القرار رقم 1620
الصادر بتاريخ 4 ماي 1994
ملف مدني رقم 3749 89
القاعدة:
-إن الشفيع يصدق في نفي العلم بالشراء إذا كان القيام داخل أربعة أعوام عملا بقول ابن عبدالحكم و ابن المواز و غيرهما من فقهاء المالكية و بما جرى به العمل من طرف المجلس الأعلى.
-والعمل القضائي في الفقه المالكي يعد قانونا ملزما بالنسبة للعقار غير المحفظ، و يعتبر خرقه خرقا للقانون يعرض للنقض.
باسم جلالة الملك
إن المجلس الأعلى
و بعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من وثائق الملف و من القرار المطعون فيه أن المطلوب ضدهم ورثة الحاج عبدالله البقالي و هم: محمد، الأمين، أحمد، عبدالسلام، فاطمة، أمينة و رحمة تقدموا بتاريخ 87.7.21 أمام مركزية أصيلة بمقال ضد المسمى العياشي بن علوش بصفته البائع و ضد الطالبين عيسى و لحسن بن امحمد اقريشي يعرضون فيه أن موروثهم الحاج عبدالله بن عبدالسلام البقالي خلف القطعة الأرضية المسماة بوكوارع و التريكلة الواقعة بمزارع مجلا و وبنونيين ورهونة تحد قبلة بالخندق أو ان الشتاء و شرقا قديما بملك محمد امحمد المدعو امكوك و الآن على ملك محمد بن محمد الشاوي الجلادي و غربا بملك ورثة الحاج و بحرا بمقطع الريح، مشتركة على وجه المناصفة مع المدعى عليه الأول، و أنه بلغ لعلم العارضين في المدة الأخيرة أن المدعى عليه الأول عمد إلى تفويت حصته في الأرض إلى المدعى عليهما الثاني و الثالث و عملا بمقتضيات الفصل 974 من قانون الالتزامات و العقود فإن العارضين محقان في المطالبة بالشفعة و استرجاع الأرض كلها من يد المشترين مع تسجيل استعدادهم لأداء الثمن و مصاريف البيع بعد اطلاعهم على عقد البيع ملتمسين الحكم بأحقيتهم في شفعة الأرض المذكورة من يد المشتريين المدعى عليهما الثاني و الثالث و بإلزامهما بتسليم الأرض فارغة من أية شائبة مع النفاذ المعجل و الصائر.
وأجاب المدعى عليهما الطالبان بأن المدعيين لم يبينوا في مقالهم تاريخ العلم للتأكد من تقديم الدعوى، داخل السنة من تاريخ العلم و أن القدر الذي اشتراه العارضان من المدعي عليه الأول هو نصف القطعة التي يملكها شياعا مع المدعين و ذلك حسب رسم الشراء عدد 437 و عليه فإن الطلب يجب أن ينحصر في نصف نصف القطعة الذي هو ربعها إذ أن نصف النصف الآخر مازال يملكه المدعى عليه ملتمسين رفض الطلب خارج أجل السنة من تاريخ العلم.
كما أجاب المدعى عليه العياشي بن علوش بأنه لا مبرر لرفع الدعوى ضده لأنه باع النصف الذي كان يملكه و من حقه ذلك.
و عقب المدعون بأنهم لم يعلموا بتاريخ البيع إلا خلال سنة 87 و بالتالي فإن طلب الشفعة قدم داخل الأجل القانوني و أن المدعى عليهما الثاني و الثالث عملا على إخفاء شرائهما عن العارضين لمنعهم من الشفعة بالإضافة إلى أن أحد العارضين و هو محمد البقالي المتصرف باسم إخوانه فيما خلفه مورثهم يشتغل أستاذا بمدينة الدارالبيضاء فمن المستحيل أن يعلم بهذا البيع.
و أرفق المدعون مقالهم برسم إراثة و رسم الشركة، و عقد شراء مورث العارضين و شهادة العمل و رسم إثبات الغيبة و رسم الشراء بينما أدلى الطرف المدعى عليه بصورة لفيفية لإثبات علم المدعين و صورة من عقد الشراء.
و بتاريخ 15/3/88 أصدرت المحكمة حكمها برفض طلب الشفعة بعلة أن المدعى عليهما الطالبين أدليا بما يفيد علم المدعين بالبيع بأكثر من سنة و مشاهدة التصرف بالحرث ورعي الماشية و تنقية الأرض بمقتضى اللفيفية عدد 147 أما لفيفية ثبوت الغيبة فلا يمكن الأخذ بها ترجيحا لجانب إثبات العلم عن جانب نفي العلم مما يستوجب رفض الدعوى، استأنفه المدعون بمقتضى عريضتي استئناف، الأولى سجلت بتاريخ 88.7.27 و الثانية في 88.7.29 جاء فيهما بأن الحكم الابتدائي غير معلل لأن المحكمة اكتفت بترجيح لفيفية العلم على لفيفية عدم العلم دون بيان المعيار الذي اعتمدته في عملية الترجيح و أنهم أدلوا بلفيفية إثبات الغيبة كما أدلى أحدهم وهو محمد البقالي الموظف و المقيم بالبيضاء بما يثبت إقامته باستمرار في مدينة البيضاء أي غيابه عن البلد الموجود به العقار المتنازع عليه، و أن لفيفية إثبات الغيبة و عدم العلم كانت مدعمة بحجج أخرى لها من المصداقية مالها، و كانت بذلك حجة أقوى من لفيفية العلم المدلى بها من طرف المستأنف عليهم، كما أنه من الثابت فقها و قضاء أنه عند قيام خلاف بين الشفيع و المشفوع منه حول العلم أو عدمه فإن القول قول الشفيع مع يمينه و هم مستعدون لأداء اليمين استنادا على قول الشيخ خليل: “و صدق أن أنكر علمه” هذا من جهة و من جهة أخرى فإن لفيفية إثبات العلم جاءت عامة و مبهمة و مفتقرة إلى استفسار شهودها بصورة فردية من جانب قاضي التوثيق المخاطب عليها، و أن هناك مخالفة للنصوص القانونية الجاري بها العمل في مجال الشفعة العقارية المتصلة بالعقار غير المحفظ حيث قرر المشرع في الفصل 976 من قانون الالتزامات و العقود بأن أجل التقادم المحدد في سنة لممارسة حق الشفعة ينطبق من تاريخ قيام الطرف البائع لحصته المشاعة بإعلام جميع الأطراف المعنية و أنه في النازلة لا توجد وسيلة مادية أو قانونية بثبوت هذا العلم، و أن علم الشفيع لا يفترض إلا إذا كان حاضرا في مجلس عقد البيع بتاريخ إبرامه لاحتساب أجل سقوط حق ممارسة الشفعة ملتمسين في الأخير إلغاء الحكم المستأنف و الحكم من جديد وفق طلبهم و لو مع تعزيز هذا المقتضى بيمين العارضين على عدم العلم بالبيع الموجب للشفعة وقت إبرامه.
و أجاب المستأنف عليهما الطالبان بأنه ليس واجبا على البائعين أن يبلغوا الأطراف بأنهم باعوا حظوظهم شياعا أو غيره و أن الفصل 975 من قانون الالتزامات و العقود صريح في سقوط حق القائم بالشفعة بعد مضي سنة و أن الشفعاء على علم بالبيع و تاريخه كما هو ثابت من الحجة المدرجة بالملف، و مما يفيد ادعاءهم عدم العلم إلا في المدة الأخيرة هو الحجة التي أثبتت التصرف بالحرث و رعي الماشية و تنقية الأرض بمقتضى اللفيفية التي شهد شهودها بالتصرف أمام القائمين الآن و غيرهم، أما قول المستأنفين بأن علم الشفيع لا يفترض إلا إذا كان حاضرا في مجلس البيع بتاريخ إبرامه فهو خلاف النصوص الشرعية حيث قال ابن عاصم: “و الترك للقيام فوق العام يسقط حقه مع المقام، و قال الشيخ التاودي: أي مع كونه حاضرا ببلد البيع و علمه بالبيع.
لقد ثبت علم المستأنفين بالبيع و تاريخه بالحجة الشاهدة بعلمهم و حضورهم بالبلد بالإضافة إلى تصرف العارضين على مشهد منهم مدة طويلة من الزمن أي من سنة 1981 إلى سنة 87 تاريخ تسجيل الدعوى الحالية حيث قال الشيخ التسولي: و محل قبول قوله إذا ادعى عدم العلم، إذا كان البائع يلي النظر مع الشفيع، وأما إذا كان المشتري يلي النظر مع الشفيع و أما إذا كان المشتري يلي النظر معه فلا يقبل قوله أنه لم يعلم، ملتمسين في الأخير تأييد الحكم الابتدائي.
و بتاريخ 7 أبريل 89 قضت محكمة الاستئناف بطنجة بإلغاء الحكم الابتدائي و تصديا الحكم على المدعى عليهما عيسى و لحسن بتمكين المدعين من الشفعة في الأرض المدعى فيها و المسماة بوكرارع و التريكنا و على المدعين بأداء اليمين الشرعية على أنهم لا علم لهم بالبيع إلا بتاريخ 1987.6.23 و بتحميل الطرف المستأنف عليه الصائر بعلل منها أن شروط الشفعة متوفرة في النازلة لكون الشفيع شريك بجزء شائع في العقار المطلوب شفعته … الخ وبكون تاريخ تملك الشفيع للجزء الذي يشفع به سابقا على تاريخ تصرف شريكه … الخ و أن يكون الشفيع حائزا كمالك لواجبه المشاع الذي يشفع به هذا من جهة.
و من جهة ثانية فإنه من المقرر فقها أنه إذا وقع خلاف بين البائع و المشتري حول العلم بالشراء و عدمه فإن القول الشفيع بيمينه حيث لا حجة للمشتري تثبت علمه به و من ادعى خلاف ذلك عليه إثباته قال الشيخ خليل “و صدق إن أنكر علمه، قال الزرقاني:”مع يمينه” و من تم ينبغي إلغاء القرار المستأنف و الحكم وفق الطلب و هذا هو القرار المطلوب نقضه.
فيما يتعلق بالفرع الرابع من السبب الثالث المتخذ من خرق قواعد الإثبات و الترجيح و النصوص الفقهية على مذهب الإمام مالك مما وافق الراجح أو المشهور أو ما جرى به العمل، ذلك أن الظروف و القرائن تفيد كلها أن المطلوبين سكتوا عن القيام بطلبهم للشفعة من تاريخ الشراء إلى تاريخ تقييد المقال، و تسبيب هذه القرائن، فإنه كان على القرار المطلوب نقضه أن يرجح بسببها اللفيفية عدد 473 المثبتة للعلم و يطرح اللفيفية عدد 357 التي حاولت إثبات الغيبة في حق محمد البقالي و عدم العلم لرجحان اللفيفية عدد 473 من اللفيفية 357 بالقانون الفقهي و قرائن الأحوال و الإمارات الدالة على أن لهم علما بالبيع و أنه لا غيبة هناك، و إن كانت هناك غيبة بالنسبة لمحمد فهي كالحاضر و بسبب ذلك تكون الشفعة انقطعت لمجرد مضي العام مما يعرض القرار للنقض.
حقا تبين صحة ما عابه الفرع على القرار المطعون فيه ذلك أن الطاعنين أثارا أن القرائن دلت على أن المطلوبين كانوا عالمين بالشراء الواقع سنة1981، و لم ترفع الدعوى منهم إلا سنة 1987 فالقرائن دلت على العلم بالشراء و قد نص فقهاء من المالكية كابن عبدالحكيم و ابن المواز و غيرهم على تقييد قول الشيخ ” و صدق إن أنكر علمه خارج السنة و إذا كان القيام داخل أربعة أعوام من تاريخ البيع و هي مدة كافية لحصول العلم للشريك بظهور شريك جديد و قد جرى العمل من طرف المجلس الأعلى حسب قراره عدد 415 بتاريخ 1986.3.18 بغرفتين منشور بمجلة القضاء و القانون عدد 139 و بالتالي فإن القرار جاء مخالفا لما جرى به العمل و هو قانون داخلي بالنسبة للعقار الغير المحفظ و معرضا للنقض.
و حيث إن مصلحة الطرفين إحالة القضية على نفس المحكمة لتبت فيها طبقا للقانون.
لهذه الأسباب
قضى بنقض القرار و إحالة الملف على نفس المحكمة لتبت فيه طبقا للقانون و على المطلوبين بالصائر.
كما قرر إثبات حكمه هذا في سجلات محكمة الاستئناف بطنجة إثر الحكم المطعون فيه أو بطرته.
و به صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور حوله بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط
والهيأة الحاكمة متركبة من:
رئيس الغرفة السيد محمد بوزيان والمستشارين السادة: محمد واعزيز مقررا – عبدالخالق البارودي – عبدالحق خالص – عمر آيت القاضي وبمحضر المحامي العام السيد أحمد شواطة وبمساعدة كاتب الضبط السيد محمد بولعجول.