وحيث إن الطعن بعدم احترام الخبير لمقتضيات الفصل 63 من ق م م غير مؤسس لأن المحكمة باطلاعها على مرفقات التقرير تبين لها أن الخبير أرفقه بما يفيد توصل طرفي الدعوى ودفاعهما وأن عدم حضور هذين الأخيرين لإجراءاتها لا يعيب الحضورية في شيء، كما أن تأخير جلسة الخبرة إلى تاريخ لاحق تم بعلم الطرفين اللذين وقعا محضر الجلسة الأولى كما حضرا الجلسة الثانية ووقعا معا على محضر أقوالهما فيها، مما يتعين معه استبعاد الدفع المثار.

وحيث إنه بالنسبة لطريقة إنجاز الخبير لمهمته فإن المحكمة لا يمكنها أن تتدخل في الكيفية التقنية التي توصل بها الخبير إلى استنتاجه خاصة وأنه لا يوجد بالملف ما يدحض النتيجة التي توصل إليها والخبير ما دام معتمدا في الجدول فيفترض انه يتوفر على الكفاءة العلمية التي تسمح له بتقديم مشورته العلمية في هكذا نوازل، أما بخصوص وثائق المقارنة التي اعتبرها المدعي أجنبية عن الملف فإن المحكمة برجوعها إلى محتوياته تبين لها أن وثائق المقارنة لا تخرج عما سبق إيداعه بها وهي عقود البيع ورخصة السياقة، هذا فضلا عن أن الحكم التمهيدي لم يقيد عمل الخبير بوثيقة مقارنة معينة، بل أمر الخبير بالاطلاع على الوصولات المطعون فيها والمؤشر عليها بتوقيع القاضي المقرر وعلى توقيعات ثابت صدورها عن موروث المدعي سواء جاءت في وثائق عرفية أو رسمية وتحديد هل هذه الوصولات صادرة عن يد الموروث أم لا.

وحيث إن نتيجة الخبرة أفضت إلى ثبوت صدور الوصولات عن يد موروث المدعي بصفته مكريا مما تنتفي صفة الاحتلال عن المدعى عليه ويكون الطلب فاقدا للأساس القانوني ويتعين الحكم برفضه.

وحيث إن الخاسر يتحمل الصائر.

وتطبيقا للفصول 1-3-31-32-49-124-147 من قانون المسطرة المدنية و 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية.

 

لهــذه الأسبـــاب

حكمت المحكمة علنيا ابتدائيا وحضوريا.

في الشكل: بقبول الدعوى.

في الموضوع: برفض الطلب وتحميل رافعه الصائر.

وبهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه.

رجل قانون:
مواضيع متعلقة