جرائم الصحافة – حرية المتضرر بين الدعوى العمومية والدعوى المدنية – المسؤولية بين مدير النشر والجريدة كشخص معنوي

جرائم الصحافة – حرية المتضرر بين الدعوى العمومية والدعوى المدنية – المسؤولية بين مدير النشر والجريدة كشخص معنوي

القــرار عـدد:  01-8

الـمـؤرخ فـي: 03-01-2017

مـلـف مدني

عــدد : 339-1-8-2015

القاعدة

تحديد قانون الصحافة لشكليات إقامة الدعوى العمومية في دعوى جرائم الصحافة والانتصاب طرفا مدنيا لا يمنع المتضرر من اللجوء للمحكمة المدنية للمطالبة بالتعويض.

الغرامة التهديدية التي تقضي بها المحكمة المدنية لإجبار المحكوم عليه من أجل التنفيذ بالقيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل لا علاقة لها بالغرامة الجنائية التي يقضى بها في الدعوى العمومية.

ما دام الأمر يتعلق بجريدة  ومدير النشر لا يعتبر جهازا مستقلا عن باقي أجهزة الإدارة ، فإن جميع المراسلات الموجهة للشخص المعنوي تبلغ له بمقره الاجتماعي بهذه الصفة.

نص القرار

وبعد المداولة طبقا للقانون

حيث يستفاد من مستندات الملف، أن محمد العراقي وشركة أومنيوم للصيد قدما مقالا أمام المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ 2013/05/03 تجاه السيد رشيد نيني بصفته المدير العام لجريدة الأخبار ، ورضوان حفياني بصفته مدير النشر والتحرير بنفس الجريدة ، عرضا فيه أن المدعى عليهما نشرا مقالا بجريدة الأخبار العدد 101 بتاريخ 2013/03/15 بالصفحة 20 بالركن الحامل لعنوان ” شوف تشوف” تحت عنوان “صيد في مياه عكرة” نسبا فيه لشركة أومنيوم ولرئيس مجلس إدارتها – محمد العراقي الذي ذكر بالاسم عدة مرات – وقائع لا أساس لها من الصحة وتلحق بهما أضرارا بحيث تشوه سمعتهما على الصعيدين الوطني والدولي، وأن المقال استعملت فيه عبارات نابية وخاطئة بالنسبة للمدعي الأول ، بأن اتهماه بأن اليد العاملة هي آخر ما يهمه ، وأنه يقايض الدولة بمأساة البحارة ، وأن له مشاكل مع البنوك تعود إلى سنة 1980 ،وأنه مستثمر مفلس ، وأن أمامه حل واحد وهو البيع إذا كان لديه ما يبيع ، وأنه لا يريد أن يبيع لكي يدفع ديون شركته ، بل يريد أن يضغط بمأساة البحارة على الدولة لكي تدفع عنه بحجة أنه استثمر في الصحراء وشغل اليد العاملة ، كما اتهم شركة أومنيوم المغرب للصيد بعجزها عن تسديد ديونها ، وأن المدعيين وفي إطار ممارستهما حق الرد المخول لهما قانونا وجها للمدعى عليه المدير العام لجريدة الأخبار بيان حقيقة تم تبليغه له بتاريخ 2013/04/05 بواسطة المفوض القضائي سعيد ريمي ، غير أن المدعى عليهما اقتصرا على نشر جزء لا يتجاوز الثلث من بيان الحقيقة ، وتم نشره في مساحة داخلية بالعدد الصادر بتاريخ 2013/04/10 بالصفحة الرابعة وليس في نفس المكان ونفس الصفحة وبنفس الحروف التي نشر بها المقال المثير لحق الرد ، وأنه وأمام عدم احترام المدعى عليهما للقانون وجه المدعيان لهما إنذارا بواسطة مفوض قضائي بضرورة نشر الرد مع احترام الشروط المنصوص عليها في الفصل 26 من قانون الصحافة ومنحاهما أجل ثلاثة أيام للتنفيذ ، غير أن الإنذار بقي بدون جدوى ، طالبين لذلك الحكم على المدعى عليهما بأن يقوما فورا بنشر في إطار حق الرد بيان الحقيقة الذي توصلا به بواسطة المفوض القضائي سعيد ريمي مع تقيدهما الحرفي بنص الفقرة 2 من الفصل 26 من ظهير 1958/11/15 بشأن قانون الصحافة تحت طائلة غرامة تهديدية يومية بمبلغ 50.000 درهم عن كل يوم تأخير تبدأ من تاريخ 2013/04/10 إلى تاريخ التنفيذ.

وبعد جواب المدعى عليهما بأن البت في قضايا النشر والصحافة ينعقد للقضاء الزجري وليس المدني، إذ أن الفصل 26 من قانون الصحافة ينص على أن مدير النشر عليه أن يدرج ردود كل شخص …. وإلا فيعاقب بغرامة قدرها 5000,00 درهم ، وأن الدعوى العمومية تثار طبقا للفصل 72 من قانون الصحافة من طرف النيابة العامة أو الطرف المدني وطالبا الحكم بعدم الاختصاص، واحتياطيا، فإن البيان المطلوب نشره يجب أن يبلغ لمدير النشر ، وأن البيان الذي وجه إلى الإدارة العامة لا يخص بأي شكل مدير النشر لأنه لم يوجه إليه ، كما أن الجريدة نشرت بعددها 123 غالبية البيان وحذفت منه فقط الجزء الذي يحتوي على سب وقذف ظاهر يمكن أن يجعل الجريدة عرضة لمحاكمات لا تتوفر فيها على أدلة على ما جاء بالمقال ، وأن القانون يعاقب على نشر القذف والسب وطالبا برفض الطلب، وبعد كل ما ذكر أصدرت المحكمة المذكورة حكمها عدد 3850 بتاريخ 2013/11/13 في الملف رقم  1694/02/2013 بالحكم على المدعى عليه رضوان حفياني بصفته مديرا للنشر والتحرير بجريدة الأخبار بنشر بيان الحقيقة وفي إطار حق الرد الذي توصل به من المدعيين بواسطة المفوض القضائي سعيد ريمي بتاريخ 2013/04/05 كرد على مقال المدعى عليه رشيد نيني تحت عنوان ” صيد في مياه عكرة” المنشور بنفس الجريدة عدد 101 وتاريخ 2013/03/15 ضمن الركن المخصص تحت عنوان ” شوف تشوف” وذلك وفق الشكليات المنصوص عليها في الفقرة الثانية والثالثة من الفصل 26 من قانون الصحافة تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها ألف درهم عن كل يوم تأخير في التنفيذ بعد صيرورة الحكم نهائيا وثبوت الامتناع ، وقد استأنفه عليهما وأيدته محكمة الاستئناف المذكورة ، وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض أعلاه من المستأنف السيد رشيد نيني بالوسيلة الفريدة بسوء التعليل المنزل منزلة انعدامه في وجهين ، ففي الوجه الأول أنه أثار ابتدائيا واستئنافيا عدم الاختصاص النوعي للمحكمة الابتدائية ، وأن المحكمة الابتدائية ردت على الدفع بأن لها الولاية العامة، وأيدتها في ذلك المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه ، غير أن الفصل 18 من قانون المسطرة المدنية يستثني القضايا الزجرية من ولايتها العامة ولا يشير إلى القضايا الزجرية ، وأنه ما دام  حق الرد ورد النص عليه في قانون الصحافة ، فإن هذا القانون هو الواجب التطبيق ، وأن الفصل 26 من قانون الصحافة رتب عقوبة زجرية على عدم نشر الرد ، وأن عدم النشر هو مخالفة مما يكون معه الحكم المدني القاضي بالغرامة التهديدية المنصوص عليها في قانون الصحافة دون حضور النيابة العامة في غير محله ، وفي الوجه الثاني بأن البيان المطلوب نشره يتعين تبليغه طبقا للفصل 26 المذكور إلى مدير النشر الذي يعتبر هو المسؤول على النشر ، وأن البيان الذي وجه إلى الإدارة العامة لا يخص بأي شكل مدير النشر لأنه لم يوجه إليه ، بالإضافة إلى أن الإدارة العامة وفق قانون الصحافة ليست هي المسؤولة عن نشر الردود .

لكن ؛ ردا على ما جاء في الوسيلة أعلاه ، فإن المشرع وإن كان قد حدد في قانون الصحافة المخالفات المرتكبة في نطاقه والعقوبات المقررة لها ، فإنه ليس هناك ما يمنع المتضرر من رفع دعواه أمام المحكمة المدنية باعتبارها صاحبة الولاية العامة ما دام أن من يدعي تضرره من الإصدار الصحفي لم يختر تقديم شكاية في نطاق قانون الصحافة، وأن المحكمة الابتدائية أجابت عن الدفع بعدم الاختصاص النوعي , والمحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه تبنت تعليلها ، وأنه لا مجال لتمسك الطاعن بكون الحكم قضى بالغرامة التهديدية دون حضور النيابة العامة، لأنه من جهة ، فالحكم المذكور قد صدر عن المحكمة المدنية وليس هناك ما يوجب إحالة الملف على النيابة العامة وفق ما هو منصوص عليه في الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية، ومن جهة أخرى فإن الغرامة التهديدية التي تقضي بها المحكمة المدنية لإجبار المحكوم عليه من أجل التنفيذ بالقيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل لا علاقة لها بالغرامة الجنائية التي يقضى بها في الدعوى العمومية ، وبالتالي فإن حضور النيابة العامة لم يكن لازما في القضية، وأنه لا مجال لتمسك الطاعن أيضا بكون البيان المطلوب نشره في إطار حق الرد كان يتعين تبليغه إلى مدير النشر ، لأن الأمر يتعلق بجريدة ومدير النشر لا يعتبر مستقلا عن باقي أجهزة الإدارة ، وأن جميع المراسلات الموجهة للشخص المعنوي تبلغ له بمقره الاجتماعي ، ولذلك فإن المحكمة وحين عللت قرارها بأن ” الحكم المستأنف جاء معللا تعليلا سليما وافيا فيما يتعلق بالاختصاص والموضوع والمحكمة إذ تؤيده تتبى علله ، وأنه فيما يخص الجهة التي يجب أن يوجه لها البيان ، وعلى فرض أنه وجه إلى الإدارة العامة للجريدة ، فإن الإدارة العامة لكل مؤسسة هي التي لها الولاية وبالتالي تكون المراسلات الموجهة لها موجهة بالتبعية للقسم المعني بالأمر.”   فإنه نتيجة لما ذكر يكون القرار مرتكزا على أساس ومعللا تعليلا كافيا والوسيلة على غير أساس.

لهذه الأسباب

قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطاعن المصاريف.

وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. والمستشارين: أحمد دحمان ـ مقررا. وجمال السنوسي ومصطفى زروقي والمعطي الجبوجي أعضاء. وبمحضر المحامية العامة السيدة لبنى الوزاني وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة أسماء القوش.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *