السلام عليكم و رحمة الله تغالى و بركاته،
سيدي الفاضل، اود ان اطرح عليك نازلة معقدة شيء ما ، تدخل كما اعتقد في مجال القانون الدولي الخاص. الوقائع هي :
مواطن مغربي يحمل الجنسية الاسبانية مكتسبة، عازب، يقطن بمدينة طنجة حيث موطنه ثمة يمارس التجارة، لديه اموال و عقارات بالمغرب و باسبانيا . توفي رحمه الله بمستشفى الاقليمي بمليلية و قبل وفاته بثلاثة ايام حرر وصية لدى موثق اسباني بهذه المدينة حيث اوصى في هذا المحرر الرسمي و تبرع بجميع امواله لأحد ابناء اخيه المتوفى بينما الوارث الوحيد حسب اراثة عدلية تعود لشقيقه الحي و الذي يقطن بمدينة مليلية و يحمل جنسية هذا البلد كما هو الحال للموصى له .
في هذه النازلة اريد ان اعرف ما هي الطرق القانونية للطعن في هذه الوصية.
هل يمكن ان نتحجج بان الوصية تعد باطلة على اعتبار ان المغرب ليس بعضو و لم يصادق على اتفاقية 5 أكتوبر 1961 الخاصة بتنازع القوانين المعنية بشكل الترتيبات المتعلقة بالوَصايا.
ان هذه الوصية مبنية على القانون المدني الاسباني بينما الوصايا المعمول بها بالمغرب يجب ان تسند الى مدونة الأسرة المغربية التي تستمد قوتها من الفقه الاسلامي كما ان هذه الوصية الأجنبية محررة بمدينة مليلية التي لا يعترف المغرب بسيادة اسبانيا عليها و بالتالي لا يمكن ان بعترف بكل ما سيصدر منها من مقتصيات او يندات و هل يمكن اثارة من بين الدفوعات عدم احترام مبدأ اقليمية القوانبن. كما ان في 17/08/2015 دخلت حيز التنفيذ اتفاقية توحيد قوانين الميراث ما بين دول الاتحاد الوروبي رقك 650/2012 حيث تم تقييم الميراث وفقا لضابط الاقامة الاعتيادية في المادة 23
اريد ان اعرف حسب القانون المغربي و لما لا الاسباني هل يمكن الطعن في الوصية و مآل الأموال في اسبانيا هل ستخصع للقانون المغربي بناء على مبدأ الاحالة ام لا. و شكرا
3 تعليقات
لكن اساتذي المحترم بالرجوع الى المادة المادة 2 من مدونة الأسرة المغربية فأحكام هذه المدونة تسري على جميع المغاربة ولو كانوا حاملين لجنسية أخرى، كما هو الحال في هذه النازلة كما ان بالرجوع الى الاتفاقيتن المذكورتين في سؤالي فالمادة 22 و 23 تنض بالحرف و بالفرنسية على ما يلي: Le RE est d’application universelle (article 20 du RE) ce
qui signifie que :
— les Etats membres doivent appliquer la loi désignée
par le RE, même s'il s'agit de la loi d'un Etat tiers ;
— du point de vue des Etats membres, la loi désignée
par le RE est applicable dans les Etats tiers.
2. 7 | Successions internationales
pour déterminer la loi successorale applicable : loi du lieu
de situation pour le bien immobilier (soit la loi anglaise
pour l'un et la loi française pour l'autre), loi du "domicile"
du défunt pour les biens mobiliers. La notion de "domicile"
est différente en droit anglais de la notion de "résidence
habituelle" du RE. Il est probable que l'Angleterre
considère que le défunt est domicilié en Angleterre, son
pays d'origine. Dans ce cas, du point de vue anglais, la loi
anglaise sera applicable à tous les biens du défunt sauf
au bien immobilier en France. Chacun des Etats, France
et Angleterre, considérera ainsi que sa propre loi est
applicable suscitant un conflit de lois dit "positif".
De tels conflits de lois, qui compliquent singulièrement le
règlement des successions, ne pourront plus se produire
dans le périmètre des 25 Etats membres du RE, grâce à
l'adoption d'un critère unique de détermination de la loi
applicable.
2. Le principe : la loi successorale
applicable est la loi de la
résidence habituelle du défunt
au moment de son décès.
Le critère unique de détermination de la loi applicable
à l’ensemble de la succession est celui de la résidence
habituelle du défunt au moment de son décès (article 21
§ 1 du RE). Cette notion suppose « un lien étroit et stable
avec l’Etat concerné ». Un tel lien est caractérisé par « la
durée et la régularité de la présence du défunt dans l’Etat
concerné ainsi que les conditions et les raisons de cette
présence » (Considérant 23 du RE).
فبناء على هاتين المادتين فالقانون الأوروبي ملزم بتطبيق مدونة الأسرة المغربية .
لم تنتبه في جوابي إلى ما قلته بأن القاضي المغربي لن يطبق القانون الأجنبي إلا في حدود عدم تعارضه مع القانون المغربي متى مس تطبيق القانون الأجنبي مقتضيات النظام العام المغربي، وبحكم أن جزءا من الوصية تهم عقارات في المغرب فاختصاص القاضي المغربي منعقد له فيما يخص هذه العقارات فقط، وسيبطل الوصية فيما زاد على الثلث، وذلك بصرف النظر عن جنسية الموصي، وبالتالي لا يغير من جوابي كون المتوفى له جنسية مغربية أيضا، لأنني اعتقدت أنه تخلى عنها للحصول على الجنسية الإسبانية، لا سيما وأن هناك بعض الدول تشترط إسقاط او التخلي عن جنسية الدولة الأخرى لكي تعطي هي جنسيتها، ولست أدري هل إسبانيا من ضمن هذه الدول.
وبالتالي فإن المتوفى سواء كان أجنبيا أو مغربيا تبطل وصيته على الأملاك الموصى بها في المغرب فيما زاد على الثلث.
والقاضي المغربي لا يمكنه النظر في صحة أو بطلان الوصية فيما يتعلق بالمنقولات او العقارات الموجود باسبانيا أو مليلية لأن هذا خارج عن اختصاصه الترابي، وحتى لو فعل فلا توجد سلطة تدعم هذا الحكم وتجبر على تنفيذه في دولة أجنبية ينص قانونها على عكس ما قضى به الحكم المغربي أو تشترط لتنفيذه ( الحكم الأجنبي) اختصاص المحكمة الأجنبية التي أصدرته وعدم اختصاص المحكمة الوطنية. والقاضي الإسباني بالتأكيد سيرى نفسه مختصا بحكم أن الوصية أنجزت على أراضيه والمتضرر منها له جنسية إسبانية كذلك.
وللإشارة فإن الاختصاص في المسطرة المدنية المغربية يحدد بالنسبة للدعاوى المتعلقة بالعقارات بمحكمة موقع العقار، وبما أن إبطال الوصية ستسري آثاره على نقل ملكية العقارات الموجودة بالمغرب وسيستفيد منه من يثبت له الحق فيها بعد الإبطال فالقاضي المغربي هو المختص، وحتى قواعد الإسناد في القانون الدولي تنص على ذلك وتعطي الاختصاص إلى محكمة تواجد المال موضوع المنازعة لأن النزاع يدخل ضمن الحقوق العينية وليس الشخصية.
أما ما قلت في تعليقك من ان المحاكم الوروبية ملزمة بتطبيق مدونة الأسرة فليس صحيحا على إطلاقه، وإنما هي أيضا محكومة بقواعد النظام العام الأوروبي، فمثلا مدونة الأسرة تجيز تعدد الزوجات، هل تعتقد أن محكمة أوروبية ستطبق مدونة الأسرة المغربية في هذا الباب، وقد حصل أن عوقب أزواج مغاربة بحجة التعدد لمخالفة ذلك النظام العام في دولة أوروبية، وهذا هو الشان بالنسبة للقاضي المغربي يكلفه القانون بتطبيق القانون الأجنبي ولكن التطبيق يقف عند حدود عدم مخالفة ذلك للنظام العام في بلده ما لم تكن هناك اتفاقية دولية متعددة الأطراف أو ثنائية انضم إليها المغرب.
وبالتالي فالاتفاقيتين اللتين ذكرت في سؤالك تخصان التراب الأوروبي وأنت قلت بأن المغرب لم ينضم إليهما، وبالتالي فهما لا تعتبران جزءا من القانون الداخلي المغربي، لأنه لو فعل لكانت الاتفاقية أولى بالتطبيق من القانون الداخلي ولو خالفت النظام العام لأن مقتضياتها خاصة تكون قد تمت الموافقة عليها بالتوقيع على بروتوكول الانضمام وليس كقاعدة الإحالة العامة كتلك التي وردت في المادة 18 من ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب بالمغرب.
وما أوردته بالفرنسية يثبت بالملموس الخلاف الواقع بين الدول الأوروربية حول تطبيق القانون الخاص بالمواريث والتركات ويتم البحث عن معايير لتوحيد العمل، ومنها موطن المتوفى أو مكان وجود الأموال التي تركها، ولكن كل ذلك لا تأثير له على أي نزاع يطرح بشأن الوصية أمام المحاكم المغربية لأنه كما قلت في جوابي سيلتزم القاضي المغربي قاعدة الإسناد الواردة في المادة 18، وإذا ثبت له أن الموصي مغربي سيطبق مدونة الأسرة وفي كلتا الحالتين ستطبق المدونة، ففي الحالة الأولى ( حالة الوصي الأجنبي بأموال موجودة في المغرب) سيطبقها بداعي النظام العام وفي الحالة الثاني ( حالة الموصي المغربي بناء على وصية في دولة أجنبية) بداعي أن الموصي مغربي تطبق عليه مدونة الأسرة ولا يجوز مخالفة مقتضياتها لأنها من النظام العام أيضا.
وجود هذا النص ضمن الترسانة القانونية المغربية السارية المفعول إلى اليوم يجعل من الوصية الصادرة من هذا المواطن الذي ذكرت أنه مغربي يحمل الجنسية الإسبانية وتصرف في أمواله على هذا الأساس، وكأنها صادرة عن أجنبي في نظر القانون المغربي وتنطبق عليه بالتالي قاعدة الإسناد المذكورة في الفصل 18 أعلاه والتي تحيل على قانون الدولة التي ينتسب إليها المورث أو الموصي، وهي إسبانيا (دولة الاحتلال لمليلية)، ولا أذكر أنه مر معي وجود اجتهاد قضائي مغربي على أعلى مستوى استبعد وثيقة أو مستندا محررا في الثغرين المحتلين من إسبانيا، لأنه وكما سبق أن قلت في تعليقي السابق فالأمر سياسي أكثر منه قانوني ولا يمكن من وجهة نظري تضييع حقوق المتعاقدين والمتعاملين هناك لا لشيء إلا لأنهم خاضعون للاحتلال.
وبالتالي فإن الجنسية التي يحملها الموصي هي التي تحكم القانون الواجب التطبيق.
وعليه إذا عرض أمر إبطال الوصية على العقارات الموجودة في المغرب، لأن الاختصاص لقاضي موقع العقار هو الذي ينعقد ولا ينعقد اختصاص القاضي الاسباني، فإن القاضي المغربي سيكون ملزما بتطبيق قاعدة الإسناد التي وردت في القانون الدولي الخاص المغربي والتي أشرت إليها أعلاه وتضمنها الفصل 18 الذي نقلت لك، وهي أن يطبق القانون الإسباني ويرى ما إذا كان يسمح بالوصية لكل الأموال أو كل التركة لغير وارث ويحرم وارثا ولو كان يحمل هو بدوره الجنسية الإسبانية. وللأسف لا يمكنني إفادتك حول ما ينص عليه القانون الإسباني في هذا الباب.
وهذه النتيجة التي توصلت إليها أخيرا لا تبطل ما سبق أن قلت لك في تعليقي السابق من أن الوصية تبطل جزئيا، لأنه نتيجة صحيحة حتى ولو كان الموصي أجنبيا وتطبيق قانون جنسيته لا يعني تطبيقه حرفيا ولكن يجب مراعاة قواعد النظام العام في المغرب والتي لا تجيز الوصية إلا في حدود الثلث. وقضية النظام العام كثيرا ما تثار عند فقهاء القانون الدولي الخاص ومعها إشكالية تطبيق قاعدة الإسناد ومن ثم تطبيق القانون الأجنبي في حالة تعارضه مع مقتضيات النظام العام للبلد المراد فيه تطبيق القاعدة، ورتبوا على ذلك أثرين، الأول يؤدي إلى استبعاد أحكام القانون الأجنبي استبعادا كليا أو جزئيا، والثاني ثبوت الاختصاص لقانون القاضي لسد الفراغ التشريعي الناجم عن استبعاد القانون الأجنبي.
وبالتالي أرى أن آثار الوصية ستكون نافذة في مليلية بالنسبة للأموال الموجودة هناك طالما لم تتعارض مع القانون الإسباني الداخلي ولا سلطان للقانون المغربي عليها هناك، ولكنها لن تطبق كما أراد الموصي في المغرب لأنها متعارضة تماما مع قواعد النظام العام المغربي ولمخالفتها قواعد الشريعة الإسلامية والمادة 277 من مدونة الأسرة.
أما بخصوص الاتفاقيتين اللتين أوردتهما في سؤالك فلا أرى لهما أهمية عند التطبيق وفي حالة رفع النزاع أمام المحاكم المغربية لأن قواعد النظام العام كافية لمنع تتنفيذ الوصية على التراب المغربي.
هذا ما انتهيت إليه بعد راستي للموضوع.
تعليق واحد
سؤالك يتطلب بعض الدراسة خاصة ما أثرته بشأن اتفاقية 5-10-1961 واتفاقية 17-08-2015 وهو ما يتطلب مني بعض الوقت لأنه يلزمني الاطلاع على ما تضمنته هاتين الاتفاقيتين لأرى أولا مدى علاقتها بموضوع سؤالك وحتى يكون جوابي مؤسسا على مقتضيات القانون الدولي الخاص إن كان هناك مجال لتطبيقه على النازلة، لا سيما وان الفكرة المبدئية لدي هي أنه ليس هناك سبب للاعتقاد أن الوصية المحررة على يد موثق إسباني
ولو في ثغر محتل باطلة وغير قابل تنفيذها بالمغرب، لأن الموضوع سياسي أكثر منه قانوني ولا يوجد نص قانوني يحظر ذلك على حد علمي،و وان القاعدة ان العقود الأجنبية قابلة للتنفيذ بالمغرب بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية فقط وهو ما سيعجز عن تحقيقه الموصى له بالنسبة للعقارات الموجودة في المغرب لأن الوصية باطلة جزئيا فقط، لأنه لا يوجد أي مقتضى في مدونة الأسرة المغربية يجعل مثل هذه الوصية باطلة، وكل ما هناك أنها تبطل في حدود مازاد على الثلث عملا بنص المادة 277 من مدونة الأسرة التي تنص على أن الوصية عقد يوجب حقا في ثلث مال عاقده يلزم بموته، وبمعنى أنه مازاد على الثلث لا تتم إجازته من الورثة ويعتبر مخالفا للنظام العام المغربي الذي يتبع الفقه المالكي.
أما إقليمية القوانين فتقتضي تطبيق القانون المغربي على الوصية فيما يخص العقارات الموجودة بالمغرب ولا يشمل نفوذ القانون المغربي الأموال التي توجد ضمن نطاق التراب الإسباني أو التراب المغربي تحت الاحتلال.
لذا أطلب منك بعض الوقت حتى أعطيك رأيي وبعد أن أجمع شتات ما يدور بذهني من أفكار وتساؤلات لها علاقة بموضوع سؤالك.
ومعذرة عن التأخر في الجواب.