X

عقد الشغل – عقد المقاولة – عناصر التمييز بينهما

القرار رقم 496

الصادر في 17 ماي 94

ملف اجتماعي رقم 9637/88

القاعدة:

– عقد الشغل يتميز عن عقد المقاولة بوجود علاقة التبعية.

– لما تبين من خلال البحث أن الطالب سجل مقاولته التي يتعامل باسمها في السجل التجاري و كان ينجز عمله لدى الطرف الآخر بواسطة غيره و تحت مسؤوليته فإن النتيجة التي رتبتها المحكمة على انتفاء علاقة التبعية و عدم ارتباط الطرفين بعقد الشغل الذي يجب تنفيذه من طرف الأجير شخصيا تكون قد ركزت قضاءها على أساس صحيح.

 

باسم جلالة الملك

إن المجلس الأعلى

و بعد المداولة طبقا للقانون

فيما يخص الوسائل الأربع مجتمعة:

حيث يستفاد من أوراق الملف و من القرار المطعون فيه أن الطاعن أقام أمام ابتدائية الدارالبيضاء دعوى عرض فيها أنه مرتبط مع المطلوبة في النقض بعقد عمل مؤرخ في 8582/28 من أجل تأمين صيانة المعدات الكهربائية الموجودة في محلاتها و معاملها بكافي كازا التي انتقلت فيما بعد إلى مطار النواصر ثم إلى مطار محمد الخامس. و حدد العقد مدة عمله في 29 ساعة أسبوعيا مقابل أجرة محددة ارتفعت عدة مرات زيادة على تعويض الساعات الإضافية و تعويض الانتقال، و رغم تخصيص كل وقته و نشاطه لخدمة المدعى عليها فهو محروم من نظام الضمان الاجتماعي و بقية المنافع القانونية الخاصة بالمستخدمين بدعوى التنصيص في عقد التشغيل على أنه مقاول كهربائي، و عندما طالب مشغلته الاعتراف به كأجير ردت على جوابه المؤرخ في 29/9/79 بالرفض و ختمت مراسلاته المتعددة بردها الأخير في 4/7/81 الذي عبرت فيه صراحة عن عدم رغبتها بحث تأويل العقد الرابط بينهما. مما اضطره إلى إيداع طلبه المؤرخ في 4/12/81 لدى المحكمة قصد تأكيد ارتباطه بعلاقة تتسم بصبغة الشغل مع المدعى عليها التي عمدت بعد توصلها باستدعاء المحكمة إلى وضع حد للعلاقة بين الطرفين و وجهت له يوم 25/1/82 رسالة تتعلق بهذا الشأن مقابل إخطار ينتهي في 31/5/82 و انهت بذلك خدماته بشكل تعسفي. لأجله التمس الحكم له وفق التعويضات المحددة في طلباته، فأجابت المدعى عليها بأنها تعاقدت مع مقاولة بلاسينتي اورازيو للكهرباء لصاحبها المدعي و كان ينفذ مضمون العقد بنفسه أو بواسطة غيره و تحت مسؤولية، و بعد إجراء البحث بالاستماع إلى شاهد المدعى عليها، و إلى المدعى شخصيا الذي أكد أن تنفيذ العقد كان يتم أحيانا بواسطة الغير و على حسابه الخاص كما أكد توفر مقاولته على السجل التجاري الذي يخوله الاستمرار بالإقامة في المغرب، و بعد تعقيب الطرفين على الخبرة و انتهاء الإجراءات، اعتبرت المحكمة أن العقد صريح فيما تضمنه من ارتباط الطرفين بعقد مقاولة كهرباء و ليس بعقد استخدام و قضت برفض دعوى المدعى الذي استأنف و جدد دفوعه و طلباته، و بعد انتهاء المرافعات صدر القرار المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي.

و حيث يعيب الطاعن وجود التناقض في التعليل و انعدام الأساس القانوني للقرار و خرق مقتضيات الفصل 71 من قانون المسطرة المدنية و تحريف العقد و عدم تطبيق القانون و خرق الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية. و خرق الفصل 3 من ظهير 2/7/47 ذلك لأنه من جهة أولى يشكل البحث المنجز بأمر من المحكمة إحدى الأسس القانونية اللازمة لتقدير النزاع. و لما عرض الحكم الابتدائي و محكمة الاستئناف فيما بعد عن تحديد موقفها من نتيجة البحث رغم مطالبة العارض بذلك في مقاله الاستئنافي يكون القرار منعدم التعليل و من جهة ثانية أن العناصر البديهية الواضحة المكونة لعلاقة الشغل وردت في العقد المتنازع فيه الذي أشار إلى الأجر الشهري و تعويض الساعات الإضافية و مكان العمل و توقيته و تحديد ساعاته و الحضور الإلزامي اليومي و المدة السنوية للعقد التي تجددت دون انقطاع طيلة عشرين سنة متوالية و تخصيص كامل الوقت المتفق عليه و عدم الانقطاع خارج المؤسسة، و الأداء الشهري لتعويض السيارة طيلة عشرين سنة و تجاهل المحكمة لهذه العناصر التي تعرف بعقد الشغل و اكتفاؤها بعنوان العقد للتأكيد بأن الأمر يتعلق بعقد مقاولة تكون قد ارتكبت تحريفا واسعا يجعل القرار المطعون فيه بدون أساس. و من جهة ثالثة أن العقد خال من عناصر عقد المقاولة المنصوص عليها في الفصول 723 و 760 و 775 من قانون الالتزامات و العقود و القرار المطعون فيه لم يكشف عن أي عنصر منها لعدم وجودها في العقد باعتبار أنه من الثابت بالفصل أن أي شيء معين بثمن محدد لم يطلب من العارض في العقد من طرف الشركة و لم يقدم المواد اللازمة لإنجاز العمل. و لم يشر القرار إلى أن العارض كان يقدم المواد اللازمة للعمل بل على العكس أن العقد المتنازع فيه قد جعل توريد المواد على كاهل الشركة. و لم يثبت أيضا أن العارض كان يؤدي بعد إنجاز العمل و ربما شهرا بشهر مقابل أجر محدد يؤدى جزافيا و دوريا بقطع النظر عن تنفيذ عقد العمل و بالتالي فإن ما ذهبت إليه المحكمة من أن العقد يشكل عقد مقاولة غير مرتكز على أي أساس و من جهة رابعة فقد خرق الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية الذي يلزم القاضي بالبت وفق القوانين المطبقة على النازلة و الفصل 3 من ظهير 2/7/47 المنظم لقانون العمل الذي يلزم المؤجرين الذين يتعاطون مهنة تجارية أو صناعية بالامتثال حيال الأشخاص الذين تقوم مهنتهم بصفة أساسية في تلقي أشياء لمعالجتها لحساب المقاولة في محل مقدم و مقبول من طرف المقاومة، و هذه النصوص تجعل قضاة الموضوع ملزمين ليس فقط بالاقتصار على معاينة عدم وجود العلاقة التبعية و إنما بالبحث في العقد المتنازع فيه و في وقائع القضية للتأكد مما إذا كان العارض يشكل طرفا من نموذج الأشخاص الذين يستفيدون بصفة إلزامية من قانون الشغل. و حالة العارض في النازلة تقتصر على تلقي الأشياء و معالجتها لحساب الشركة لأنه إنما يقوم بإصلاح و صيانة التجهيزات الكهربائية. و لذلك تكون المحكمة قد أخطأت في تطبيق القانون مما يعرض قرارها للنقض.

لكن حيث إن المعايير التي أشار إليها الطاعن في وسيلتيه الثانية و الثالثة لتمييز عقد العمل عن عقد المقاولة هي عناصر مشتركة و ليست وحدها الحاسمة في تحديد طبيعة العقد موضوع النزاع الذي حددته إرادة الطرفين المعبر عنها بشكل صريح و واضح يمنع عنها النزاع الذي حددته إرادة الطرفين المعبرعنها بشكل صريح وواضح  يمنع عنها كل تأويل طبقا للفصل 461 من قانون العقود و الالتزامات. الحكم الابتدائي المؤيد و كذا القرار المطعون فيه إشارة إلى أن بنود العقد صريحة في ارتباط الطرفين بعقد المقاولة في الكهرباء و ليست بعقد شغل متميز بعلاقة التبعية و المحكمة بهذا التعليل استندت إلى البحث المنجز الذي أكد من خلاله الطاعن أنه سجل مقاولته التي يتعامل باسمها في السجل التجاري، و كان ينجز عمله لدى المطلوبة في النقض بواسطة غيره و تحت مسؤوليته و هي عناصر لا تستقيم و عقد الشغل الذي يجب تنفيذه من طرف الأجير المتعاقد شخصيا و تحت مسؤولية المشغلة و هي شروط لم تثبت للمحكمة سواء من العقد أو من البحث فجاء قرارها معللا و مرتكزا على أساس قانوني، و وسائل الطاعنة مجتمعة على غير أساس.

لأجلـه

قضى المجلس الأعلى برفض الطلب و بالصائر على الطاعن.

و به صدر القرار و تلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات بالمجلس الأعلى بساحة الجولان بالرباط

وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من:

السيد رئيس الغرفة عبدالوهاب اعبابو والمستشارين السادة: إبراهيم بولحيان مقررا، إدريس المزدغي، الحبيب بلقصير، محمد الملاكي، وبمحضر المحامي العام السيد عبدالحي اليملاحي و كاتبة الضبط السيدة مليكة طيب.

رجل قانون:
مواضيع متعلقة