هبة أو صدقة ملك العقاري لمحل تجاري

تمكينك من حيازة رسم عقاري لمحل تجاري هو في الحقيقة تمليك لك لشيئين مختلفين ومتمايزين بعضهما عن البعض الآخر.
فهناك العقار من جهة، وهناك المحل التجاري من جهة أخرى وما قد يكون أنشئ عليه من أصل تجاري بمناسبة ممارسة التجارة فيه.
الهبة والصدقة كلاهما عقدا تبرع، ولا يختلفان من حيث المعنى سوى أن الهبة هي ابتغاء رضى ووجه المعطى له، بينما الصدقة فهي ابتغاء ثواب ومرضاة الله.
ومن حيث الأثار فإن الهبة يمكن الرجوع فيها بشروط، بينما الصدقة لا يمكن الرجوع فيها عملا بما جاء في الحديث النبوي الشريف من أن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه.
وانطلاقا من هذا فأنا أفضل أن يتم التبرع عن طريق الصدقة وليس عن طريق الهبة لا سيما إذا علمنا أن مدونة الحقوق العينية تنص في مادتها 283 على إمكان الاعتصار في الهبة فيما وهبه الأب أو الأم لولدهما قاصرا كان أو راشدا وأشهد على ذلك في عقد الهبة.
وإذا تمت الصدقة على الوجه المتقدم وكان الأمر يتعلق بعقار محفظ فلا بد من حيازته الفعلية والقانونية، وتكفي الحيازة القانونية بنقل ملكيته إليك بالرسم العقاري عن طريق تقييد عقد الصدقة في الرسم العقاري.
أما الأصل التجاري فيتعين أن يتم نقله إليك أيضا بنفس عقد الصدقة وأفضل أن يكون عقدا مستقلا عن الصدقة بالعقار، وبطبيعة الحال يجب إشهار ذلك بالسجل التجاري.
وإذا كانت مدونة التجارة أفردت لبيع الأصل التجاري نصوصا تبين كفية إشهار البيع وضرورة إيداع الثمن لدى جهة مؤهلة قانونا للاحتفاظ بالودائع، فإنها لم تتطرق لعقود التبرع بالأصل التجاري، وبالتالي فإن الأحكام الواردة في مدونة التجارة بالنسبة لبيع الأصل التجاري لا يطبق منها في حال التبرع بالأصل التجاري سوى ما يتعلق بإشهار التصرف.
وعليه فإنه يتعين بعد إبرام عقد الصدقة بالأصل التجاري ان تبادر إلى إيداع نسخة من العقد الرسمي أو نظير من العقد العرفي من الصدقة لدى كتابة ضبط المحكمة التي يستغل في دائرتها الأصل التجاري أو المؤسسة الرئيسية للأصل، داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخه، إذا كانت الصدقة تشمل فروعا للمحل، وتقييد مستخرج من هذا العقد في السجل التجاري الذي يجب أن يتضمن تاريخ العقد والأسماء الشخصية والعائلية للمالك الجديد والمالك القديم وموطنهما وكذا نوع الأصل التجاري ومقره وبيان الفروع التي قد يشملها عقد الصدقة ومقر كل منها وكذا اختيار موطن في دائرة المحكمة. ولا حاجة لأن يقوم كاتب الضبط بنشر المستخرج المقيد بالسجل التجاري بكامله في الجريدة الرسمية وفي إحدى الجرائد المخول لها نشر الإعلانات القانونية أو تجديد النشر بين اليوم الثامن والخامس عشر بعد النشر الأول، لأن هذا الإجراء إنما يتعلق بحالة البيع لإعلان دائني الأصل التجاري من أجل تقديم تعرضاتهم على دفع الثمن، وهو ما لا يتحقق في الصدقة لعدم وجود مقابل مادي فيها يمكن التعرض على دفعه، وبالتالي فإن ما عليك هو إيداع نسخة من العقد لدى المحكمة من أجل نقل ملكية الأصل التجاري إليك.
ولا يفوتني في الأخير أن أشير إلى أن ديون الأصل التجاري السابقة لفائدة دائنين مقيدين ستصبح على عاتقك وستصبح انت المسؤول عن أدائها.