من طلاق شفاهي اطلاق قانوني

أولا أقدر فيك شهامتك تجاه أبو أولادك لأنه برغم ما فعل بك تسألين الله له في مقدمة عرضك للسؤال السماحة والمغفرة.
بالنسبة لسؤالك عن حل لاحتيال الزوج الذي يطلق شفاهة ولا يوثق طلاقه تهربا من الحقوق المالية المترتبة على ذلك، فلاحل له في إطار القانون الوضعي الذي لم يعد يعترف بهذا النوع من الطلاق العادي إلا بحكم المحكمة التي تأذن بتوثيقه بعد القيام بإجراءات التصالح بين الزوجين، ولكن مفاعيله الشرعية تبقى قائمة ويترتب عليها أن الزوج إذا عاد إلى زوجته خلال فترة العدة وباشرها فيعتبر رجعة في عدة الطلاق الرجعي وإذا لم يفعل حتى بانت منه بانتهاء عدتها فلا يمكنهما العودة إلى سابق علاقتهما إلا بعقد جديد، وإن كان هذا الأمر يبدو متعسرا من الناحية التوثيقية لأنه لا يوجد عدول سيقبلون توثيق الزواج الجديد بدون اطلاعهم على وثيقة الطلاق السابق، وإن كان يمكن مواجهة الأمر بما كان أجدادنا في القديم يقومون به وهو إشهاد جماعة من الناس على العقد الجديد وقراءة الفاتحة وتقديم صداق جديد للمرأة البائنة وتستمر الحياة الزوجية من جديد مع الأخذ في اعتبار وجود طلاق أول.
وقد حالت مدونة الأسرة دون التطليق بغير حكم المحكمة في نص المادة 79 عندما أوجبت على من يريد الطلاق أن يطلب الإذن من المحكمةبالإشهاد به لدى عدلين منتصبين لذلك.
بالنسبة لسؤالك المتعلق بمدى إمكانية خروجك من البيت مع أطفالك، فمن وجهة نظري يمكن اعتبار ما أنت عليه إضرار بك من الزوج بسبب تعارض ما قام به من تطليق لك ورفض لتمكينك من حقوقك الشرعية، وهو يعطيك الحق في طلب التطليق للضرر، وإن كان يتنافى مع الواقع الفعلي الذي تدعينه وهو أنك مطلقة فعلا، ومع ذلك فإن هذا التناقض يمكن إنهاؤه بتقديمك لللب المذكور وفك العصمة من الناحية القانونية وليس الشرعية لأنها انفكت سابقا، إنما عليك إثبات تطليقه لك شفويا، وإذا أنكر وكانت لطليقك له مروءة وخلفية دينية فيمكنك طلب تحليفه اليمين القانونية على عدم تطليقه لك ورفضه توثيق ذلك بواسطة المحكمة. مع الإشارة أن المادة 99 من المدونة عرفت الضرر مبررا لطلب التطليق، كل تصرف من الزوج أو سلوك مشين أو مخل بالأخلاق الحميدة يلحق بالزوجة إساءة مادية أو معنوية تجعلها غير قادرة على الاستمرار في العلاقة الزوجية، وأي شيء أكثر ضررا ان توجد المرأة في وضعية طلاق شرعي وبانت من زوجها وهي مرغمة على البقاء معه مع أولادها تحت سقف واحد. مع الإشارة أيضا أن مبادرتك لطلب التطليق للضرر، وإن كانت تحرمك من حقوقك المادية في المتعة، فإنها لا تحرمك من حقوقك في التعويض، وقد نصت المادة 101 من المدونة على أنه في حالة الحكم بالتطليق للضرر، للمحكمة أن تحدد في نفس الحكم مبلغ التعويض المستحق عن الضرر.
وإذا تقدمت بهذا الطلب للمحكمة فحينها يمكنك الاستفادة من مقتضيات المادة 121 من المدونة التي تنص على أنه في حالة عرض النزاع بين الزوجين على القضاء، وتعذر المساكنة بينهما، للمحكمة أن تتخذ التدابير المؤقتة التي تراها مناسبة بالنسبة للزوجة والأطفال تلقائيا أو بناء على طلب، وذلك في انتظار صدور الحكم في الموضوع، بما فيها اختيار السكن مع أحد أقاربها، أو أقارب الزوج، وتنفذ تلك التدابير فورا على الأصل عن طريق النيابة العامة.
وبذلك يكون مقرر المحكمة بسكنك مع أطفالك موقتا في انتظار صدور الحكم لدى أقاربك مثلا حلا للخروج من بيت لم يعد بيت زوجية.
مغادرة الأمهات بيت الزوجية وتركهن أولادهن مع الزوج له فعلا تبعات جنائية، فقد نص الفصل 479 من القانون الجنائي على أنه يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من 200 إلى 2.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط:
1 - الأب أو الأم إذا ما ترك أحدهما بيت الأسرة دون موجب قاهر لمدة تزيد على شهرين وتملص من كل أو بعض واجباته المعنوية والمادية الناشئة عن الولاية الأبوية أو الوصاية أو الحضانة.
غير أنني لا أعتقد أن هناك إمكانية لتطبيق هذا الفصل عليك إذا غادرت بصحبة الأولاد لأنهم سيكونون معك، والتملص من الواجبات المتعلقة بحضانتهم المشار إليه في هذا الفصل غير متحققة.
خلاصة القول، أنه ما دمت قد سمعت نطقة بالطلاق وانتهت العدة منه فأنت محرمة عليه شرعا ويتعين إبرام عقد زواج جديد بالطريقة التقليدية لتعذر إبرامه بالطريقة القانونية، وفي غياب ذلك فإنت متضررة من الناحية الدينية التي لا تسمح لك بأن تعيشي مع رجل أجنبي عنك تحت سقف واحد، وبالتالي لا أجد لك حلا سوى طلب التطليق للضرر الحاصل لك من هذه الوضعية، وما عليك سوى إثبات ذلك بالشهود أو بأي وسيلة كانت، وفي حالة الإنكار طلب تحليفه على عدم تطليقك.
إذا لم تفلح هذه الطريقة فما عليك إلا طلب التطليق للشقاق مع طلب التعويض كذلك جبرا لضر ر حرمانك من المتعة، وتشرحي للمحكمة أنك مجبرة على طلب الطلاق الوضعي تكريسا للطلاق الشرعي الذي رفض الزوج السابق توثيقه وانك لا تستطيعين العيش مع زوج مطلق وانتهت عدة طلاقك منه.
أما حقوقك في الحضانة ونفقة الأولاد فلن تتأثر مطلقا في كلا الطلاقين لأن المطلق ملزم بأداء نفقة أولاده وسكناهم وتعليمهم.